بالطبع الإصابة بالأمراض المزمنة تترك بعض الآثار السلبية في المجتمع بأكمله؛ وذلك لأنَّها تُقلِّل من جودة حياة الأفراد، كما تتسبَّب في خسارة الأيدي العاملة إضافة إلى التكاليف العالية لعلاج الأمراض المزمنة، والتي تضغط على ميزانيات الدول حول العالم؛ لذلك فإنَّ واجب الإنسان هو محاولة الوقاية من الإصابة بالأمراض المزمنة وغير المزمنة قدر الإمكان، وهذا ما دفعنا إلى التحدُّث عن أهمية اللياقة البدنية في الحفاظ على صحة الجسم وحمايته من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة.
مفهوم اللياقة البدنيَّة:
هي قدرة الإنسان على القيام بأعماله اليومية وأعبائِه بكفاءة عالية وقوة ووعي ودون تعب أو شعور بالإرهاق، إضافة إلى قدرته على الاستمتاع بوقت الفراغ وممارسة الهوايات ومواجهة كافة الضغوطات التي يتعرَّض لها الإنسان بشكل طارئ.
قياس اللياقة البدنيَّة كان يعتمد قديماً على قياس قوة الفرد العضلية، لكنْ مع التقدُّم العلمي وتوسُّع مفهوم اللياقة البدنية فقد أصبحت تُقاس بمدى كفاءَة القلب والرئتين؛ أي الجهاز الدوري التنفسي للفرد، وأصبحت النسبة المئوية للدهون في الجسم هي أحد العناصر الرئيسة للياقة البدنية، كما أصبح التركيز أكبر في التغذية السليمة التي تؤدي دوراً كبيراً وأساسياً في أداء الإنسان لمهامه وقدرته على ممارسة الرياضة.
عناصر اللياقة البدنية التي ترتبط بأداء الفرد الحركي:
للياقةِ البدنية عناصر هامَّة تتعلق بالحركة والقدرة على أداء المهام وهي كما يأتي:
1. السرعة:
هي قدرة الفرد على القيام بأي نشاط بدني في أقصر وقت ممكن، ويعتمد ذلك على قوة العضلات والإرادة بشكل كبير.
2. القوة العضلية:
هي قدرة الفرد على بذل أقصى طاقة ممكنة للعضلات، ويتوقَّف ذلك على نوع الألياف العضلية وحجم العضلة إضافة إلى الحالة النفسية للفرد.
3. المرونة:
هي القدرة على تحريك العضلات في أوسع مدى، ويتوقَّف ذلك على مطاطية عضلات الفرد وكفاءَة المفاصل لديه.
4. التوازن:
هو قدرة الفرد على الحفاظ على وضعية جسمه وحمايته من السقوط لفترة من الزمن، لكنْ يرتبط ذلك بارتفاع مركز الثقل وخط الجاذبية الأرضية، فلا يتوقَّف الأمر على عضلات الفرد فقط.
5. الرشاقة:
تعني القدرة على تغيير اتِّجاه الجسم سواء على الأرض أم في الهواء في فترة قصيرة جداً، ويتوقَّف ذلك على سرعة استجابة الجسم.
6. التوافق العضلي العصبي:
قدرة الجسم على القيام بالعديد من الحركات في نفس الوقت؛ أي تحريك عضلتين مختلفتين في اتجاهين مختلفين أو حتى أكثر من عضلتين، لكنْ يتطلَّب التوافق العضلي العصبي تدريباً يومياً ومستمراً ومنظماً.
شاهد بالفيديو: فوائد الرياضة على الصحة النفسية
أهمية اللياقة البدنية للحفاظ على الصحة وتقليل مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة:
تؤدي اللياقة البدنية دوراً بارزاً في الحفاظ على صحة الإنسان وتقوية الجسم؛ فهي تعود بالفوائد الآتية على جسم الإنسان:
1. أهمية اللياقة البدنية لصحة القلب:
ارتبطَت أمراض القلب ارتباطاً كبيراً بالتقدُّم في العمر، لكنْ في الآونة الأخيرة لاحظنا ازدياد الإصابة بأمراض القلب عند الشباب؛ لذلك فإنَّ الطريقة الوحيدة للوقاية منها هي الوصول إلى اللياقة البدنية؛ وذلك لأنَّها تؤدي دوراً في خفض الكوليسترول الذي يتسبَّب في تصلُّب الشرايين وتضييقها؛ فهي تؤدي إلى رفع الكوليسترول المفيد الذي يؤدي إلى إزالة ما ترسَّب من دهون في الشرايين للحفاظ على صحتها، فكلَّما ارتفعت نسبته في الدم، أصبحَ احتمال الإصابة بالذبحة الصدرية أو بتصلُّب الشرايين أقل بكثير.
