كيف نجعل من العمل متعة لا تنتهي ونحقق السعادة في العمل؟ وكيف نحوِّل عملنا لشيء يجلب لنا الراحة والاستمتاع بدل الشعور بالضغط والإرهاق، هذا ما سنتعلمه في هذا المقال الذي سنتحدث فيه عن أهمية السعادة في العمل، وما هي العوامل التي تؤثر في السعادة في العمل، وكيف تجعل عملك أكثر متعة ورضى؟
أهمية السعادة في العمل:
لماذا يجب أن تشكل السعادة في العمل أمراً هاماً للشركات والأفراد العاملين فيها على حد سواء؟ ولماذا يجب أن تولي اهتماماً شديداً جداً لها؟ هذا ما سنجيب عنه في هذا المحور من هذا المقال:
يشكل العمل جزءاً هاماً في حياتنا لكونه يشغل وقتاً كبيراً من يومنا، قد نبتعد فيه عن عائلاتنا وبيوتنا لنذهب إلى أماكن عملنا التي نعدها بيتنا الثاني بشكل مجازي، متحمِّلين الإرهاق والتعب الناتجين عن أداء المهام الموكلة إلينا؛ وذلك لتحقيق أهدافنا الشخصية بالتطوير والتقدم والترقي في العمل، وكذلك لتحقيق أهداف المنظمة والشركة في التوسع والانتشار وتعزيز علامتها التجارية، في ظل بيئة العمل هذه وما ينجم عنها من ضغوطات كبيرة على الأفراد العاملين وعلى فرق العمل لتحقيق الخطط وتحقيق رؤية الشركة وثقافتها التنظيمية.
قد يعاني بعض العمال والموظفين من التململ والكسل في أداء أعمالهم ويشعرون بعدم الراحة في أثناء وجودهم في العمل، وهذا يدفعهم لطلب الإجازات أو اللجوء إلى التهرب من العمل متذرعين بعدد من الأعذار والحجج التي في معظمها تكون غير صحيحة ومن اختلاق الموظف نفسه، بقصد محاولة التفريغ من الضغط الواقع عليه إما بسبب المهام الكثيرة الملقاة عليه، أو بسبب التعرض للنقد المستمر والتغذية الراجعة السلبية من قبل الرؤساء في العمل، وهذا يتسبب بضعف الأداء وقلة الإنتاجية للموظف.
هنا على الشركة والمنظمة الانتباه إلى هذه العلامات التي يبديها الموظف والبحث عن أسبابها والدوافع التي تقف خلفها، حتى تتسنى معالجتها والحد من آثارها، عبر الاهتمام ببيئة العمل وجعلها أكثر سعادة؛ وذلك لتضمن زيادة كفاءة موظفيها وتعزيز أدائهم، حتى تضمن هي أيضاً بالمقابل نجاحها وتحقيق أهدافها.
تنبع أهمية تحقيق السعادة في العمل في كونها تعمل على:
1. زيادة الإنتاجية والأداء:
السعادة في العمل هي الشعور بالرضى والسرور من العمل الذي يقوم به الفرد، وتشير الدراسات إلى علاقة قوية ووثيقةٍ بين السعادة في العمل وزيادة الإنتاجية والأداء، ففي دراسة قامت بها جامعة وارويك توصلت فيها إلى أنَّ الموظفين الذين يشعرون بالسعادة في عملهم هم أكثر أداءً وإنتاجية بنسبة تصل إلى %12، بينما تنخفض النسبة لدى الموظفين غير السعداء إلى %10، وهنا تتبين لنا من خلال هذه الدراسة أهمية السعادة في بيئة العمل كونها من العوامل الهامة لزيادة كفاءة وأداء الموظفين وجودة العمل الذي يؤدونه.
2. انخفاض التوتر والقلق:
يعمل تحقيق السعادة في العمل على تخفيف الضغوطات النفسية والجسدية التي يتعرض لها الفرد في مواجهة التحديات والمشكلات في العمل، إضافة إلى أنَّ مشاعر السعادة وفقاً للدراسات والأبحاث تؤدي إلى إفراز هرمونات الأندورفين والسيروتونين التي تعزز الشعور بالراحة والاسترخاء، هذا إضافة إلى أنَّ السعادة مُعدية، ولا نقصد هنا العدوى بمعناها السلبي بل بمعناها الإيجابي تحديداً، فيمكن لمناخ السعادة هذا أن ينتقل ويتغلغل في كامل أرجاء الشركة، وأن يصبح سمةً خاصةً للشركة تنعكس بدورها على الموظفين ورؤساء العمل على حد سواء.
