1. انتشار نظام "العمل في المنزل":
لقد انتشرت الوظائف التي تتيح العمل من المنزل -وهو ما يُعرَف باسم "التواصل عن بُعد"- كثيراً في هذه الآونة. ففي أحدث دراسة استقصائية أجراها مكتب إحصاءات العمل في أمريكا، كان لدى 57٪ من العاملين في عام 2018 جداول زمنية مرنة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لـ 42 مليون عامل (29٪) العمل من المنزل، ويعمل 36 مليون عامل (25٪) من منازلهم في بعض الوقت.
حتى أنّ بعض الموظفين سيكونون على استعداد للقيام بتخفيض أجورهم نظير ذلك. ووفقاً لتقرير "العمل عن بعد" الصادر عن Owl Labs لعام 2019م، ذكرت الدراسة أنّ 34٪ من العمال سيكونون على استعداد لاتخاذ خفض 5٪ من اجورهم، كما أنّ 24٪ منهم على استعدادٍ لخفض 10٪ من أجورهم مقابل العمل من المنزل.
لقد أصبح موضوع "العمل من المنزل" أكثر وأكثر أهمية بسبب كثرة الطلب عليه في سوق العمل، فجذب الموظفين المحتملين والاحتفاظ بالموظفين الحاليين مع تقديم وسائل الراحة بات إحدى الطرق التي يمكن أن تفوز بها الشركات في المنافسة على أفضل المواهب؛ إذ تبذل الشركات كُلَّ ما في وسعها لكي تجذب الموظفين، بما في ذلك حالة العمل هذه.
2. إيجابيات العمل من المنزل:
2. 1. تكاليف أقل لرعاية الأطفال:
لن يُضطر الشخص إلى دفع الكثير مقابل رعاية الأطفال إن كان يعمل من منزله، حيث ستنخفض التكاليف المُتعلقة بالمربيّة الخاصة أو المراكز التّربويّة، وذلك لأنّه سيتمكّن من رعايتهم شخصياً.
2. 2. زيادة الإنتاجيّة والتّحفيز:
يمكن أن يؤدّي العمل من المنزل إلى المزيد من الإنتاجية، لأنّ هنالك عدد أقل من الانقطاعات بالمقارنة مع العمل في المكتب، إذ يُنجِز الشخص أكثر إن عمل في جوٍّ هادئ دون أن يُشَتَّت انتباهه. كما يمكن زيادة الحافز نظراً إلى خفض وقت التّنقل والسفر، حيث تعود ضغوطات التّنقل (من المنزل إلى المكتب والعكس) في أثناء ساعة الذروة في العديد من البلدان بنتائج سلبيّة للغاية، ويمكن أن تؤدي إلى سخط العمال وانخفاض دافعهم إلى العمل. تشمل الضغوطات الأخرى التي يتمّ التنويه عنها غالباً: زملاء العمل غير الودودين، وبيئة العمل دون المستوى الأمثل والتّشتت المستمر.
شاهد بالفيديو: 7 نصائح للتعامل مع الموظفين السلبيين
2. 3. مرونة أكبر:
لا تتعلّق المرونة في تحديد ساعات العمل الخاصة بالفرد فقط، إذ يمكنه أيضاً تحديد البيئة الخاصة به من إضاءة ودرجة حرارة ومزاج أفضل: أي العمل بشكلٍ يناسبه ويجعله أكثر سعادة وراحة.
2. 4. صحة أفضل:
غالباً ما تتأثر كلٌّ من الصحة البدنيّة والعقليّة سلباً بالتّنقل الطويل من 1 إلى 3 ساعات يومياً للوصول من وإلى مكان العمل. لكن من خلال العمل في المنزل، يتمكّن الشخص بسبب وقت التنقل المُوفَّر من استئناف التمرينات البدنيّة، أو السير لفترةٍ طويلةٍ على سبيل المثال قبل العمل وبعده، أو الانضمام إلى صالةٍ رياضيةٍ محلية.
