المشاكل التي تواجه الموظفين في العمل:
تُظهِر الدراسات أنَّ الضغط في بيئة العمل، وعدم الشعور بالرضا والسعادة؛ يؤدي إلى ارتفاع معدل انتشار مشكلات الصحة العقلية، مثل: الاكتئاب، والقلق.
من جهةٍ أخرى، يميل أغلب أصحاب العمل إلى تقديم مقترحاتٍ واستراتيجياتٍ تتعلّق بالعمل، دون الانتباه إلى المشكلات التي يعاني منها الموظفون، والتي قد تكون سبباً من أسباب انخفاض الإنتاجية والأرباح؛ ومنها:
1. عدم الاعتراف بهم كشركاء في العمل:
يميل أغلب المديرين إلى تنفيذ كلِّ شيءٍ بأنفسهم، رافضين إعطاء الثقة لموظفيهم؛ خوفاً من وقوع الأخطاء، غير مُدركين أنَّ إعطاء الثقة والمساحة للموظفين كفيلٌ باستخراج أفضل ما لديهم من طاقاتٍ وقدراتٍ كامنةٍ وإبداعيةٍ، مما يزيد من إنتاجية وأرباح الشركة، ويملأ بيئة العمل بالمشاعر الإيجابية الخلاقة.
يجب أن يَعي المديرون فكرة أنَّ كلَّ الموظفين مختلفون، وأنَّ كلاً منهم مميزٌ ومُتفرّد. والمدير الناجح هو مَن يعمل على استنباط السمات المميزة لدى كلِّ موظف.
إنَّ عدم إعطاء الثقة للموظفين، وعدم إشراكهم في اتخاذ القرارات التي تخص العملية الإنتاجية، يجعل منهم أشخاصاً سلبيين، لا يملكون الدافع إلى العمل، وغير مُنتمين إلى المنظمة، وغير قادرين على تحمل المسؤولية، أو اتخاذ القرارات.
2. عدم شعور الموظفين بالتحفيز:
لكلٍّ من الموظفين أهدافٌ مختلفة، وتطلعاتٌ ومعتقداتٌ مختلفة. إذ يُحفَّز أغلبهم بالمال، وفي هذه الحالة يجب أن يكون هناك نظامٌ عادلٌ للمكافآت والحوافز؛ بحيث أنَّ مَن يعمل أكثر يحصل على مكافأةٍ أعلى.
إنَّ غياب التحفيز المادي، أو انعدام العدل فيه، يجعل الموظفين أقلَّ رغبةً بالعمل، وأقلَّ إنتاجيةً، ويزيد من الطاقة السلبية لديهم تجاه عملهم.
من جهةٍ أخرى، قد يُحفَّز آخرون معنوياً؛ كأن يُمدَحون أمام زملائهم على تفانيهم ودقتهم في العمل.
تتطلّب معرفة شخصية كلِّ موظف، وكيف يُحفَّز؛ الجلوس إلى الموظفين، والاستماع إلى آرائهم ومعتقداتهم.
إقرأ أيضاً: 10 نصائح لتحفيز الموظفين من دون اللجوء إلى المال
3. كآبة ما بعد الوظيفة:
يكتئب الكثير من الموظفين عندما يشعرون أنَّهم في عملٍ لا يرتقي إلى طموحاتهم، ويستمرّون فيه؛ لمجرّد أنَّه يؤمّن لهم راتباً شهرياً دائماً.
وهنا، يجب أن يتحاور المدير مع موظفيه، وأن يُوقِظ فيهم الأحلام التي دفنتها الوظيفة، وأن يُبيِّن لهم أنَّ باستطاعتهم تحقيق طموحاتهم من خلال العمل على تطوير أنفسهم أولاً، ومن ثم تطوير وظيفتهم.
4. الموظفون أسرى الأمان:
لدى الكثير من الموظفين تمسّكٌ قويٌّ بالوظيفة العامة، كونها وظيفةٌ ثابتةٌ وآمنةٌ ولها ساعات عملٍ محددة، ويستمرون فيها حتى إن كانت طاقاتهم غير مستثمَرةٍ فيها؛ لمجرد أنَّها تحقق عنصر الأمان لديهم، غير واعين أنَّهم من يصنع الوظيفة وليس العكس.
الأمان الحقيقي هو ذاتك، وما تحققه من قيمة؛ لذا عليكَ أن تخلق قيمةً لك، وستتحرر بعدها من أسرك.
نَمِّ مواهبك، نَمِّ لغتك الأجنبية، وحول موهبتك إلى قيمةٍ، عندها ستجد الفرص الخلاقة أمامك.
