وبعد تلك المشاهدات ينقسم الناس إلى قسمين، قسمٌ يشعر بالإحباط والفشل ويُقارِن نفسه بالآخرين الناجحين، وقسمٌ يشعر بالحماسة ويبدأ بوضع أهدافٍ ضخمةٍ وغير مدروسة، فيبدأ بحماسة في أول خطواته إليها، ثمَّ ما يلبث أن يضعفَ سعيه وتوهن عزيمته ويشعر بأنَّ هذا الهدف صعبُ التحقق، فينضمُّ إلى القسم الأوَّل ويُصاب بالإحباط.
سنقدِّم في هذا المقال خطوات عملية لتبلغ النجاح المنشود، وفيه المجالات جميعها التي تصبو إليها، وسنوضِّح لك كيف تحدِّد أهدافك وتضع خطة لتحقيقها.
كيف تحدِّد أهدافك؟
إنَّ تحديد الأهداف هو فعل يتعلَّق بطموحاتك الشخصية، والأماكن التي تتطلَّع للوصول إليها؛ لذا فأنت لا تستطيع أن تتبنَّى أهدافَ غيرك، أو تقلِّد قائمة الأهداف التي وضعها شخص تتابعه على "إنستغرام"، وفي هذه الخطوات سوف تتعلَّم كيف تحدِّد أهدافك:
1. المعرفة الذاتية:
أن تعرفَ ذاتك، فهذه أول خطواتك للوصول إلى أهدافك، فعليك أن تعي ما تهدف إلى الوصول إليه، وهذا يتطلَّب منك سؤال نفسك الأسئلة الآتية:
- ما هي قيَمُك؟
- ما هي رغباتك واحتياجاتك؟
- ما هي نقاط قوَّتك وضعفك؟
- ما هي مهاراتك وخبراتك؟
- ما هي اهتماماتك وشغفك؟
2. تحديد مجالات الحياة:
لكلِّ مجالٍ من مجالات حياتك أهداف خاصة به، فأهدافك الصحية تختلف عن أهدافك المهنية وأهدافك المالية، وأهداف علاقاتك الشخصية والاجتماعية، وأهدافك على صعيد تطوير ذاتك أيضاً.
3. تحديد الأهداف الذكية:
هذا يتطلَّب منك أن تكون أهدافُك محددةً وقابلة للتحقق والقياس، ومتوافقة مع قيمك ورغباتك، إضافة إلى كونها مجدولة زمنياً؛ أي لها موعد نهائي للإنجاز.
4. ترتيب الأهداف:
يجب أن يكون الترتيبُ وَفقَ الأولوية، فإيفاء الديون المتراكمة عليك أَولى من شراء سيارة، ولكن يمكنك مزامنة بعض الأهداف لتحقِّقها مع بعضها الآخر.
من الضروري قبل وضع قائمة أهدافك أن تسأل نفسك التساؤلات الآتية:
- ما الذي أريد تحقيقه في حياتي؟
- ما الذي يجعلني سعيداً؟
- ما هي المهارات التي أريد تطويرها؟
- ما هو نوع العمل الذي أريد القيام به؟
- ما هي الأماكن التي أريد السفر إليها؟
- كم يبلغ مقدار الأموال التي أريد كسبها؟
من خلال الإجابة عن هذه الأسئلة، ستتمكَّن من تحديد أهدافك تحديداً أفضلَ ووضع خطة لتحقيقها.
شاهد بالفديو: 8 أمور عليك معرفتها عن الأهداف
كيف تضع خطةً لتحقيق أهدافك؟
بعد أن وضعت قائمةً بالأهداف التي ترغب بتحقيقها في كل صعيد من أصعدة حياتك، حان الآن وقت التنفيذ، فكيف يمكنك جعل أهدافك قابلةً للتحقق؟ اتَّبعْ هذه الخطوات:
أولاً: ارسم خطة لتحقيق الهدف
يكون رسم الخطة لتحقيق الهدف من خلال ما يأتي:
1. حدد هدفاً محدداً وقابلاً للقياس:
- بدلاً من أن تحدِّد هدفاً عاماً، مثل: "أريد أن أتمتع بلياقة بدنية"، حدِّد هدفاً خاصاً مثل: "أريد أن أركض 5 كيلومترات 3 مرات في الأسبوع".
- حدِّد طريقة لقياس تقدمك، مثل استخدام تطبيق لقياس المسافة أو عدد الخطوات.
2. تأكَّد من أنَّ هدفَك واقعي وقابل للتحقيق:
- لا تضع أهدافاً بعيدةَ المنال أو صعبة جداً، كأن تقول: "سوف أدَّخر 10 آلاف دولار هذا العام".
