العمل الفردي الذي يعتمد على شخص "صاحب فكرة" وطريقة خاصة في تطبيقها من الممكن أن يكون ناجحاً، ولكنَّ العمل الفردي يعني تحميل ضغوطات وأعباء كثيرة للإنسان الذي يُعَدُّ عنصراً أساسياً في بناء المجتمع الذي يقوم بدوره من خلال التعاون مع الآخرين، ومن ثمَّ إن تعاون أيضاً في عمله مع فريق لتحقيق هدف واحد أصبح اسمه عملاً جماعياً يُقال عنه: "عملية تعاونية تتيح للأشخاص العاديين تحقيق أهداف غير اعتيادية"، وذلك لما يحققه من نجاحات مميزة وفوائد كبيرة نتجت عن تنوع الخبرات والأفكار والآراء، لذلك سنتعرف في مقالنا إلى أساسيات العمل الجماعي وفوائده.
مفهوم العمل الجماعي:
هو العمل الذي يجمع بين مجموعة من الأفراد متشابهين أو مختلفين بالمهارات والخبرات والكفاءات العلمية، لكل منهم مهمة معينة يقوم بها، فلا يتم إنجاز العمل إلا بقيام مختلف الأعضاء بواجباتهم تطبيقاً لمبدأ "يد واحدة لا تصفق"، فأهداف الفريق تحتاج إلى تضافر جهود أعضائه بحيث لن يتمكن فرد واحد من إنجاز أهداف الفريق؛ لذلك نجاح الفريق أو فشله مسؤولية تقع على عاتق جميع الأعضاء.
أساسيات العمل الجماعي:
يقوم العمل الجماعي على تعاون أفراد الفريق كما يوحي اسمه، لكن من الضروري معرفة أساسياته بدقة، وهي كما يأتي:
1. فهم أهداف فريق العمل:
من الضروري معرفة هدف الفريق وتحديد مهمة كل عضو من الأعضاء؛ كي يستطيع كل منهم رسم خطة عمله بالاتفاق مع باقي الأعضاء كي لا يحدث تقاطع سلبي بينهم.
2. الالتزام بتحقيق الأهداف:
على أعضاء الفريق السعي نحو تحقيق أهداف الفريق بكل ما يمتلكونه من قدرات علمية وعملية بعيداً عن أهدافهم الشخصية، فلا يمكن لعضو من الأعضاء أن يطمح بالنجاح الشخصي، ودون مخالفة قوانين الفريق أو تعليمات قائد الفريق.
3. توفر البيئة المناسبة:
كلما كانت بيئة العمل أفضل، أصبح الإنسان قادراً على الالتزام والتركيز والإبداع فيخرج أفضل ما لديه، وبيئة العمل الجماعي من المفترض أن تتميز بالراحة والثقة بين جميع الأعضاء والقدرة على التواصل بسهولة؛ أي باختصار ستكون علاقة الأعضاء ببعضهم وبقائد الفريق أشبه بعلاقة الصداقة باتسامها بالوفاء والإخلاص والصدق.
4. الحوار الفعال:
يقوم العمل الجماعي على دمج الأفكار والخبرات المختلفة التي يتم اكتشافها من خلال الحوار بين الأعضاء، لذلك من الضروري أن يبقى باب الحوار مفتوحاً فلا يتردد أي عضو في التعبير عن وجهة نظره بأي أمر، وبالمقابل يجب على الجميع الاستماع له بعمق والتفكير بكلامه ودراسة إمكانية العمل برأيه جدياً.
5. الانتماء:
يجب أن يشعر الإنسان بالانتماء إلى فريق العمل كما يشعر بالانتماء إلى عائلته أو بلده فلا يسمح لأيَّة جهة خارجية بالتدخل بينهم أو محاولة الإساءة لهم أو لعملهم، كما يدفعه الانتماء إلى العمل وفق قرارات ومبادئ الفريق حتى إن كانت متعارضة بعض الشيء مع رأيه الشخصي أو أهدافه.
