أولاً: ما هو مفهوم الفشل الأكاديمي (الدراسي)؟
يعاني العديد من الطلبة في الجامعات والمعاهد المتوسطة والعليا من الفشل الأكاديمي الذي تتجلى مظاهره في تدني مستوى النتائج وانخفاض مستوى التحصيل، وترك الدراسة، والسلوك العدواني لبعض الطلبة، وعدم المشاركة في النشاطات الجامعية وغيرها من المظاهر، ويُطلق على الفشل الأكاديمي مصطلحات أخرى مثل الفاقد التعليمي أو الإهدار التعليمي الذي قالت عنه منظمة اليونسكو إنَّه يخص الطلبة الذين لا ينهون دراستهم خلال السنوات المحددة لها؛ وذلك إما لأنَّهم يتركون الدراسة بشكل نهائي، أو لأنَّهم يرسبون في السنة ويعيدونها مجدداً.
إذاً فالفشل الأكاديمي يمثل الجهود الفكرية والتعليمية والمالية التي تبذلها المؤسسات التعليمية بجميع مكوناتها البشرية كأعضاء الهيئة التدريسية والإدارية، والمادية كالمباني والتجهيزات والوسائل التعليمية اللازمة للعملية الدراسية، دون أن تحقق أهدافها التي وُضعت بشكل كامل سواء من حيث الكم أم الصفات النوعية للطلبة.
وكنتيجة يمكن أن نصل إليها، يمكن القول إنَّ الفشل الأكاديمي يرتبط ببعدين أساسيين هما:
- التسرب: هو انقطاع الطالب عن الدراسة قبل إتمام السنوات المخصصة لنيل الشهادة.
- الرسوب: هو الفشل والإخفاق في اجتياز الامتحان المقرر للسنة الدراسية والنجاح فيه للانتقال إلى السنة التالية أو التخرج وإنهاء الدراسة كما هو مقرر في الوقت المناسب والمحدد لإنهائها.
شاهد بالفيديو: 9 طرق للحفاظ على التركيز أثناء الدراسة
ثانياً: أشكال الفشل الأكاديمي
- الفشل الأكاديمي العام: ويعني فشل الطالب في كل المقررات التي تم اختباره فيها؛ أي الامتحان بالكامل والذي ينتهي بالرسوب في العام الدراسي.
- الفشل الجزئي: هو الفشل في النجاح في بعض المقررات فقط؛ أي بعض المواد دون سواها.
- الفشل العارض: هو الفشل في امتحان معين دون الامتحانات الأخرى نتيجة عارض مفاجئ مثل عارض صحي كمرض أيام الامتحان أو مشكلة شخصية وينتهي بانتهاء السبب.
ثالثاً: أسباب الفشل الأكاديمي
1. المناخ الاجتماعي داخل المؤسسة التعليمية:
إذ يبرز تأثير المناخ الاجتماعي السائد داخل المؤسسة التعليمية وحجرة التدريس ذاتها من خلال:
- سيادة جو من العلاقات الاجتماعية السيئة بين الطلبة والتي تتسم بالعدوانية؛ إذ تُعَدُّ من أهم الأسباب المنفرة للتعلم.
- وجود حالة من التنافس الشديد بين الطلبة التي تؤدي إلى انتهاج السلوك العدواني في محاولة لإبراز التفوق الشخصي على الآخرين.
- اختلاف في الأعمار ضمن الصف الواحد نظراً لحالات الرسوب والإعادة والتحويل بين الاختصاصات في بعض الجامعات، والتي تؤدي إلى وجود فروق في القوى العقلية وكذلك الجسدية، واستغلال بعضهم تلك القوة لفرض السيطرة على الطلبة الآخرين؛ وهذا يُحدِث جواً متوتراً بينهم يؤدي إلى النفور من التعليم.
- عدم التوافق مع إدارة المؤسسة التعليمية والإحساس بضعف مركز الطالب في المكان.
- تعرض الطالب للضغط نتيجة كثرة المواد والمقررات وضيق الوقت الممنوح للدراسة.
