4 نصائح للتعافي من مرض فقدان الشهية العصبي
أولاً: افهم أن الأمر لا يتعلق بالوزن أو الطعام
إن المشكلات المتعلقة بالطعام والوزن هي في الواقع أعراض لمشكلة أعمق: الاكتئاب، والقلق، والوحدة، وانعدام الأمن، والهوس بالكمال، أو الشعور بفقدان السيطرة، وهذه مشكلات لا يمكن لأي نظام غذائي حلها.
الفرق بين اتباع نظام غذائي صحي وفقدان الشهية
اتِّباع نظام غذائي صحي |
فقدان الشهية |
اتِّباع نظام غذائي صحي هو محاولة للسيطرة على الوزن. |
فقدان الشهية هو محاولة للسيطرة على حياتك وعواطفك. |
لا يقتصر احترامك لذاتك على الوزن وشكل الجسم فحسب. |
يعتمد احترامك لذاتك كلياً على مقدار وزنك ومدى نحافتك. |
ترى فقدان الوزن وسيلة لتحسين صحتك ومظهرك. |
ترى فقدان الوزن وسيلة لتحقيق السعادة. |
هدفك هو إنقاص الوزن بطريقة صحية. |
كل ما يهم هو أن تصبح نحيفاً، فالصحة ليست مصدر قلق. |
للتغلب على فقدان الشهية، عليك أولاً أن تفهم أنه يلبي حاجة في حياتك، فمثلاً ربما تشعر بالعجز في جوانب كثيرة من حياتك، لكن يمكنك التحكم فيما تأكله، وقد يجعلك رفض تناول الطعام، والحصول على أقصى استفادة من الجوع، والتحكم في وزنك، تشعر بالقوة والنجاح على الأقل مدة قصيرة، وقد تستمتع أيضاً بآلام الجوع لأنها تذكرك بموهبتك الخاصة التي لا يمتلكها معظم الناس.
قد يكون فقدان الشهية أيضاً وسيلة لإلهاء نفسك عن المشاعر الصعبة، فعندما تقضي معظم وقتك في التفكير في الطعام والنظام الغذائي وفقدان الوزن، فلن تضطر إلى مواجهة مشكلات أخرى في حياتك أو التعامل مع مشاعر معقَّدة، وقد يسبب تقييد الطعام خدراً عاطفياً للتهرب من مواجهة مشاعر القلق أو الحزن أو الغضب، وربما يستبدل تلك المشاعر بإحساس بالهدوء أو الأمان.
لِسوء الحظ فإن الشعور بالرضى الذي تحصل عليه من تجويع نفسك أو فقدان الوزن، قصير الأمد للغاية، وفي مرحلة ما لن يفيدك على الإطلاق، فلا يمكن للنظام الغذائي وفقدان الوزن إصلاح الصورة الذاتية السلبية التي تسبِّب فقدان الشهية، فالطريقة الوحيدة للقيام بذلك هي تحديد الحاجة العاطفية التي يلبِّيها التجويع الذاتي والبحث عن طرائق أخرى لتلبيتها.
مثال: الشعور بالسمنة
في حين أن وزنك عادة ما يظل ثابتاً إلى حد ما على مدار أسبوع، فقد يتفاوت الشعور بالسمنة إلى حد بعيد، وغالباً ما يكون الشعور بالسمنة هو تسمية خاطئة لمشاعر أخرى، مثل الخجل أو الملل أو الإحباط أو الحزن، وبعبارة أخرى، فإن "أشعر بالسمنة" تعني حقاً "أشعر بالقلق" أو "أشعر بالوحدة"، ومن غير المرجَّح أن تتغيَّر هذه المشاعر باتباع نظام غذائي.
