لذلك أكثر ما يشدِّد عليه الأطباء باختلاف الاختصاص هو تناول الطعام الصحي المتوازن، وكما يقال "المعدة هي بيت الداء" فمن الممكن أن يحسِّن الطعام من صحتنا، ومن الممكن أن يغيرها إلى الأسوأ، وكل ما سبق يجعل الأهل في سعي مستمر إلى تربية أطفال بصحة جيدة، فنجدهم يتعاملون بحذر مع موضوع تغذية الطفل منذ بداية حياته، لكن لا توجد قاعدة عامة لغذاء الأطفال؛ فالطعام الذي أشاد به أحدهم قد يتسبب بحساسية لطفلك ينتج عنها مشكلات عدة.
سنوضح لك في مقالنا أعراض الحساسية الغذائية عند الرضع والأطفال حتى يُتعرَّف إليها عند الإصابة بها، وسنذكر أبرز الأطعمة المسببة لذلك.
ما هي الحساسية الغذائية عند الرضع والأطفال؟
تتمثل الحساسية الغذائية بوجود استجابة غير طبيعية لجهاز المناعة في الجسم؛ وذلك عند تناول أطعمة معينة، فتؤثِّر تلك الحساسية في معظم أجهزة الجسم مثل الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي والقلب والجلد أيضاً، وتؤثِّر الحساسية الغذائية فيما يصل إلى 8% من الأطفال ممن لم تتجاوز أعمارهم 5 سنوات، وتصل إلى 6% من الأطفال الرضع حتى عمر السنتين.
ما هو سبب الحساسية الغذائية عند الرضع والأطفال؟
لا يوجد سبب واضح ومحدد، ويمكن عدَّه السبب الرئيس للحساسية الغذائية، لكن قد يكون السبب وراثياً؛ إذ يزداد احتمال معاناة الطفل من الحساسية الغذائية في حال كان الأب أو الأم أو أحد الأخوة قد تعرَّض لذلك سابقاً، كما قد يكون السبب هو التعرض المبكر لبعض الأطعمة، أو تناول بعض الأطعمة مخلوطة مع بعضها بعضاً.
كما وُجِدَ أنَّ إصابة الطفل بمرض الربو أو الأكزيما يزيد من احتمال إصابته بالحساسية الغذائية، أو حتى إصابة أحد أفراد العائلة بالأكزيما أو الربو يزيد من احتمال إصابته بالحساسية.
ما هي فيزيولوجيا الحساسية الغذائية؟
يُعدُّ الجهاز المناعي طعاماً معيناً أنَّه جسم ضار وغريب، فيقوم بمهاجمته؛ وذلك بتحفيز إنتاج الغلوبولينات المناعية وبدورها تقوم بتحفيز إفراز الهيستامين في المرة القادمة عند دخول هذا الطعام إلى الجسم؛ ومن ثَمَّ ستظهر أعراض الحساسية الغذائية في المرة الثانية لتناول طعام معين.
ما هي أعراض الإصابة بالحساسية الغذائية عند الرضع والأطفال؟
1. الحساسية المفرطة:
إن كانت الحساسية الغذائية مفرطة، فتظهر أعراض الحساسية سريعاً، وهي غالباً عبارة عن طفح جلدي وتقيؤ وإسهال وألم في البطن وصعوبة في التنفس لتصل إلى الاختناق وصداع وخفقان في القلب وانخفاض في ضغط الدم، إضافة إلى التشوش الذهني وقلة التركيز.
كما يمكن أن يحدث سيلان في الأنف وعطاس، وعندما تتسبب الحساسية بتعطيل وظائف الأعضاء الحيوية الداخلية، يصل الأمر إلى الموت وتسمى هذه الحالة ب ، وتكون الأعراض عبارة عن تورُّم في الحلق وتضيُّق في المسالك الهوائية والإصابة بدوار وفقدان للوعي.
2. الحساسية الخفيفة:
قد يظهر الطفح الجلدي مع احمرار وحكة في الجلد في هذه الحالة، لكن غالباً ما يختفي سريعاً، كما يُعدُّ الإسهال من أبرز الأعراض في هذه الحالة.
