مفارقة السعادة: 5 وجهات نظر جديدة حول كيفية السعادة

يريد معظمنا أن يكون سعيداً، وندرك جميعنا التأثير الموجود في مشاعر الفرح والقناعة والمشاعر السارة بشكل عام بكونها تعبيراً عما نريد أن نشعر به كامل الوقت أو معظمه، ولكنَّ العديد من افتراضاتنا حول السعادة هي في الواقع خاطئة ونستطيع إدراك السعادة بنجاح أكبر من خلال النظر فيها بطرائق جديدة.



تُعَدُّ السعادة عبر الثقافات والمجتمعات حالةً مرغوبةً، حيث كان الناس منذ الأزل يضعون النظريات حول السعادة ويبحثون عنها ويسعون خلفها، وتُعَدُّ السعادة في دستور الولايات المتحدة الأمريكية حقاً أساسياً من حقوق الإنسان. بالإضافة إلى ذلك، ووفقاً لدراسة نُشِرَت في مجلة مختصة بعلم النفس، إنَّ السعادة هي واحدة من أكثر العواطف الإنسانية المعترف بها عالمياً، وعندما نتفاعل مع شخصٍ من ثقافةٍ مختلفة، تكون السعادة هي الشعور الأكثر حضوراً، والتي يمكِن أن توحِّدنا بشكلٍ أقوى.

مفارقة السعادة:

مفارقة السعادة هي أنَّ سعيك الحثيث خلفها سيقلل من احتمالية تحقيقها؛ فكلما سعيتَ جاهداً إلى تحقيقها، زادت عنك بُعداً، كما تتلاشى حبات الرمل من بين أصابعك على الشاطئ، وقد برهنَ على ذلك بحث نُشِر في مجلة "علم النفس التجريبي" (Journal of Experimental Psychology).

إذا كنتَ تسعى إلى السعادة، فأنت تركز على ما ليس لديك بالضرورة، وهذا ما يمكِن أن يسبب لك الإحباط والانزعاج وعدم الرضا، وكشفَت دراسةٌ أخرى لعلم النفس أنَّ الناس الذين ينفقون مزيداً من الطاقة بحثاً عن السعادة يميلون إلى الشعور بمزيدٍ من الضغط وضيق الوقت؛ وبالتالي إلى شعورٍ أقل بالقناعة والرضا.

الأفضل من مطاردة السعادة هو التركيز على الامتنان والتقدير لكل ما تستطيع فعله في ظروفك الحالية والتركيز على تقديم المساعدات للآخرين.

يزيد العطاء من تركيزك على علاقاتك مع المجتمع وكل ما يمكِنك تقديمه وهذا أيضاً مرتبط بالسعادة.

إقرأ أيضاً: السعادة: "الغاية التي ينشدها الجميع"، كيف نصل إليها؟

1. ستمر بنجاحاتٍ وإخفاقات:

المغالطة في السعادة هي أنَّه يمكِنك تحقيقها، مثل تسلُّق سلَّم التجارب وغرس راية السعادة في قمَّتها، ولكنَّ السعادة ليست شيئاً يمكِنك إنجازه كنتيجة نهائية، وهي ليست حالةً ثابتةً، ولكنَّها في مدٍّ وجزرٍ دائمٍ.

وفقاً لبحثٍ في مجلة "علم النفس التجريبي" يقارن آراء أكثر من 2300 شخص في ثمانية بلدان، وتميل الثقافات الغربية للاعتقاد بأنَّ السعادة ينبغي أن تكون ثابتةً إلى حدٍ ما؛ مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة شعور السعادة، فأنت راضٍ عن ذلك، وتتكيف مع هذا الشعور وتريد أن تكون أكثر سعادةً، ولكن أن تكون سعيداً على نحوٍ متزايدٍ في كل الأوقات ليس أمراً واقعياً.

السعادة الحقيقة ليست حالةً دائمةً من البهجة؛ بل هي شعورٌ سيزيد ويقل وستعاني من الألم والاستياء، فهذا جزء من حال الإنسان ويمكِنك التعلم من أوقاتك العصيبة وتقدير نجاحاتك أكثر على العكس من تجاربك السلبية. وإنَّ مفهوم نمو ما بعد الصدمة (post traumatic growth) يشير إلى أنَّنا قادرون على أن نتطور من خلال الصدمات، ومن الممكن أن نخرج بالأوقات الصعبة بمرونةٍ وإيجابية.

إقرأ أيضاً: الاخفاق سرّ النجاح... كيف تحول فشلك إلى نجاح؟

2. تعيش سعادتك على طريقتك:

واحدة من العوائق التي نواجهها في الوصول إلى السعادة هي المقارنات التي نجريها بسبب وسائل التواصل الاجتماعي إلى حدٍ كبير، وفي أثناء تصفُّحها، من الطبيعي أن تقارن نفسك بالمنشورات المثالية للآخرين، وتفترض أنَّك لستَ على القدر نفسه من الإنجاز والنجاح والسعادة، ولكن بطبيعة الحال، أنت لا ترى سوى نسخة مختارة (وربما مُعدَّلة) من حيوات الناس. بالإضافة إلى ذلك، يمكِن للتوقعات أن تقف في طريق القناعة.

