ما الذي يُسبب انعدام الأمان والغيرة في العلاقة؟
توجد العديد من الأسباب المؤدية إلى الغيرة وانعدام الأمان، ولكنَّ السبب الأهم ومصدر تلك المشاعر هو عدم الشعور بالرضا عن نفسك.
توجد استثناءات بالتأكيد، كأن يكون لديك تقدير كبير لذاتك لكنَّ اختيارك لشريك حياتك خاطئ؛ لكن، عادة لا يختار الأشخاص الذين يتمتعون بحس عالٍ بقيمتهم الذاتية شركاء يعاملونهم على نحو سيئ.
إنَّ من بين الأسباب الرئيسة وراء تدني تقدير الذات وما ينتج عن ذلك من انعدام الأمان والغيرة هو عيش طفولة مليئة بالمشكلات أو الصدمات، حيث يكون دماغ الطفل عندما يُولَد أشبه بحاسوب لم يُبرمَج بعد، ويصبح كل ما يُقال له أو يُفعَل أمامه متأصلاً في نفسيته، ومكوِّناً لشخصيته مع مرور السنين.
يُقال دوماً: "يصبح الطفل نسخة شبيهة بأحد والديه عندما يكبر"؛ حيث ستصدِّق ما يقوله والداك عنك مهما كان، وتعمل بناء عليه؛ سواء أخبروك أنَّك فاشل وكسول وغير جيد، أم عبَّروا عن مدى حبهم لك وفخرهم بك وتشجيعهم لك على فعل ما تريده في الحياة.
ستختار شريك حياتك تبعاً لما تعيشه مع عائلتك؛ فإن نشأت مع والدين غير محبين أو عاطفيين ولم يُشجِّعاك أو يخبراك أموراً إيجابية عن نفسك، فستختار بلا وعي شريك حياتك بما يتطابق وشخصيتك التي تكوَّنت خلال نشأتك تلك.
طرق التغلب على مشاعر الغيرة وانعدام الأمان في علاقتك العاطفية:
لا يعني شعورك الدائم بالغيرة في علاقتك العاطفية السابقة أنَّك مجبر على الشعور بهذه الطريقة طوال حياتك، حيث توجد العديد من النصائح التي يمكنك اتباعها للتغلب على هذه المشاعر والوصول إلى علاقة سليمة وناجحة؛ فدعونا نلقي نظرة عليها:
1. راقب أفكارك وأفعالك وسلوكك الغيور:
لا تستطيع تغيير ما لا تعرفه؛ فرغم أنَّ الشعور بالغيرة وانعدام الأمان في العلاقة العاطفية من المشاعر الواضحة عادة، إلَّا أنَّك لن تتمكن من تغيير هذه المشاعر تلقائياً بمجرد معرفتك بوجودها؛ لذلك ينبغي عليك أن تنظر إلى أفكارك بموضوعية قدر الإمكان، وأن تقبلها مؤقتاً.
إنَّه لمن الأسهل تقديم النصائح للآخرين أكثر من تقديمها لأنفسنا؛ لكن فكِّر في الموضوع وكأنَّك صديق لذاتك، وتُقدِّم النصيحة لنفسك؛ وأعِد صياغة أفكارك من وجهة نظر منطقية ما أمكنك ذلك.
2. عُد إلى الماضي لتحدد مصادر انعدام الأمان في علاقتك الحالية:
تنبع هذه المشاعر بالتأكيد من مكان معين، فهي لا تتولد في ذهنك فجأة من العدم؛ فعلى سبيل المثال: قد تكون تلك المشاعر متعلقة بطفولتك؛ إذ ربَّما نشأت في عائلة متفككة، حيث كان والدك يخوض في علاقات عابرة بالخفاء عن والدتك، وكانت النتيجة الطبيعية لذلك أن تعتقد أنَّ "جميع الرجال خوَّانون"؛ أو قد تنبع مشاعر انعدام الأمان من تجاربك الشخصية؛ فربَّما عشت علاقة عاطفية سابقة سببت لك الحزن والتعاسة، وتجد نتيجة لذلك صعوبة في الوثوق بالناس.
