من المهم جداً تقديم المساعدة للطفل، لكن دون ضغطه أو إحراجه وإثارة قلقه، وهذا تماماً ما توفِّره بعض الألعاب التي تُقدَّم للطفل بغرض التسلية واللعب، ولكن في الحقيقة يكون الهدف الأساسي منها تعزيز ثقته بنفسه، في هذا المقال سنتعرف إلى بعض هذه الألعاب، وكيف تؤدي هذا الدور.
أسباب ضعف ثقة الطفل بنفسه:
قبل البدء بالحديث عن الطرائق التي تساعد على زيادة ثقة الطفل، بنفسه سنقوم بذكر الأسباب التي أدَّت إلى قلَّة هذه الثقة ومنها:
- عدم إعطاء الأطفال المساحة اللازمة لهم للتعبير عن أنفسهم، والمبالغة في الدلال والاهتمام من قِبَل الأهل، وتلبية كل طلباتهم وتنفيذ كل الأعمال حتى الواجبات التي يجب على الطفل القيام بها.
- السبب الثاني هو عكس السبب الأوَّل ويؤدي إلى النتيجة ذاتها، وهو انشغال الأهل الدائم عن أطفالهم، وتركهم يقومون بأعمالهم وأعمال غيرهم دون أي توجيه أو رقابة، وهذا ما يسبب الإحباط للطفل بسبب عدم قدرته على إنجاز كل هذه الأعمال وحده، كما يُشعره أيضاً بقلَّة أهميته وعدم جدواه.
- مطالبة بعض الأهل أطفالهم بمستويات عالية من الكمال والمثالية، ورفضهم لأي فشل أو إخفاق مهما كان صغيراً، وهذا من شأنه طبعاً أن يخلقَ طفلاً مُحبَطاً وضعيف الثقة بالنفس، إضافةً إلى استمرار بعض الأهل بنقد الأطفال على كل عمل أو تصرُّف يقومون به.
- التسلُّط: يميل بعض الأهل إلى التعامل مع أطفالهم بطريقة متسلطة، ويستخدمون معهم العنف والقوة، وهذا طبعاً ما يُقلل ثقة الطفل بنفسه ويكسر شخصيته وخاصةً عند الخروج ومواجهة العالم الخارجي.
شاهد بالفيديو: 10 طرق لتعزيز ثقة الطفل بنفسه
بعض الألعاب والنشاطات التي تزيد ثقة الطفل بنفسه:
اللعب مهما كان شكله وطريقته، يساعد الطفل حتماً على زيادة ثقته بنفسه؛ وذلك لأنَّ اللعب يساعد الأطفال على معرفة مدى مهاراتهم وقدراتهم، ولتعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم يستطيع الأهل ممارسة العديد من النشاطات والألعاب مع أطفالهم، ومن هذه الألعاب:
- نشاط المربع السحري: المربع السحري هو نشاط يساعد الطفل على رؤية نفسه رؤيةً أفضل، كما يساعده على تقدير ذاته ومعرفة حجم نفسه وقيمته، يقوم هذا النشاط على إحضار صندوق كرتوني ووضع مرآة داخله، ثمَّ يُطلب من الأطفال تشكيل حلقة حوله، نُخبر الطفل أنَّ هذا الصندوق يساعده على إظهار صورة شخص مميز جداً، قبل التوجُّه إلى الصندوق على الطفل أن يضع في باله صورة شخص يعتقد أنَّه مميز، ثم ينظر الطفل داخل الصندوق، ليتفاجأ ويرى صورته، وهنا تكمن رسالة هذه اللعبة.
- نشاط المهام: مبدأ هذه اللعبة أو النشاط إعطاء الطفل شعور بالرضا ينتج عن قيامه بإنجاز مجموعة من المهام تُطلب منه، تُكتب هذه المهام على ورقة، ويقوم الطفل بتدوين تاريخ الابتداء والانتهاء عند كل مهمة.
- لعبة الأقنعة: تعتمد هذه اللعبة على إكساب الطفل مهارة التحاور مع غيره من الأطفال، كما تزيد ثقته بنفسه بين مجموعة من رفاقه، يُشكِّل الأطفال دائرة، ويقف أحدهم وسط الدائرة، وبعد أن يتعرف الطفل إلى أصدقائه المشاركين في اللعبة، يضع الأطفال الأقنعة ويقومون بالدوران أكثر من مَرَّة وتغيير أماكنهم، وعلى الطفل في الوسط معرفة من وراء كل قناع، وعندما لا ينجح بمعرفة الهوية، سيلجأ للتحاور معه وطرح مجموعة من الأسئلة الخاصة به، والتي ستساعده على التعرُّف إليه.
