أن نكون قادرين على تحفيز عقولنا للتفكير الإبداعي والتصدي للمهام بطرائق جديدة ليس بالأمر الصعب، ولكن يتطلب بعض الجهد، وسنتحدث في هذا المقال عن كيف يمكن تحفيز العقل لتحقيق الإبداع وتحسين الأداء الشخصي؟
ما هو التفكير الإبداعي؟
يتمحور التفكير الإبداعي حول إنشاء ما هو جديد ومبتكَر، فيسعى الفرد في هذا السياق إلى تحفيز العقل لتحقيق الإبداع وتحسين الأداء الشخصي، وذلك من خلال الوصول إلى حل أو خطة مميزة وفريدة غير تقليدية.
يستلزم هذا الأمر تقديم جهد لفحص الأفكار وتحسينها وتجربتها، هذا ما يمارسه الشخص المبدع بشكل يومي، دون أن يدرك ذلك، فعلى سبيل المثال قد يكون التفكير الإبداعي في تغيير بسيط مثل استبدال مكون في وصفة الطهي أو إعادة ترتيب أثاث الغرفة.
طرائق تحفيز العقل لتحقيق الإبداع:
يعدُّ تحفيز العقل لتحقيق الإبداع رحلة مثيرة نتخذها لاستكشاف أعماق إمكاناتنا الإبداعية، وفي هذا السياق، تتنوع الطرائق التي يمكننا من خلالها تنشيط عقولنا لتحقيق الإبداع، وتحسين أدائنا الشخصي، إليك بعض الطرائق لتحفيز العقل، وهي:
1. تنمية الطموح:
يكمن التناقض الأساسي بأنَّ التفكير الإبداعي لا يعتمد بالضرورة على معدل الذكاء أو الإلهام الفجائي، الذي يأتي بمثل سقوط تفاحة على رأس العالِم نيوتن؛ بل يعد التفكير الإبداعي مسألة تتطلب تدريباً دورياً لخيالك، وتنمية قدراتك في الملاحظة والخيال، سواء كانت تلك القدرات كبيرة أم صغيرة.
قد يبدو الأمر بسيطاً، ولكن في هذا العصر الممتلئ بالمعلومات الضخمة وحياة المدينة المكثفة، يكون هذا الجانب الأساسي مفقوداً في حياتنا اليومية.
كما نركز غالباً على المهام الرئيسة الملقاة أمامنا، ونكرس طاقتنا العقلية للأعمال الروتينية، فنصل في نهاية اليوم إلى استنتاج أنَّ الأفكار الأكثر إبداعاً نتوصل إليها من خلال قضاء قسط من الراحة لتصفية الذهن، فننغمس في الأعمال اليومية، ونخصص طاقتنا العقلية للمهام المعتادة فقط، فنجد أنفسنا محصورين في الروتين، سواء كان ذلك في العمل أم في أوقات الفراغ.
إذا كنت ترغب في تحفيز العقل لتحقيق الإبداع وتعزيز الابتكار، فتدرب على قضاء الوقت في تطبيق صيغة (الاحتمالات الثلاثة) على أي شيء تشاهده أو تتخيله، سيساعد هذا التمرين على ابتكار الأفكار وتنمية طموحاتك.
2. تخصيص وقت للتفكير الإبداعي:
يعد تخصيص فترة زمنية من وقتك في التفكير أمراً ضرورياً لتعزيز التفكير الإبداعي وتطوير مهارات الابتكار، فعلى سبيل المثال، تعتمد جوجل في تحفيز إبداع موظفيها على تخصيص ما لا يقل عن 20% من وقتهم باجتماعات بين فرق العمل؛ وذلك للاستفادة من تبادل الآراء والأفكار أو المشاريع الجديدة.
مع ذلك، في كثير من الأحيان، عند التعبير عن الاستعداد للابتكار، قد يواجه الأفراد تحديات في تحويل الأفكار الجديدة إلى واقع، ويظل هناك عائق يمنع تحقيق التطلعات.
