نشعر أحياناً أنَّنا عاجزون عن تغيير أي شيء، وأنَّ الظروف أقوى منا بكثير، وأنَّه لا حول لنا ولا قوة، وقد نشعر أيضاً أنَّ كل شيء في حياتنا يتحكم بنا، سواء كانت الوظيفة، أم إحدى العلاقات، أم صديقاً من الأصدقاء، ليصبح السؤال الأساسي في هذه الحالة، هو: كيف نستعيد السيطرة على حياتنا مجدداً؟
يعني امتلاك زمام السيطرة على حياتنا أنَ نصبح مسؤولين عن جميع جوانبها، لكن مما لا شك فيه أنَّه من المستحيل أن نمتلك القدرة على التحكم في كل شيء.
يمكننا فقط أن نتحكم في رد فعلنا، ونمط تفكيرنا، وقراراتنا فيما يتعلق بالعلاقات، والأشياء التي نخصص لها الوقت والطاقة، فلا ندرك، في كثير من الأحيان، مقدار سيطرة شيء ما علينا، وعندما تدرك ذلك فإنَّك تُقر بأنَّ حياتك هي مسؤوليتك وحدك، ويتطلب الوصول إلى هذه المرحلة من الوعي أن تدرك أنَّك الوحيد الذي يتحكم في مجريات حياتك.
علامات تدل على أنَّك لا تسيطر على حياتك:
- التذمر المستمر.
- الشعور المستمر بالضجر.
- التبرير المستمر لعدم وفائك بالتزاماتك.
- الشعور بأنَّ علاقاتك لا تسير على ما يرام.
- قضاء معظم الوقت على هاتفك.
1. التذمر المستمر:
يدل التذمر المستمر بوضوح على وجود مشكلات في حياتك، وسواء كانت المشكلة تتمثل بالعمل تحت قيادة مدير مزعج، أم علاقة صداقة مُرهقة، أم التعامل مع أحد أفراد الأسرة الذي يرغب دائماً بفرض إرادته على الآخرين، إلا أنَّها تسبب لك الإزعاج بلا شك، لكن، ما الذي تقوم به للتعامل مع هذه المشكلة؟
اطرح على نفسك الأسئلة الآتية:
- هل أقوم بشيء ما لتغيير هذا الوضع؟
- هل أتخذ أية مبادرة لتحسين الوضع؟
- أم أنَّني أكتفي فقط بالتذمر؟
مما لا شك فيه أنَّ هذا الوضع صعب، فقد نشعر أحياناً بأنَّنا عاجزون عن تغيير أي موقف، لكن هذا الاعتقاد بعيد جداً عن الحقيقة؛ لأنَّنا قادرون دائماً على تغيير أي وضع نحو الأفضل، ويبدأ التغيير باتخاذ الإجراءات؛ ويعني أي إجراء تقوم به، مهما كان بسيطاً، لتحسين الوضع، بأنَّك لا تسمح للظروف بالتحكم بك.
فكِّر، عندما تجد أنَّك تتذمر بما يمكن القيام به لتحسين الوضع، بدلاً من الوقوع في حلقة مفرغة من الشفقة على الذات.
2. الشعور المستمر بالضجر:
يشير الشعور المستمر بالضجر إلى عدم القدرة على الشعور بالحافز في حياتنا؛ بمعنى أنَّه لا يوجد شيء يمنحنا الشعور بالحماسة، وبأنَّنا غير راضين عن حياتنا، وفاقدون لأي شعور بالشغف تجاه أي شيء، فإليك كيفية معالجة هذه المشكلة:
اطرح على نفسك الأسئلة الآتية:
- هل أمنح الأولوية للأشياء التي أحبها؟
- هل أسعى إلى تحقيق أحلامي؟
- هل يُحتمل أنَّني لم أعد أخصص الوقت للأشياء التي أستمتع بها؟
- هل انهمكت في العمل لدرجة أنَّني نسيت إعطاء بعض الأولوية للأشياء التي أستمتع بها بسبب اعتقادي بأنَّني لا أملك ما يكفي من الوقت؟
يمكن في بعض الأحيان أن تجعلنا أبسط الأشياء سعداء، فقد تشعر بالسعادة عند التحدُّث بصراحة مع صديقك، أو عند الاستماع إلى إحدى أغانيك المفضلة، أو عند تناول الطعام في مكان تُحبَّه.
يمنحنا وجود روتين ثابت التنظيم والشعور بالاستقرار في حياتنا، وهو ما يجب أن نحافظ عليه، ومع ذلك، يجب تخصيص الوقت للهوايات، وغيرها من النشاطات التي نمارسها بدافع الحب وليس الواجب، فتحسِّن كثيراً من صحتك النفسية، وشعورك بالسيطرة على حياتك من خلال تخصيص الوقت للهويات، والاهتمامات؛ ولذلك يُعد استثمار الوقت في هذه الأشياء أمراً إيجابياً.
سوف تستعيد حماستك بمجرد القيام مجدداً بالنشاطات التي تمنحك الشعور بالمتعة، وستجد أنَّك أكثر سعادة، وستتمكن، من خلال ذلك، من تحقيق العوامل التي تساهم في سعادتك وتعزيز صحتك.