- لعبة الانتخابات: تُستخدم هذه اللعبة في المدرسة؛ حيث يتمُّ اختيار مجموعة من الأطفال على أنَّهم مرشحون لرئاسة جديدة للصف، وينزل بعدها الأطفال المرشحون إلى الباحة ويعلنون عن ترشحهم، لينضمَّ ما تبقى من الأطفال كلٌّ إلى المرشح المفضَّل لديهم، ثمَّ تقوم كلُّ مجموعة بما يشبه الحملة الانتخابية، لتنتهي اللعبة بالتصويت وفوز المرشح الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات.
تساعد هذه اللعبة الأطفال على التعبير عن رأيهم بحرية، كما تُعلِّمهم احترام آراء غيرهم أيضاً، إضافةً إلى تعلُّم التعاون والمنافسة الشريفة، وهنا يجب الانتباه إلى أنَّ للمعلمة دوراً مهماً؛ حيث يمكنها التركيز على الأطفال الذين يعانون من قلة الثقة بالنفس، وتُشجعهم على المشاركة دون الضغط وفرض المشاركة عليهم، فهي تستطيع إقناعهم وتقديم الدعم لهم، ليتمكنوا من الفوز، وهذا ما سيجعل الطفل يثق بنفسه ثقة كبيرة.
- لعبة الأسئلة: تقوم المعلمة بطرح مجموعة من الأسئلة على الأطفال، وتعطيهم بعدها حرية الإجابة والتعبير وذكر الطرائق التي سيتصرفون بها عند تعرضهم إلى موقف ما، وبعدها تقوم المعلمة بذكر طريقة التصرف الصحيحة عند التعرض إلى هذا الموقف، وقد تكون الأسئلة من نوع: ماذا تفعل إذا سَرَقَ أحدهم دميتك؟ ماذا تفعل إذا أَخذَ أحدهم دورك في اللعب على الأرجوحة في الحديقة؟
- لعبة البطاقات: الهدف من هذه اللعبة هو مساعدة الطفل على الحديث الجيد وعلى التنظيم؛ حيث تَكتُب المعلمة مجموعة من الأحداث المتسلسلة على بطاقات، ثمَّ يُطلَب من التلاميذ التعاون وترتيب هذه البطاقات حسب تسلسل الأحداث.
- لعبة التقليد: من أفضل الألعاب وأكثرها تأثيراً ومساعدةً للطفل على اكتساب الثقة بالنفس، فمن خلالها يقوم بمجموعة من المهارات العاطفية والاجتماعية، هذه المهارات التي لها فائدة كبيرة في المستقبل، وفي هذه اللعبة أيضاً يتجاوز الطفل الخوف، ويُعَدُّ القضاء على الخوف أحد أهم العوامل لزيادة ثقة الطفل بنفسه، وتُعَدُّ هذه اللعبة بسيطة جداً، وفيها يقوم الطفل بتقليد شخص ما وتقليد سلوكاته وتصرفاته، ويمكن اختيار شخص من أفراد الأسرة، أو يمكن تقليد بعض أنواع المهن.
- لعبة يوم المديح: تتعلق هذه اللعبة بعلاقة الآباء مع أطفالهم بشكل خاص؛ حيث يُخصِّصُ الوالِدان أحد أيام الأسبوع للمدح فقط، والتركيز على الصفات الإيجابية الموجودة لدى أطفالهم، لهذه اللعبة دور كبير في تعزيز احترام الطفل لنفسه وتقديره لذاته، ولكن هنا على الأهل الانتباه، فلا يجب مدح الطفل على أشياء لا يستطيع القيام بها أو على صفات وخصال ليست موجودة لديه؛ بل يجب التركيز على ما هو موجود بالفعل، حتى لا نقع في مشكلة أخرى.
يَستخدِمُ الوالدان في هذه اللعبة عبارات من نوع: أُحِبُّ كيف تصرفت عندما…، ولا يتوقف الأمر على العبارات الشفهية؛ بل يمكن كتابة هذه العبارات على بطاقات وتعليقها في مكان ما في المنزل، على الثلاجة مثلاً، أو على باب غرفة الجلوس، أو أي مكان مناسب في المنزل.
- لعبة قبعة القرار: تساعد هذه اللعبة الأطفال على اتِّخاذ القرارات وتطوير الاستقلالية لديهم؛ حيث يُشَجَّعون فيها على اتخاذ قرار خاص بهم، تُوضَع القبعة على رأس الطفل، ثمَّ يُطلَب منه اتخاذ قرار في موضوع ما يهمُّه، ويقوم الوالدان بمساعدة الطفل على تنفيذ قراره.