يوجد سببان رئيسان لهذا العائق؛ الأول، يتمثل في عدم ممارسة الحلم بشكل منتظم، والثاني، في عدم التركيز على الأفكار المتماسكة، ومن هنا، تتجلى قاعدة بسيطة لتطوير التفكير الإبداعي وهي تخصيص وقت معين، سواء كان ذلك ساعة يومية أم أسبوعية، لممارسة التفكير الإبداعي في موضوع محدد.
شاهد بالفيديو: 6 نصائح تساعد على تنمية التفكير الابداعي
3. التدرُّب على عرض الأفكار:
يعد التدرب على عرض الأفكار أمراً هاماً لتحسين الأداء الشخصي من خلال فن التعبير الواضح والجذاب عن الأفكار والابتكارات، فعلى سبيل المثال، بواسطة الحوار الجذاب الذي قدمه ستيف جوبز، شرح عن الابتكارات المبنية على المنتجات الحالية، بطريقة تجعلها أكثر جاذبية وتفوقاً على المنافسين؛ وذلك من خلال الأمثلة التي طُرِحَت عن أشخاص يشعرون بأنَّهم لم يحصلوا على انتباه يفيد فكرتهم، ويسلط الضوء من خلال ذلك على أهمية التعبير الواضح والفعَّال.
يظهر القول المأثور: (إذا لم تتمكن من التعبير عن فكرتك في ثلاث جمل، فليس لديك فكرة) الحاجة إلى التدرب على عرض الأفكار بشكل مختصر وواضح، ويشير إلى أنَّ فهم الفكرة والتعبير عنها بوضوح يعدان جزءاً أساسياً من مهارات الابتكار، ويوضح أهمية تقديم وصف قصير للأفكار الجديدة، مثل فترة صعود السلم، وكذلك القدرة على تقديم عروض تقديمية مختصرة لفهم الفكرة في فترة زمنية محددة.
4. تجربة أمور جديدة:
يجب علينا أن نكسر الروتين ونتعرض لتجارب جديدة؛ وذلك من أجل توليد أفكار جديدة وتعزيز الإبداع في حياتنا، فقد أظهرت دراسة نُشِرت في مجلة علم النفس أنَّ تنويع التجارب يؤدي دوراً هاماً في تعزيز مستوى الإبداع لدينا، فمن الممكن أن يكون الأمر بسيطاً، مثل اختيار طريق مختلف عن طريق المنزل، أو قراءة كتاب عن موضوع جديد لم يكن لدينا خلفية عنه من قبل.
من خلال توسيع آفاقنا والخروج من المسار المألوف، نكون قد فتحنا أبواب الفرص لاكتشاف أفكار مبتكرة وتجارب محفزة، ويمكن لتجاربنا الجديدة أن تلهمنا وتعزز قدرتنا على تحفيز العقل لتحقيق الإبداع وتحسين الأداء الشخصي، وبذلك يصبح من الأسهل تحقيق النجاح في مختلف جوانب حياتنا.
5. ممارسة منهجية تدريبية معينة:
أثبتت الدراسات أنَّ تحريك الجسم يشكل محفزاً للعقل، وتفصيل ذلك موجود في دراسة حديثة في ميدان علم الأعصاب البشري، فقد أظهرت أنَّ القيام بنشاطات بسيطة مثل المشي حول المبنى أو ركوب الدراجة يفجر الأفكار ويثير التفكير الإبداعي.
لتعزيز الإبداع في حياتك اليومية، يمكنك الاعتماد أيضاً على منهجية تدريبية في مجال يثير اهتمامك، فإذا كنت عاشقاً للموسيقى، فربما يكون تعلُّم العزف على آلة موسيقية خياراً رائعاً، وإذا كنت مهتماً بالقراءة، يمكنك البحث عن دروس في الكتابة.
هنا يكمن المفتاح وهو العثور على نشاط يشكل تحدياً ويلهمك، وفي الوقت نفسه يكون ممتعاً بالنسبة إليك، وهذا يزيد من احتمالية الالتزام به، والذي بدوره يجعل الإبداع جزءاً من روتينك اليومي، وتوفير فرصة لعقلك للاستمتاع والاستكشاف في مجال الإبداع، فيسهم في تعزيز قدرتك على الاستفادة من الإبداع في جوانب متعددة من حياتك.