2. 5. توازن أفضل بين الحياة والعمل:
غالباً ما يتم تحقيق التوازن بين العمل والحياة وربطه بالرضا من خلال العمل في المنزل، خاصةً عندما يكون لدى المحترف المرونة اللازمة لتقديم التقارير إلى المكتب، والعمل الجزئي كخيار، أي يمكن ضبط الترتيبات لتحقيق التوازن الأمثل.
2. 6. المنفعة المالية:
إذا كانت غالبيّة الموظفين يستطيعون العمل من المنزل، فالتكلفة تصبح أقل من المساحات المكتبية، لأنّ الحاجة إلى الأثاث واستخدام الكهرباء تقل. لذا يعدّ خياراً اقتصادياً لصاحب العمل، بالإضافة إلى غياب تكاليف التّنقل بالنسبة إلى الموظفين.
2. 7. خبرة في الاتصالات:
عندما لا يكون من الممكن عقد اجتماعٍ سريعٍ في غرفة الاستراحة، فعلى الفرد أن يكون مرناً في استخدام أدوات الاتصال المتاحة، من الرسائل النصية، وإرسال بريد إلكتروني، وعقد الاجتماعات على شبكة الإنترنت، لذا يصبح بالتالي ذكياً للغاية في كلّ هذه الأشياء.
2. 8. العمل من المنزل صديق للبيئة:
يؤدّي انخفاض عدد المسافرين وتنقلات الموظفين إلى انخفاض تلوّث الهواء، ممّا يحمي الكوكب أكثر.
3. سلبيّات العمل من المنزل:
3. 1. صعوبة مراقبة الأداء:
ليس من السهل على المديرين مراقبة تقدُّم موظفيهم وأدائهم دون أن يكونوا في نفس مساحة المكتب. يتصاعد هذا بشكلٍ خاص إذا كان دور الوظيفة يتطلّب الكثير من "الواجبات الأساسية" التي يَصعُب مراقبتها.
3. 2. العزلة:
غالباً ما يشتكي العاملون من المنزل، من العزلة والشعور بالوحدة، نظراً إلى بُعدهم عن رؤسائهم وزملائهم في العمل، وهو ما قد يكون محبطاً للغاية بالنسبة إلى بعضهم. ونظراً لأنّ مكان العمل يوفّر موقعاً لمقابلة الأشخاص وتكوين الصداقات، فهنالك الكثير من أوجه التعاون غير العادي، سواءً تعلّق الأمر بأفضل الممارسات التي تتمّ فيما بين زملاء العمل أم عقد جلسة عصف ذهني مُرتجلة على الغداء.
3. 3. انخفاض روح العمل الجماعي:
يؤدّي العمل من المنزل إلى انخفاض التواصل بين الموظفين، والذي بدوره قد يقلّل من عنصر العمل الجماعي بينهم.
3. 4. الحاجة إلى الانضباط الذاتي العالي:
يتطلّب العمل من المنزل الكثير من التّفاني وضبط النفس والانضباط لتحفيز النّفس على المثابرة في العمل من المنزل على المدى الطويل دون الخضوع إلى الانحرافات وفقدان الدافع والزخم. وغالباً ما يكون الترتيب الذي يقوم به الفرد بالإبلاغ إلى المكتب مرة أو مرتين في الأسبوع وهو الترتيب الأمثل؛ ذلك لأنَّه يسمح لهم بالتفاعل الوثيق مع الزملاء والمشرفين، ويضمن لهم البقاء على تواصل مع التطورات في الشركة.
3. 5. خطر الإهمال في الترقيات:
إنَّ خطر الإهمال في الترقيات وفرص التطور الوظيفي أمر حقيقي تماماً عندما يكون الشخص بعيداً عن المكتب، في الوقت الذي تتاح فرص ذلك لِمَن يتمّ رؤيته في العمل. كما يعدّ وجود تواصل مفتوح مع الإدارة والزيارات المنتظمة إلى المكتب أمراً ضرورياً لإثبات التفاني والالتزام بالحياة المهنية.
