هل تشعر برغبة في الانتحار؟

إذا كنت تفكِّر في الانتحار، فهذا يعني أنَّ ألمك ساحق ودائم، لكن توجد طرائق للتعامل مع الأفكار والمشاعر الانتحارية والتغلب على الألم، فإذا كانت لديك أفكار انتحارية بصرف النظر عن مقدار الألم الذي تعاني منه الآن، فأنت لست وحدك، فقد كان لدى الكثير منَّا أفكار انتحارية في مرحلة ما من حياتنا، والشعور بالانتحار ليس عيباً في الشخصية، ولا يعني أنَّك مجنون أو ضعيف أو معيب، وهذا يعني فقط أنَّ لديك ألماً أكثر مما يمكنك تحمُّله الآن، لكن مع الوقت والدعم يمكنك التغلب على مشكلاتك وسيزول الألم والمشاعر الانتحارية.



بعض من أفضل الأشخاص وأكثرهم إعجاباً وموهبةً كانوا في مكانك الحالي:

لقد فكَّر الكثير منا في الانتحار عندما شعرنا بالإرهاق من الاكتئاب وخلت نفوسنا من كل أمل، لكن تمهل، فيمكن علاج آلام الاكتئاب ويمكن تجديد الأمل، وبصرف النظر عن وضعك، لديك أشخاص يحتاجون إليك وأماكن يمكنك فيها إحداث فرق وتجارب قد تذكرك بأنَّ الحياة تستحق العيش؛ إذ يتطلب الأمر شجاعة حقيقية لمواجهة الموت والتراجع عن حافة الهاوية، كما يمكنك استخدام هذه الشجاعة لمواجهة الحياة وتعلم مهارات التأقلم للتغلب على الاكتئاب ولإيجاد القوة للاستمرار.

عواطفك ليست ثابتة فهي تتغير باستمرار:

ما تشعر به اليوم قد لا يكون هو نفسه ما شعرت به بالأمس أو ما ستشعر به غداً أو الأسبوع المقبل، فغيابك سيترك حزناً وألماً في حياة الأصدقاء والأحباء، وهناك العديد من الأشياء التي ما يزال بإمكانك تحقيقها في حياتك، وهناك مشاهد وأصوات وتجارب في الحياة لديها القدرة على إسعادك ورفع مستواك وستفتقدها، فقدرتك على تجربة المشاعر الممتعة تساوي قدرتك على تجربة المشاعر المؤلمة.

لماذا أشعر برغبة في الانتحار؟

قد تؤدي أنواع كثيرة من الألم العاطفي إلى التفكير في الانتحار، وأسباب هذا الألم فريدة لكل واحد منا، وتختلف القدرة على التعامل مع الألم من شخص لآخر، فنحن جميعاً مختلفون، ومع ذلك توجد بعض الأسباب الشائعة التي قد تقودنا إلى تجربة أفكار ومشاعر انتحارية.

لماذا يبدو أنَّ الانتحار هو الخيار الوحيد؟

إذا كنت غير قادر على التفكير في حلول أخرى غير الانتحار، فهذا لا يعني عدم وجود حلول أخرى؛ بل إنَّك غير قادر حالياً على رؤيتها، وقد يؤدي الألم العاطفي الشديد الذي تعاني منه الآن إلى تشويه تفكيرك بحيث يصبح من الصعب رؤية الحلول الممكنة للمشكلات أو التواصل مع أولئك الذين يمكنهم تقديم الدعم، كما يمكن للمعالجين أو المستشارين أو الأصدقاء أو الأحباء مساعدتك على رؤية الحلول التي قد لا تكون واضحة لك؛ لذا حاول منحهم فرصة للمساعدة.

إقرأ أيضاً: ظاهرة الانتحار بين الأرقام والإحصائيات وكيف نعيش حياة سعيدة

دائماً ما تكون أزمة الانتحار مؤقتة:

على الرغم من أنَّه قد يبدو كما لو أنَّ ألمك وتعاستك لن ينتهيا أبداً، فمن الهام أن تدرك أنَّ الأزمات عادة ما تكون مؤقتة، وغالباً ما يتم العثور على الحلول؛ إذ تتغير المشاعر وتحدث أحداث إيجابية غير متوقعة، وتذكر الانتحار حل دائم لكن مأساوي لمشكلة مؤقتة، فامنح نفسك الوقت اللازم لتغيير الأشياء وليهدأ الألم، وحتى المشكلات التي تبدو ميؤوسة منها لها حلول.