ووفقاً لبحث أُجرِي في "جامعة كاليفورنيا"، في مدينة "بيركلي" (UC Berkeley)، الشعور بالسوء إزاء الشعور بالسوء من شأنه أن يجعلك تدخل في دوامة لا متناهية من المشاعر السلبية، والتي تُشعرك بالسوء أكثر.

البديل الأفضل عن ذلك هو أن تخلع عنك عباءة التوتر، وتتقبل أنَّك لن تكون سعيداً دائماً. بالإضافة إلى ذلك، هناك طرائق متعددة لتحيا حياةً جيدةً وربما قد تختلف طريقتك عما تراه في حياة الآخرين في منصات التواصل الاجتماعي.

بالإضافة إلى ذلك، اعلم أنَّه لا يمكِنك بلوغ الكمال، ويمكِنك أن تكون راضياً عن أدائك لتحقيق ذلك، بدلاً من محاولة تحقيق هدفٍ مستحيلٍ.

3. تعني خياراتك الكثير:

يعتقد الناس في بعض الأحيان أنَّ السعادة شيء يمكِن الشعور به أخيراً عندما تكون الظروف جيدةً؛ كارتباطك بشريك مثالي أو حصولك على وظيفة مثالية أو شرائك لمكان جميل للعيش فيه. لكنَّنا جميعاً مخوَّلون لخلق الظروف المناسبة للسعادة؛ فكل خيار نتخذه له إيجابيات وسلبيات، وهناك الكثير مما قد تحبه في شريكك، ولكنَّه لا يزال يمتلك بعض العادات المزعجة، أو أنَّ عملك يتيح لك استثمار الكثير من مواهبك، إلا أنَّ إعداد تقارير النفقات هي مَهمة مؤسفة للغاية.

ذكِّر نفسك دائماً بأنَّك لن تعايش أي وضع دون مواجهة تحديات، فعندما تختار، فأنت تختار مجموعةً من الظروف وأنَّه لمن الحكمة أن تختار ما يلائمك منها.

من هنا، يمكِنك أن تبذل قصارى جهدك للتأثير في أولوياتك، وأن تكون متساهلاً مع الخلل الذي تُسببه الظروف وأن تتخذ خياراً مختلفاً إن كان من الضروري المضي قدماً.

شاهد بالفيديو: كيف تستمر في مواجهة التحديات عندما تزداد الحياة صعوبة؟

4. ستتعرَّض للإرهاق حتماً:

تبعاً لثقافة شعبية، على السعادة أن تكون سهلةً، فتجربة السعادة هي الاسترخاء في مكانٍ جميل وتناول الحلوى، ولكن هذه كلها أوهام. في الواقع، كثيراً ما يكون الطريق إلى الفرح صعباً جداً، ويمكِن أن يكون التحدي مصدراً عظيماً للسعادة، وإذا كانت الأمور سهلةً للغاية أو صعبةً للغاية، فمن الممكن أن نفقد اهتمامنا بها، ولكن "كمية مناسبة" من التوتر (الذي يسمَّى التوتر الإيجابي (eustress) يمكِن أن يكون محفزاً بشكلٍ غير عادي.

إنَّ حلَّ مشكلةٍ صعبةٍ جداً والإصرار على تحقيق هدفٍ صعبٍ أو الاضطرار إلى تعلُّم شيء جديد يمكِن أن يخلق المتعة. والعمل الشاق يمكِن أن يكون جيداً جداً عندما نُكافَأ عليه، ونُحقِّق إنجازنا نتيجةً لهذا العمل.

5. ستُحقِّق مزيداً من السعادة برفقة الناس:

في الدراسة المشتركة بين الثقافات أعلاه، كان أحد الأسباب التي جعلَت الثقافات الغربية تعاني قدراً أقل من السعادة عندما تسعى إليها بقوةٍ أكبر، هو أنَّ الناس يميلون للسعي إلى تحقيق أهدافهم على نحوٍ أكثر فرديةً. في الحقيقة، إنَّ مفتاح السعادة هو العلاقات والمجتمع؛ فنحن متشبثون بانتماءاتنا، حتى الانطوائيون يحتاجون إلى بعض العلاقات الحميمة التي يمكِنهم الاعتماد عليها؛ لذا عليك البحث عن الخبرات التي يمكِن أن تشاطرها مع الآخرين، ومد يد العون ودعم الناس في مجتمعك، ووضع مواهبك في خدمة الاحتياجات التي تراها حولك، وعندما تتبنَّى هذا النوع من العلاقات سوف تختبر سعادةً أكبر. والقول المناسب هو: " لتمضي سريعاً، عليك أن تمضي وحيداً، ولكن لتمضي بعيداً، عليك أن تختار شريكاً".

خلاصة القول:

ليس من الصعب اختبار السعادة، ولكنَّ المفاهيم الخاطئة يمكِن أن تقف عائقاً. على أي حال، السعادة هي قرارك، فقلِّل من الضغط الذي ألقيتَه على نفسك، واعلم أنَّ سعادتك لن تكون مثل الآخرين ولا تحتاج إلى تحقيق ظروف مثالية أو دائمة من الرضا والقناعة، وذكِّر نفسك أنَّ النجاح والإخفاق أمرٌ طبيعيٌ واستمتِع بالتفاصيل الصغيرة كلها، مع معرفة أنَّها يمكِن أن تؤدي إلى شعور عام بالإيجابية.

المصدر




مقالات مرتبطة