فهذا السيناريو مؤلم ومحبط، ولكنَّه للأسف واقع يعيشه كثيرون، ولكن هل هناك مخرج من هذا الواقع؟ يكمن الجواب في فهم لغة الجسد، تلك اللغة الصامتة التي تكشف ما يخفيه اللسان. فكما يقول المثل، "العينان نافذة الروح"، تعدُّ لغة الجسد مفتاحاً قوياً لفك شيفرة مشاعرنا الحقيقية وأفكارنا، حتى لو حاولنا إخفاءها.
نقدم لكم، في هذا المقال، العلامات التي توضحها لغة الجسد لتكشف عن الخداع والكذب.
ما هي لغة الجسد؟
لغة الجسد هي وسيلة تواصل غير لفظي، تستخدم حركات الجسم وتعبيرات الوجه والإيماءات والنبرة الصوتية لإيصال الرسائل والمشاعر. كما إنَّها طريقة فعَّالة للتعبير عمَّا نفكر ونشعر به، وقد تكون أكثر إقناعاً من الكلمات المكتوبة أو المنطوقة ففي بعض الحالات، تكشف لغة الجسد عن المشاعر الحقيقية، فقد يخفي الناس مشاعرهم الحقيقية وراء الكلمات. لكنّ لغة الجسد غالباً ما تكشف ما يشعرون به حقاً، من أمثلة على إشارات لغة الجسد:
- تعبيرات الوجه: الابتسامة، الحزن، الغضب، الدهشة.
- حركات العين: التحديق، تجنُّب النظر، رفع الحاجبين.
- إيماءات اليد: الإشارة، التلويح، طي الذراعين.
- وضعية الجسم: الوقوف منتصباً، الجلوس جلوساً مرتاحاً، الانحناء.
- المسافة الشخصية: القرب أو البعد عن الآخرين.
هل لغة الجسد تكشف الكذب والخداع حقاً؟
لغة الجسد يمكن أن تكون مؤشراً قوياً على الكذب والخداع، ولكنَّها ليست دليلاً قاطعاً، وتعتمد فكرة قراءة لغة الجسد لتحديد الكذب على ملاحظة التناقضات بين ما يقوله الشخص وما يفعله جسده. فمثلاً، قد يقول شخص ما "نعم" وهو يهز رأسه بـ "لا"، ممَّا يشير إلى احتمال عدم صدقه ، ومع ذلك هناك عدة عوامل يجب أخذها في الحسبان عند تفسير لغة الجسد:
1. الثقافة والبيئة
تختلف إشارات لغة الجسد باختلاف الثقافات والبيئات الاجتماعية، ما يُعدُّ إشارة على الكذب في ثقافة ما، قد يكون سلوكاً طبيعياً في ثقافة أخرى.
2. الشخصية
بعض الأشخاص بطبيعتهم عصبيين أو متحفظين، ممَّا قد يؤدي إلى إظهار إشارات لغة جسد تشبه تلك التي تظهر عند الكذب، حتى عندما يكونون صادقين.
3. الوضع
قد تؤثر المواقف العصيبة أو المحرجة في لغة جسد الشخص، ممَّا يجعل من الصعب تفسير إشاراته بدقة.
4. الوعي الذاتي
يمكن للأشخاص الذين يدركون جيداً كيفية كشف الكذب أن يتلاعبوا بوعي بإشارات لغة جسدهم لإخفاء كذبهم.
شاهد بالفيديو: 11 طريقة لكشف الكذب عبر لغة الجسد
كيف تقرأ لغة الجسد؟
لقراءة لغة الجسد عليك اتِّباع النصائح التالية:
1. انتبِهْ إلى التناقضات
لاحِظْ أي اختلاف أو عدم تطابق بين ما يقوله الشخص وبين ما يعبِّر عنه جسده، بمعنى آخر عندما يتحدث شخص ما، فإنَّ كلماته قد لا تتطابق مع الإشارات التي يرسلها جسده.
غالباً ما يكون هذا التناقض دليلاً على مشاعر أو نوايا خفية، فمثلاً قد يقول لك صديقك إنَّه متحمِّس لمشروعك الجديد، ولكنَّه في الوقت نفسه يضرب يده على الطاولة بقوة ويبدو متوتراً، ويوجد هناك تناقض واضح بين كلماته التي تعبِّر عن الحماس، وبين لغة جسده التي تعبِّر عن التوتر أو القلق. قد يشير هذا التناقض إلى أنَّ صديقك يشعر ببعض القلق أو الضغط بشأن هذا المشروع رغم ادعائه العكس.