- قسِّم الأهداف الكبيرة إلى أهدافٍ أصغر قابلة للتحقيق، كأن تقول: "سوف أدَّخر 200 دولار كل شهر".
3. تأكَّد من أنَّ هدفك مُتوافِق مع قيمك ورغباتك:
- هل هدفك هامٌ بالنسبة إليك؟ فلا فائدة من أن يكون هدفُك تعلُّم قيادة السيارة، وأنت لا تحب القيادة.
- هل أنت مُتحمِّس لتحقيقه؟ لأنَّ حماسَتك ستكون وقودك في رحلةِ تحقيق الهدف.
4. حدِّد موعداً نهائياً لتحقيق هدفك:
هذا يساعدك على البقاء مُتحفِّزاً، وتحقيق هدفك في الوقت المحدد، كأن تقول أريد أن أخسر 6 كيلو غرام خلال ثلاثة أشهر.
ثانياً: قسِّم أهدافك إلى أهداف جزئية أصغر
لتقسيمِ أهدافك إلى أهداف جزئية أصغر، اتَّبع هذه الخطوات:
1. حدِّد هدفَك الرئيس:
ما هو الهدف الذي تريد تحقيقه؟ اجعلْه محدداً وقابلاً للقياس وواقعياً وقابلاً للتحقيق ومُحدَّداً زمنياً.
2. قسِّم هدفك إلى خطوات رئيسة:
ما هي الخطوات الرئيسة التي يجب عليك اتِّخاذها لتحقيق هدفك؟ مثلاً، إذا كان هدفُك هو إنهاء كتابة كتاب، فإنَّ الخطوات الرئيسة قد تكون: البحث عن موضوع الكتاب، كتابة مُخطَّط للكتاب، كتابة مسودة الكتاب، مراجعة وتحرير الكتاب.
3. قسِّم كل خطوة رئيسة إلى خطوات أصغر:
ما هي الخطوات الأصغر التي يجب عليك اتِّخاذها لكل خطوة رئيسة؟ مثلاً، إذا كانت الخطوة الرئيسة هي كتابة مخطط للكتاب، فإنَّ الخطوات الأصغر قد تكون: جمع المعلومات عن موضوع الكتاب، تحديد أفكار الفصول، كتابة مخطط تفصيلي لكل فصل.
4. حدد موعداً نهائياً لكل خطوة:
هذا يساعدك على البقاء مُتحفِّزاً ومُحقِّقاً لهدفك في الوقت المحدد.
5. راقب تقدمك وأجرِ التعديلات:
راقب تقدمك نحو تحقيق هدفك بانتظام، وأجرِ التعديلات على خطَّتك وَفْقَ الحاجة.
ضع خطة عمل لتحقيق أهدافك:
لتحقيق أهدافك، من الهامِّ وضع خطة عمل واضحة؛ لذا إليك بعض الخطوات التي يمكنك اتِّباعها:
- حدِّد الموارد التي تحتاجها، ما هي الأدوات والموارد التي تحتاجها لتحقيق أهدافك؟ قد تشمل هذه الموارد الوقت والمال والطاقة والدعم من الآخرين، وعلى سبيل المثال إذا كان هدفُك بناء منزل، فأنت تحتاج إلى تمويل، فهل ستقترض من المَصرِف؟ أم تُنفِق من مدَّخراتك؟ تحتاج إلى التواصل مع مهندس ديكور وعُمَّال بناء وغيرهم.
- حدِّد جدولاً زمنيَّاً، متى ستحقِّق كل خطوة؟
- ضع جدولاً زمنياً واقعياً يُمكنك الالتزام به،فمثلاً في هدف بناء المنزل، يُمكِن أن تخصِّص مدَّة أسبوعٍ لإيجاد مهندس ديكور لتصميم المنزل، وأسبوعَين ليكون المُخطَّط جاهزاً، وأسبوع لتؤمِّن مُستلزمات البناء وما إلى ذلك.
- أجرِ التعديلات عند الحاجة، راِقبْ تقدُّمَك نحو تحقيق أهدافك بانتظام، فقد تحدث أمور طارئة تضطرك لتغيير مخططاتك، كأن يستغرق بناء المنزل وقتاً أطول مما توقَّعت بسبب سوء الأحوال الجوية، وعند ذلك أجرِ التعديلات على خطَّتك وَفْقَ الحاجة.
راقب تقدمك في تحقيق أهدافك:
مراقبة تقدمك في تحقيق أهدافك هي أمرٌ هام جداً لعدة أسباب:
- تساعدك على البقاء مُتحفِّزاً.
- تتيح لك معرفة ما إذا كنت على المسار الصحيح.