سيساعدك تحديد السبب الرئيس للأفكار والمشاعر الغيورة على التغلُّب عليها والمضي قدماً.
3. لا تصدق تلك الأفكار الموجودة في ذهنك وتجعل منها حقيقة:
إحدى المشكلات الرئيسة التي يواجهها الناس في حياتهم هي تصديق كل فكرة تدور في أذهانهم؛ لكن مجرد التفكير في أمر معين لا يجعله حقيقة مطلقة أبداً؛ فعلى سبيل المثال: قد تعتقد أنَّ أحد زملائك يتجسس عليك، ولكن لا يعني هذا أنَّه يفعل ذلك فعلاً.
لذا عليك أن تعترف أنَّ أفكارك عن انعدام الأمان والغيرة في علاقتك العاطفية قد تكون خاطئة في الواقع؛ لذا حاول أن تدقق في هذه الأفكار لترى إن كان بإمكانك التخلص منها.
4. لا تتصرف بناء على مشاعرك فحسب:
لا يمتلك الكثير من الأشخاص "نظام فلترة" لأفكارهم؛ أي بمعنى آخر: كلما خطرت في بالهم فكرة، يقولونها على الفور دون تلكؤ؛ أو إن كانوا يشعرون بمشاعر سلبية، فيتصرفون بناء عليها دون تفكير عقلاني.
هناك حكمة تقول: "فكر قبل أن تتكلم"؛ اعمل بهذه النصيحة الرائعة، وفكِّر قبل أن تتكلم وتتصرف، وحاول أن تتحلى بقليل من ضبط الذات؛ فلا تقل أو تفعل ما قد تندم عليه مستقبلاً، كيلا تزيد الوضع سوءاً.
5. تذكَّر أنَّ عدم اليقين أمر طبيعي في العلاقة العاطفية:
جميعنا بشر، ويراودنا إحساس بانعدام الأمان من وقت إلى آخر؛ لذلك، من الطبيعي أن تتسلل تلك المخاوف إلى علاقتنا أحياناً.
يمكننا القول أنَّ عدم اليقين قد أضحى سمة أساسية في حياتنا، فمن غير الممكن لنا التحكم بالأمور كافة التي تحصل من حولنا، وجلُّ ما يمكننا التحكم به هو أنفسنا وطريقة تعاملنا مع العالم.
وبناء عليه، نعيش جميعاً حالات من عدم اليقين، بعضها طبيعي وسليم في العلاقة العاطفية، وبعضها الآخر ليس كذلك؛ لذا احرص على ألَّا يسيطر عدم اليقين هذا على حياتك وينعكس سلباً على علاقتك العاطفية.
شاهد بالفديو: كيف تعثر على شريك حياتك؟
6. دقق في افتراضاتك وتوقعاتك حول علاقتك وحول الطبيعة البشرية عموماً:
عندما تنشأ في أسرة مفككة، ربَّما تتعلم بعض الأنماط السلبية حول العلاقة العاطفية؛ فنحن نتعلم كيف نتصرف في علاقاتنا من خلال ملاحظة طريقة تصرف آبائنا الذين يشكلون قدوتنا الأعلى.
إذا لم يكن والداك سعيدين في زواجهما وكانا متشككين وغيورين على الدوام، فمن المحتمل أن تكبر مفترضاً أنَّ معظم الناس غير جديرين بالثقة؛ وهذا بالطبع أبعد ما يكون عن الحقيقة، إلَّا أنَّه قد يكون واقعك الذي تعيشه يومياً، والذي يجب أن تسعى إلى تغييره مهما كلفك الأمر.
7. تواصل مع شريك حياتك:
لا ضير في الاعتراف بأنَّك تشعر بعدم الأمان أو الغيرة في علاقتك العاطفية؛ فكما قلنا أعلاه، جميعنا بشر، ومن الطبيعي أن نشعر بهذه الطريقة من حين إلى آخر.