- نمط التعليم المتبع في التدريس الذي يفشل في إيصال المعلومات للطالب وتحقيق الفائدة المرجوة له مثل أسلوب التعليم الجمعي، وعدم تخصيص الوقت اللازم لكل طالب، ومراعاة الفروق الفردية في فهم المعلومات، فيشعر الطالب بالعجز وعدم الرغبة في التقدم للامتحان والابتعاد عن الدراسة.
- عدم ملاءمة الظروف المادية في مكان التعلم وقاعات المحاضرات للطلاب مثل الإضاءة، والتهوية، والضجيج، والعدد الكبير في القاعة الواحدة، وغيرها.
2. العوامل الخاصة بالطالب:
وأهم هذه العوامل:
- ذكاء الطالب: الطالب الذي يتمتع بنسبة ذكاء عالية يكون أكثر قدرة على الفهم والتحليل والإدراك على عكس الطالب الذي لديه نسبة ذكاء منخفضة، والذي يؤدي إلى حصوله على نتائج متدنية تقوده إلى الفشل الأكاديمي.
- الحالة الصحية الخاصة بالطالب: كإصابة الطالب بالأمراض العارضة أو المزمنة خلال العام الدراسي أو خلال فترة الامتحانات؛ وهذا يؤدي إلى تخلفه عن متابعة دراسته، وكذلك حصوله على نتائج سيئة في الامتحانات.
- الحالة النفسية للطالب: كالخوف الشديد من الامتحان وإصابته بالقلق والتوتر المستمر الذي يؤثر في تحصيله العام.
- اتجاهات الطالب نحو مدرس المادة: إذ إنَّ كره المدرس يقوده لكره المادة، ومن ثمَّ عدم قدرته على دراسة المادة نتيجة لذلك.
- مشكلات الطالب الشخصية مثل مرور الطالب باضطرابات عائلية أو عاطفية أو مالية تستنزف طاقته، فلا يتمكن من متابعة دراسته بالشكل المطلوب.
3. الخصائص الشخصية للطالب:
وأهم هذه الخصائص:
- عدم وجود الرغبة أو الميول أو الدافع لدراسة اختصاص محدد ودخول الطالب إليه بشكل إجباري.
- عدم توفر الإرادة لدى الطالب أو ضعفها لمتابعة التحصيل العلمي عموماً.
- عدم تكيف الطالب مع المناخ الدراسي العام؛ وهذا يدفعه للتغيب عن أوقات الدوام.
- عدم الإحساس بالمسؤولية الذاتية كأن يدرس الطالب تلبية لرغبات الآخرين فقط وليس من أجل نفسه.
- قلة الثقة بالنفس عند الطالب وضعف القدرة على مواجهة المشكلات والصعوبات التي تواجهه في أثناء دراسته.
- تأثر الطالب بمغريات العصر التي تبعده عن الدراسة مثل مواقع التواصل الاجتماعي.
- إعادة الطالب السنة الدراسية؛ إذ تمارس عليه أحياناً ضغوطاً نفسية من قبل بقية الطلبة وحتى المدرسين، تسبب له حالة من عدم التوازن وعدم الراحة وحالات من القلق؛ وهذا يدفعه لترك الدراسة نهائياً.
- عدم الرغبة في بذل الجهد في التحضير للامتحان بشكل جيد.
- اتباع الطالب استراتيجيات دراسة خاطئة.
4. أسباب أسرية:
مثل المشكلات التي تعاني منها الكثير من الأسر والتي تؤثر تأثيراً سلبياً في نتائج تحصيل أبنائها، كما يؤدي المستوى الثقافي الخاص بالوالدين دوراً هاماً في تشجيع الأولاد على التحصيل الدراسي، وكذلك المستوى الاقتصادي للأسرة والقدرة على تأمين مستلزمات دراسة الطالب من كتب وتجهيزات كالحاسوب وسواه تساعده على التحصيل.
5. أسباب تنظيمية متعلقة بالمؤسسات التعليمية:
مثل نوعية الأنظمة المفروضة أو طريقة اللباس أو نمط الامتحانات والأوامر والتوجيهات المبالغ فيها أحياناً، والتي تجعل الطالب يقع في الاضطرابات النفسية وتقوده في النهاية إلى الفشل الأكاديمي.