6. الاستفادة من الخبرات المختلفة:
مهما بلغت خبرة الإنسان ومستواه الدراسي والعملي عليه أن ينظر إلى كل عضو من أعضاء الفريق على أنَّه صاحب خبرة لا يمكن التفريط بها؛ بل يجب الاستفادة منها لتطوير العمل والوصول إلى الأهداف المرجوة.
قد يعتقد بعضهم أنَّ الاختلافات تتسبب في الفشل وعلى الإنسان العمل مع شبيهه، لكن كلما كانت الأفكار والآراء متباينة زادت فرصة العمل الجماعي بالنجاح والتميز بشرط أن تكون الآراء مدعمة بحقائق ومبنية على أسس علمية يمكن الأخذ بها بثقة.
7. التحفيز المستمر:
يجب أن يتسم جو العمل الجماعي بالتفاؤل والتشجيع المستمر، فلا يمكن لأعضاء الفريق النجاح في تنفيذ مهامهم بينما يستمعون لعبارات مثل "فشلنا سابقاً بهذه التجربة"، وخاصةً عندما يواجه العمل تحديات ومصاعب فلا يوجد نجاح دون مشقة واجتهاد.
لكنَّ طريقة التعامل مع العراقيل تختلف، فبعضهم يَعُدُّها نهاية المطاف وبعضهم يَعُدُّها فرصة لإظهار الإمكانات والقدرات الكامنة، ويؤدي الدور في ذلك جو العمل إن كان تفاؤلياً أو تشاؤمياً، لذلك من الضروري التركيز على النتائج النهائية مهما سار خط العمل بصعوبة.
شاهد بالفديو: 6 طرق لتعزيز التحفيز الذاتي
8. القائد المناسب:
مهمة قيادة الفريق لا تُعطى لأي شخص حتى إن عُرف بالمستوى العلمي والعملي الرفيع، فقائد الفريق يجب أن يتصف بالشجاعة التي تجعله يندفع نحو تحقيق الأهداف دون الخوف من مواجهة بعض المتاعب، والروح الرياضية والمرونة التي تجعله قادراً على الاستماع لرأي كل عضو السلبي منه قبل الإيجابي بعيداً عن العصبية أو التحيز لطرف ما.
إضافة إلى القدرة على حل المشكلات التي قد تحدث بين أفراد الفريق فوراً كي لا تنشب عداوات بينهم تؤثر سلباً في أهداف الفريق، والتشجيع الذي يجعله مصدر التفاؤل والطاقة الإيجابية لجميع أعضاء الفريق، كما أنَّه مصدر ثقة فرأيه سديد وخبرته واسعة جداً.
9. النظرة الاستباقية:
عادةً تتم مكافأة الشخص بعد قيامه بمهمته والنجاح بإنجاز كل ما أوكل إليه، ولكنَّ فِرق العمل الناجحة تقدِّم الدعم المادي لأعضاء الفريق خلال عملهم وقبل الوصول إلى الأهداف، فتلك الطريقة تساعدهم على إنجاز أعمالهم وهم مرتاحو البال من الناحية المادية، وهذا يضمن استمرار العمل باجتهاد وقوة وحماسة كما كان عند الانطلاق فيه.
فوائد العمل ضمن فريق:
يعود العمل الجماعي على أعضاء الفريق بفوائد لا تُعَدُّ ولا تحصى تجعله تجربة مميزة في حياة كل من عمل به، وإليك أهم تلك الفوائد على الفرد وعلى العمل:
1. تطوير الذات:
وجود الإنسان بين مجموعة يمتلكون خبرات مختلفة يُعَدُّ فرصة للتعرف إلى أشياء جديدة، لذلك العمل الجماعي قادر على توسيع آفاقك وتحفيزك باستمرار.
2. تحسين الإنتاجية:
فالعمل الجماعي هو العمل لمصلحة عامة بعيداً عن المنافسة الشخصية، ومن ثمَّ سيبذل الأعضاء الكثير من الجهود لرفع مستوى الفريق، ومن ذلك معالجة نقاط الضعف والقصور الموجود عند بعضهم لتكون إنتاجية الفريق أفضل في كل مرة، وهذا يحقق الربح لكلا الطرفين سواء الربح المادي أم المعنوي.