قد لا يتمكن شريك حياتك من إدراك ما تشعر به من مشاعر سلبية، فهو ليس بقارئ أفكار؛ لذا يجب أن تشاركه مشاعرك هذه بطريقة هادئة وعقلانية وسلمية، وألَّا تعبِّر عنها من خلال الصراخ والشتم؛ لما يحمله ذلك من تأثير سلبي عليكما وعلى العلاقة التي تربطكما.
يمكن لكلٍّ منكما اتخاذ إجراءات إيجابية في العلاقة للتخفيف من المخاوف التي تشعران بها، وذلك من خلال الحديث عن الأمور التي تزعجكما بطريقة إيجابية.
8. راقب سلوكات شريك حياتك ولغة جسده:
ربَّما تكون مخاوفنا ومشاعر الغيرة وانعدام الأمان التي نشعر بها حقيقية أحياناً، وربَّما يدفعك سبب وجيه إلى الشعور بهذه الطريقة؛ لكنَّ هذه المشاعر تقبع غالباً في أذهاننا فقط؛ لذا من الهام أن تراقب أي سلوكات مشبوهة قد يفعلها شريك حياتك، كأن يضع هاتفه بعيداً أو يخفيه عنك، أو أن يتصرف بغرابة.
إن استمر الشريك في فعل ذلك، فسيكون لديك سبب منطقي للشعور بعدم الأمان؛ ولكن إن لم يكن الأمر كذلك، فربَّما قد اختلقت الأمر برمته دون أي دليل منطقي.
9. لا تُضيِّق الخناق على شريك حياتك مطلقاً:
إنَّه لمن الطبيعي أن تحاول تقييد تصرفات شريك حياتك عندما تشعر بالغيرة أو عدم الأمان؛ فقد ترغب بمعرفة أين يتواجد، ومتى يعود إلى المنزل، ومع من يتحدث، والتفاصيل ذات الصلة كافة؛ وقد يؤدي ذلك إلى إبعاده عنك؛ إذ لا يقبل أحد أن يشعر بأنَّه شخص غير موثوق به أو مُسيطَر عليه.
لذلك، دع شريك حياتك يعيش حياته بحرية مهما كنت غيوراً، ولا تتدخل في تفاصيل حياته ما لم تكن على بينة ممَّا يحدث.
10. اتخذ الإجراءات المناسبة عند وجود أمر مريب حقاً:
مهما حصل، لا تعامل شريك حياتك كطائر في قفص، بل امنحه كامل الحرية؛ ولا يعني ذلك ألَّا تنتبه إلى أي سلوك مريب قد يصدر من شريك حياتك، بل يجب أن تكون شديد الانتباه دون أن تبيِّن ذلك علانية.
إن لاحظت سلوكات غريبة، أو واجهت ما يجعلك غير مطمئن؛ تحدث معه بصراحة ووضوح؛ فإن لم يكن لديه ما يخفيه، ستجده منفتحاً على الوضوح والحوار.
ينبغي على شريك حياتك أن يوضح وجهة نظره بسهولة إن تحدثت إليه عن سلوكه "المشبوه" في حال عدم ارتكابه لأي خطأ؛ لكن إن تحدث بارتباك وتوتر، فستكون تلك إجابة واضحة عمَّا يدور في خلدك من تساؤلات.
شاهد بالفديو: 8 نصائح تساعدك على إنهاء علاقتك العاطفية
11. تحدَّث إلى معالج نفسي:
يعتقد الكثير من الناس أنَّ الذهاب إلى المعالج النفسي أمر معيب، ويجعلهم يبدون كأشخاص ضعيفين؛ ولكنَّ هذا ليس صحيحاً مطلقاً، حيث يُعدُّ الاعتراف بحاجتك إلى مساعدة نفسك وتعزيز تقديرك لذاتك ومعالجة ما تشعر به من انعدام الأمان أمراً شجاعاً ونبيلاً للغاية.