كما أنَّ اللياقة تساعد على خفض ضغط الدم الشرياني عند الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم، فقد أَثبتَتْ الدراسات أنَّ الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم ممَّن يمارسون الرياضة البدنية المنتظمة تصبح حاجتهم إلى الدواء أقل، وإضافة إلى ما سبق فإنَّ اللياقة البدنية ترتبط بقلة تخثُّر الدم؛ فيصبح احتمال الإصابة بجلطات في الشرايين قليلاً جداً.
إقرأ أيضاً: 9 فوائد تجعل من المشي أفضل نشاط يومي
2. أهمية اللياقة البدنية لمرضى السكري:
النشاط البدني المنتظم يساعد على تحفيز جسم الإنسان على إفراز الأنسولين المسؤول عن تخفيض نسبة السكر في الدم؛ وهذا يساعد على وقاية الجسم من الإصابة بمرض السكري، وبالنسبة إلى مرضى السكري فإنَّ اللياقة البدنيَّة تجعل الجسم يتحكَّم بشكل أفضل بنسبة السُّكر في الدم؛ وهذا يعني انخفاض السكر ووقاية الجسم من الأمراض الناتجة عن ارتفاعه.
3. أهمية اللياقة البدنية لمرضى الربو:
أثبتت الدراسات أنَّ اللياقة البدنية تساعد على التخفيف من حدة أزمة الربو في حال كانَ المريض يمارس النشاطات البدنيَّة المناسبة بانتظام.
4. أهمية اللياقة البدنيَّة لمرضى التهاب المفاصل:
تعاني نسبة كبيرة من الناس من التهاب المفاصل مع التقدُّم في العمر، ولكنَّ اللياقة البدنية تجعل احتمال الإصابة به أقل، كما أنَّها تحدُّ من الآلام بالنسبة إلى مَن يعاني منه؛ وذلك لأنَّها تساعد على التخلُّص من الوزن الزائد الذي يُتعِب المفاصل، وتبني عضلات قوية حول المفاصل فتزيد من قدرتها على التحمُّل.
5. أهمية اللياقة البدنية لآلام الظهر:
ازدادَتْ آلام الظَّهر في الفترة الأخيرة بعد ازدياد الاعتماد على الأجهزة الكهربائية في إنجاز العديد من الأعمال، فقد قلَّ النشاط البدني نتيجة الجلوس لفترات طويلة في البيت أو في العمل وعدم تحريك العمود الفقري؛ لذلكَ تُعَدُّ اللياقة البدنية هامَّة لحل مشكلة آلام الظهر والوقاية من الإصابة بها، فالحركة والنشاط البدني يؤديان إلى دفع السوائل والأوكسجين إلى المفاصل؛ لأنَّ السبب بتلك الآلام هو قلَّة التدفق الدموي للعمود الفقري.
6. أهمية اللياقة البدنية للوقاية من السمنة:
السمنة تجعل الفرد أكثر تعرُّضاً لمختلَف الأمراض السابقة؛ وهذا يعني أنَّ ممارسة الرياضة والنشاط البدني الذي يعالج السمنة يحمي الجسم من الإصابة بتلك الأمراض.
أهميَّة اللياقة البدنية للتخلُّص من كثير من المشكلات الصحية الأخرى لأنَّها:
- تُقلِّل من الإصابة بنزلات البرد.
- تؤثر بشكل إيجابي في قوة الذاكرة وتُقلِّل من احتمال الإصابة بالخرف، كما تحسِّن وظيفة الإدراك عند المصابين فيه.
- تخفِّف من القلق والتوتر وتساعد الفرد على التحكُّم بانفعالاته، فيحسن التصرُّف في المواقف المزعجة والحرجة؛ وهذا يزيد من ثقته بنفسه واتِّزانه.
- تساعد على الاسترخاء والنوم براحة.
- تحسِّن حياة المصابين بمرض السرطان.