شاهد بالفيديو: 13 طريقة لتطوير التعلم الذاتي والتعلم بسرعة
رابعاً: كيف يمكن أن نواجه مشكلة الفشل الأكاديمي لدى الطلبة؟
يجب الانتباه إلى أنَّ الفشل الأكاديمي هو فشل إنساني بالدرجة الأولى، ومن ثمَّ يمكن تفاديه من خلال فهم وتحليل المشكلات المتعلقة به، والتخطيط الجيد لحلها للوصول بالفرد إلى مرتبة لائقة من العلم.
من الحلول المقترحة:
- اكتشاف ميول ورغبات الطلبة وأي الاختصاصات المحببة لهم وربطها بأهداف واقعية محددة لدفع الطالب نحو الإنجاز.
- ربط التعليم بالمجتمع ومتطلباته، وإعداد البرامج التعليمية المتلائمة مع طبيعة مجتمعنا وثقافته، فكما هو معروف ما يصلح لمجتمع ما، ليس بالضرورة أن يصلح لكافة المجتمعات.
- تشجيع النشاطات خارج إطار التدريس، فتلك النشاطات تدفع باتجاه التعاون بين الطلبة من جهة، وبين الطلبة والمدرسين والإدارة من جهة أخرى، فيسود مناخ اجتماعي ملائم يدفع الطالب باتجاه زيادة التحصيل الدراسي.
- مراعاة الفروق الفردية بين الطلبة من قبل المدرسة وأعضاء الهيئة التدريسية.
- دفع الطالب لتقبل حقيقة وجود الفشل الأكاديمي وأنَّه مسألة ممكنة الحدوث خلال مسيرته الدراسية، فالنجاح ليس خطاً مستقيماً خالياً من العقبات، ويجب دفعه وتحفيزه لبذل المزيد من الجهد لتجاوز هذه العقبات وإكمال مسيرة العلم والإنجاز الدراسي.
- العمل على تعزيز ثقة الطالب بنفسه وبقدراته العلمية والعقلية وضرورة توجيهه لاستثمارها بالشكل الأمثل.
- تأمين البيئة الدراسية المثالية من حيث الأدوات والتجهيزات كالإضاءة، والتهوية، والتكييف البارد والساخن، ومساحات جلوس كافية ومتباعدة.
- تقديم النشاطات الداعمة لتعزيز العلاقات الاجتماعية والتعاون بين الطلبة لإشاعة جو مريح من التعامل بينهم والابتعاد عن السلوك العدواني الذي قد يحدث بينهم.
- اعتماد طرائق تدريس وتعليم محفزة للطلاب والابتعاد عن الطرائق التقليدية التي تسبب الملل، وقيام المدرسين بتوجيه الطلبة لاستراتيجيات الدراسة الصحيحة الخاصة بكل مادة.
- دفع الطالب لزيارة اختصاصي نفسي عند ملاحظة معاناته من أمراض نفسية معينة أو قلق امتحاني يمنعه من تحصيل نتائج مُرضية تتناسب وجهده.
- عدم مقارنة الطلاب ببعضهم؛ بل يجب التعامل مع الطالب كأنَّه حالة منفردة بحد ذاتها حفاظاً عن سلامته النفسية وإبعاده عن الشعور بالعجز والنقص.
- مساعدة الطالب على تعلُّم مهارات الحياة المختلفة، مثل مهارات التواصل، وإدارة الوقت، ومهارات التفكير الناقد وتحليل المشكلات، والتعاون والعمل ضمن فريق وغيرها من المهارات، بالإضافة إلى جعله يدرك أهمية العلم والتحصيل الدراسي في تغيير مسيرة حياته.
الخلاصة:
الفشل الأكاديمي ظاهرة إنسانية ومشكلة تعليمية وتربوية تتعدد أسبابها، ولا يوجد حل جذري وحيد وسحري للانتهاء منها؛ بل هي مشكلة بحاجة إلى تحليل عميق للأسباب والأطراف الواقفة وراءها، وتعاوُن وتضافر جهود الجهات المختلفة الداخلة في العملية التعليمية بهدف تحقيق التحصيل الجيد للطلبة.
المصادر:
أضف تعليقاً