1. بناء وهدم
إنّ الصيام المثالي، المتمثّل في تعجيل وجبة الافطار والحفاظ على وجبة السحور ثم الاعتدال في الأكل والحركة والنشاط أثناء الصيام، لا يسبّب أي ضرر للجسم البشري، لأنّ الذي يتوقّف أثناء الصيام هما الهضم والامتصاص وليست التغذية، فخلايا الجسم تعمل بصورة طبيعية، وتحصل على جميع الاحتياجات اللازمة لها. ويتيح الصيام تمثيلاً غذائياً فريداً، إذ يشتمل على مرحلتي البناء والهدم، فبعد وجبتي الإفطار والسحور، يبدأ البناء للمركبات المهمة في الخلايا، وتجديد المواد المختزنة، التي استهلكت في إنتاج الطاقة.
وبعد فترة امتصاص وجبة السحور يبدأ الهدم فيتحلّل المخزون الغذائي من الغليكوجين إلى سكر الغلوكوز الذي يعتمد عليه بشكل خاص المخ البشري وخلايا الدم الحمراء والجهاز العصبي، وتتحلّل الدهون لتمد الجسم بالطاقة اللازمة أثناء الحركة والنشاط في نهار الصيام.
2. الصيام والتمثيل الغذائي
مدة الصيام الإسلامي والتي تتراوح من 12-16 ساعة في المتوسط يتوفّر فيها تنشيط جميع آليات الامتصاص والتمثيل الغذائي (الاستقلاب) بتوازن، فتنشط آلية تحلّل الغليكوجين وأكسدة الدهون وتحلّلها وتحلّل البروتين وتكوين الغلوكوز الجديد منه، ولا يحدث للجسم البشري أي خلل في أي وظيفة من وظائفه.
أمّا تأثير الصيام على وظائف خلايا الكبد، فانّ الصيام الإسلامي المثالي يمتلك دوراً فعالاً في الحفاظ على نشاط ووظائف خلايا الكبد حيث يؤدّي الصيام إلى مد الكبد بالأحماض الدهنية والأمينية الأساسية، خلال وجبتي الإفطار والسحور، فتتكوّن لبنات البروتين، والدهون الفوسفاتية والكوليسترول وغيرها لبناء الخلايا الجديدة وتنظيف خلايا الكبد من الدهون التي تجمّعت فيه بعد الغذاء خلال نهار الصوم، ممّا يؤدّي إلى تنشيطها لتقوم بدورها خير قيام، فتعادل كثيراً من المواد السامة حتى تصبح غير فعالة ويتخلّص منها الجسم.
3. الصيام والطاقة
أثبتت التجارب العلمية أيضاً أنّ العطش أثناء الصيام يسبب إفراز جرعات، تتناسب وقوة العطش، من هرمونين يسببان تحلل الغليكوجين إلى سكر الغلوكوز ممّا يساعد في إمداد الجسم بالطاقة، خصوصاً في نهاية اليوم. كما أنّ العطش يزيد من إفراز الهرمون المضاد لإدرار البول طوال فترة الصيام في شهر رمضان الذي قد يكون له دور مهم في تحسين القدرة على التعلم وتقوية الذاكرة.
ولذلك فإنّ القدرة العقلية قد تتحسّن عند الصائمين، بعكس ما يعتقد عامة الناس. كما أنّ المراجع الطبية ذكرت أن الجهاز العضلي يستهلك الغلوكوز القادم من الكبد (للحصول منه على الطاقة)، فإنّ زادت الحركة وأصبح الغلوكوز غير كافٍ لإمداد العضلات بالطاقة، حصلت على حاجتها من أكسدة الأحماض الدهنية الحرة القادمة من تحلّل الدهون في الأنسجة الشحمية، فإن قلّت الأحماض الدهنية حصلت العضلات على الطاقة من الأجسام الكيتونية الناتجة عن أكسدة الدهون في الكبد، ممّا يؤكّد أنّ النشاط والحركة ينشطان جميع عمليات الأكسدة لكل المركبات التي تمد الجسم بالطاقة.
لذلك فالحركة أثناء الصيام تعتبر عملاً إيجابياً وحيوياً يزيد من كفاءة عمل الكبد والعضلات، ويخلّص الجسم من الشحوم، ويعمل على تنشيط التمثيل الغذائي للمخزون من الغليكوجين العضلي إلى غلوكوز، وتقديمه للأنسجة التي تعتمد عليه كالمخ والجهاز العصبي. يُستنتج من ذلك أنّ الكسل والخمول والنوم أثناء نهار شهر رمضان تعطل الحصول على كل هذه الفوائد، بل قد تصيب صاحبها بكثير من العلل وتجعله أكثر خمولاً وتبلداً، كما أنّ النوم أثناء النهار والسهر طوال الليل، يؤدّيان إلى حدوث اضطراب عمل الساعة البيولوجية في الجسم، ممّا يكون له أثر سيئ على الاستقلاب الغذائي داخل الخلايا.
المصدر: مكتوب
أضف تعليقاً