نصيحتان لاستعادة الأمل عندما تشعر باليأس

جميعنا نحلم، ولطالما حلمَتْ بطلة قصتنا بأن تُصبح نجمةً تغنِّي أمام جمهور عالمي، وتشارك صوتها الذهبي مع العالم، وكان ذلك كلُّ ما تتمناه؛ إذ وُلِدَت في عائلةٍ موسيقية، ونشأ حبُّها للغناء في سنٍّ مبكِّر على أنغام الضحك والبيانو، وعلى الرَّغم من الصعوبات التي واجهتها، علمت أنَّ هذه هي المهنة التي تريدها.



إلى أن انهار كل شيء ذات يوم، وانقطعت ألحان الموسيقى مع وفاة والدتها، لم يسمعها أحد تغنِّي لمدَّة عامين تقريباً، المرأة التي لم يخب أملها أبداً، وجدت نفسها وحيدةً وعاطلةً عن العمل.

هذه هي قصة المغنية المشهورة عالمياً "سوزان بويل" (Susan Boyle)، التي نالت شهرتها بعد أن تقدَّمت لبرنامج المواهب البريطاني "بريتيش جات تالينت" (British Got Talent) بعمر السبعة والأربعين عاماً وأذهلت الجميع بصوتها البديع، فلا أحد ظنَّ أنَّها قبل أدائها التاريخي ذاك واجهت طريقاً مسدوداً في حياتها، وحين ظنت أنَّ الحياة والموسيقى قد تخلَّيا عنها، انقلب عالمها رأساً على عقب ووجدت نفسها تماماً حيث كان ينبغي أن تكون طوال ذلك الوقت.

إن شعرت أنَّك عالق في مكانك لأيِّ سببٍ كان، فلا تيأس، لكن لا تنكر ذلك أيضاً على الرَّغم من أنَّ الأمر قد يبدو غريباً، لكن يجب تقبُّل حقيقة أنُّه ربما كان من المفترض أن تعيش هذه الفترة العصيبة لسبب ما، مثلما صعدت سوزان في النهاية على خشبة المسرح إلى حيث تنتمي حقاً، أنت أيضاً ستقف على ناصية أحلامك، لكن اتَّبع النصيحتين الآتيتين أولاً:

إقرأ أيضاً: 5 نصائح للتغلب على اليأس

1. افهم ما الذي قادك إلى حيث أنت:

يقول الكاتب الأميركي "ميتش ألبوم" (Mitch Albom): "حتى تستطيع المُضي قُدماً، يجب أن تفهم لماذا تشعر بأنَّك عالق في مكانك، ولماذا يجب ألا تشعر بذلك بعد الآن؟".

عندما يقول الناس عموماً إنَّهم يشعرون بالعجز، فقد يعني ذلك أشياء كثيرة؛ فبالنسبة إلى بعضهم مثل سوزان، قد يعني ذلك أنَّهم لا يعلمون ما العمل بعد أن تعرَّضوا لخسارة مأساوية، بينما يمكن لآخرين أن يكون شعوراً بالخمول والفراغ داخلهم على الرَّغم من أنَّهم يعيشون أفضل فترات حياتهم، وبالنسبة إلى بعضهم الآخر، قد يعني ذلك أنَّهم ربما قد تخلوا عن أحلامهم، وأقنعوا أنفسهم بأنَّ اتباع الطريق العملي هو أفضل قرار في الوقت الحاضر.

أيَّاً كان السبب فإنَّ الشعور بالعجز هو أمرٌ طبيعي، وهي مرحلة يمر بها الجميع، وتختلف الظروف من شخص إلى آخر، ويستطيع أن يتعرَّض أي أحد لذلك بصرف النظر عن سنِّه؛ لكنَّ الهام هو الاعتراف بأنَّك تشعر بالعجز ولا بأس في أن تُحِسَّ بذلك عالقاً ولا بأس بذلك.

سواء كنت على مفترق طرق لتغيير وظيفتك أم عانيت خسارة ما، لا تقاوم شعورك بالعجز، واشعر بكلِّ ما يصاحب ذلك من فراغٍ أو بؤسٍ أو وحدةٍ، ابكِ واصرخ واضحك وابكِ مجدداً بقدر ما تحتاج، وعندما تسمح لنفسك بأن تشعر بكل هذه المشاعر، فأنت تتخلى عمَّا يقيِّدك دون أن تعي ذلك، عندما تسمح لنفسك بأن تشعر بهذا الشعور، تستطيع البدء في فهم سبب حدوث ذلك، ولا يوجد سبيل للسلام الداخلي أفضل من أن تعرف أخيراً لماذا شعرت بما شعرت به.