3. تحسين العلاقات الشخصية في العمل:
ينعكس المناخ الإيجابي والسعيد في العمل على طريقة تعامل الفرد مع زملائه ورؤسائه وعملائه، فالموظف السعيد يكون أكثر تعاوناً وتفاهماً واحتراماً وتقديراً للآخرين، كما أنَّه يتمتع بمهارات اتصال وتواصل أفضل مع زملائه ومرؤوسيه، وهذا ما يساهم في بناء علاقات مهنية قوية ومتناغمة.
4. زيادة الشعور بالانتماء للمنظمة:
تزيد السعادة في العمل من الولاء والانتماء للمنظمة التي يعمل فيها الفرد، فالموظف السعيد يشعر بأنَّه جزء من فريق عملٍ متحدٍ ومتكامل، ويحمل رؤية ورسالة وقيم المنظمة، وهذا يدفعه إلى العمل بجد وإبداع لتحقيق أهداف المنظمة ورفع مستوى أدائها.
شاهد بالفديو: 8 نصائح لتبدأ نهارك وأنت في قمة السعادة
5. انخفاض معدلات الغياب والتسرب من العمل:
تقلل السعادة في العمل من مشاعر الإحباط والملل والرغبة في الهروب من العمل، فالموظف السعيد يحب عمله ويتمتع به، ويكون متحفزاً كل يوم ليصل إلى مكان عمله وأداء مهامه، فينعكس ذلك إيجاباً على انخفاض نسب التأخر والغياب وترك العمل، وأيضاً يزيد من إنتاجية الموظف فيها.
6. توفير التكاليف على الشركة والحد من دوران العمالة:
وفقاً لأبحاث أجرتها جامعة ولاية كانساس، فإنَّ تهيئة الظروف الملائمة لتحقيق السعادة في العمل أثرت بشكل إيجابي في قرارات الموظفين وأدائهم الوظيفي، وقللت أيضاً من التكاليف الصحية، وحدت من نسبة دوران العمالة والتي تشكل كابوساً للشركات الكبرى بعد أن تكون قد تكبدت كثيراً من المال على برامج تدريب الموظفين.
7. تحقيق أهداف الشركة بشكل أسرع:
إنَّ تحقيق سعادة الموظف يساعد على رفع أدائه، ودفعه للعمل بجدية على تحقيق أهداف الشركة وتطوير أدائه وقدراته ومهاراته لتحقيق الفائدة للشركة على الأمد البعيد وفقاً لدراسة قامت بها جامعة كاليفورنيا ريفرسايد، وهذا يرجع بشكل أو بآخر إلى إحساس الموظف وشعوره بالتقدير والاحترام لدوره في الشركة وبأنَّ عمله محط احترام وتقدير من قبل رؤساء العمل.
8. زيادة رضى العملاء:
تتألف المعادلة هنا من قطبين لا ثالث لهما: موظف سعيد=عميل سعيد، لذلك تحرص معظم الشركات على الاستثمار في تحسين وتطوير مهارات الموظفين والعاملين لديها والحرص على كونهم راضين عن عملهم الذي يقومون به؛ وذلك عبر الاهتمام ببرامج التطوير الوظيفي وبرامج المكافآت والحوافز والإجازات السنوية، فعندما تتحقق سعادة الموظفين، فإنَّ ذلك يضمن تفاعلاً أكثر مع العملاء، ليكونوا قادرين على تقديم أفضل خدمة لهم.
دعونا نستعرض معكم بعض الإحصاءات التي تثبت بما لا يدعو للشك أهمية السعادة في مكان العمل، هذه الإحصاءات قام بها كل من موقعي Gallup وDevelopment A وتبين ما يأتي:
- إنَّ 35-44 ساعة: هي ساعات العمل التي يفضلها 40% من الموظفين في الأسبوع.
- 50% من الموظفين راضون عن إجازتهم الممنوحة لهم.
- 68% من الموظفين كانوا راضين عن الجهد الذي يبذلونه في العمل.
- 70% من الموظفين بيَّنوا أنَّ زملاء العمل وبيئة العمل المشجعة كانت السبب في رضاهم عن عملهم الحالي.
- 70% من الموظفين لديهم طموح عالٍ بالحصول على الترقية في عملهم.
كيف تجعل عملك أكثر متعةً ورضى؟
تعد السعادة في العمل هدفاً هاماً لمعظم الأفراد، ويتم تحقيق الرضى والإشباع الشخصي والمهني من خلال بيئة العمل السعيدة.