2. خذ السياق في الحسبان
لا يمكن لِتفسير لغة الجسد أن يكون مطلقاً؛ بل يجب أن يأخذ في الحسبان الموقف الذي يحدث فيه التفاعل والثقافة التي ينتمي إليها الشخص. فتختلف إشارات لغة الجسد ومعانيها اختلافاً كبيراً بين الثقافات المختلفة، ما قد يُعدُّ إهانة في ثقافة ما، فقد يكون تحية في ثقافة أخرى، كما تختلف وفق طبيعة الموقف الاجتماعي والعلاقة بين الأشخاص (الأصدقاء، والعائلة، والزملاء، والغرباء)، وأيضاً مزاج الشخص نفسه، حتى الشخص نفسه قد يعبِّر عن مشاعر مختلفة بلغة جسد مختلفة وفق مزاجه في ذلك الوقت.
3. راقِبْ مجموعة من الإشارات
لا يمكننا الاعتماد على إشارة واحدة من لغة الجسد لتفسير سلوك شخص ما تفسيراً كاملاً ودقيقاً؛ بل يجب علينا أن ننظر إلى مجموعة من الإشارات معاً، وذلك لأنَّ كل إشارة منفصلة يمكن تفسيرها بطرائق مختلفة وفق السياق، وقد لا تعكس بالضرورة المشاعر الحقيقية للشخص.
فقد تتحدث مع صديق لك، ولاحظت أنَّه يتجنَّب النظر إليك، فقد تفسِّر هذا على أنَّه علامة على الكذب أو الخجل، ولكن إذا لاحظت أيضاً أنَّه يبتسم ويبدو مرتاحاً، ويداه مفتوحتان، فمن المحتمل أن يكون هذا التجنب البصري ناتجاً عن شيء آخر، مثل التفكير العميق أو التوتر بسبب موقف آخر.
4. مارِسْ الملاحظة
كلما مارست قراءة لغة الجسد أكثر، أصبحت أفضل في ذلك، فمهارة قراءة لغة الجسد تشبه أية مهارة أخرى، تحتاج إلى التدريب والممارسة المستمرة لتحسينها. فكلما زادت ملاحظتك لحركات الآخرين وتعبيرات وجوههم، أصبحت أكثر قدرة على تمييز الإشارات الدقيقة و المتفاوتة. فمع الممارسة تبدأ في ملاحظة الأنماط المتكررة في لغة الجسد، ممَّا يساعدك على ربط إشارات معيَّنة بمشاعر أو نوايا محددة.
كيف تكشف لغة الجسد عن الكذب والخداع؟
تكشف لغة الجسد عن الكذب والخداع عن طريق مجموعة من النصائح:
1. لاحِظْ التوتر في استجابات الشخص
يقولون إنَّ العينين نافذة الروح، ولكنَّ الجسد بأكمله قد يبوح بأسرارنا، فحين يتوتر الإنسان، قد يكشف جسده عن حقيقة لا يستطيع فمه أن ينطق بها، فيتسارع نبض القلب ويصبح التنفس سريعاً ومتقطعاً، وتتغيَّر درجة حرارة البشرة.
قد لا نلاحظ هذه التغيرات الدقيقة بالعين المجردة، إلَّا أنَّ هناك إشارات خفية تكشف عن هذا التوتر، كسحب طوق القميص أو احمرار الوجه؛ فالجسد في لحظات التوتر يتحدث لغة خاصة به قد تكشف تلك اللغة عن الكذب أو الخداع، فعندما نشعر بالتوتر، يفرز جسمنا هرمونات تؤدي إلى تغييرات فسيولوجية، مثل زيادة تدفق الدم إلى العضلات استعداداً للاستجابة.
وقد تظهر هذه التغيرات على شكل احمرار في الوجه أو التعرق أو حتى ارتعاش خفيف في اليدين، فالجسد ببساطة لا يستطيع الكذب كالكلمات التي تخرج من الفم.
2. انتبِهْ للتغيرات
يعتقد الخبراء أنَّ لغة جسدنا تتغير تلقائياً عندما نكذب أو عندما نحاول إخفاء مشاعرنا، فقد يكون هذا التغيير سريعاً جداً لدرجة أنَّك قد لا تلاحظه في البداية، ولكن مع قليلٍ من الملاحظة، يمكنك أن تصبح أكثر حدَّة في اكتشاف هذه الإشارات الدقيقة. فتخيَّل أنَّك تسأل صديقاً عن مهمة عمل، وما إذا كان قد أنجزها، فإذا كان يكذب، قد تلاحظ تغيُّراً مفاجئاً في تعبيرات وجهه، أو قد يُبعِد عينيه عنك، أو قد يبدأ في لمس وجهه لمساً متكرراً، فهذه كلها إشارات قد تشير إلى أنَّه يحاول إخفاء الحقيقة.
