سنقدِّم نظرة شاملة عن كيفية التعرف إلى الشخصيات المتنوعة والتكيُّف معها، وكيف يمكن لهذه المعرفة أن تسهم في بناء علاقات أكثر صحة وإنتاجية، فانضموا إلينا في هذه الرحلة الفريدة لاكتشاف كيف يمكن للتواصل الواعي أن يغيِّر من طريقة تفاعلنا مع العالم من حولنا.
مفهوم الشخصية
نتعامل في حياتنا اليومية مع مجموعة متنوِّعة من الشخصيات، كلٌّ منها له سماته المميِّزة والفريدة، وهذا التنوع في الشخصيات ينبع من عدد من العوامل المؤثرة، كالبيئة المحيطة، والعلاقات الاجتماعية، وطبيعة العمل، فالشخص الذي ينشأ في بيئة حضرية مزدحمة سيختلف عن آخر ينشأ في بيئة ريفية هادئة، والموظف في مكتب كبير سيكون مختلفاً عن صاحب المتجر الصغير، ونتيجة لذلك تتشكَّل اهتمامات الفرد ورغباته وأنماط سلوكه، وهذا يكسبه سمات تميِّزه عن الآخرين.
إنَّ التعامل مع هذه الأنماط المتنوِّعة من الشخصيات يتطلب مرونة وقدرة على التكيُّف، فبعض الأشخاص يفضلون الاتصال المباشر والحازم، بينما يرغب آخرون في تقديم المقترحات بطريقة أكثر تفهُّماً وإقناعاً، كما أنَّ هناك من يستجيب استجابةً أفضل للأسلوب الودي والمتعاطف، وإنَّ فهم هذه الاختلافات والتكيُّف معها هو أمر هام جداً لإقامة علاقات فعَّالة وبنَّاءة.
ما هي أنماط الشخصية المختلفة؟
هناك عدد من الأنماط الشخصية المختلفة التي يمكن أن نواجهها في حياتنا اليومية، ومن بين هذه الأنماط نذكر:
1. الشخصيات الودودة والمتعاطِفة
هذه الشخصيات بسيطة وودودة في طبيعتها، فصاحبها يكون كثير الضحك وهادئ الأعصاب، ويستمتع بالاسترخاء، وعندما يقابل الآخرين، يعاملهم بحرارة ووداعة، وهذا يجعلهم يشعرون بالأمان والراحة في وجوده، فهذا الشخص محط قبول واستحسان من الناس من حوله، فهو يتمتَّع بثقة كبيرة بنفسه وبالآخرين، فلا يترك أحداً ينزعج بسبب ضغوطات العمل؛ بل يعامل الجميع بالحسنى ويسمع الإطراءات والتعليقات الإيجابية، ففي نظر الجميع، هذا الشخص هو شخص خيِّر ونافع للمجتمع.
طرائق التعامل مع أصحاب هذه الشخصية:
- علينا أن نحرص على معاملته بلطف واحترام.
- يجب أن نُظهر له التقدير الحقيقي من خلال حسن الاستماع إلى ما يقوله.
- من الضروري أن نستمر في الحوار معه حتى نهايته أو نغيِّر محور النقاش بطريقة سلسة إذا استدعى الأمر ذلك.
- عندما يتطلَّب الموقف الجدية، يجب علينا أن نتعامل بجدية تامة تعكس التزامنا واحترامنا للموضوع والمحادثة.
2. الشخصيات المتردِّدة
صاحب هذه الشخصية يبدو غير واثق من نفسه، فهو قلق وخجول في تصرفاته وقراراته، وغالباً ما يتردَّد في اتخاذ قراراته، خاصةً عندما تكون هناك بدائل متعددة أمامه، فعلى الرغم من التزامه باللوائح والأنظمة، إلا أنَّه لا يولي اهتماماً كبيراً للوقت ولا يلتزم بوعوده، فهذا الشخص يحتاج إلى كثير من المعلومات والتأكيد قبل أن يقرر أمراً ما، إضافة إلى ذلك، فهو لا يرى نفسه شخصاً جيِّداً ولا يرى الخير في الآخرين المحيطين به.
طرائق التعامل مع صاحب هذه الشخصية:
- من الهام أن نعمل على تعزيز شعوره بالثقة وتقليل القلق الذي قد يعاني منه.
- يجب أن نساعده على اتخاذ القرارات من خلال تزويده بالمعلومات الضرورية وتوضيح مساوئ وسلبيات التأخير في اتخاذ القرارات.
- ينبغي أن نوضح له مساوئ التردد ونشجعه على الالتزام بمواعيده واحترام الوقت.