- تساعدك على تحديد أي مجالات تحتاج إلى تحسين.
- تمكِّنك من الاحتفال بإنجازاتك.
إليك فيما يأتي عدَّة طرائق لمراقبة تقدُّمك في تحقيق أهدافك:
1. استخدام نظام تتبُّع:
- استخدم دفتر يوميات، أو تطبيقاً، أو موقعاً إلكترونياً لتتبُّع تقدُّمك.
- حدِّد ما ستتَّبعه، مثل عدد الخطوات التي اتَّخذتها أو عدد الصفحات التي قرأتها.
- سجِّل تقدُّمك بانتظام.
2. تحديد نقاط تفتيش:
- تحديد نقاط تفتيش على طول الطريق لتقييم تقدمك.
- قد تكون نقاط التفتيش هذه أسبوعية أو شهرية أو ربع سنوية.
- في كل نقطة تفتيش، قيِّم ما إذا كنت قد حقَّقت أهدافك.
3. طلب التعليقات من الآخرين:
- اطلبْ من صديق، أو أحد أفراد العائلة، أو زميل العمل أن يُقدِّم لك تعليقات عن تقدمك.
- قد يكون هذا مفيداً في الحصول على منظور جديد.
إليك بعض الأمثلة عن كيفيَّة مراقبة تقدُّمك:
- إذا كان هدفُك هو إنهاء كتابة كتاب، يمكنك تتبُّع عدد الكلمات التي تكتبها كل يوم.
- إذا كان هدفك هو تعلُّم لغة جديدة، يمكنك تتبُّع عدد الكلمات الجديدة التي تتعلَّمها كل أسبوع.
- إذا كان هدفك هو إنقاص وزنك، يمكنك تتبُّع وزنك كل أسبوع.
من خلال مراقبة تقدُّمك، ستتمكَّن من معرفة ما إذا كنت على المسار الصحيح لتحقيق أهدافك.
احتفِل بتحقيق الأهداف:
إنَّ الاحتفالَ بتحقيق الأهداف هو خطوة هامَّة جداً، ولا تقلُّ أهمية أبداً عن تحقيق الهدف ذاته؛ إذ يُعد الاحتفال بتحقيق الأهداف أمراً هاماً جداً لعدة أسباب:
1. يُعزِّز الدافع:
فعندما تحتفل بإنجازاتك، فإنَّك تُعزِّز شعورك بالرضى والإنجاز، وهذا الشعور يُحفِّزك على الاستمرار في العمل نحو أهدافك المستقبلية.
2. يُحسِّن تقدير الذات:
عندما تُحقِّق هدفاً، فإنَّك تُثبِت لنفسك أنَّك قادرٌ على تحقيق ما تسعى إليه، وهذا يُحسِّن شعورك بالثقة بالنفس ويُعزِّز تقديرك لذاتك.
3. يُقرِّب من تحقيق الأهداف الكبيرة:
الاحتفال بإنجازاتك الجزئية يُذكِّرك بما حقَّقته ويُشجِّعك على الاستمرار، ويُبقيك مُتحفِّزاً ومركِّزاً على أهدافك.
4. يُشارك الآخرون في سعادتك:
عندما تحتفل بإنجازاتك مع الآخرين، فإنَّك تُشاركهم سعادتك وفخرك، وهذا يُعزِّز علاقاتك مع الآخرين ويُساعدهم على الشعور بالسعادة أيضاً.
5. يُساعد على تذكُّر رحلة النجاح:
الاحتفال بإنجازاتك يُساعدك على تذكُّر رحلة النجاح والتحديات التي واجهتها، ويُقدِّرُ إنجازاتك أكثر ويُحفِّزك على مواجهة التحديات المستقبلية.
في الختام:
إنَّ وضعَ الأهداف وتحقيقها يُعَدُّ من أهمِّ الأشياء التي يجب أن يقوم بها الإنسان، فالأهداف والسعي نحو تحقيقها يُكسِب حياتك معنى خاصاً ومميزاً، ويعزز لديك مشاعر الرضى والإنجاز، ويجب أن نذكُرَ مرَّةً أُخرى أنَّ الأهدافَ لا تعني بالضرورة الأشياء الكبيرة والمصيرية، كإغلاق "ثقب الأوزون" ولا يجب أن تكون مستنسخةً عن قائمة أهداف شخص آخر، فلكلِّ شخصٍ أحلامه وتطلُّعاته الخاصة، وقد يكون الإقلاع عن التدخين أو التخفيف من الصراخ مع أطفالك من أعظم الأهداف وأكثرها تأثيراً إيجابياً في سيرورة حياتك.
التعليقات
خالد العتيبي
حلو
خالد العتيبي
حلو
أضف تعليقاً