لذا، يمكنك تجربة ما يسمى بـ"اختبار الرقعة" إذا كنت تشك في أنَّ شخصاً ما يكذب؛ فحاوِلْ تغيير الموضوع إلى شيء آخر تشعر أنَّه مرتاح في الحديث عنه، فإذا تغيرت لغة جسده فجأة، فهذا قد يكون مؤشراً على أنَّه كان يكذب في الموضوع الأول.
3. ابحَثْ عن التناقضات
ابحَثْ عن الاختلاف بين ما يقوله الشخص وبين ما يظهره جسده، فهذا الاختلاف قد يكون بسيطاً أو واضحاً، ولكنَّه عادة ما يكون مؤشراً قوياً على أنَّ الشخص قد لا يكون صادقاً. فمثلاً، شخص يقول إنَّه هادئ ومسترخي، ولكنَّه في الوقت نفسه يضرب قدمه، أو يعض شفتيه، أو يتعرق، وشخصاً آخر يؤكد أنَّه صادق تماماً، ولكنَّه يتجنَّب النظر مباشرة في عين المتحدث، فتجنُّب التواصل البصري هو إشارة شائعة على الكذب أو الخداع.
4. اقرأ الوجه
قراءة الوجه هي فنٌّ قديم يتضمَّن تفسير تعابير الوجه وحركات العيون وحركات الجسم الأخرى لفهم ما يفكر فيه الشخص أو يشعر به. فعندما يتعلق الأمر بكشف الكذب والخداع، يمكن أن تكون قراءة الوجه أداة قوية، وبعض الإشارات التي قد تدل على الكذب عند قراءة الوجه:
- عدم التطابق بين الكلام وتعابير الوجه: قد لا تتطابق الكلمات التي يقولها الشخص مع تعابير وجهه.
- تجنُّب النظر في العين: غالباً ما يتجنَّب الكاذب النظر في عين من يتحدث إليه، ويتجول بنظراته في المحيط.
- الابتسامة المزيَّفة: تشمل الابتسامة الحقيقية عيون الشخص بأكملها، بينما الابتسامة المزيفة تكون شفتية فقط.
- احمرار الوجه: قد يحمر وجه الشخص الذي يكذب بسبب تدفق الدم إليه.
- حركات متكررة: قد يقوم الشخص الذي يكذب بحركات متكررة، مثل لمس وجهه أو فرك يديه.
5. علامات التفكير نافذة على الحقيقة أو الخداع
عندما نتحدث عن كشف الكذب والخداع، فإنَّنا نبحث عن أية خيوط دقيقة قد تكشف عن عدم صحة ما يُقال. فمن بين هذه الخيوط مجموعة من الإشارات التي نطلق عليها "علامات التفكير"، وهي تلك الحركات اللاإرادية التي يقوم بها الشخص في التفكير، والتي قد تكشف عن حالة من التردد أو التوتر أو حتى محاولة تذكر معلومات معيَّنة، فهذه الحركات غالباً ما تكون غير واعية، ممَّا يجعلها مؤشراً قوياً على ما يدور في ذهن الشخص، ومن أمثلتها:
- التوقُّف الطويل في القصة وكأنَّه يحاول تجميع أفكاره أو اختراع قصة جديدة.
- التردد قبل الإجابة.
- لمس الوجه أو الشعر بكثرة.
- شبك الأصابع معاً.
6. الثقة الزائفة تكشف الكذبة
هل لاحظت كيف يحاول بعض الناس إقناعك بشدة بأنَّهم صادقون؟ فقد يبدو الأمر وكأنَّهم يصرخون بصوت عالٍ "صدقني، أنا لست أكذب"، ولكنَّ الحقيقة هي أنَّ هذا النوع من الثقة الزائدة قد يكون علامة على الخداع، فالشخص الصادق عادة ما يكون مرتاحاً ويأمل أن تصدقه كلماته دون الحاجة إلى كثيرٍ من الجهد.
7. الكمال عدو الصدق
تخيَّل أنَّك تحاول إقناع شخص ما بقصة معقدة، فقد تجد نفسك تضيف كثيراً من التفاصيل الصغيرة، وتحاول أن تبدو وكأنَّك تعرف كل شيء عن الموقف. فهذا السلوك قد يكون علامة على أنَّك تحاول بجد إخفاء الحقيقة، فالشخص الصادق عادة ما يكون أكثر طبيعية في حديثه، وقد يترك بعض الثغرات في قصته لأنَّه ليس لديه ما يخفيه.