3. 6. صعوبة أكثر في حلّ المشكلات:
تصبح المشكلات البسيطة مثل المشكلات البرمجيّة، أكثر صعوبة في الحلّ عندما لا يكون الشخص في المكتب. ويستغرق الأمر وقتاً أطول لمحاولة مساعدة شخصٍ ما عبر الهاتف عما هو عليه شخصياً.
3. 7. زيادة في تكاليف الاتصالات السلكية واللاسلكية:
يزداد المبلغ الذي من المرجح أن يصرفه الفرد نظير اتصالاته في حال عمل من المنزل.
3. 8. المزيد من هدر الوقت:
قد تُشتِت عوامل كثيرة الفرد في المنزل، مثل الجيران الصّاخبين والعائلة والأصدقاء؛ ممّا يؤدي إلى انخفاض مستويات الإنتاجية والتركيز.
3. 9. عملٌ لا ينتهي:
قد يشعر الفرد بالإغراء في العمل، وذلك نظراً لعدم وجود أيّ شخصٍ يفرض ساعات صارمة. كما قد يتفاقم هذا الضغط على العمل إلى ما لا نهاية، وذلك بسبب حقيقة شعوره أنّ هناك توقعات كبيرة مُنصبّة عليه، أو وجود ضغوطات مفروضة ذاتياً لإثبات نفسه وقدراته المهنيّة. علاوةً على ذلك، فإنَّ عدم وجود فصل مادي بين المنزل والعمل قد يزيد من هذه الضغوطات.
3. 10. وجود اتّهامات بالتّقصير في العمل:
قد يُتَّهم الشخص من قبل زملائه بتجنّب العمل عندما يعمل من المنزل ولا يستطيع الاتصال أو إرسال بريد إلكتروني على الفور؛ إذ قد لا يمنحه زملاءه في العمل مُهلة كما لو كانوا في المكتب. وقد يتساءلون عمّا إذا كان يستخف بالعمل.
4. طرق العمل في المنزل:
يوجد العديد من الأفكار والمشروعات التي يمكنك القيام بها من المنزل، نذكر منها:
4. 1. بيع الخدمات:
سواءً أكان لديك سابق خبرةٍ في العمل عبر الانترنت أم لا، فيمكنك العمل وكسب أرباح من خلال مواقع بيع الخدمات؛ فهي تُعدّ مكاناً يلتقي فيه مُقدّم الخدمة "البائع" وطالب الخدمة "المشتري"، حيث تقوم بعرض الخدمات التي تتمكن من القيام بها في مقابل الحصول على أجرٍ مادّي.
ومن أمثلة الخدمة: "كتابة مقال – تصميم صورة – برمجة – تحويل نص صوتي إلى كتابي، تقديم نصائح واستشارات وما إلى ذلك".
4. 2. الربح من المتاجر الالكترونية:
يمكنك أن تقوم بتصميم موقع الكتروني على صورة محل تجاري يبيع منتجات وبمقابل الحصول على أجر مادي. وإن لم يكن لديك مُنتج، يمكنك بيع منتجات الآخرين مقابل عمولات ممتازة. ومن أشهر الشركات التي تتيح للآخرين بيع منتجاتها مقابل عمولة موقع "أمازون".
4. 3. الربح من اليوتيوب:
موقع يوتيوب هو موقع فيديوهات مجانيّة يمكنك أن تصنع فيديوهات خاصة بك وترفعها على الموقع وتشترك في خدمة الإعلانات.
وبعدها سيقوم يوتيوب بعرض بعض الإعلانات على الفيديوهات الخاصة بك، وكلما زادت نسبة المشاهدة زاد الربح. ولكن كن على حذر، إذ يجب أن تكون الفيديوهات ملكك وليست منسوخةً أو مصوّرةً من مصدرٍ آخر.
4. 4. البيع بالعمولة:
يمكنك الاشتراك في العديد من مواقع البيع بالعمولة سواءً العربيّة أم الأجنبيّة، لتقوم بعد ذلك بالتسويق للمنتجات والعروض المتوافرة بالموقع من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. وكلما تمكّنت من بيع هذا المنتج أكثر، ستحصل على عمولة أكثر.