شاهد بالفديو: كيف تستعيد زمام الأمور حينما تفقد السيطرة على حياتك؟
3. التبرير المستمر لعدم الوفاء بالالتزامات:
لن تشعر بالسيطرة على حياتك إذا لم تكن قادراً على الوفاء بالتزاماتك، ويؤدي عدم القدرة على الوفاء بالالتزامات إلى فقدان الإحساس بالانضباط، ويكمن الحل في هذه الحالة بالبدء بتقييم مدى الأهمية التي نعطيها لالتزاماتنا، سواء كان موعداً للخروج مع صديق، أم اجتماعاً، أم مناسبة عائلية، أم مقابلة توظيف، أم حتى مدى التزامنا بعلاقة ما.
من الضروري أن تكون مدركاً لأي مقدار من التراخي في الالتزامات، فيمكنك، بمجرد أن تدرك هذا، أن تعمل على تحسين الوضع، فابدأ يومك بتدوين كل الأشياء التي تريد القيام بها، والتزم بالعمل على تحقيقها، فتساعد هذه الممارسة على تعزيز شعورك بالمسؤولية، الأمر الذي يؤدي إلى جعلك شخصاً ملتزماً، فيتعزز شعورك بالسيطرة على حياتك عندما تبدأ بالالتزام في مختلف المجالات.
4. الشعور المستمر بأنَّ علاقاتك ليست على ما يرام:
يبدو الحفاظ على العلاقات الخاطئة أمراً مرهقاً عاطفياً، فقد يكون السبب هو عدم وجود الحدود في العلاقة، وتجنُّب التحدث عن القضايا المزعجة مع الطرف الآخر، ومن المؤكَّد أنَّ هذه الطريقة في التعامل مع العلاقات مضرة بصحتك العاطفية.
يكمن الحل أولاً في تحديد السبب الذي يدفعك لتجنُّب وضع الحدود، وتذكَّر أنَّك لا تضُر أحداً عندما تعبِّر عن رغبتك بالحصول على الاحترام، بل أنت تحافظ على صحتك العاطفية في هذه الحالة، فتتعزز سعادتنا، واحترامنا لذاتنا عندما نُعلِم الآخرين بحدودنا الشخصية.
يستحق أي شخص هذا الاحترام، فلا يمكن لأحد أن يسيطر على حياته ما لم يضع حدوداً في علاقاته مع الجميع، لأنَّها ما يتيح لنا التعامل على أساس متبادل من الاحترام والحب.
5. قضاء كثير من الوقت في استخدام الهاتف:
يمكن أن يكون الاستخدام السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي أمراً هدَّاماً، فقد يؤدي السماح لمواقع التواصل الاجتماعي بالسيطرة علينا إلى ضرر كبير، فيُحتمل أن يتحول الأمر إلى حالة من الإدمان نعجز عن التخلص منها، ويكمن الحل في تحديد الوقت الذي نقضيه على هواتفنا، مع امتلاكنا للوعي الذي يتيح لنا معرفة تأثير هذا الاستخدام في صحتنا وإنتاجيتنا.
ستمتلك، من خلال ذلك، رؤية واضحة للمشكلة القائمة؛ بمعنى أنَّك ستعرف الدافع وراء الإدمان، فهل يتمثَّل هذا الدافع بالمقارنة بين حياتك، والحياة التي يرغب الآخرون بإظهارها على منصات التواصل الاجتماعي؟ أم أنَّك تقوم بذلك مدفوعاً بالاعتقاد بأنَّ ما تنشره على هذه المواقع هو الشيء الوحيد الذي يمثِّل حياتك؟ هل تشعر بالقلق عندما لا تتحقق بشكل مستمر من حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي؟ وهل اعتدت على قضاء كثير من الوقت على هذه المواقع؟
من الطبيعي أن نمتلك حسابات على عدة مواقع تواصل اجتماعي، لكن الأمر غير الطبيعي هو عندما نسمح لهذه الوسائل بالإضرار بصحتنا النفسية، بحيث نصبح في مواجهة حالة مَرَضية.
يمكنك أن تحل هذه المشكلة عملياً بأن تبدأ يومك بتدوين الوقت الذي تقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي، وما هي النشاطات التي ستستمتع بها دون الشعور بالحاجة إلى نشرها في حساباتك على هذه المواقع، ستمتلك موقفاً ذهنياً أكثر صحة عندما تلتزم بهذه الحدود.
في الختام:
ما يجهله الكثيرون أنَّهم يسيطرون على كثير من جوانب حياتهم حتى وإن لم يدركوا ذلك، وتشمل هذه الجوانب مثلاً مقدار ما نقضيه على مواقع التواصل الاجتماعي، والأشخاص الذين نتحدث معهم، ونوعية الطعام الذي نتناوله، والنشاطات التي نمارسها، ونحن من نحدد كيفية قضاء وقتنا، حتى عندما يتعلق الأمر بعدم القيام بشيء، فإنَّ الأمر متروك لنا؛ لذا تذكَّر هذه الحقيقة كلما شعرت بأنَّك لا تسيطر على حياتك.
أضف تعليقاً