تتربص مناطق الراحة بنا دائماً، وهي عرض من أعراض الفشل الذي لا يجب الاستهانة به؛ فإذا لاحظت سيطرتها على حياتك يوماً بعد يوم، فقد يعني ذلك أنَّ عملك مُعرَّض لخطر الانهيار، بدلاً من النمو.
ربما لهذا السبب يقولون إنَّ روَّاد الأعمال مجنونون؛ وذلك لأنَّهم يخاطرون مرة تلو الأخرى ويختارون الشدائد الأكبر؛ إنَّهم لا يفعلون ذلك بلا سبب؛ بل يختارون المسارات التي تتطلب المزيد من العمل؛ وذلك لأنَّها تجعلهم ينمون أكثر، ليس فقط كشركات، وإنَّما كأشخاص أيضاً.
ليس من السهل النمو بالطبع، فهو أمر متعب؛ وذلك لأنَّه يعني مغادرة منطقة الراحة والدخول إلى منطقة التمكين؛ فهو يعني الانتقال والتطور، والاستغناء عن بعض الأشياء التي لم تعُد مناسبة أو منطقية.
قد يعرِّضنا النمو للنقد والتوبيخ من الأصدقاء والعائلة وزملاء العمل، وفي بعض الأحيان يمثِّل التغيير مصدر إزعاج لمن هم قريبون منا، من المفهوم أنَّ كل جديد دائماً ما يثير الاستهجان؛ لذا عليك التحلي بالصبر حتى يفهم الآخرون المغزى من قراراتنا.
النمو هو الحفاظ على يقظتك وفطنتك ووضوحك:
عندما تبدأ بالتطور أكثر، يتغير كل شيء من حولك؛ فإذا تحسَّنت، يتحسَّن كل شيء أيضاً؛ حيث يتوسع عالمك كله، وتصبح أكثر وعياً بكل الاحتمالات والفرص التي تدور حولك.
يبدأ التغيير عندما تكون على دراية بالفرص المتاحة لك للتعلم والنمو، وعندما تنتبه لها؛ حيث إنَّ أحد أكثر العوائق أمام النمو شيوعاً هو الغرور، فله تأثير جسيم لدرجة أنَّه يعمي الكثير من الناس ويجعلهم يعتقدون أنَّهم يعلمون كل شيء أو أنَّهم وصلوا بالفعل إلى القمة، بالطبع، عندما يسمح المرء للغرور بأن يسيطر على حياته، فإنَّه يعرِّض مشاريعه وأعماله لخطر جسيم.
لا تخف من ارتكاب الأخطاء، فهذا يعني أنَّك تحاول؛ فمن لم يُخطئ بما يكفي، لا يخرج من منطقة الراحة الخاصة به، ويتخلى بذلك عن حقه في خوض التجارب والتعلم والنمو.
ما هو النمو؟
النمو تطوير نفسك على المستوى الشخصي، ومقاومة كل ما يُغريك، والرغبة في أن تتحسَّن وتستثمر وقتك لاكتساب معرفة جديدة والوصول إلى المستوى التالي في عملك وحياتك الشخصية.
النمو يعني التغيير، وهو ليس أمراً سهلاً دائماً؛ حيث يجب أن تحرص على التعلم وتطوير نفسك باستمرار.
يأتي النمو نتيجةَ الانضباط والتركيز وتحديد الأولويات؛ فهو عملية تتطلب الكثير من الجهد، لكنَّه بالتأكيد الأمر الوحيد الذي يؤدي إلى نتائج مستدامة.
يمنحك النمو راحة البال، وقدرة أكبر على الصمود، والمزيد من السعادة، وعلاقات أكثر صحة، والمزيد من التركيز والإنتاجية، وصحة أفضل، والمزيد من الذكاء العاطفي، والنجاح والرضا، فما هو خيارك؟ هل تختار النمو أم البقاء طي النسيان؟ إنَّ إجابتك هامة؛ وذلك لأنَّك إذا لم تنمُ، فلن يحقق لك أحد ذلك أبداً.
إذا ما نظرت إلى القادة العظيمين والعلامات التجارية الكبيرة، فسترى أنَّ جميعهم يتبنون ثقافة النمو في عملهم؛ لذا إن لم تسعَ إلى التغيير، فلا تسأل نفسك لماذا لا تبرح مكانك.
إن لم تتقدم للأمام فأنت تتراجع للوراء؛ فالأشخاص الناجحون مستعدون لفعل ما لا يريد الأشخاص غير الناجحين القيام به، مهما بلغت بساطته أو صعوبته؛ فالناجحون لا يستسلمون، ويعملون لساعات إضافية، ويثابرون، ويخاطرون، ويضحُّون.
لكنَّ الشيء الأكثر أهمية أنَّ الأشخاص الناجحين ينمون باستمرار، قال نيلسون مانديلا (Nelson Mandela) إنَّه في اليوم الذي تتوقف فيه عن التعلم والمشاركة، يضعف تأثيرك؛ لذا دعنا نتجنب ذلك من خلال تبنِّي النمو في حياتنا.
أضف تعليقاً