4. 5. الربح من المواقع:
قد تكون هذه الخطوة خطوةً مربحة للغاية، ولكنّها مكلفة وصعبة في نفس الوقت بالمقارنة مع النقاط المجانيّة السابقة. فيمكنك تصميم موقع والعمل على تسويقه عبر شبكات الإنترنت، ثم وضع إعلانات في الموقع، وكلما زاد عدد الزيارات زادت الأرباح.
لكن الأمر ليس بهذه البساطة، فإنّ الربح من الموقع يتطلّب عملاً كبيراً ومقالات حصريّة وتسويقاً للموقع والتزاماً بسياسات جوجل وحماية الموقع من هجمات الهاكرز وغيرها من الأشياء.
5. نصائح من أجل العمل في المنزل:
من أجل التعامل مع التّحديات التي تواجهنا في أثناء العمل في المنزل، إليكم بعض النّصائح:
- حدّد ما يجب القيام به كلّ يومٍ واحرص على القيام بذلك: فطالما أنَّ لديكَ خطة حول كيفية إكمال قائمة المهام اليوميّة في قائمة المهام الشخصية الخاصة بكَ، فلا يهمّ ما إذا كان قد تمّت مقاطعتك أو كيف قد تتمّ مقاطعتك، طالما أنجزتَ الأشياء بحلول نهاية اليوم.
- لا تقلّل من وقت المشاركة: انتقل إلى الاجتماعات والأحداث السّعيدة والتدريبات والنزهات الأخرى كلما استطعت. فهنالك عددٌ أقلّ من هذه الفرص لبناء فريق تلقائي عند العمل عن بُعد، لذا من المهمّ أن تكون سبّاقاً في إيجاد طرق لإشراك زملائك في العمل.
- حافظ على الاحترافية: حتى إذا لم يكن لديك مكتب مخصص، فحاول إعداد مساحة عمل وجعلها خارج حدود المنزل في أثناء عملك. فلا يوجد أسوأ من أن تطالعك تفاصيل مُزعجة وأنتَ تعمل، مثل: رنين جرس الباب أو صراخ الأطفال في الخلفية.
- كُن متجاوباً: اعتد على إرسال ردّ سريع كلما تلقّيت بريداً إلكترونياً، وابذل قصارى جهدك لتكون متاحاً للمكالمات الجماعية أو غيرها من أشكال التعاون، حتى وإن لم يكن لديك ساعات عمل صارمة.
- قُم بتعيين نقاط اتصال محددة مع فريقك: إنّه لمن السهل تحديد وقتٍ كلّ يومٍ أو كلّ أسبوع، لإجراء عمليات تسجيل منتظمة مع مديرك وزملائك. لن يساعدك ذلك فقط على البقاء مسؤولاً، ولكنّه سيذكّر أيضاً نظرائك في المكتب أنَّك ما تزال جزءاً مهماً من الفريق.
- احرص على امتلاك كرسي ومكتب مريحين: ويُفضّل الجلوس في الوضع الصحيح، وهو أن تلامس قدماك الأرض وظهرك مستقيم ولوحة المفاتيح أسفل يديك وحافة الشاشة العليا في مستوى نظرك. يجب أيضاً أخذ قسطٍ من الراحة كلّ نصف ساعة، والوقوف 5 دقائق، ومن ثم مواصلة العمل.
الخلاصة:
لقد شكّل العمل من المنزل بديلاً مُنافساً للعمل المكتبي، وذلك في وسط ضغوطات الحياة المتصاعدة وتزايد الطلب على العمل بشكلٍ ملحوظ، والرّغبة في تحقيق التوازن بين الحياة والعمل. لذا فإنّ اتّباع النّصائح المذكورة أعلاه ومحاولة تجاوز سلبيات العمل من المنزل، يجعلان منه فرصةً حقيقيّةً مُثمرة بالنسبة إلى الكثير من الأشخاص.
أضف تعليقاً