3. بناء صداقات:
فالعلاقة بين أعضاء الفريق الواحد لا تقتصر على تبادل الأفكار والخبرات؛ إنَّما العمل الجماعي يكسبك علاقات اجتماعية متينة وصداقات متميزة.
كيفية تطوير المهارات في العمل الجماعي:
بعد معرفة الفوائد التي نكتسبها عند الانضمام لفريق والعمل بشكل جماعي لا بد من معرفة كيفية تطوير المهارات كي تُحسن العمل ضمن فريق.
إليك بعض النصائح التي تتعلق بذلك:
1. طوِّر مهاراتك في التواصل:
فالتواصل هو أساس النجاح في مختلف جوانب حياتنا، وكي تنجح في تجربة العمل الجماعي احرص على تواصلك مع جميع أفراد الفريق، ودرِّب نفسك على ضبط الانفعال، وتحكم برد فعلك كي تكون قادراً على سماع الآراء ووجهات النظر المختلفة والاستفادة منها قدر الإمكان.
2. لا تشغل نفسك بالتفكير بمن سيحصل على التقدير:
من الضروري أن يقتنع الفرد بأنَّه يعمل لنجاح الفريق وتطوره، وعند فشل أحد الأعضاء فإنَّ الفريق بأكمله سيفشل، لذلك ابذل قصارى جهدك دون التفكير بمن سيحصل على ترقية أو مكافأة.
3. ضع قواعد لتنظيم فريق العمل:
لا تعتقد أنَّ وضع القواعد لتنظيم العمل هي مهمة قائد الفريق، فكل عضو من الأعضاء يمكنه وضع قواعد تنظم عمله ولقاءاته بأصدقائه، فمثلاً عدم استخدام الهاتف المحمول عند الاجتماع والتحدث للزملاء وعدم الاتصال بهم بعد انتهاء وقت الدوام الرسمي.
4. حفز أعضاء الفريق:
يجب أن يسعى كل عضو إلى تحفيز زملائه لتحقيق أفضل أداء، فذلك له دور في تطوير الفريق ونجاحه، ويمكن ذلك من خلال تهنئة أعضاء الفريق عند النجاح بمهمة ما سواء بالمباركة اللفظية أم تقديم مكافأة بسيطة كالشوكولا أو الورد أو تنظيم نزهة لمكان جميل، إضافة إلى زيادة كفاءة العمل فهذه الأمور تساعد على توطيد العلاقات وتعزيز جو من المرح والمتعة بين أفراد الفريق.
5. ابتعد عن الغيبة:
التي تُعَدُّ من الأمور القادرة على تدمير الفريق بسبب إثارة جو من المشاحنات بين أفراد الفريق، لذلك ابتعد قدر الإمكان عن إعطاء رأيك بشخص ما إلا أمامه، فمن الأفضل أن يسمع منك وليس من الآخرين ما قلته عنه.
في الختام:
العمل الجماعي هو العمل الذي يحتاج إلى اتحاد وتعاون بين مجموعة من الأفراد، فلا يمكن لأحدهم تحقيق أهداف الفريق وحده، ويقوم العمل الجماعي على مبادئ أساسية وضرورية لنجاحه تبدأ من ضرورة معرفة كل فرد لوظيفته ضمن الفريق، وفهم أهداف الفريق بدقة، ثم الالتزام بتحقيق هذه الأهداف حتى إن تعارضت بعض الشيء مع رغباته.
يتم ذلك ضمن بيئة عمل تتميز باستمرارية الحوار الفعال بين أفراد الفريق، وهذا يضمن تبادل الخبرات والمهارات؛ إذ يتسبب ذلك بتطوير مهارات الإنسان وبزيادة إنتاجية الفريق.
لتنظيم العمل لا بد من اختيار قائد مميز للفريق يتمتع بالإيجابية والمرونة والروح الرياضية والشجاعة التي تدفعه نحو تحقيق الأهداف دون خوف أو قلق، وفضلاً عن أهمية العمل الجماعي في كسب مهارات جديدة فإنَّه يساعد الإنسان على كسب صداقات وعلاقات اجتماعية وطيدة.
أضف تعليقاً