ما هي الأطعمة التي تتسبب بالحساسية الغذائية عند الرضع والأطفال؟
1. حساسية الحليب عند الرضع:
يعاني بعض الرضع حساسية تجاه الحليب سواء كان حليباً صناعياً أم حليب الأم أم حليب البقر، وتُعرَّف الحساسية ضد الحليب باسم عدم تحمل اللاكتوز، وتؤثِّر هذه الحساسية فيما يقارب 60% تقريباً من الأطفال في أنحاء العالم، ربما بسبب حساسيته للفينيل أنين الموجود في حليب الأم، وربما بسبب الأطعمة التي تتناولها الأم.
إن كان لدى الطفل حساسية من حليب البقر والأم تعتمد في غذائها على حليب البقر ومشتقاته، سيصبح لديه حساسية من حليب الأم، فيبدو عليه الانزعاج عند الرضاعة، وأبرز الأعراض هي المغص الشديد، والتقيؤ المتكرر، والإصابة بالإسهال أو الإمساك المفرط، وفي حال وجود الدم في براز الرضيع فتلك دلالة الحساسية الشديدة من حليب البقر.
عندها على الأم التوقف نهائياً عن تناول حليب البقر ومشتقاته، أو عليها الاستعانة بالحليب الصناعي على الرَّغم من أنَّ أغلب الأنواع مصنوعة من حليب البقر، إلا أنَّها لا تسبب الحساسية؛ لأنَّ بروتينات الحليب مجزئة، وفي حال كان الحليب مصنوعاً من حليب الماعز أو الصويا، فيُعدُّ بديلاً غير صحي للرضع ممن يعانون حساسية حليب البقر؛ فالتركيبة متشابهة إلى حد كبير.
2. أطعمة الكاروتين:
ومنها نذكر البطاطا الحلوة والجزر والشمام، ومن أبرز أعراض التعرض للحساسية عندها هو البراز ذو اللون الأخضر.
شاهد بالفديو: كيف يتم العناية بالطفل حديث الولادة؟
3. المحار:
تتميز الحساسية للمحار بأعراض مثل بحَّة الصوت، وتحوُّل لون البشرة إلى الفاتح، والغثيان، والقيء، ويمكن الكشف عن حساسية الطفل للمحار أو الأسماك أو غيرها من المأكولات البحرية بخضوع الطفل لاختبار دم بسيط.
4. البيض:
الحساسية للبيض تنتج عن الحساسية لبياض البيض فقط، وينتج عن ذلك طفح جلدي أو ظهور بقع حمراء، إضافة إلى ضيق التنفس وصدور صوت يشبه الصفير أحياناً، ويترافق ذلك مع آلام في المعدة.
5. الفلفل:
حساسية الطفل للفلفل تتسبب في سيلان أنفه ودموعه وتجعله رافضاً لأطعمة كثيرة، مثل الآيس كريم المحببة لدى معظم الأطفال.
6. المكسرات:
مثل اللوز والجوز والفستق والفول السوداني والبندق والكاجو وتُعدُّ الحساسية للفول السوداني أكثرها شيوعاً؛ إذ تظهر الأعراض على شكل غثيان وتورُّم في اللسان والشفتين والعينين أيضاً.
7. القمح:
تُعدُّ الحساسية للقمح من أنواع الحساسية الشائعة بين الأطفال، ويحدث ذلك نتيجة مادة الغلوتين، وهي أحد مكونات البروتين الذي يوجد في القمح، وتعود هذه الحساسية إلى أسباب وراثية بنسبة 10%، وبعض الأطعمة الغذائية تحتوي أيضاً على الغلوتين مثل الشوفان، فتتسبب بظهور الأعراض نفسها التي يسببها تناول القمح، وأبرزها آلام في المعدة وتورُّم في جدار الأمعاء، إضافة إلى الإسهال المائي.
8. الحمضيات:
والتي تُعدُّ مصدراً هاماً لفيتامين c؛ لذلك يقوم الأهل بعصرها وتقديمها للطفل، لكن بعضهم لديه حساسية منها، وأبرز أعراض هذه الحساسية هي تورُّم في القدمين، إضافة إلى الحكة.