إقرأ أيضاً: 5 طرق لتحويل هواياتك إلى عمل تكسب منه المال
5. لا يُؤخَذ بمبادرات بعض الموظفين:
يملك بعض الموظفين رؤىً تطويرية تخدم شركتهم، فيبدؤون بتقديم المبادرات البنّاءة التي من شأنها تحسين الإنتاجية، وتبسيط الإجراءات في الشركة، وخلق جوٍّ من الألفة بين الموظفين، وتُحرِّض على العمل بروح الفريق، لكن يُفاجأ هؤلاء بضعفٍ في الترحيب بمبادراتهم، وبتقليلٍ من قيمتها وفعاليتها. مما يخلق لديهم ردة فعلٍ عكسيةً، فيتحوّلون إلى أشخاصٍ غير مبالين، وسلبيين، وغير مُكترثين بتطوير الشركة.
6. النميمة في العمل:
وفقاً لاستطلاعٍ أجرته BetterBuys فإنَّ أكثر من 50% من الموظفين يعانون من وجود أشخاص يقضون وقت العمل بالنميمة ويتجوّلون بين مكاتب زملائهم متحدثين بعبارات مثل "هل تصدق أنَّ فلان فعل ذلك؟" أو "ماذا بشأن المكافآت؟"، وهذا النوع من الأشخاص يصبح عنصراً مدمراً للشركة. وقد وجدت إحدى المجلات الدولية لإدارة الموارد البشرية أنَّ 33% من الأشخاص الذين يتعاملون مع الثرثرة السلبية في مكان عملهم، لديهم سلوكٌ مُتهكِّمٌ ضد منظماتهم وزملائهم. يتعامل المدير الناجح مع هؤلاء الاشخاص من خلال تمتعه بقدرةٌ عاليةٌ على سماع مشكلات و هواجس الموظفين. فالشفافية المطلقة بين الإدارة وموظفيها تُقلِّص هذه المظاهر إلى حدودها الدنيا.
إقرأ أيضاً: 5 طرق لمواجهة النميمة في مكان العمل
7. امتلاك بعض الموظفين ثقافة عمل مشوّهة:
لدى الكثير من الموظفين فكرةٌ مفادها: "إنَّ الراتب الشهري قليلٌ، ولا يستحقّ العمل بضميرٍ"، فيتحوّلون من ثقافة العمل إلى ثقافة الدوام حيث يأتي الموظفون إلى عملهم ليُثبتوا وجودهم الجسدي دون تقديم أيِّ قيمةٍ مضافةٍ فتصبح علاقتهم بالمنظمة مشوهة. الجدير بالذكر أن العمل بضميرٍ واجبٌ على الموظف و يرفع لديه حس الانتماء للمنظمة حتى عندما يكون المردود المادي ضعيفاً.
من جهةٍ أخرى، عندما يكون نظام الرواتب والأجور متناسباً مع القيمة الشرائية للسلع، ويُؤمِّن للموظفين حياةً كريمةً ومستقرةً سينعكس هذا الأمر إيجاباً على إنتاجيتهم وولائهم للمنظمة.
8. عدم وجود بيئة عمل مناسبة:
يعاني الكثير من الموظفين من غياب بيئة العمل المناسبة، كأن يكون هناك نقصٌ في الإمكانات المادية والتقنية الموجودة في مكان عملهم، أو زيادةٌ كبيرةٌ في أعداد الموظفين دون وجود قدرةٍ استيعابيةٍ لهم.
تنعكس ظروف العمل غير المناسبة سلباً على إنتاجية الموظفين، وعلى أدائهم وإبداعهم.
9. عدم وجود نظام واضح لتقويم أداء الموظفين:
يشعر الكثير من الموظفين بأنَّ الترقية الوظيفية لا تكون على أساس تقويمٍ نزيهٍ وعادلٍ لأداء الموظفين، بل على أساس القدم الوظيفي أو المحسوبيات.
إنَّ عدم وجود معايير واضحةٍ للتقويم، واعتماد سنوات الخدمة للموظف، أو المحسوبية معياراً للترقية، عوضاً عن مهارات الشخص وشهاداته العلمية وخبرته؛ يُقلل من رغبة الموظفين بالعمل، ويُضعِف أداءهم، ويصيبهم بالكآبة واللامبالاة.
10. وجود مشكلات في التواصل بين الموظفين:
قد يُساء فهم الشخص للآخر، في كثيرٍ من الأحيان، وقد يؤدي سوء الفهم هذا إلى جدالٍ وتوترٍ في العلاقات الشخصية أو المهنية، وقد يتطوّر الجدال إلى صراعٍ، مما يجعل التواصل أكثر صعوبة.
في وسط ثقافةٍ مجتمعيةٍ لا تحتوي ثقافة الآخر، ولا تحترم اختلافه؛ قد تؤدِّي الاختلافات في الرأي إلى خلافاتٍ بين زملاء العمل.