شاهد بالفيديو: 6 طرق لكشف الكاذبين من حولك
8. الشفاه تكذب والأيدي تكشف
عندما يغطي الشخص فمه بيده، فإنَّه يحاول حرفياً منع الكلمات الكاذبة من الخروج، وهذه الإشارة غير اللفظية تقول: "أعلم أنَّ ما سأقوله ليس صحيحاً بالكامل". إنَّ هذا الشخص يشعر بالتوتر حيال الكذب، وهذا التوتر يتجلى في هذه الحركة.
9. الصوت يكذب والنبرة تكشف
ليس فقط الكلمات التي تخبرنا بالقصة؛ بل أيضاً الطريقة التي ننطق بها هذه الكلمات؛ فصوت مرتفع وثقة زائدة، قد يكونا محاولة لإقناعك بشيء ما، بينما صوت أكثر ليونة وبطء قد يشير إلى تردد أو محاولة إخفاء جزء من الحقيقة.
10. الجسد لا يكذب أبداً
عندما نشعر بالتوتر أو القلق، فإنَّ أجسادنا تُظهر ذلك بأشكال مختلفة، فقد نتحرك بأقدامنا، أو نلعب بأيدينا، أو نغيِّر وضعيتنا باستمرار. يمكن لهذه الحركات الصغيرة أن تكشف كثيراً عن ما نشعر به حقاً، حتى لو حاولنا إخفاءه.
11. التردد هو صديق الكذب (لا تثق في التأخير أو التردد)
عندما يكون لدينا إجابة جاهزة وصادقة على سؤال ما، فإنَّنا نجيب عليه بسرعة ودون تردد، ولكن عندما نحتاج إلى اختراع قصة أو تبرير، فإنَّنا نحتاج إلى وقت للتفكير، لذلك إذا استغرق الشخص وقتاً طويلاً للإجابة على سؤال بسيط، فهذا قد يكون مؤشراً على أنَّه يختلق إجابة، وهي علامة جيدة على وجود الخداع.
12. التركيز في الإجابات المشبوهة
الإجابات الواضحة والحاسمة هي علامة على الصدق، فعندما يجيب شخص ما على سؤال بنعم أو لا بإجابات مبهمة، مثل "ربما" أو "لا أتذكر"، فهذا يشير إلى أنَّه يحاول تجنب الإجابة المباشرة. فمثلاً، قد تسأل شريكك عما إذا كان قد كان في هذا المطعم من قبل، ويجيب "لا أذكر بالتحديد" هذه الإجابة الغامضة قد تدلُّ على أنَّه كان هناك بالفعل، ولكنَّه لا يريد أن يعترف بذلك.
13. الأكاذيب الكبيرة تبدأ بكلمة صغيرة "أبداً"
كلمة "أبداً" هي كلمة قوية جداً عندما يستخدمها شخص ما لإنكار شيء ما، فإنَّه يحاول أن يقنعك بأنَّ هذا الأمر لم يحدث أبداً في أي ظرف من الظروف، ولكن في الواقع، من النادر جداً أن يكون أي شيء صحيحاً بنسبة 100%. لذلك، عندما تسمع شخصاً يستخدم كلمة "أبداً"، كن حذراً.
14. التكرار يشير إلى الكذب ( مرة واحدة تكفي)
عندما يجيب شخص ما على سؤال بنعم أو لا جواباً مكرراً، أي نعم، "نعم" أو لا، "لا"، فإنَّ ذلك قد يكون مؤشراً على أنَّه يحاول تأكيد صحة قوله أكثر من اللازم. فقد يكون هذا التأكيد المبالغ فيه محاولةً لإقناعك بصحة كلامه، حتى لو كان غير متأكد منه داخلياً.
15. الانتباه إلى معدل رمش العيون
رمش العيون هو حركة لا إرادية قد تكشف كثيراً عن ما يدور في ذهن الشخص. ففي سياق كشف الكذب، يمكن أن يكون رمش العيون مؤشراً هاماً. فعندما يشعر الشخص بالتوتر أو القلق، كما يحدث عند الكذب، قد تزيد ضربات قلبه وعصبيته، ممَّا يؤدي إلى زيادة معدل رمش العينين زيادة لا إرادية، وقد يحاول الكاذب تجنُّب النظر في عينيك مباشرة، ممَّا قد يؤدي إلى زيادة رمش العينين.
في الختام
لغة الجسد هي لغة عالمية لا تحتاج إلى ترجمة، فهي النافذة على العقل الباطن للإنسان تكشف ما يخفيه. فبتعلم قراءة إشارات الجسد ستصبح أكثر قدرة على فهم الآخرين والتعامل معهم، وأيضاً ستصبح أفضل في اتخاذ القرارات.
مع ذلك، يجب التأكيد على مسألة أنَّ لغة الجسد ليست علماً دقيقاً، وأنَّ هناك عوامل أخرى يجب أخذها بالحسبان عند تقييم صدق شخص ما.
أضف تعليقاً