9. المضافات الغذائية:
عند تناول الطفل لأغذية جاهزة ومعلبة، قد تظهر أعراض الحساسية لديه، والتي لا تكون ناتجة عن المادة الرئيسة التي تناولها؛ إنَّما نتيجة الإضافات الغذائية التي تضيفها لتحسين الطعم أو للحفظ.
كيف يمكن الكشف عن حساسية الطفل لطعام معين؟
بعد تعرُّفنا إلى خطورة الحساسية الغذائية عند الرضع والأطفال من الضروري الانتباه عند تعريض الطفل للأطعمة الجديدة، فيجب ألا تعرضه لمختلط من الأطعمة في وقت واحد؛ إنَّما يتم الأمر بالتدريج، ومن الأفضل الانتظار بعد إطعام الطفل بطعام جديد لمدة لا تقل عن 3 أيام قبل محاولة إطعام الطفل بطعام آخر لمعرفة إن كان له تأثير سلبي في صحته.
هل يوجد علاج لحساسية الطعام عند الرضع والأطفال؟
عند التعرُّض للحساسية الشديدة وظهور الأعراض بوضوح، يُعالج الطفل في أسرع وقت عن طريق حقن مادة الأدرينالين، أمَّا عند التعرُّض للحساسية الغذائية الخفيفة، فيُعطى الطفل أدوية مضادة للحساسية، وفي جميع الأحوال يجب تجنُّب الأطعمة التي سببت الحساسية للطفل.
يمكن للطبيب في بعض الحالات اتباع طريقة في العلاج تعتمد على إعطاء الطفل كمية صغيرة من الأطعمة التي سببت له الحساسية طيلة مدة معينة؛ وذلك بهدف جعل الجسم يعتاد على هذه المواد، فيكتسب مناعة ضد التحسس، لكن يتم ذلك حصراً بإشراف طبيب متخصص، وليس في المنزل كي يكون الطبيب مستعداً لعلاج الأعراض التي تظهر، فلا يصل الأمر إلى حد يصعب السيطرة عليه.
في حال استبعاد أنواع معينة من الطعام نتيجة حساسية جسم الطفل لها، يجب تعويض العناصر الغذائية الموجودة في الطعام المستبعد من خلال تناول أطعمة أخرى، فمثلاً إن مُنع الطفل من تناول الحليب ومشتقاته يمكن تناول أطعمة تحتوي على الكالسيوم مثل حليب الصويا، أو حليب الأرز المدعم بالكالسيوم أو البروكلي أو السبانخ.
في الختام:
استجابة الجهاز المناعي عند الطفل لبعض الأطعمة قد تكون غير طبيعية، فيتسبب ذلك بحساسية تجاه نوع محدد من الأطعمة، ويختلف الأمر من طفل إلى آخر، فقد يتعرَّض الطفل للحساسية الغذائية في أي عمر حتى إن كان رضيعاً، ويزداد احتمال الإصابة بالحساسية الغذائية في حال إصابة الأم أو الأب أو أحد أفراد العائلة بتلك الحساسية سابقاً، وعند تعرُّض الأطفال بسن مبكر للأطعمة المتنوعة أو المخلوطة.
قد تكون أعراض الحساسية الغذائية عند الرضع والأطفال قوية، مثل التقيؤ والإسهال والطفح الجلدي وضيق التنفس، وحتى يمكن أن يصل الأمر إلى فقدان الوعي أو الموت إن لم يُعالج سريعاً، وقد تكون الأعراض طفيفة، فتقتصر على احمرار الجلد والحكة والإسهال.
من أبرز الأطعمة المسببة للحساسية الغذائية يوجد الحليب، سواء حليب الأم أم البقر أم الصناعي، والقمح والأطعمة الغنية بالكاروتين والمأكولات البحرية خاصة المحار والبيض والفلفل والمكسرات كالفستق، أمَّا علاج هذه الحالة، فيتم حصراً بإشراف طبيب متخصص تفادياً لتفاقم الحالة وصعوبة السيطرة عليها.
أضف تعليقاً