مفهوم الصداقة لدى الطفل
تُعَدُّ علاقة الصداقة لدى الأطفال من أصدق العلاقات، فهي لا تعرف المصلحة؛ وإنما هي مبنية على الحب الخالص والانسجام، وهي من أهم أساسيات بناء شخصية الطفل، والتي تتكون خلال السنوات العشر الأولى من حياته.
حيث يكتفي الطفل في السنوات الثلاث الأولى من عمره باللعب وحده، ومع من يلاعبه من الكبار.
ولأن االطفل في هذه المرحلة يكون أنانياً، ولا يحب أن يشاركه ألعابه أحد؛ لذا فإن جمعه مع أطفال من عمره أمر مفيد له في هذا السن؛ وذلك لتطوير مهاراته وخياله، وتعليمه المشاركة لتقليل الأنانية لديه.
وفي سن الرابعة والخامسة من عمره يبدأ الطفل في إبداء ميل ورغبة في وجود أصدقاء له، فنلاحظ اندفاعه إلى اللعب مع الأطفال، والاجتماع معهم أغلب الأوقات، مع بقاء قليل من صفة الأنانية لديه.
أما في سن السادسة من عمره عند دخوله في المدرسة، تظهر حاجة الطفل الحقيقة وأهمية الأصدقاء لديه، خاصةً أنه انفصل عن أبويه للمرة الأولى، وأصبح بحاجة إلى من يشعره بالأمان، إضافة إلى ميله إلى وجود أطفال من عمره يتكلم معهم ويلعب، ويتشاركون الاهتمامات نفسها.
أهمية الصداقة للأطفال
تحمل الصداقة العديد من التأثيرات الإيجابية للأطفال، حيث تحث الطفل على احترام ذاته وتعزز قدرته على التعامل مع المواقف الاجتماعية طوال حياته.
وفي الواقع، يجد علماء نفس الأطفال أن الصداقات في مرحلة الطفولة المبكرة تساهم في نوعية حياة الأطفال وتساعدهم على التكيف مع التغيرات في بيئتهم أيضاً.
كما تفيد الصداقات الأطفال من خلال خلق شعور بالانتماء والأمان وتقليل التوتر.
كما تعلم الصداقة الطفل الاهتمام والمشاركة، فضلاً عن أنه يجب أن يكون لطيفاً ومستمعاً جيداً.
كما أن الصداقة تساعد الطفل على الشعور بالسعادة من خلا مساعدة الأصدقاء عندما يشعرون بالحزن أو الانزعاج.
فوائد الصداقة للأطفال
يحتاج الطفل إلى الصداقة لما لها من فوائد وإيجابيات كثيرة، مثل:
- رسم شخصية الطفل في مرحلة الطفولة، وبناء تكوينه النفسي والاجتماعي.
- تطوير مهارات الطفل الاجتماعية من تواصل وتفاعل مع الآخرين.
- اكتساب الطفل مهارة الذكاء العاطفي؛ حيث يعرف كيف يُعبر عن مشاعره وغضبه وحزنه من صديقه.
- اكتساب الطفل مهارة اتخاذ القرار في أثناء لعبه مع أقرانه.
- زيادة ثقة الطفل بنفسه، من خلال الشعور بأنه طفل محبوب، ولديه أصدقاء يحبونه ويفضلونه.
- اكتشاف الطفل ذاته؛ كيف يتفاعل، وكيف ينفعل، وماذا يحب، وماذا يكره.
- تطوير مهارات الطفل العقلية والفكرية؛ وذلك من خلال تبادل الأفكار والمحاججة والمجادلة التي تحصل بين الطفل وأصدقائه، والتفاوض بينهم حول أمر أو لعبة ما.
- اكتساب الطفل مهارة التعبير عن نفسه وعن رأيه والمطالبة بحقوقه في أثناء صداقاته مع غيره من الأطفال.
- تقليل استخدام الطفل للأجهزة والألعاب الإلكترونية؛ مما يحميه من آثارها السلبية.
- تعليم الطفل روح الفريق، والتعاون، والمشاركة، والابتعاد عن الأنانية.
- توسيع آفاق الطفل وخياله، من خلال اللعب مع أقرانه وتبادل الأدوار وتخيل الشخصيات.