لذا، اطلب المساعدة إن كان بمقدورك ذلك؛ حيث يمكن للمعالج النفسي الجيد مساعدتك في تحديد أسباب الغيرة وكيفية التغلب عليها، كما يمكنه مساعدتك في تخطي ذلك والوصول إلى علاقة سليمة.
12. اكتب صفاتك الإيجابية والسلبية، وكذلك صفات شريك حياتك:
تنبع معظم مخاوفنا من التفكير في أنَّنا لسنا "جيدين بما يكفي" بالنسبة إلى الشخص الآخر؛ ولكن لكلٍّ منَّا الكثير من الصفات الجيدة، وما علينا سوى معرفة ميزاتنا هذه.
حاول أن تكتب كل صفاتك الشخصية التي تعدُّها جيدة، حيث سيساعدك ذلك على إدراك جميع الأسباب التي تجعلك في غنى عن الشعور بعدم الأمان أو الغيرة؛ وافعل الأمر ذاته بالنسبة إلى شريك حياتك.
عندما نشعر بالغيرة، نركِّز على الأفكار السلبية حول أنفسنا والآخرين؛ لذلك دوِّن الصفات الجيدة التي تمتلكها وشريك حياتك، حيث ستساعدك هذه الطريقة على التركيز على الأمور الإيجابية فحسب.
13. توقف عن مقارنة نفسك بالآخرين:
تعدُّ مقارنة أنفسنا بالآخرين إحدى الأسباب الرئيسة لمخاوفنا؛ فنحن ننظر إلى الآخرين ونفكر في مدى جاذبيتهم، أو في أنَّ شخصياتهم أفضل منَّا، أو أنَّهم يكسبون أموالاً أكثر؛ لذلك، ينبغي عليك أن تتوقف عن مقارنة نفسك بالآخرين لأنَّك مميز بطبعك، وفريد من نوعك؛ فتقبَّل نفسك كما هي.
إن أردت أن تقارن نفسك بأناس آخرين، فقارن نفسك بالأشخاص الذين تعتقد أنَّهم أسوأ منك؛ ليس للحكم عليهم، ولكن لوضع أفكارك في منظورها الصحيح، حيث ستتمكَّن بذلك من تقدير نفسك وحياتك على نحو أفضل.
14. أحب نفسك بما يكفي لتكون شجاعاً للتخلي عن شريكك:
إنَّ عدم حب أنفسنا أحد الأسباب الرئيسة لانعدام الأمان والغيرة في العلاقات العاطفية، الأمر الذي يؤدي إلى الخوف من الوحدة.
في الواقع، يفضل الكثير من الأشخاص البقاء في علاقات مؤذية نفسياً على البقاء بمفردهم؛ فلماذا تريد أن تُعامَل بطريقة سيئة من قبل شخص آخر فقط لتكون في علاقة عاطفية؟
لا ينبغي عليك فعل ذلك، بل أحب نفسك بما يكفي ليكون لديك معايير أعلى لشريك الحياة؛ فبمجرد أن تشعر بالراحة تجاه نفسك، وألَّا تقبل بأقل ممَّا تستحق، ستصبح عندها أكثر ثقة بنفسك، وتتلاشى مخاوفك ومشاعرك بانعدام الأمان تماماً.
الخلاصة:
إنَّ التخلص من الشعور بعدم الأمان والغيرة في العلاقة ليس له صلة بالشخص الآخر أبداً، بل يتعلق بك أنت فقط؛ لذا ينبغي عليك أن تحب نفسك وتقدرها، وستجذب عندها أشخاصاً جيدين للغاية وجديرين بالثقة؛ وحتى لو لم يحدث ذلك، فلن تتردد في الابتعاد عن أي شخص لا يمنحك الاحترام والتقدير الذي تستحقه.
أضف تعليقاً