شاهد بالفيديو: 8 علامات تشير إلى أنَّك تعاني من نقص الفيتامينات
كيفية الحصول على اللياقة البدنية:
التمتُّع بصحة جيدة وجسد رشيق والوقاية من الإصابة بالأمراض المزمنة مع التقدم في العمر؛ هي أمور تتطلَّب بذل جهد، وقد يبدو في البداية أمراً صعباً، إلَّا أنَّ الإنسان يعتاد بعد فترة من الزمن على ممارسة العادات الصحيَّة فتصبح روتيناً يومياً.
فيما يأتي الأمور التي يجب الانتباه إليها لنحصل على لياقة بدنيَّة:
1. النظام الغذائي الصحي:
هو أساس الصحة الجيدة؛ والذي يعتمد على حصول الجسم على كل ما يحتاج إليه من فيتامينات وعناصر هامة لقيام الأجهزة بعملها الطبيعي، فمن الضروري أن يكون النظام الغذائي غنياً بالخضار والفواكه والبقوليات والحبوب الكاملة والمكسرات والبيض واللبن والأسماك بكميات معتدلة، ويُفضَّل الابتعاد تماماً عن الوجبات الجاهزة والأطعمة المقليَّة والسكريات المصنعة.
2. الرياضة:
التي يجب أن تُعَدَّ جزءاً من الحياة اليومية، ولا نعني ضرورة الذهاب إلى النادي الرياضي؛ وإنَّما يمكن المشي يومياً لمدَّة نصف ساعة على أقل تقدير ثم المشي السريع أو صعود السلالم عدة دقائق، ويُوصى بممارسة الرياضة أسبوعياً لمدة 150 دقيقة على الأقل للوقاية من الأمراض المزمنة وغير المزمنة.
إقرأ أيضاً: ما هو أقل ما يمكنك فعله للحفاظ على صحتك؟
3. النوم:
يجب ألَّا يقلَّ عدد ساعات النوم يومياً عن 7 ساعات ليحافظ الجسم على نشاطه، ويُفضَّل الالتزام بالنوم باكراً؛ وذلك لأنَّ السهر يتسبَّب في زيادة تناول الطعام، كما يتسبَّب في الشعور بالإرهاق والتعب في اليوم التالي، وللحصول على نوم صحي؛ ابتعِدْ عن مشاهدة التلفاز أو النظر إلى الهاتف المحمول قبل النوم واحرصْ على جعل إضاءَة الغرفة خافتة.
4. التخلُّص من التوتر:
الذي يتسبَّبُ في رفع هرمون الكورتيزول في الجسم؛ ويمكن ذلك من خلال تنظيم الوقت لمنع تراكم المهام والالتزام بممارسة الرياضة وتمرينات الاسترخاء والتأمُّل وممارسة الهوايات والنشاطات المفضَّلة التي تقلِّل من ضغط الحياة.
في الختام:
تتوقَّف قدرة الإنسان على القيام بأعماله اليومية بكفاءَة عالية على لياقته البدنية؛ والتي تشمل المرونة والرشاقة وقوة العضلات والسرعة في الحركة والقدرة على التوازن وأداء عدَّة حركات في نفس الوقت؛ وهذا يؤدي إلى أداء المهام المطلوبة بأسرع وقت ودون أن يشعر بالتعب، وتفيد اللياقة البدنية في الحفاظ على صحة الشرايين؛ وذلك لأنَّها تخفض الكوليسترول الذي يتسبَّب بتصلُّبها وتمنع تشكُّل الجلطات وتقلِّل من الموت الناتج عن الأمراض القلبية، كما تحافظ على صحة المفاصل وتقلل من آلام الظهر التي زادت في الفترة الأخيرة نتيجة قلة النشاط البدني، وتؤكِّد الدراسات على أهميتها في تخفيض السكر في الدم بالنسبة إلى المصابين بمرض السكري.
أمَّا مرضى الربو فالنشاط البدني يقلِّل من أعراض هذا المرض لديهم، كما يساعد على التخلُّص من الوزن الزائد فيمنع السمنة التي تسبِّبُ الإصابة بالعديد من الأمراض؛ لذلكَ حاوِلْ الالتزام بتناول الغذاء الصحي وخصِّص وقتاً يومياً لممارسة الرياضة وحاوِلْ النوم باكراً ولعدد ساعات كافٍ؛ لأنَّ صحتك هي مسؤوليتك بالدرجة الأولى.
أضف تعليقاً