- مساعدة الطفل على التخلص من الخجل الاجتماعي، فضلاً عن زيادة قدرته على الكلام والتعبير عن نفسه.
- منح الطفل التوازن النفسي والسعادة والحيوية والنشاط.
- تنمية مهارات القيادة لدى الطفل، من خلال قدرته على التأثير في أصدقائه.
- تنمية مفهوم الاستقلال لدى الطفل؛ إذ يصبح له عالمه الخاص المكوَّن من الأطفال الذين اختارهم بنفسه.
- إتاحة الفرصة للطفل للاطلاع على بيئات وثقافات مختلفة.
- اكتساب الطفل مهارة التعامل مع الشخصيات المختلفة.
- تحسين حالة الطفل من الناحية الصحية والبيولوجية؛ وذلك من خلال اللعب وممارسة النشاطات الجماعية مع أصدقائه.
- تشجيع الطفل على الاجتهاد والتقدم بوجود الأصدقاء، من خلال المنافسة الإيجابية، ومشاركة همومهم الدراسية، والاتفاق حول خططهم الدراسية.
- مساعدة الطفل على الاندماج في مجتمعه، وفي مدرسته، وتخليصه من مشاعر الوحدة وقلق الانفصال عن أبويه.
- تعليم الطفل الأمانة والإخلاص؛ وذلك من خلال حفظ الأسرار التي بين الأصدقاء، ناهيك عن العهود التي يجب الوفاء بها.
- منح الطفل الشجاعة والقوة؛ وذلك من خلال شعوره بأنَّه ليس وحيداً؛ بل لديه أصدقاء يحبونه ويقفون إلى جانبه ويدافعون عنه عند تعرضه لأيِّ أذى.
- رسم أجمل الذكريات قد يمتلكها الطفل عن علاقات الصداقة في الطفولة، عندما يكبر.
ما هي أسباب عدم امتلاك الطفل للأصدقاء؟
توجد أسباب عدة قد تمنع الطفل من تكوين الصداقات، منها:
1. الخجل
يمنع الخجل الطفل من التعرف إلى الأطفال وتكوين الصداقات؛ إذ إننا دائماً ما نجد الطفل الخجول لا يتفاعل مع أقرانه، وغير مبادر.
2. المهارات الاجتماعية
قد يفتقر الطفل إلى المهارات الاجتماعية، كإلقاء التحية، واحترام الآخر، والاستماع له، واحترام الدور في الحديث.
3. عدم الثقة بالنفس
قد يعاني الطفل من عدم ثقته بنفسه لسبب ما في شكله، أو بسبب تعامل الأهل معه وتوبيخه دائماً؛ مما يؤثر سلباً في تفاعله مع الآخرين.
4. العدائية
يعاني الطفل العدائي والأناني من مشكلة في تكوين الصداقات، وكسب محبة أقرانه.
دور الآباء في بناء صداقات الطفل
يؤدي الأب والأم دوراً أساسياً في تشجيع الطفل ودفعه تجاه تكوين الصداقات؛ وذلك من خلال:
- تعليم الطفل مهارات التواصل الاجتماعي منذ صغره (المبادرة، وإلقاء التحية، والاعتذار، والشكر).
- ترسيخ قيم التعاون والمشاركة لدى الطفل.
- مراقبة الأهل طفلهم، ومعرفة أصدقائه ومن هم أهاليهم، وكيف هي تربيتهم وسلوكهم.
- تعليم الطفل تقبل اختلاف أقرانه عنه، وألا يجعل هذا الاختلاف سبباً لعدم صداقتهم.
- إبراز الأهل أنفسهم قدوة للطفل في تكوين الصداقات والتعامل بلطف ورحابة صدر مع الآخرين.
- عدم مقارنة الطفل بغيره من الأطفال، واحترام خصوصيته.
- شرح صفات الصديق الجيد للطفل، حتى يعرف كيف يختار أصدقاءه.
- مراقبة الأهل تعامل الطفل مع أصدقائه؛ كيف يتعامل، وما هي ردات فعله؛ وذلك لاكتشاف شخصيته ونقاط ضعفه وقوته.
- دعم الطفل نفسياً في حال تعرضه للرفض أو التخلي من أحد أصدقائه، وإشعاره أنه أمر طبيعي، فليست كل الصداقات تدوم.
