لمَ قد تكون الأهداف خطيرة؟
أولاً: لأنَّنا نضع الأهداف في مرحلة زمنيَّة معيَّنة
تعتمد الأهداف على "من نحن" -رغباتنا وقيمنا وخبراتنا- في تلك المرحلة الزَّمنيَّة. ولكنَّنا كبشر نتغيَّر بِمُرورِ الوقت. إذ تقوم الخبرات والمفاهيم الجديدة التي نكتسبها، بِقَولَبة شخصيَّتنا إلى شخصيَّةٍ أخرى تختلف عن سابقتها. إلا أنَّ الهدف الذي نكون قد وضعناه لأنفسنا في السَّابق لن يتماشى -بالضَّرورة- مع التَّغيُّرات التي قد طرأت علينا. وهكذا وبمرور الوقت، يمكن أن تَقُلَّ أهميَّة تلك الأهداف أثناءَ اقترابنا من تحقيقها.
ثانياً: لأنَّ الهدف عبارةٌ عن وجهةٍ وَغاية
إنَّ الرِّضا الذي ينتابنا حينما نحقِّق أيَّ هدفٍ، يتلاشى على الدَّوام. ومردُّ ذلك هو أنَّه عند تحقيقنا لهدفٍ ما، تجد عقولنا -وعلى الفور تقريباً- شيئاً آخر لكي ترغب به وتقوم بمطاردته. وبالتالي، فإنَّ الأهداف تؤدي حتماً إلى عدم وجود تقديرٍ للحاضر، في ظلِّ التركيز على الرَّغبات المستقبلية.
ثالثاً: لأنَّ وضعنا للأهداف يضع غشاوةً على أعيننا بالمقابل
عندما نضع أعيننا نصبَ الوصولِ لأمرٍ ما، فإنَّنا غالباً ما قد نُفَوِّتُ أيَّ أمرٍ آخر يجري من حولنا. فهناك عدد غير محدودٍ من النَّتائج الإيجابيَّة المحتملة من كل مَهَمَّة، والتَّركيز على نتيجةٍ إيجابيَّةٍ واحدة فقط، يمكن أن يَعمينا عن النَّتائج المحتملة الأُخرى.
بالمقابل، لمَ الأهداف مفيدة؟
من المهم بمكان ألا ننتقد بشدة، ونُعَرِّضَ بعمليَّةِ وضع الأهداف. إذ بينما تنصح النِّقاط التي ذكرناها أعلاه، بتَخَلُّصِنَا من مفهوم وضع الأهداف، إلَّا أنَّ على المرءِ أن يُدرِكَ بأنَّ قيامه وبشكلٍ دوريٍّ بالنَّظر إلى حياته بنظرةٍ معمَّقة ووضع أهدافٍ مستقبليَّةٍ له؛ من شأنه أن يعود عليه بفائدةٍ جمَّة.
خلال صيف عام 2013، قمت بركوب دراجة هوائية، والسَّيرِ بها في جميع أنحاء الولايات المتحدة، بهدف جمع ما يقارب المئة ألف دولار لصالح المشفى الذي قام بإنقاذ حياتي. تطلَّبت الاستعدادات لجمع التبرعات تخطيطاً هائلاً، وتحديداً دقيقاً للأهداف، ومتابعةً مُكثَّفة. فبدون تلك الأهداف الطَّموحة لجمع التَّبرعات، والهدف الموضوع الذي تمثَّل بركوب الدراجة والطَّواف في جميع أنحاء الولايات المتحدة، لما استطعنا -أنا ومن شاركني تلك الحملة- جمعَ ولو قدرٍ ضئيلٍ من الأموال التي قمنا بجمعها. ففي حملة جمع التَّبرعات تلك، كان وجود أهدافٍ موضوعةٍ بالتَّزامن مع وجودِ خطَّةٍ مركزيَّة لتحقيقها؛ أمراً ضروريَّاً جدَّاً.
ولكن خلال الرِّحلةِ نفسها -وعلى النَّقيض من هذا- اكتشفنا أنَّ عدم التَّخطيط؛ كان أفضل خُطَّةٍ يمكن اتِّباعها لتحقيق تلك الجُزئيَّةِ المتمثِّلة بالطَّواف في أنحاء البلاد. فمثلاً؛ إذا ما كانت الرِّياح مواتية وتساعدنا على الطَّواف، كنا نسير بدراجاتنا لمسافةٍ أكبر. وعندما كُنَّا نرَ أنَّنا بحاجةٍ ليومِ راحة، كُنا نستريح وبكلِّ بساطة. لقد كان الافتقارُ للتَّخطيط ووجود نوعٍ من القدرة على التَّكيُّف في المقابل، عاملانِ حاسمانِ جدَّاً.
إذاً؛ كيف تَضَع أهدافاً لنفسك؟
فكِّر في عمليَّة وضع الأهداف، مثل التَّوقف لدقيقتين أثناء نُزهة ما، بهدفِ النَّظرِ في الخريطة. إذ على المَرءِ أن يَنظُرَ حوله لمعرفة أين هو الآن، وأيَّ اتجاه عليه أن يسلك بعد ذلك. السِّرُ يَكمُنُ هاهنا في استخدام الخريطة كاقتراحٍ فقط. فإذا كان الانحراف عن مسارك يجعلك تكتشفُ طريقاً إلى قمَّة جبلٍ غير مستكشف، أو إذا اكتشفتَ درباً أفضلَ على طول الطريق، فلا ينبغي لك عندئذٍ أن تتردد مطلقاً في تغيير مسارك. وسيكون الاستمتاع بمدى ما وصلت إليه من رحلتك تلك، أكثرَ أهميَّةً من الوصول إلى نهاية المسار الذي قد حدَّدته لنفسك. وذات الشيء يَجري على الأهداف. علينا إذاً أن نبقى مُتيقِّظينَ للفُرَصِ الأخرى والنتائج الإيجابية التي قد تصادفنا على طول الطَّريق، من دون التَّركيز على تحقيق هدفنا وحسب، والسَّماح لجميع النَّتائج المثمرة التي من الممكن أن نجنيها، بأن تُخرِجَنَا عن المسار الذي قد حدَّدَه لنا الهدف الرَّئيسي الذي قُمنَا بوضعه.
لذا حدَّد مساراً جريئاً لنفسك، لكن لا تكن بذاكَ الحِرصِ على أن تُلزمَ نفسكَ بالخوضِ فيه.
أضف تعليقاً