يمكن علاج حالات الصحة العقلية مثل الاكتئاب والفصام والاضطراب ثنائي القطب بتغييرات في نمط الحياة والعلاج والأدوية، كما يمكن لمعظم الأشخاص الذين يطلبون المساعدة تحسين حالتهم والتعافي، وحتى إذا كنت قد تلقيت علاجاً لاضطراب ما من قبل أو إذا قمت بمحاولات لحل مشكلاتك، فاعلم أنَّه غالباً ما يكون من الضروري تجربة أساليب مختلفة قبل إيجاد الحل المناسب أو مجموعة من الحلول، وعندما يتم وصف الدواء على سبيل المثال، غالباً ما يتطلب إيجاد الجرعة الصحيحة عملية تعديل مستمرة، فلا تستسلم قبل أن تجد الحل المناسب لك، وعملياً يمكن معالجة أو حل جميع المشكلات.

اتخذ هذه النصائح الفورية إذا كنت تشعر برغبة في الانتحار:

يرجى اتباع النصائح الخمس الآتية:

1. تعهَّد بعدم القيام بأي شيء الآن:

على الرغم من أنَّك تتألم كثيراً في الوقت الحالي، لكن امنح نفسك مسافة بين الأفكار والأفعال، وعد نفسك بقول: "سأنتظر 24 ساعة ولن أفعل أي شيء جذري خلال تلك الفترة"، أو انتظر أسبوعاً، فالأفكار والأفعال شيئان مختلفان، فلا يجب أن تصبح أفكارك الانتحارية حقيقة، ولا يوجد موعد نهائي، ولا أحد يدفعك إلى العمل على هذه الأفكار على الفور، فانتظر وضع بعض المسافة بين أفكارك الانتحارية وعملية الانتحار.

2. تجنَّب المخدرات والكحول:

ربما تصبح الأفكار الانتحارية أقوى إذا كنت قد تعاطيت المخدرات أو الكحول، فمن الهام عدم استخدام العقاقير غير الموصوفة أو الكحول عندما تشعر باليأس أو تفكر في الانتحار.

شاهد بالفيديو: 6 عادات لتحسين الصحـة العقلية

3. اجعل منزلك آمناً:

قم بإزالة الأشياء التي قد تستخدمها لإيذاء نفسك مثل الحبوب أو السكاكين أو شفرات الحلاقة أو الأسلحة النارية، فإذا كنت غير قادر على القيام بذلك، فانتقل إلى مكان تشعر فيه بالأمان، وإذا كنت تفكر في تناول جرعة زائدة، فقم بإعطاء الأدوية الخاصة بك إلى شخص يمكنه تنظيمها لك ويعطيك إياها عند حاجتك إليها فقط.

4. لا تحتفظ بهذه المشاعر الانتحارية لنفسك:

لقد وجد الكثير منا أنَّ الخطوة الأولى للتعامل مع الأفكار والمشاعر الانتحارية هي مشاركتها مع شخص نثق به، فقد يكون أحد أفراد العائلة أو صديقاً أو معالجاً أو فرداً من رجال الدين أو مُدرِّساً أو طبيباً للعائلة أو مدرباً أو مستشاراً متمرساً في نهاية خط المساعدة.

ابحث عن شخص تثق به واجعله يعرف مدى سوء الأمور، ولا تدع الخوف أو الخجل أو الإحراج يمنعونك من طلب المساعدة، وإذا بدا أنَّ الشخص الأول الذي تواصلت معه لا يفهم، فحاول مع شخص آخر، فمجرد الحديث عن كيفية وصولك إلى هذه المرحلة من حياتك يمكنه أن يخفف الكثير من الضغط الذي يتراكم ويساعدك على إيجاد طريقة للتأقلم.

5. خذ الأمل ممن مر بنفس التجربة:

حتى الأشخاص الذين يشعرون بالسوء الذي تشعر به الآن يتمكنون من النجاة من هذه المشاعر، فخذ الأمل في هذا، ولديك فرصة كبيرة لتعيش هذه المشاعر بصرف النظر عن مدى كراهية الذات أو اليأس أو العزلة التي تعاني منها حالياً، فقط امنح نفسك الوقت اللازم ولا تحاول القيام بذلك وحدك.

طلب المساعدة:

حتى لو لم يكن الأمر كذلك الآن، فيوجد العديد من الأشخاص الذين يرغبون في دعمك خلال هذا الوقت الصعب، فتواصل مع شخص ما، وافعلها الآن إذا وعدت نفسك لمدة 24 ساعة أو أسبوعاً، واستخدم هذا الوقت لإخبار شخص ما بما يحدث معك، وتحدث إلى شخص لن يحاول الجدال بشأن ما تشعر به أو يحكم عليك أو يخبرك فقط "بأن تخرج من حالتك ببساطة"، وابحث عن شخص يستمع لك بشفافية وسيكون هناك من أجلك، ولا يهم من هو ما دام شخصاً تثق به ويستمع لك بتعاطف وتقبُّل.