3. الشخصيات العنيدة
تتميَّز هذه الشخصية بصفات مختلفة تماماً عن سابقتها، صاحب هذه الشخصية هو شخص عنيد بطبعه، فهو لا يهتم بآراء الآخرين ولا يصغي لهم على الإطلاق؛ بل إنَّه يعلن رفضه للأمور الحتمية للتدليل على عناده وإثبات وجوده، وهذا الشخص لا يعامل الآخرين بلطف أو احترام؛ بل يتعامل معهم بفظاظة وقسوة، ولا يبدي أي تقدير للآخرين أبداً؛ بل إنَّه قد ينتقم ممَّن يقف في طريقه ويحاول الانتقام منهم بطرائق قاسية وغير مبررة.
طرائق التعامل مع صاحب هذه الشخصية:
- إظهار توافق الجماعة مع الآراء المختلفة، وهذا يجعله يدرك أنَّه الوحيد الذي يعارض.
- من الهام تشجيعه على تقبُّل آراء الآخرين ووجهات نظرهم، وإظهار السرور والامتنان عندما يتقبَّل رأياً أو وجهة نظر مختلفة.
- يجب أن يشعر بأنَّ بعض آرائه مقبولة، مع محاولة مناقشة البقيَّة بموضوعية وإيجابية.
شاهد بالفيديو: 7 طرق للحصول على شخصية قويّة
4. الشخصيات الخشنة أو العنيفة
هذا النوع من الأشخاص يعاملون الناس من حولهم بفظاظة وعدم احترام، فهم يفتقدون الثقة بالآخرين ولا يحاولون فهم مشاعرهم أو الاهتمام بها، كما أنَّهم عادة ما يقاطعون الآخرين ويتشدَّدون في آرائهم، وهذا يجعلهم يبدون مغرورين وينفِّرون الآخرين منهم، وعلى الرغم من أنَّهم قد يرون أنفسهم أشخاصاً خيِّرين، إلَّا أنَّ الآخرين ينظرون إليهم بطريقة مختلفة تماماً، وهذا النوع من السلوك الخشن غالباً ما يكون له آثار سلبية في العلاقات الاجتماعية للشخص وقدرته على التواصل مع الآخرين تواصُلاً فعَّالاً.
طرائق التعامل مع صاحب هذه الشخصية:
- يجب أن نلتزم الهدوء ونتجنَّب العصبية.
- يجب أن نستمع إليه حتى ينتهي من حديثه، فهذا يظهر رغبتنا الصادقة في التفاعل معه.
- يمكن مجادلته بطريقة ودية وحسنة، مع الحفاظ على الحزم والجدية عند إبداء الرأي.
- من الضروري إعلامه بضرورة احترام الآخرين، لأنَّ هذا يعكس احترامه لنفسه أولاً.
- ينبغي علينا أيضاً تقبُّل بعض آرائه ومناقشة بعضهم الآخر بطريقة بنَّاءة ومثمرة.
5. الشخصيات الثرثارة
الشخصية الثرثارة هي نوع آخر من الأشخاص المميَّزين بسلوكات خاصة، وهؤلاء الأفراد يتميَّزون بكثرة الحديث عن كل الأمور، وكأنَّهم يشعرون بأهميتهم الشخصية وتفوُّقهم على الآخرين، وغالباً ما يبدو هؤلاء الأشخاص متعالين ومغرورين، على الرغم من أنَّهم في الحقيقة ليسوا كذلك، فهم يشطحون في الحديث عن جميع الأشياء، ومن ذلك الأمور التي لا علاقة لها بالموضوع المطروح، وبسبب هذا السلوك، فإنَّهم غالباً ما يقعون في المشكلات ويكرِّرون الأخطاء نفسها، ومن الواضح أنَّ لديهم خيالاً واسعاً.
طرائق التعامل مع صاحب هذه الشخصية:
- يمكن مقاطعته بلطف لتذكيره بضرورة الالتزام بالموضوع المطروح.
- يمكن أيضاً إظهار الانشغال أو الإشارة إلى تأخرنا عن أمر هام، فهذا يساعد على إدارة الحوار إدارةً أكثر فاعلية.
6. الشخصيات الباردة
الشخصية الباردة هي نوع آخر من الناس الذين يتميَّزون بسمات سلوكية فريدة، وهؤلاء الأفراد عادة ما يَبدون باردي المشاعر عند التعامل مع الآخرين، على الرغم من ذلك، إلا أنَّهم في الواقع يستمعون بانتباه شديد لما يقوله المحيطون بهم ويبدون اهتماماً حقيقياً بآرائهم وأفكارهم، ولكن بدلاً من الاعتراض على تلك الآراء والأفكار، فإنَّهم يفضِّلون تجنُّب ذلك تماماً.