يريد أغلب البشر أن يحمل الآخر معتقداتٍ وآراء مشابهةٍ لمعتقداتهم وآرائهم، غير واعين أنَّه يملك بناءً معرفياً مختلفاً عنهم، وتجاربَ مختلفة.
إنَّ رسم الحدود في العلاقات المهنية، مع جعل الاحترام هو السائد في كلِّ العلاقات، وتبنِّي ثقافة تقبُّل الآخر؛ من شأنه أن يجعل التواصل بين الموظفين أكثر فاعلية.
شاهد بالفيديو: 5 نصائح تساعدك على حلّ المشاكل في العمل
من أهم مشكلات التواصل بين الموظفين:
1. التَّنمر في العمل:
قد يأخذ التَّنمر في العمل شكلاً من أشكال التَّحرش الجنسي، ومحاولات التقليل من أهمية الشخص من خلال: التَّركيز على سلبياته وتضخيمها، وإنكار إيجابياته، بالإضافة إلى الثرثرة والنَّميمة.
إقرأ أيضاً: التنمّر في العمل: أسبابه، أعراضه، وطرق مواجهته
2. التَّحيز:
التحيز: موقفٌ يمكن أن يؤدي إلى أعمالٍ مسيئة مثل التمييز، ولكنَّه ليس العامل الوحيد فيه. ومن أمثلة التحيز ما يلي:
-
التحيزات ضدَّ كبار السن:
الاعتقاد المُسبق بأنَّ كبار السن عبء على المجتمع وأقل قدرة وقيمة وأنهم غير مهتمين بالتكنولوجيا أو التجارب الجديدة يمكن أن يؤدي إلى التمييز. على سبيل المثال: قد يرفض الشخص المُكلّف بالتوظيف في شركة تُقدِّر الابتكار، توظيف عمَّالٍ كبار في السن ويتجاهل الأدلة التي تتعارض مع ذلك؛ كالسيرة الذاتية لُمقدّم الطلب سيؤدي إلى التمييز المنهجي و يخلق ثقافة تقدر الشباب على حساب الخبرة والحكمة.
-
التحيزات الجنسية:
استُخدِمت الأفكار الجنسية حول النقص الفكري والعاطفي للمرأة، من أجل حرمانها من الحق في التصويت أو الملكية الخاصة، وذلك على مرّ التاريخ البشري. كما دعمت فكرة دونية الإناث، الاغتصاب والعنف المنزلي. ولا تزال المعتقدات الجنسية بشأن صدق المرأة وعواطفها، تُستخدَم لتقويض ادِّعاءاتها بشأن الاغتصاب والاعتداء الجنسي، وغير ذلك من أشكال الاعتداء.
أنواع المشكلات في بيئة العمل:
إن تعزيز نجاح الشركة وازدهارها يعتمد على الكثير من المقومات أهمها قدرة الشركة على تجاوز التحديات و المشكلات التي تعاني منها بيئة العمل ومن أهمها:
- التوصيف الوظيفي غير المناسب يعزز سوء الفهم بين الإدارة والموظفين ويشوه أداة قياس الأداء الوظيفي.
- نقص التدريب يجبر الموظفين على التعلم بأنفسهم من خلال التجربة والخطأ الذي بدوره ينعكس سلباً على أداء الشركات.
- الافتقار إلى التواصل في الاتجاهين حيث يعاني المدراء من ضعف في مهارة التواصل المنتظم ثنائي الاتجاه الذي له الأثر الكبير على مستوى أداء الموظفين.
- عدم وجود الحافز المعنوي لدى الموظف ويتطلب هذا جهدًا متضافرًا من قبل الإدارة وفهم أن هناك دائمًا شيئًا إيجابيًا يمكن قوله لكل موظف كل يوم.
- الافتقار إلى المساءلة المتعلقة بالوظيفة يؤدي الى فشل مالي للشركات.
- سياسات الشركة غير السليمة أو المفرطة تؤدي الى ضعف أداء الموظفين.
- نقص المرافق والمعدات وخاصة معدات السلامة لما لها من أثر سلبي على الروح المعنوية لدى الموظفين.
- الافتقار إلى مشاركة المجتمع الخيري ينتج عنها موظفين لديهم تقدير متدني لوظائفهم وشركتهم.
- مدير رديء يمثل قدوة رديئة للموظفين.
الخلاصة:
يُعدُّ الاعتراف بأيِّ مشكلةٍ نصف حلّها، لذلك بعد محاكاتنا لمشكلات الموظفين الحقيقية، علينا الآن أن نستجمع كلَّ طاقاتنا، وأفكارنا، وإيماننا، وانتماءنا، وإبداعنا؛ لصوغ حلولٍ واقعيةٍ مناسبةٍ، وقادرةٍ على إنعاش نفوس الموظفين الميتة، وبث الروح فيها من جديد.
أضف تعليقاً