فيما يأتي نستعرض عدداً من العوامل التي تجعل عملك أكثر متعةً ورضى، ومن بينها:
1. اختيار وظيفة تتناسب مع شغفك:
حاول اختيار وظيفة تتوافق مع اهتماماتك ومهاراتك الشخصية، فمن المؤكد أنَّك ستشعر بالسعادة والرضى عندما تعمل في مجال تعشقه وتستمتع به.
2. وضع أهداف واضحة:
ضع أهدافاً واضحة ومحددة لنفسك في العمل، ولتكن قابلة للقياس بحيث تضمن تحقيقها، ستشعر بالرضى والتحفيز عندما تحقق تلك الأهداف وتشعر بالتقدم في مجالك.
3. تعزيز روح الإبداع والتحدي:
حاول تنويع مهامك وتحدي نفسك بشكل مستمر وذلك لتكتشف قدراتك وتتخطى فخ الوقوع في الروتين الممل، لذا قم بتطوير مهاراتك والعمل على مشاريع جديدة لتحافظ على التحفيز والشغف في العمل.
4. تعزيز العلاقات الاجتماعية:
تؤدي العلاقات الجيدة بين زملاء العمل والمديرين دوراً هاماً في الشعور بالسعادة في العمل، فعندما يحصل تعاون وتفاهم بينك وبين زملائك في العمل، فإنَّ ذلك يزيد من الراحة والاستقرار العاطفي في العمل، كما يعزز التواصل والتعاون معهم ومساعدتهم عند الحاجة، ويفتح المجال للاستفادة من التجارب والمعرفة المشتركة معهم.
شاهد بالفديو: تأثير العلاقات الاجتماعية على إيجاد فرص العمل
5. بناء أواصر الثقة والتقدير والاعتراف بالإنجازات:
يشعر الأفراد بالسعادة عندما يتم تقدير جهودهم المبذولة وعملهم من قبل المديرين والزملاء؛ وذلك عبر منح الثناء والمكافآت الملائمة، إذ يعزز التقدير والثناء الإيجابي بين الموظفين والمديرين الرغبة في تقديم الأفضل ويساهم في تعزيز الثقة في العمل.
6. تحقيق الإنجاز والنمو المهني:
يشعر الأفراد بالسعادة عندما يحققون نجاحات مهنية ويشاهدون تطورهم الشخصي والمهني، لذلك اغتنم فرص التدريب والترقية والتطوير المهني لكي ترفع من مستوى سعادتك في العمل.
7. المرونة والتوازن بين العمل والحياة الشخصية:
يؤثر التوازن الصحيح بين العمل والحياة الشخصية في زيادة السعادة في العمل، فعندما تتمكن من إدارة وقتك بشكل جيد وتحصل على الاستراحة الكافية والوقت الكافي للقيام بالنشاطات الشخصية، فإنَّ ذلك يساهم في جعلك أكثر رضى وسعادة في العمل.
8. بيئة العمل الإيجابية:
تؤدي بيئة العمل الإيجابية دوراً هاماً في زيادة السعادة، ويتضمن ذلك وجود أجواء إيجابية وصحية داخل الشركة يسودها الاحترام والتقدير، كما تتضمن وضع سياسات وإجراءات عادلة في الشركة تنطبق على الجميع بلا استثناء، وتوفير فرص للتواصل والمشاركة بين الجميع.
9. التعلم المستمر:
طور نفسك من خلال تعلم مهارات جديدة واكتساب معرفة أوسع في مجال عملك، وستشعر بالمتعة والرضى عندما تزيد قدرتك على تحقيق النجاح والتميز.
10. تجنب الاحتراق الوظيفي:
تعرف إلى علامات الاحتراق الوظيفي مثل الإرهاق المستمر وفقدان الاهتمام، واتخذ التدابير اللازمة للحفاظ على الحيوية والتحفيز في العمل، مع الحفاظ على نمط حياة صحي ومتوازن بممارسة الرياضة وتناول الطعام الصحي.
في الختام:
استعرضنا في مقالنا الأهمية الكبيرة لتحقيق السعادة في العمل، وكيف أنَّها من الأمور التي تنعكس على تحقيق المصلحة العامة للشركة عامةً وتنعكس أيضاً على مدى إنتاجية الفرد وأدائه العملي وعلى زيادة محبته لعمله وتقديم أفضل ما لديه، كما تطرقنا لذكر بعض العوامل التي تساهم في جعلك أكثر رضى ومتعةً في عملك، نتمنى أن يكون هذا المقال قد نال إعجابك واستحسانك.
أضف تعليقاً