تعريف شخصية الطفل ومعنى ضعفها:
تُعَدُّ مرحلة الطفولة من أهم المراحل العمرية التي يمر بها الإنسان؛ إذ يتم بها تكوين شخصية الفرد التي سترافقه بقية حياته، وتُعَدُّ الشخصية الإطار العام الناظم لصفات الفرد، فهي بمنزلة البصمة التي تميز من خلالها الفرد عن غيره من الأفراد، مع القول بوجود الصفات العامة المشتركة بين أفراد الجنس البشري.
مصطلح "الشخصية" مشتق من الأصل اللاتيني (Persona)، وتوجد مجموعة من التعريفات التي تتناول هذا المصطلح، فقد عرفها كل من:
1. "جي. ألبورت" ( Allport):
"الشخصية هي التنظيم الديناميكي في الفرد لجميع التكوينات النفسية والجسمية، وهذا التنظيم هو الذي يحدد الأساليب الفريدة التي يتوافق بها الشخص مع البيئة".
2. "ألفرد أدلر" (Adler Alfred):
"إنَّ الشخصية مفهوم اجتماعي، ولا يمكننا الحديث عن مميزات الشخصية إلا إذا أخذنا في الحسبان الفرد وعلاقته وارتباطه ببيئته المحيطة".
عموماً، يتفق أغلب علماء النفس على اختلاف تعريفاتهم للشخصية على أنَّها طريقة الفرد وسلوكه في التعامل مع البيئة المحيطة به.
يمكن إرجاع قوة شخصية الطفل أو ضعفها إلى الوالدين وأسلوب التربية والتنشئة المتبع في المنزل، فذلك الأسلوب إما أن ينشأ عنه طفل قوي الشخصية يثبت يوماً بعد يوم حضوره ويحقق النجاحات المتتالية في حياته، أو أن يحدث العكس ويكون طفلاً ضعيف الشخصية يعيش الشقاء في حياته ويميل إلى العزلة الاجتماعية.
ما هي علامات ضعف شخصية الطفل؟
- الانطواء والميل إلى العزلة ورفض تكوين علاقات اجتماعية جديدة وكذلك اللعب مع الأطفال الآخرين.
- ضعف القدرات التعبيرية للطفل، سواء عن حزنه أم فرحه أم غضبه؛ أي عن مشاعره أو حتى رأيه ورغباته.
- ضعف القدرة على التركيز في عيون الشخص الآخر المتحدث معه والذي يُترجم إلى وجود خوف لديه.
- قلة الثقة بنفسه وخوفه من خوض أي تجربة جديدة مهما كانت والانقياد الأعمى وراء زملائه.
- عدم قدرة الطفل على الدفاع عن نفسه حتى عندما يخطئ الآخرون في حقه.
- الخوف والارتباك عند توجيه الأسئلة المفاجئة له.
- البكاء بطريقة غير مبررة عند تعرضه لأي انتقاد مهما كان صغيراً.
- مراقبة الطفل للأطفال الآخرين ومقارنة نفسه وما لديه بهم.
- تذكُّره التجارب الفاشلة التي مر بها باستمرار وفقدان الدافع للإنجاز.
- تجنب الجلوس في اللقاءات الاجتماعية ومحاولة الابتعاد عن المكان قدر الإمكان وعدم الرد على النداءات المتكررة له.
- الخوف والتردد في طلب ما يريده حتى من والديه والمقربين منه.
- ملازمة الطفل والديه عند الخروج من المنزل أو الذهاب لأي مناسبة.
أسباب ضعف شخصية الطفل:
- تعرُّض الطفل للعنف الجسدي سواء من قبل الوالدين أم من قبل محيطه الاجتماعي في المدرسة أم من قبل جماعات الرفاق؛ إذ أثبت الدراسات أنَّ تعرُّض الطفل لأحد هذه الأنواع يصبح دائم الخوف وقليل التعبير عن نفسه.
- تعرُّض الطفل لصدمة نفسية: فالطفل شأنه شأن الكبار يتعرض خلال حياته لعدة تجارب مخيفة وخطرة تؤدي لحدوث عدة اضطرابات، ويمكن ملاحظة أعراض الصدمة النفسية من خلال عدة أشياء مثل ضعف التركيز، والعناد المفرط، والتبول الليلي، ومص الأصابع بشكل مستمر، والبكاء بكثرة، وتوجد تأثيرات طويلة الأمد مثل التوتر والقلق واضطرابات النوم.
