في السنوات العديدة الماضية، أكَّدت الأبحاث تأكيداً قاطعاً أنَّ المعادلة معكوسة؛ أي إنَّ السعادة هي التي تؤدي إلى النجاح وليس العكس. ينطبق ذلك إلى حدٍّ كبيرٍ على كل جزءٍ من حياتنا، كالزواج، والصداقة، والصحة، والإبداع؛ والعمل بالتأكيد.
عندما يكون الناس سعداء في العمل، فإنَّهم:
- ينتجون أكثر.
- يحققون المزيد من المبيعات.
- يصبحون قادةً أفضل.
- يحصلون على تقييمات أداءٍ أفضل.
- يكسبون المزيد من المال.
- يصبحون مُرشَّحين لنيل ترقية.
- يشعرون بالمزيد من الأمن الوظيفي.
- يأخذون إجازاتٍ صحية أقل.
- يستمرُّون في عملهم ضمن مؤسساتهم لفترةٍ أطول.
- يكونون أقل عرضةً للوصول إلى مرحلة الاحتراق الوظيفي.
باختصار، يرتفع كل مقياس عملٍ فرديٍّ قابلٍ للقياس عندما نكون سعداء. وكل ذلك يعني أنَّ السعادة في العمل هي أكثر من مجرد شعورٍ بالدفء والراحة. إنَّ تحقيق السعادة في العمل ضرورةٌ لذلك العمل، ومع أنَّه قد يبدو من الغريب التركيز على الأمر في بيئة العمل، فإنَّه عندما تنجح في ذلك، فإنَّ النتيجة النهائية ستشهد لك بضرورة ما سبق.
شاهد: 10 طرائق مثبتة علمياً تمنحك سعادة دائمة
السعادة هي الطريق إلى النجاح الوظيفي:
لا بد أنَّك ترغب بمزيدٍ من التفاصيل. فيما يأتي تلخيصٌ لبعض الدراسات:
- في دراسةٍ أُجرِيت على مدار 18 شهراً، تابع الباحثون ما يقارب 300 موظف، ووجدوا أنَّ أولئك الذين كانوا أكثر سعادةً في بداية الدراسة انتهى بهم الأمر بتلقِّي تقييماتٍ أفضل، وأجورٍ أعلى في نهاية المطاف.
- نظر الباحثون في مدى سعادة الأفراد عندما كانوا في بداية دراستهم الجامعية، ثم تحقَّقوا من وضعهم بعد 19 عاماً. ووجدوا أنَّ أولئك الذين كانوا أكثر سعادةً كانوا يكسبون المزيد من المال، بغضِّ النظر عن بدايتهم المالية.
- عندما تواجه مهمةً مرهقةً في العمل، فمن المرجَّح أن تكون ناجحاً إذا كنت سعيداً؛ لأنَّ السعادة تُلغي تأثير ذلك الضغط على أدائك. وإنَّ ذلك لا يحتاج إلى أن تكون سعيداً في حياتك عموماً؛ بل قد يكفيك مجرد استمتاعٍ بلحظةٍ من السعادة قبل إكمال مهمتك. على سبيل المثال، قد يمنحك الشعور بالسعادة أمراً يسيراً مثل؛ مشاهدة مقطع فيديو مضحكٍ على "يوتيوب" (YouTube)، قبل الذهاب إلى اجتماعٍ لتقديم عرضٍ ما؛ لذلك لا تفترض أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي في العمل لا تملك تأثيراً إيجابياً في النتائج.
- إنَّ حصول الموظفين على التقدير لعملهم الجيد، وشعورهم بالسعادة نتيجةً لذلك، يبدو في الواقع أكثر تحفيزاً من المال. وعند مقارنة المديرين الذين يمتدحون فِرقهم بانتظام، بالمديرين الذين لا يفعلون ذلك، تُرجَّح الكِفَّة للنوع الأول بالطبع؛ أولئك الذين يُمتدَحون قادرون على تحقيق إنتاجيةٍ تزيد بنسبة 30% عن أولئك الذين لا يُمتدَحون.
السعادة تطور الابتكار:
يحبُّ أرباب العمل استعمال كلمة "الابتكار" ذات الوقع الرنَّان مع فِرقهم، لكن هل يخلقون بيئةً تدعم هذا المصطلح؟ إذا لم يكن فريقك سعيداً، فمن المحتمل ألَّا يكون أعضاؤه مبتكرين كما ينبغي.
- عندما يكون دماغنا في حالةٍ إيجابية، تتنشَّط مراكز التعلُّم لدينا، ونكون أكثر قدرةً على تنظيم المعلومات، وإجراء التحليلات المعقَّدة. فنحن نُطلق العنان لعقولنا في هذه الحالات أكثر بكثيرٍ منه عندما نكون مستائين أو محبَطين.
- عندما يكون الموظفون سعداء، يكونون أكثر انفتاحاً على الأفكار الجديدة، ويرون المزيد من الاحتمالات، ويقلُّ احتمال خوضهم في سلوكات "الكر أو الفر" التي تظهر عادةً عند مواجهة مشكلةٍ مرهقة.