6. مناقشة الأفكار مع الآخرين:
يحتاج أصحاب العقول الإبداعية الكبيرة إلى وجود أفراد من حولهم لمناقشة - أو ما يعرف بـ (الارتداد) - أفكارهم وابتكاراتهم الإبداعية الجديدة، ويكمن السر في النجاح المتمثل في الأفكار الإبداعية الرئيسة في عصرنا في القاسم المشترك بين الأفكار الإبداعية لمايكروسوفت في فترتها الأولى، حتى جوجل في تكوينها على يد فرق متآلفة من الأفراد الذين تعاونوا لتصوير الفكرة، ووضع خطط لمشاريعهم المبتكرة، وتقديمها للمستثمرين والجمهور.
تتمثل الجوانب الأكثر أهمية في تبادل الأفكار داخل الفريق، فتُتداوَل الأفكار والأسئلة والتحسينات المستمرة حتى يتم تحسين المنتج إلى درجة الإتقان.
بناءً على ذلك، يعد الجانب الأخير الهام الذي يجب إضافته إلى مهارات الابتكار الشخصية هو القدرة على تكوين فريق عمل فعَّال، وأن تكون قادراً على نقل الأفكار إلى المستوى التالي.
بالنسبة إلى بعض الأشخاص، يعد هذا أمراً طبيعياً جداً، بينما قد يكون تحقيق هذه القدرة تحدياً بالنسبة إلى الآخرين، ومع ذلك، يمكن للفرد أن يدرِّب نفسه على هذا النمط من التفاعل في أي وقت، فلا يفوِّت الأوان لتطوير هذه المهارة الجماعية الهامة.
من خلال تنويع التجارب والالتزام بالنشاطات الإبداعية، يمكن للفرد أن يبني جسراً قائماً على التفكير الإبداعي، وإضافة إلى ذلك، تتمثل قوة العمل الجماعي في تبادل الأفكار وتحفيز التفكير المتبادل، فينبغي علينا أن نركز على بناء بيئة تشجع على الابتكار والتعاون.
فوائد العلاقات الاجتماعية في تحقيق النجاح:
1. الدعم والتشجيع:
تمنح العلاقات الاجتماعية الدعم العاطفي والمعنوي، وهذا يساعد الفرد على التغلب على الصعاب والتحديات ويحفزه لتحقيق النجاح.
2. الفرص التعليمية والمهنية:
بواسطة التواصل مع الآخرين، يمكن للشخص الحصول على فرص تعليمية ومهنية مميزة تساعده على تحقيق أهدافه ورسم مسار نجاحه.
3. توسيع الشبكات الاجتماعية:
يتيح الاحتكاك بالآخرين فرصة التعرف إلى أشخاص جدد وبناء علاقات معهم، وهذا يوسع شبكة العلاقات الاجتماعية ويسهم في تحقيق النجاح.
4. تعزيز الثقة بالنفس:
يعزز الاحترام والدعم من الآخرين ثقة الفرد بنفسه وقدرته على تحقيق النجاح، وهذا يؤثر بشكل إيجابي في أدائه وتحقيق أهدافه.
في الختام:
يظهر أنَّ تحفيز العقل لتحقيق الإبداع وتحسين الأداء الشخصي يمثل تحدياً هاماً في رحلة تطوير الذات، وباتباع طرائق متنوعة، مثل توسيع آفاق التجارب والاستثمار في التعلم المستمر، يمكن للفرد تحفيز قدراته العقلية وتعزيز قدراته الإبداعية.
إضافةً إلى ذلك، يتطلَّب الأمر فهم أهمية التفاعل الاجتماعي وتبادل الأفكار في بيئة تشجع على الابتكار، وهكذا نكون قد ختمنا مقالنا عن تحفيز العقل لتحقيق الإبداع، ونتمنَّى أن ينال إعجابكم.
أضف تعليقاً