- تعليم الطفل الاعتراف بالخطأ، وثقافة الاعتذار من أصدقائه عندما يُخطئ في حقهم.
من هو الصديق الجيد للطفل؟
يجب أن يحرص الأبوان على متابعة أصدقاء طفلهم، وتقوية علاقته بالطفل الذي يتمتع بالصفات الآتية:
- أن ينتمي إلى عائلة محترمة متمتعة بأصل طيب وأخلاق حميدة.
- أن يتمتع بالقيم والمبادئ الحسنة، كالصدق والأمانة.
- أن يرفض التلفظ بألفاظ بذيئة أو نابية وخادشة للحياء.
- أن يتمتع بالأمانة؛ لأنَّه سيدخل المنزل.
- أن يتمتع بالصدق، ولا يكذب، حتى لا يتعلم الطفل الكذب منه.
- أن يحترم والديه ولا يعاندهما أو يسيء احترامهما.
- أن يكون مجتهداً ومهتماً بالدراسة، حتى يحفز الطفل على الدراسة.
- أن يكون صديقاً وفياً، لا يستغل الطفل، ويقف إلى جانبه عند الحاجة.
- أن يكون قريباً من سن الطفل، أو أكبر أو أصغر بسنة أو سنتين كحد أقصى.
قواعد الصداقة
يجب على الأبوين توعية الطفل أن هناك شروط للصداقة ويجب احترامها والالتزام بها، مثل:
- التعامل هو وصديقه بشكل جيد مع بعضهما بعضاً، دون سخرية ولا تنمر ولا استهزاء من قِبل أحدهما بالآخر.
- الوفاء لبعضهما، وأن يقف كل منهما إلى جانب الآخر وقت الضيق، ولا يتخلى عنه.
- المحافظة على أسرار بعضهما، وعدم إفشائها مهما حصل بينهما من خلافات.
- رفض الكذب والغش واستغلال أحدهما للآخر.
- تمنِّي الخير لبعضهما، وخوف كلٍّ منهما على مصلحة الآخر.
شاهد بالفيديو: أقوال الحكماء والفلاسفة عن الصداقة
عبارات عن الصداقة للأطفال
- الصديق هو الشخص الذي يعرف كل شيء عنك وما زال يحبك - إلبرت هوبارد.
- الصديق الحقيقي هو أعظم النعم – فرانسوا دي لاروشفوكو.
- المشي مع صديق في الظلام أفضل من المشي بمفردك في الضوء - هيلين كيلر.
- الصديق هو أحد أجمل الأشياء التي يمكنك الحصول عليها، وواحد من أفضل الأشياء التي يمكنك أن تكونها - دوجلاس باجيلز.
- الأصدقاء الجيدون كالنجوم. أنت لا تراهم دائماً، لكنك تعلم أنهم موجودون دائماً.
- الصداقة هي الخيط الذهبي الذي يربط قلب العالم كله - جون إيفلين.
- الصديق الحقيقي هو الذي يأتي عندما يغادر بقية العالم - والتر وينشل.
في الختام: كن الصديق الأول لطفلك
يُخطئ العديد من الأهل في إبعاد أطفالهم عن إقامة العلاقات والصداقات مع غيرهم من الأطفال، من باب الحرص الزائد، وخوفهم من رفاق السوء، لكنهم لا يعلمون أنهم بتصرفهم هذا يؤذون طفلهم، ويحرمونه من تطوير قدراته العقلية والفكرية ومهاراته الاجتماعية، ومن التوازن النفسي، ويجعلونه هشاً ضعيفاً غير قادر على مواجهة مجتمعه.
لذا أطلِق العنان لطفلك في التعرف إلى من يريد، وتكوين الصداقات مع من يحب، ولكن تحت إشرافك ومتابعتك لكل تفاصيله، وتقديم المشورة والنصح إليه دائماً، فتكون النتيجة طفلاً اجتماعياً قوياً لا يخاف أو يخجل، وقادراً على إدارة عواطفه وعلاقاته بذكاء وخبرة.
وآخر نصيحة نقدمها إليك كأب وإليكِ كأم، هي: "أن تكونا الصديق الأول لطفلكما قبل أي صديق خارجي".
أضف تعليقاً