شاهد بالفيديو: أقوال وحكم رائعة عن التفاؤل في الحياة

2. استمر في التحرك على الرَّغم من الصعوبات:

يقول الكاتب الأمريكي "ميتش ألبوم" (Mitch Albom) أيضاً: "أحياناً يجب أن تستمر في المُضي قُدماً على الرَّغم من حدوث أشياء حزينة".

يقول الكوتش "ستيفاني زامورا" (Stephanie Zamora): "من الهام أن نفعل شيئاً على الرَّغم من شعورنا بأنَّنا عاجزون"، تذكَّر أنَّ التغيير أمرٌ لا مفرَّ منه، حتى لو قرَّرت ألا تفعل شيئاً، ستستمر الحياة في النهاية، والمضي قدماً هو الخطوة المنطقية التالية بعد أن تفهم مشاعرك وتسمح لنفسك بعيش دوامة العواطف تلك، حتى إن كان الأمر صعب التصديق، في النهاية ستجد نفسك تفعل شيئاً ما على الرَّغم من الشكوك أو الوحدة أو المخاوف.

بعد وفاة والدة سوزان، واصلت أعمال التطوع في كنيستها المحلية، ولقد فعلت ذلك على الرَّغم من أنَّها كانت عاطلةً عن العمل، وغالباً تشعر بالضياع حيال وضعها، وكان هذا الفعل البسيط هو ما قادها في النهاية إلى خشبة المسرح، ولو أنَّها قررت البقاء في المنزل وحسب، لكانت الأمور قد سارت سيراً مختلفاً، فمن السهل الاستلقاء على السرير والشعور بالأسى على حالك، لكن مع ذلك يستمر قطار الحياة، وإن لم تلحق به في النهاية، سوف يمضي دونك.

أنت لا تحتاج إلى القيام بشيءٍ جذري على الفور حتى يُحتَسَبَ ذلك عملاً، يكفي أن تعود إلى روتين حياتك السابق، والهدف من ذلك ليس تشتيت انتباهك؛ وإنَّما عيش نمط حياة يجلب لك فرصاً أفضل.

استمر في الذهاب إلى العمل، أو القيام بالأعمال المنزلية، أو زيارة الأصدقاء، أو التطوع لمصلحة جمعيات خيرية في محيطك، ففي أحيان كثيرة، أفضل طريقة للتخلص من الشعور بالعجز هي التمسُّك بالعادات القديمة؛ ففي النهاية يوفر روتيننا النظام في الفوضى التي نعيشها.

أنت تشعر بالعجز الآن لأنَّك بحاجة إلى أن تكون كذلك يضيف الكاتب "ميتش": "باختصار، أحياناً حين تضحي بشيء ثمين لا تفقده حقاً؛ وإنَّما فقط تنقله إلى شخص آخر".

إقرأ أيضاً: أقوال عن اليأس والإحباط

بعد سنوات من الآن، ستنظر خلفك إلى هذه الفترات وتسخر منها، وسوف تبتسم لكونك شعرت يوماً بالضياع والخوف، وفي يوم من الأيام ستروي لأحفادك كيف تغلَّبت على هذه التحديات.

ربَّما يكون سبب شعورك بالعجز الآن هو حاجتك إلى أن تكون كذلك، وربما مضيت بسرعة كبيرة، وربما هذه هي طريقة الحياة لإخبارك بأن تتمهَّل قليلاً.

في الختام:

ربما ستدرك الإجابة في تأملاتك وأوقات عزلتك، وربما لا، لكن في غضون ذلك، كن مؤمناً بأنَّ كلَّ شيءٍ يمر، وتنتهي المشكلات، وتشرق الشمس بعد انقضاء الليل وتموت الأحلام حتى تحلَّ محلُّها أحلام جديدة، أنت تقرأ هذا المقال اليوم لأنَّك بالضبط حيث يجب أن تكون.




مقالات مرتبطة