شاهد بالفيديو: 8 طرق مثبتة علمياً لتخفيف الجوع وتقليل الشهيّة
ثانياً: تعلم أن تتسامح مع مشاعرك
تحديد المشكلات الأساسية التي تؤدي إلى اضطراب الأكل لديك هو الخطوة الأولى نحو التعافي، لكن فهم المشكلة وحده لا يكفي، ولنفترض مثلاً أن اتباع قواعد غذائية صارمة يجعلك تشعر بالأمان والقوة، ففي هذه الحالة وعندما تتخلَّص من آلية التكيف هذه، ستواجه مشاعر الخوف والعجز التي ساعدك فقدان الشهية على تجنبها، وقد تكون مواجهة مشاعرك أمراً غير مريح، ولهذا السبب قد تشعر بالاستياء في بداية تعافيك، ولكن الحل لا يكمن في العودة إلى عادات الأكل المدمِّرة التي كنت تستخدمها في السابق لإلهاء نفسك؛ بل في تعلُّم كيفية قبول جميع مشاعرك والتسامح معها، حتى المشاعر السلبية منها.
1. ممارسة اليقظة الذهنية للتعامل مع العواطف الصعبة
عندما تبدأ في الشعور بالإرهاق من السلبية أو عدم الراحة أو الرغبة في تقييد الطعام، توقف للحظة عن كل ما تفعله واستكشِفْ ما يحدث في داخلك، ولتحقق هذا عليك بالنصائح الآتية:
- حدد العاطفة التي تشعر بها: هل هي شعور بالذنب؟ أم العار؟ أم العجز؟ أم بالوحدة؟ أم بالقلق؟ أم بخيبة الأمل؟ أم الخوف؟ أم انعدام الأمن؟
- اقبل التجربة التي تمر بها: التجنُّب والمقاومة يجعلان المشاعر السلبية أقوى، لذا حاوِلْ قبول ما تشعر به دون الحكم على نفسك.
- ابحث بعمق: أين تشعر بالعاطفة في جسدك؟ ما هي أنواع الأفكار التي تدور في رأسك؟
- افصل نفسك عن مشاعرك: أدرِك أن مشاعرك لا تمثِّلك، فالعواطف أحداث عابرة، مثل السحب تتحرك في السماء، وإنها لا تحدد هويتك.
بعد أن تتعلم كيفية قبول مشاعرك والتسامح معها، لن تبدو مخيفة بعد الآن، وستدرك أنك ما تزال مسيطراً على الأمور، وأن العواطف السلبية مؤقتة فقط، فبمجرَّد أن تتوقف عن مقاومتها، ستزول بسرعة.
2. طرائق جديدة للعثور على الإشباع العاطفي
بعد أن تفهم العلاقة بين عواطفك وأنماط الأكل المضطربة لديك وتحدِّد محفزاتك، يبقى عليك العثور على بدائل للنظام الغذائي يمكنك اللجوء إليها لتحقيق الإشباع العاطفي، مثلاً:
- إذا كنت تشعر بالاكتئاب أو الوحدة، فاتصل بشخص يجعلك تشعر دائماً بالتحسن، أو حدد موعداً مع العائلة أو الأصدقاء، أو شاهد عرضاً كوميدياً، أو العب مع حيوان أليف.
- إذا كنت تشعر بالقلق، تخلص من طاقتك العصبية بالرقص على أنغام الموسيقى المفضلة لديك، أو الضغط على كرة التوتر، أو المشي السريع أو ركوب الدراجة.
- إذا كنت مرهقاً، دلل نفسك بكوب ساخن من الشاي، أو اذهبْ في نزهة على الأقدام، أو استحم، أو أشعل بعض الشموع المعطرة.
- إذا كنت تشعر بالملل، اقرأ كتاباً مفيداً، أو استكشِفْ الطبيعة، أو زُرْ أحد المتاحف، أو مارِسْ هواية تستمتع بها (العزف على الجيتار، أو الحياكة، أو تجميع القصاصات، وما أشبه ذلك).
ثالثاً: تحد طرائق التفكير الضارة
غالباً ما يكون الأشخاص الذين يعانون فقدان الشهية مهووسين بالكمال وينجزون أكثر من المطلوب منهم، وإنهم أبناء وبنات صالحين ينفذون ما يطلب منهم، ويتفوقون في كل ما يفعلونه، ويركزون على إرضاء الآخرين، ولكن على الرغم من أنهم قد يبدون متماسكين، إلا أنهم يشعرون في داخلهم بالعجز وعدم الكفاءة وعدم القيمة، فإذا كنت أحد هؤلاء، فإليك الخبر السار: هذه المشاعر لا تعكس الواقع، وسببها طرائق تفكير غير عقلانية ومدمرة للذات، ولكن يمكنك تعلم كيفية التغلب عليها.