- لعبة تمثيل الأدوار: يقوم بها الطفل بلعب دور شخص آخر - وليس تقليده كما في لعبة التقليد - بل أن يكون الشخص الآخر، فيلبس الطفل حذاء الشخص الآخر ويأخذ دوره، ولهذه اللعبة دور كبير في تعليم الطفل احترام الآخرين ومن ثم احترام نفسه.
- الرسالة الإيجابية: يُطلَب من الطفل تقديم وصف إيجابي عن نفسه، فيُطلَب منه قراءة الأحرف الأبجدية في عقله، ثمَّ يطُلب منه فجأةً التوقُّف، والحرف الذي يقف عنده، عليه ذكر مجموعة من الصفات الإيجابية عن نفسه تبدأ بهذا الحرف، وهذا بالطبع يساعد الطفل ويشجعه على التفكير في كلِّ ما هو جيد عنه.
- الرقص مع الموسيقى: الرقص من أكثر النشاطات التي تساعد الطفل على التخلص من خوفه، ومن ثم تعزيز ثقته بنفسه، وفي هذه اللعبة يجب تأمين مساحة آمنة للرقص، ثمَّ تُوضَع الموسيقى، ويُطلَب منهم تحريك أجسامهم بالطريقة التي يريدون.
في نهاية الحديث عن أهم الألعاب والنشاطات التي تعزز ثقة الطفل بنفسه، يجب الإشارة إلى أنَّ هذه الألعاب وحدها غير كافية، ويجب أن يُضاف إليها العديد من التمرينات والتصرفات مع الطفل، مثل مساعدته على ممارسة هوايته المفضلة، إدخاله النوادي الرياضية التي تركز على الألعاب الجماعية وعلى تنمية المهارات الفردية، إضافةً إلى محاولة إشراك الطفل دائماً بمجموعة من المهام دون مساعدة.
نصائح لمساعدة طفلك على زيادة ثقته بنفسه:
من المهم جداً القيام ببعض الأمور لمساعدة الطفل على تخطي قلَّة ثقته بنفسه، إضافةً إلى النشاطات التي ذكرناها آنفاً ومنها:
- مراعاة الفروق الفردية بين طفلك والآخرين، والابتعاد قدر الإمكان عن مقارنته بغيره أو مقارنة إنجازاته بإنجازات غيره؛ وذلك لأنَّ هذا سيسبب الإحباط له ويُعمِّق إحساسه بالنقص.
- تقديم الدعم دائماً له وتشجيعه والإكثار من استخدام عبارات المديح معه وعدم التركيز على صفاته السيئة، فبدلاً من التركيز على توبيخه، يمكن مدحه على أفعاله الجيدة.
- من الأشياء المهمة أيضاً الاستماع لرأي الطفل وعدم التغاضي عن حقه في التعبير، وعدم التقليل من شأن ما يقوله أو مقاطعته وعدم الاكتراث به؛ بل يجب الاستماع لرأيه جيداً وتعزيز الأفكار الصحيحة عنده وتصحيح الخاطئة.
- عدم المبالغة في تدليل الطفل والقيام بواجباته عنه؛ بل يجب السماح له بالقيام بأعماله وواجباته وحده ودون تقديم مساعدة، حتى لا يُصبِح شخصاً اتكالياً وعاجزاً عن تحمُّل المسؤولية وقليل الثقة بقدراته.
- عدم اتِّباع أسلوب الصراخ في وجهه، وعدم استخدام الألفاظ السيئة أو الشتائم؛ وذلك لأنَّ هذا سيجعل منه شخصية مهزوزة وعديمة الثقة بنفسها.
في الختام:
الثقة بالنفس من أهم الأمور التي يجب أن نعمل على زرعها في نفوس أطفالنا، وكما رأينا اللعب من أهم الطرائق التي يمكن استخدامها في سبيل تحقيق ذلك؛ فالطفل من خلال اللعب يأخذ فرصة التعبير عن نفسه بحرية ودون خوف أو تردد، كما أنَّ الألعاب تعطيه مساحة للإنجاز والإبداع هو بأمس الحاجة إليها، وهكذا يبدأ بتحسين إدراكه لنفسه، ويزداد تقديره لذاته، ويكتسب الثقة بنفسه وبقدراته، ومن المهم جداً أن نُدرِك أنَّ هذا لا يحدث بين ليلة وضحاها؛ بل يحتاج صبراً وتصميماً ومتابعةً.
أضف تعليقاً