- تعرُّض الطفل للتنمر والإساءات اللفظية التي تطال شكله ومظهره أو إنجازه المدرسي أو خلال مشاركته في النشاطات الأخرى.
- إصابة الطفل بأمراض جسدية مزمنة أو إعاقة جسدية تمنعه من مجاراة أقرانه، وشعوره بأنَّه أقل منهم؛ إذ يكون من الصعوبة الاندماج في محيطه الاجتماعي، وقد تتحول المشكلة لأمراض نفسية تسكن الطفل مثل الاكتئاب.
- ضعف الإنجاز: يؤدي شعور الطفل بالفشل وعدم القدرة على تحقيق النجاح والتميز إلى فقدان الثقة بنفسه؛ وهذا بدوره يمنعه من المشاركة في أي نشاط قادم؛ وذلك لقناعته بأنَّه سوف يفشل، وقد يُسخَر منه أو يتعرض للانتقاد من قبل الآخرين.
- المشكلات الأسرية التي قد تعاني منها الأسرة واستمرار الخلافات بشكل يمسه على نحو مباشر.
- المقارنات التي قد يخضع لها من قِبل الآخرين سواء مع أخوته أم أقرانه مهما كان السبب والغرض من هذه المقارنة.
- عزل الطفل ومنعه من الاختلاط بالآخرين.
- الإفراط في تدليل الطفل والمبالغة في حمايته وعدم السماح له بخوض تجارب تختبر إحساسه بالمسؤولية مثل اللعب مع الآخرين، والتدخل في حل جميع المشكلات التي يواجهها، والاهتمام المبالغ بالصحة مثل التعقيم الزائد وغيرها من السلوكات.
شاهد بالفديو: 10 طرق لتعزيز ثقة الطفل بنفسه
كيف يمكن علاج ضعف الشخصية عند الطفل؟
1. على الوالدين مراقبة الطفل واكتشافه:
أول خطوة والأهم هي مراقبة سلوك الطفل لمعرفة نوع النشاطات التي يمارسها في أثناء لعبه، وما الذي يفضله اللعب وحده أم اللعب ضمن جماعة، وما هو الدور الذي يقوم به في تلك اللعبة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى حياته الدراسية، فيجب معرفة أي المواد الدراسية يبرع فيها وأيها توجد مشكلة لديه فيها، ويجب الحديث مع المعلمين في المدرسة عن ذلك، ومعرفة ما يقوم به الطفل في المدرسة أيضاً، وكذلك يجب وضع الطفل في عدة مواقف؛ أي اختباره بشكل عملي لمراقبة رد فعله، فكل جزء من تلك التفاصيل يمثل جزءاً في شخصية الطفل يجب معرفته؛ وذلك لمعرفة التصرف المناسب لتقوية شخصيته مقروناً بالاهتمام بتحصيله الدراسي.
2. الجلوس مع الطفل لوقت طويل وتبادل الحديث معه:
قضاء الوقت مع الطفل له عدة فوائد أهمها زيادة التقارب بين الأهل والطفل، وكذلك يمكن معرفة طريقة تفكير الطفل عن نفسه وعن الأفراد في محيطه والتقاط المشكلات التي يعاني منها، وكذلك معرفة اهتماماته ولماذا يفضلها دون غيرها؛ بمعنى يجب استثمار الحديث مع الطفل لمعرفة نقاط القوة ونقاط الضعف في شخصيته، وكذلك حثه على المشاركة في رأيه وقول ما يريد دون تردد.
3. تحفيز الطفل وتشجيعه:
بعد معرفة نقاط قوَّته ونقاط ضعفه، يجب أن يعمل الوالدان على تشجيع الطفل على متابعة اهتماماته وتنمية مواهبه التي يتميز بها عن غيره من الأطفال؛ لذا يجب التحلي بالصبر وبذل الجهد في ذلك، كما يمكن إلحاق الطفل بدورات خاصة تساعده على تنمية موهبته التي بدورها ستعمل على زيادة ثقته بنفسه؛ وهذا بدوره يؤثر إيجاباً في شخصيته.