طرائق التعامل مع صاحب هذه الشخصية:
- ينبغي أن نستمع إليه بإنصات حقيقي، موجهين الحديث نحو موضوعات مفتوحة تحتاج إلى نقاش مطوَّل.
- يمكننا استخدام أسلوب الصمت الاستراتيجي لنعطيه فرصة للإجابة عن الأسئلة المطروحة دون استعجال.
- الابتعاد عن التسرُّع في التفاعل معه، ويجب أن نحرص على إبداء الود والاحترام في كل الأوقات، فهذا يعزِّز التواصل الفعَّال والبنَّاء.
7. الشخصيات المعارِضة
هؤلاء الأفراد عادة ما يبدون غير مكترثين بالآخرين ولا يبدون أي اهتمام بهم، إنَّهم يبدون سلبيين، واضطرابهم في الثقة بالآخرين واضح، كما يبدون نمطيين في أفكارهم وتصرفاتهم، ولا يُبدون أي اكتراث للتغيير، وعلى صعيد آخر، هؤلاء الأشخاص يعترضون كثيراً على الآراء والأفكار المطروحة عليهم، ويبدون عنيدين ومتشدِّدين في مواقفهم، إضافة إلى ذلك، يُكثرون من الحديث عن أنفسهم وماضيهم، وبالرغم من أنَّهم قد يبدون ملتزمين في الظاهر، إلا أنَّهم في الحقيقة ليسوا كذلك، هؤلاء الأفراد يتجنَّبون المخاطرة ويخافون من الإخفاق والفشل.
طرائق التعامل مع صاحب هذه الشخصية:
- يجب أن نبدأ بالإيجابية ونُظهر اهتماماً حقيقياً بوجهات نظره.
- من الضروري تدعيم آرائنا بالأدلَّة لإثبات صحتها، ومنعه من مقاطعة الآخرين في الحديث.
- علينا التحلِّي بالصبر في التعامل والتواصل، والتدرُّج في طرح الأفكار الجديدة ليكون الحوار أكثر سلاسة وإقناعاً.
8. الشخصيات المتكبِّرة
هؤلاء الأفراد يُشعرون الآخرين بأنَّهم ليسوا في المكان المناسب، وأنَّ مكانهم ليس بينهم، فهم يبذلون جهوداً حثيثة لإحراج الآخرين والتشكيك في قدراتهم، متجنِّبين الحديث عن إيجابياتهم ومركِّزين على نقاط ضعفهم، فهذا السلوك المتكبِّر والمتعالي يُشعِر الآخرين بأنَّهم دونيون وأقل قيمة منهم، فهم ينظرون إلى أنفسهم على أنَّهم أفضل وأرفع مكانة، وهذا يجعل الجو متوتراً ويؤدي إلى الانفصال في علاقاتهم مع الناس.
طرائق التعامل مع صاحب هذه الشخصية:
- يُفضَّل تجنُّب الموضوعات المفتوحة التي قد يراها فرصة لاستعراض معارفه الواسعة.
- يمكننا تقبُّل بعض آرائه دون تبنيها كلها، ومناقشتها معه بموضوعية.
9. الشخصيات المتطلِّبة
هؤلاء الأشخاص لا ينفعلون بسهولة ولا ينشغلون بتشكيك الآخرين أو انتقاد سلوكاتهم؛ بل يبدون طلباتهم ومتطلباتهم بإلحاح مستمر، وهذا يزيد من صعوبة التعامل معهم وقد يتسبَّب في إحراج الآخرين أحياناً، وهذا النمط من السلوك يعكس رغبة قوية لدى هؤلاء الأفراد في تلبية احتياجاتهم الشخصية، دون مراعاة لمشاعر أو ظروف الآخرين، فهم لا يكترثون بتأثير طلباتهم المتكررة في المحيطين بهم، وهذا قد يؤدي إلى إثارة الضيق والانزعاج لدى الآخرين وجعل الجو متوتراً في العلاقات.
طرائق التعامل مع صاحب هذه الشخصية:
- يمكن استخدام أسلوب المراوغة.
- تأجيل تنفيذ مطالبه بوصفها وسيلة لإدارة الموقف.
- إذا كانت مطالبه غير مرغوبة، يمكن محاولة التهرب منه بطرائق دبلوماسية ولَبِقة.
أضف تعليقاً