ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الطبيبة النفسية "إليزابيث لومباردو" (Elizabeth Lombardo)، والتي تُحدِّثُنا فيه عن كيفية التخلص من صوت النقد الذاتي في ذهنك الذي يحبطك.
النقد الذاتي هو ذلك الصوت الذي يخاطبك من الداخل، فيشير إلى كل أخطائك وعثراتك، ويخبرك أنَّك لا تستطيع فعل شيء ما، ولا يجب عليك فعله، وينبهك إلى الأشياء السيئة التي يمكن أن تحدث كما لو أنَّ حدوثها حتمي.
كما أنَّه يساهم في ارتفاع معدلات القلق؛ إذ يعاني أكثر من 40 مليون أمريكي من اضطراب القلق المَرَضي؛ حيث قال 40% من الأشخاص إنَّهم يشعرون بالقلق هذا العام أكثر من العام الماضي، كما يؤثر هذا الاضطراب النفسي خاصةً في المراهقين؛ حيث أفاد 70% منهم أنَّ القلق والاكتئاب "مشكلة كبيرة" بين أقرانهم، وهذه الأرقام مقلقة للغاية، لكنَّ الخبر السار هو أنَّه يمكننا علاج القلق.
تأثير النقد الذاتي في القلق:
القلق ليس نتيجة لأحداث خارجية بقدر ما هو ناجم عن طريقة تفسيرنا لتلك الأحداث؛ إذ إنَّ الأفكار التي يقترحها صوت النقد الذاتي تكون غالباً خاطئة أو مشوهة، ويدعى ذلك في علم النفس "التشوهات المعرفية" (cognitive distortions) أو الطريقة المشوهة التي ننظر بها إلى العالم من حولنا، وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك:
- الفرز السلبي: حين تركز في الأمور السلبية، عوضاً عن الإيجابية؛ ونتيجة لذلك تشعر بمزيد من القلق؛ ذلك بدوره يجعلك تلاحظ السلبيات أكثر وهكذا؛ مما يخلق حلقة مفرغة تكرر فيها أفعالك نفسها.
- قراءة الأفكار: حين تفترض أنَّك تعرف رأي الآخرين فيك وأنَّهم ينظرون إليك بطريقة سلبية دون أي دليل حقيقي يشير إلى ذلك.
- التنجيم: حين تتوقع نتائج سلبية في المستقبل، ثم تتصرف كما لو أنَّ مخاوفك على وشك الحدوث.
- الكل أو لا شيء: حين تنظر إلى الأشخاص والأحداث من منظور إمَّا الكل وإمَّا لا شيء، على سبيل المثال: قد تعتقد أنَّ أحد الأخطاء التي ارتكبتَها دليل على أنَّك فاشل تماماً.
على الأغلب تبدو واحدة أو أكثر من هذه التشوهات المعرفية مألوفة بالنسبة إليك.
كيف تتغلب على النقد الذاتي؟
بعد العمل مع عملاء لأكثر من عقدين من الزمن والتحدث في فعاليات حول العالم عن الموضوع، ومساعدة الناس على التغلب على النقد الذاتي، اكتشفتُ علاجاً لهذا الصوت اللئيم داخلي، ودعوتُه "صيغة النجاح الحقيقي" (True SuccessTM Formula)؛ إذ تتعمق الصيغة فيما يعنيه النجاح أكثر من تعريف المجتمع له، والذي يشمل عادةً المظهر الخارجي وكم تملك من المال وعوضاً عن ذلك، تتكون صيغة النجاح الحقيقة من ثلاث ركائز رئيسة:
- الشغف: الطاقة الإيجابية والتركيز فيما يسير على ما يرام، والشعور بالحماسة والإيمان بقدرتك على تغيير الأمور للأفضل.
- الهدف: إضفاء المعنى والرضا إلى حياتك.
- الناس: تحسين علاقاتك مع الآخرين.
إليك كيفية تطبيق صيغة النجاح الحقيقي في حياتك:
1. الشغف:
قد يستنزف الإرهاق طاقتنا الإيجابية، كما يزيد من احتمال حصول تلك التشوهات المعرفية التي تحدَّثنا عنها آنفاً، لكن ضع في حسبانك أنَّ للإرهاق درجاتٍ تبدأ من الصفر - وهي الدرجة التي لا تشعر بالتعب فيها على الإطلاق - وتنتهي بـ 10 - وهي الدرجة التي تواجه فيها أكبر الضغوط التي تعرضتَ إليها على الإطلاق - وكلَّما ارتفع مستوى التوتر الذي تشعر به، ارتفع صوت النقد الداخلي.
أدعو أيَّة درجة إرهاق تقع بين 7 إلى 10 أو أعلى "المنطقة الحمراء"، وعندما تكون في المنطقة الحمراء، يسيطر القلق والنقد الداخلي عليك، ولتجنُّب هذه الحالة، يجب عليك حين تلاحظ أنَّ مستوى توترك وصل إلى درجة 6 أو أعلى، أن تفعل شيئاً صحياً ومفيداً لتخفيف توترك، على سبيل المثال: اخرج في نزهة على الأقدام أو استلقِ على السرير أو استمع لأغنية تحبها أو خذ نفساً عميقاً أو عانق أحد أفراد أسرتك.
2. الهدف:
إذا كنتَ قلقاً بشأن ارتكاب خطأ أو أنَّ الناس لا يحبونك، فربما يجب أن تجد لنفسك مشكلة أكبر؛ أعني أنَّه إذا كان هدفك في الحياة هو حل مشكلة الجوع في العالم، حينئذ سيبدو فشل صغير - مثل ارتكاب خطأ في أثناء إلقاء العرض التقديمي أو التحدث إلى شخص لا تروق له - أمراً غير هام جداً.
يساعدك وجود هدف أكبر على وضع الأشياء في نصابها؛ لذا عوضاً عن الاستماع للنقد الذاتي، ركز فيما تريد تقديمه للعالم، وعندما تركز في كيفية المساهمة في قضية أعظم من همومك الشخصية، مثل التطوع أو حتى مجرد فتح الباب لعجوز غريبة، يضعف صوت النقد الذاتي فتشعر بسعادة أكبر.
3. الناس:
اقضِ الوقت مع الأشخاص الذين يساعدونك على أن تصبح شخصاً أفضل؛ إذ يمكن أن يزيد الأشخاص السامون من قلقك ومن حدة النقد الذاتي، وعوضاً عن ذلك، ابحث من البداية عن الأشخاص الذين تشعر بتحسن تجاه نفسك وحياتك بعد قضاء الوقت معهم.
طبِّق صيغة النجاح الحقيقي واسحق صوت النقد الذاتي لتعيش الحياة التي تتمناها دون قلق، لكن تذكَّر أنَّ هذا المحتوى إعلامي وتعليمي، ولا يحل محل المشورة الطبية أو التشخيص أو الحصول على علاج من قِبل اختصاصي صحي، ونشجعك دائماً على التحدث إلى طبيبك أو معالجك بشأن احتياجاتك الفردية.
أضف تعليقاً