1. طرائق التفكير الضارة التي تحفز فقدان الشهية
- عقلية كل شيء أو لا شيء: بهذه العقلية الانتقادية القاسية، إذا لم تكن مثالياً، فأنت فاشل تماماً، إذ إنَّك تجد صعوبة في رؤية خيارات أخرى، على الأقل عندما يتعلق الأمر بنفسك.
- المنطق العاطفي: أنت تعتقد أن مشاعرك حقائق مؤكدة، "أشعر بالسمنة" تعني "أنك سمين"، "أشعر باليأس" تعني "أنك لن تتحسن أبداً".
- القواعد الصارمة: أنت تلزم نفسك مجموعة صارمة من القواعد ("يجب ألا أتناول أكثر من كمية معيَّنة من السعرات الحرارية"، "يجب أن أحصل على علامة كاملة"، "يجب أن أكون المسيطر دائماً" وما إلى ذلك)، ثمَّ تجلد ذاتك إذا خالفتها.
- وصف نفسِك: أنت تطلق على نفسك صفات بناءً على الأخطاء وأوجه القصور التي تظن صحتها، "أنا غير سعيد بمظهري" تعني "أنا مقرف"، وارتكاب أي خطأ تعني "أنا فاشل".
- التهويل: أنت تفترض حدوث السيناريو الأسوأ، فإذا تراجعت في مرحلة التعافي، فمثلاً، إنك تفترض أنه لا يوجد أمل في أن تتحسَّن على الإطلاق.
شاهد بالفيديو: 5 خرافات حول خسارة الوزن
2. فحص الأفكار وتقييمها:
بعد تحديد أنماط الأفكار المدمِّرة التي تلجأ إليها، يمكنك التشكيك فيها بطرح أسئلة، مثل:
- ما هو الدليل على صحة هذه الفكرة أو عدم صحتها؟
- ماذا سأقول لصديق لديه هذه الفكرة؟
- هل من طريقة أخرى للنظر إلى الموقف أو تفسير بديل؟
- كيف سأنظر إلى هذا الموقف إذا لم أكن أعاني من فقدان الشهية؟
عندما تفحص أفكارك السلبية، قد تتفاجأ بمدى سهولة دحضها، وفي هذه العملية، تكتسب منظوراً أكثر توازناً.
رابعاً: حسن طريقة تعاطيك مع الطعام
على الرغم من أن فقدان الشهية لا يتعلَّق جوهرياً بالطعام، إلا أنك بمرور الوقت اكتسبت عادات غذائية ضارة من الصعب التخلص منها، ويتطلب تحسين طريقة تعاطيك مع الطعام ما يأتي:
- استعادة الوزن الصحي.
- البدء في تناول مزيد من الطعام.
- تغيير طريقة تفكيرك في نفسك وطعامك.
أيضاً عليك بالخطوات الآتية لتحسين طريقة تعاطيك مع الطعام:
1. التخلُّص من القواعد الغذائية الصارمة
في حين أن اتباع القواعد الصارمة قد يساعدك على الشعور بالسيطرة، إلا أنه مجرد وهم مؤقت، والحقيقة هي أن هذه القواعد هي التي تتحكم بك وليس العكس، ولكي تتحسن، عليك أن تتخلى عنها، فهذا تغيير كبير قد يبدو مخيفاً في البداية، ولكن يوماً بعد يوم، يصبح الأمر أسهل.
2. فهم الإشارات التي يرسلها جسمك
إذا كنت تعاني من فقدان الشهية، فقد تعلمت تجاهل إشارات الجوع والشبع التي يرسلها جسمك، فقد لا تتعرف إليها بعد الآن، والهدف هو إدراك هذه الإشارات الداخلية، حتى تتمكن من تناول الطعام بناءً على احتياجاتك الفيزيولوجية.