نحن نرى المزيد من حولنا لأنَّ مزاجنا يؤثِّر في القشرة البصرية في دماغنا، ويسمح لنا ذلك بالتحرُّك بطرائق أكثر ابتكاراً. لطالما كانت هذه الخيارات متاحةً لنا، ولكنَّ الأمر أنَّه عندما لا يكون دماغنا في حالةٍ إيجابية، فلا نتمكَّن من رؤية تلك الخيارات.
السعادة تعزز صحتك:
هل تريد السيطرة على تكاليف الرعاية الصحية الخاصة بك؟ ربما لا تكمن الإجابة في البحث عن مزوِّد تأمين صحي آخر؛ بل في قياس مستوى سعادة موظفيك.
- يعيش الناس الذين هم أكثر سعادةً لفترةٍ أطول. درس الباحثون مجلات الراهبات الكاثوليك في وقت سابقٍ في حياتهم. أولئك الذين كتبوا بسعادةٍ أكبر، كان لديهم احتمالٌ أكبر للحياة لفترةٍ أطول؛ إذ إنَّ 90% من الراهبات السعيدات عاشوا حتى سن 85، وعاش 34% فقط من غير السعيدات للفترة نفسها من العمر.
- لا يأخذ الموظفون السعداء عندما يمرضون أيام إجازةٍ صحية أقل فحسب (في المتوسط 15 يوم إجازةٍ صحية أقل في السنة)؛ بل إنَّهم عندما يمرضون، يسعدون بمقاومة المرض للتعافي منه بشكلٍ أسرع.
- إنَّ هذا أمرٌ رائع، لكن هل تؤدي الصحة إلى تحقيق أداءٍ وظيفيٍّ أفضل؟ حسناً، هل تحب ربح أكثر من 6 دولارات لكل 1 دولار تنفقه؟ هذا هو عائد الاستثمار الذي تراه شركة "كوورز بروينغ" (Coors Brewing Company) في برنامج اللياقة في الشركة.
بديهياً، لا يجب أن نحتاج إلى كل هذه الدراسات لنعلم أنَّ الإيجابية ستنتصر في كل مرة، فنحن ندرك ذلك بشكلٍ حدسي. لا يمكنك ذكر مثالٍ واحدٍ يُقدِّم فيه النهج القائم على السلبية نتيجةً أفضل من ذاك القائم على الإيجابية.
ومع ذلك - وفي مرحلةٍ ما - أقنعنا أنفسنا بأنَّ الإيجابية ليست جوهريةً أو ذات مغزى. وليس هناك الكثير من الأبحاث التي تقول خلاف ذلك، لكنَّني أعتقد أنَّ معظم الناس يدركون ذلك بغريزتهم، دون أن يعلموا ما يسعهم فعله حيال ذلك. في الوقت الحالي، اعلم أنَّه عندما تركِّز على السعادة في العمل - بناءً على كل ما تعرفه - ستقضي الوقت، وتنفق المال بالشكل الصحيح.
إنَّ التدريب على السعادة أمرٌ ممكن:
يعتقد بعض الناس أنَّ السعادة تتعلَّق بطبيعة الإنسان، وأنَّك قد وُلِدتَ كما أنت، وهؤلاء الناس مخطئون؛ إذ إنَّ أدمغتنا تمتلك القدرة على التغيُّر تغيُّراً حقيقياً بناءً على أفعالنا وظروفنا؛ هذا يعني أنَّه يمكننا اتِّخاذ القرار بأن نكون سعداء، وإذا تصرَّفنا بطريقةٍ تتوافق مع هذا القرار، فسنعيد حرفياً برمجة عقولنا في سير هذه العملية. ولكنَّ ذلك لا يحدث بين عشيةٍ وضحاها، ويكمن المفتاح في الاستمرارية؛ إذ يستغرق الأمر نخو 30 يوماً من السلوك المستمر حتى يؤتي ثماره.
إقرأ أيضاً: نصائح للسيطرة على تفكيرك والتحكم بأفكارك
فكِّر في الأمر كما لو كنت تقصد صالة ألعابٍ رياضية. فأنت لا تحصل على نتائج في الأسبوع الأول، أو حتى في الأسبوع الثاني. لكن في الأسبوع الثالث والرابع، تبدأ برؤية بعض التغيُّرات. ينطبق الأمر ذاته على السير في طريق السعادة، فإذا كنت تملك نظرةً متشائمةً مستمرةً لفترةٍ من الوقت، واتَّخذتَ قراراً بالنظر إلى الجانب المشرق، فسوف تشعر بالغرابة في الأسابيع القليلة الأولى.
اصطنع الأمر حتى تتمكَّن من إتقانه؛ وبعد مرور شهرٍ تقريباً، سترى العالم بطريقةٍ مختلفةٍ تماماً، وستشعر بأنَّ الأمر طبيعيٌّ أكثر بكثيرٍ ممَّا كان عليه عندما بدأت.
أضف تعليقاً