بعض الطرق الأُخرى:
- حث الطفل على المشاركة في الأعمال المنزلية البسيطة، مثل المشاركة في إعداد وجبة فطور خفيفة أو ترتيب سريره وألعابه، فذلك يقوي العلاقة بين الأم والطفل وكذلك يتعلم تحمُّل المسؤولية.
- إبعاد الطفل عن وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك التلفاز قدر الإمكان؛ إذ أثبتت الدراسات التي أُجريت في الفترة الأخيرة أنَّ مشاهدة الطفل للتلفاز لأكثر من ثلاث ساعات يومياً في عمر السابعة يؤدي إلى إكساب الطفل عادات غير مرغوبة كالكذب أو السرقة والشجار مع الآخرين، بالإضافة إلى ميله إلى القيام بالنشاطات سواء الفردية أم الجماعية وميله إلى العزلة في كثير من الأحيان.
- يجب على الوالدين تشجيع الطفل على تحديد واجباته ومهامه ونشاطاته اليومية من خلال مساعدته على تسجيلها ومشاركته في تحقيقها، فذلك يحفزه على تحديد أهدافه منذ الصغر ويكسبه مهارة التخطيط.
- دفع الطفل للمشاركة في الألعاب الجماعية لما لها من أثر جميل في تكوين شخصيته وإكسابه الصفات الجيدة، مثل التعاون والعمل ضمن الفريق وتقبل الآخر والتحلي بالروح الرياضية وغيرها.
- قراءة القصص والكتب المفيدة؛ إذ يفيد ذلك في تنمية مؤشرات الذكاء لدى الطفل وكذلك تنمية التفكير العلمي شيئاً فشيئاً، ومن ثمَّ تنمية قدراته العقلية، وبالطبع سيؤثر كل ذلك في شخصيته.
- تنمية المهارات السلوكية التي تعني في جوهرها مهارات التكيف مع المجتمع للتعامل بثقة مع الآخرين، مثل عادات الطعام والملابس وقواعد الحديث والمناقشة والحوار وتحمُّل المسؤولية وتكوين علاقات إيجابية مع الآخرين.
- تجنُّب نقد الطفل بطريقة لاذعة، كما يجب نقد السلوك وليس الطفل.
- تجنُّب إخضاع الطفل للمقارنة مع الآخرين؛ بل يجب حثه على التميز ومقارنة نتائجه التي يحصل عليها بنتائجه التي حصل عليها في وقت ماضٍ؛ وذلك لمعرفة التقدم الذي أحرزه وليس مقارنتها مع نتائج الآخرين.
- ترك الطفل يتمتع بالحرية الشخصية لاتخاذ بعض القرارات البسيطة التي تمسه مباشرة أو بالمنزل؛ فاحترام إرادة الطفل هو من أهم الأشياء لبناء شخصية قوية.
- توفير بيئة عائلية مثالية يعيش فيها الطفل، فالحالة المزاجية للأهل غالباً تنتقل إلى الأطفال وسلوكهم.
- دعم نفسية الطفل من خلال تلقيه المديح في الوقت المناسب وعند قيامه بشيء جيد؛ إذ إنَّ ذلك يُشعره بأنَّه شخص جيد وقادر على تحقيق المزيد من الناجح.
- الابتعاد عن أسلوب الرشوة والتهديد أو العقاب.
- من الأشياء التي يجب لفت النظر إليها في بناء شخصية الطفل هي ضرورة الاهتمام بصحة الطفل؛ فيجب تنظيم وجباته الغذائية، والنوم بشكل كافٍ، وإبعاده عن الأجواء الملوثة، وكذلك الانتباه إليه خوفاً من تقليد سلوكات الكبار مثل التدخين.
الخلاصة:
توجد مقولة مشهورة تقول: "إنَّ تنشئة طفل قوي أسهل بكثير من محاولة إصلاح رجل مكسور وضعيف"؛ لذا لا بد من العناية بأطفالنا بطريقة مدروسة واعية لبناء شخصية متكاملة تمتلك مهارات عقلية وعلمية وسلوكية حياتية أيضاً.
المصادر:
أضف تعليقاً