3. السماح لنفسك بتناول جميع الأطعمة
بدلاً من استبعاد أطعمة معينة، تناوَلْ ما تريد، ولكن انتبه إلى ما تشعر به جسدياً بعد تناول الأطعمة المختلفة، ويجب أن يُشعرك الطعام الذي تتناوله بالرضى والنشاط.
4. التخلص من الميزان
بدلاً من التركيز على الوزن بوصفه مقياساً لقيمة الذات، ركز على ما تشعر به، واجعل هدفك الصحة والحيوية لا وزنك على الميزان.
5. وضع خطة لتناول وجبات صحية
إذا كنت بحاجة إلى زيادة الوزن، فقد يساعدك اختصاصي التغذية على وضع خطة لتناول وجبات صحية تحوي ما يكفي من السعرات الحرارية لإعادتك إلى الوزن الطبيعي، فعلى الرغم من أنه يمكنك القيام بذلك بنفسك، فمن المحتمل أنك لا تعرف الحصة الغذائية التي عليك تناولها.
التغلب على خوفك من زيادة الوزن
العودة إلى وزن طبيعي ليست مهمة سهلة، وفكرة اكتساب الوزن مخيفة جداً على الأرجح، وقد تشعر برغبة في المقاومة، ولكن هذا الخوف هو أحد أعراض فقدان الشهية لديك، فقد تساعدك قراءة المعلومات عن فقدان الشهية أو التحدث إلى أشخاص آخرين عاشوا هذه التجربة، ومن المفيد أيضاً أن تكون صادقاً بشأن مشاعرك ومخاوفك، فكلما فهمت عائلتك وفريق علاجك ما تمر به فهماً أفضل، حصلت على دعم أفضل.
مساعدة شخص يعاني فقدان الشهية
قد تؤدي الإصابة بفقدان الشهية إلى تشويه الطريقة التي يفكر بها أحباؤك بشأن أجسادهم، والعالم من حولهم، وحتى دوافعك لمحاولة المساعدة، وأضف إلى ذلك الموقف الدفاعي والإنكار الذي ينطوي عليه فقدان الشهية، وحاجتك إلى التصرف بحذر، فالتلميح بالمقالات بشأن الآثار الوخيمة لفقدان الشهية أو التصريح بعبارة "سوف تموت إذا لم تأكل" ربما لن يجدي نفعاً، فالطريقة الأفضل هي التعبير بلطف عن مخاوفك وإخبار الشخص أنك مستعد للإصغاء إليه، فإذا كان الشخص العزيز عليك على استعداد للتحدث، فاستمِعْ إليه دون إصدار أحكام، بصرف النظر عن مدى عدم منطقية ما يقوله، وإليك بعض النصائح لمساعدة شخص يعاني فقدان الشهية:
1. لا تبالِغ في قدرتك على المساعدة
كونك شخص لا يعاني فقدان الشهية، ليس لديك الكثير مما يمكنك فعله لمساعدة هذا الشخص، ففي النهاية، هو الذي يقرر متى يكون مستعداً للعلاج.
2. شجع الشخص على الحصول على المساعدة
كلما بقي اضطراب الأكل دون تشخيص أو علاج مدة أطول، ازداد الألم وأصبح التعافي منه أصعب.
3. اطلب المشورة من اختصاصي الصحة
حتى لو لم يفعل ذلك الشخص المريض، حاول طلب المشورة وتوسيع دائرة الدعم.
4. كن قدوة في تناول الطعام الصحي وممارسة الرياضة وشكل الجسم
لا تدل بتعليقات سلبية عن جسدك أو جسد أي شخص آخر.
5. لا تراقب المريض مراقبة شديدة
يحتاج الشخص المصاب بفقدان الشهية إلى التعاطف والدعم، لا إلى شخص متسلِّط يحسب له عدد السعرات الحرارية التي تناولها.
6. تجنب التهديدات وأساليب التخويف والغضب والإهانات
غالباً ما يكون فقدان الشهية أحد أعراض الاضطراب العاطفي الشديد، وينشأ نتيجة محاولة إدارة الألم العاطفي والتوتر أو كراهية الذات، ولن يؤدي التواصل السلبي سوى إلى تفاقم الأمر.
أضف تعليقاً