كيف تتحدث مع شخص ما عن أفكارك الانتحارية؟

حتى عندما تقرر من يمكنك الوثوق به للتحدث معه، فإنَّ الاعتراف بأفكارك الانتحارية لشخص آخر قد يكون أمراً صعباً، فأخبر الشخص بالضبط بما تقوله لنفسك، وإذا كانت لديك خطة انتحار، فاشرحها له.

عبارات مثل "لا يمكنني تحمل هذا بعد الآن" أو "لقد انتهيت" غامضة ولا توضح مدى خطورة الأشياء، فأخبر الشخص الذي تثق به أنَّك تفكر في الانتحار، وإذا كان من الصعب عليك التحدث عنه، فحاول كتابته وتسليم ملاحظة إلى الشخص الذي تثق به، أو أرسل إليه بريداً إلكترونياً أو رسالة نصية واجلس معه في أثناء قراءتها.

شاهد بالفيديو: أقوال وحكم رائعة عن التفاؤل في الحياة

كيفية التعامل مع الأفكار الانتحارية:

قد يبدو الأمر كما لو أنَّ هذه الأفكار والمشاعر الانتحارية لن تنتهي أبداً، فهذه ليست حالة دائمة أبداً، وسوف تشعر بتحسن مرة أخرى، وفي غضون ذلك توجد بعض الطرائق للمساعدة على التعامل مع أفكارك ومشاعرك الانتحارية، فإذا كانت لديك أفكار ومشاعر انتحارية، فإنَّ الأشياء التي ينبغي فعلها هي:

  1. تحدَّث مع شخص ما كل يوم، ويفضل أن يكون وجهاً لوجه، وعلى الرغم من أنَّك قد تشعر برغبة في الانسحاب، فاطلب من الأصدقاء والمعارف الموثوق بهم قضاء الوقت معك.
  2. ضع خطة أمان وضع مجموعة من الخطوات التي يمكنك اتباعها في أثناء أزمة الانتحار، كما يجب أن تتضمن أرقام الاتصال بطبيبك أو معالجك، إضافة إلى الأصدقاء وأفراد الأسرة الذين سيساعدونك في أثناء حالات الطوارئ.
  3. ضع جدولاً مكتوباً لنفسك كل يوم والتزم به مهما حدث، وحافظ على روتين منتظم قدر الإمكان حتى عندما تبدو مشاعرك خارجة عن السيطرة.
  4. اخرج في الشمس أو في الطبيعة لمدة 30 دقيقة على الأقل يومياً.
  5. تمرن بقوة بقدر ما هو آمن لك، وللحصول على أكبر فائدة استهدف 30 دقيقة من التمرينات يومياً، لكن يمكنك أن تبدأ بأقل إذا كنت ترغب، فقد يكون لثلاث دفعات من النشاط البدني لمدة 10 دقائق كل دفعة تأثير إيجابي في الحالة المزاجية.
  6. خصِّص وقتاً للأشياء التي تجلب لك السعادة، وحتى لو كان القليل جداً من الأشياء يجلب لك السعادة في الوقت الحالي، فأجبر نفسك على فعل الأشياء التي كنت تستمتع بها.

أشياء يجب تجنبها:

1. أن تكون وحيداً:

يمكن للوحدة أن تجعل الأفكار الانتحارية أسوأ، فقم بزيارة أحد الأصدقاء أو أحد أفراد العائلة أو اتصل بأحد ما.

2. الكحول والمخدرات:

قد تزيد المخدرات والكحول من الاكتئاب وتعوق قدرتك على حل المشكلات وتجعلك تتصرف باندفاع.

إقرأ أيضاً: 8 حلول من الخبراء للتخلص من فكرة الانتحار

3. القيام بأشياء تجعلك تشعر بأنَّك أسوأ:

 قد يؤدي الاستماع للموسيقى الحزينة أو النظر إلى صور معينة أو قراءة الرسائل القديمة أو زيارة قبر أحد أفراد أسرتك إلى زيادة المشاعر السلبية.

4. التفكير في الانتحار والأفكار السلبية الأخرى:

حاول ألا تنشغل بالأفكار الانتحارية؛ لأنَّ هذا قد يجعلها أقوى، ولا تفكر في الأفكار السلبية، وابحث عن مصدر إلهاء فقد يساعدك على منح نفسك استراحة من الأفكار الانتحارية حتى ولو كانت لفترة قصيرة.

في الختام:

حتى لو خمدت أفكارك ومشاعرك الانتحارية، احصل على مساعدة لنفسك، فتجربة هذا النوع من الألم العاطفي هي بحد ذاتها تجربة مؤلمة، وقد يكون العثور على مجموعة دعم أو معالج نفسي مفيداً جداً في تقليل فرص شعورك بالانتحار مرة أخرى في المستقبل.




مقالات مرتبطة