يجب أن نتّبع نهجاً محدّداً لكي ننجح، ففي دراسة نُشرت مؤخراً في مجلة علم النفس الإجتماعي، وجد الباحثون أن النجاح يكون في التركيز على النتائج (ماهو الشّيء الذي تأملُ في تحقيقه) بدلاً من محاولة عدم الفشل.
يقول وينستون تشرشل: "إن النجاح هو الانتقال من فشل إلى فشل، دون أن تفقد الأمل"، وهذا يبدو سهلاً نوعاً ما وبديهياً للغاية، لكن من الصعب القيام به عندما تكون عواقب الفشل وخيمة، فقد وجد الباحثون أنّ ردود الأفعال الإيجابيّة حول الفشل تزيد من فُرص النّجاح بنسبة عالية.
إنّ الأشخاص الذين صنعوا التّاريخ اتّخذوا من الفشل الخطوة الأولى واعتبروهُ حجر الأساس للنّجاح. "توماس إديسون" هو مثال يُحتذى به، فقد كلّفه تطوير المصباح الكهربائي حوالي 1000 مُحاولة فاشلة قبل أن يعمل وعندما سألهُ أحد الأشخاص: ماذا كان شعورُك بعد أن فشلتَ ألفَ مرّة؟ أجابهُ إديسون: أنا لم أفشل ألف مرّة، لكنّ تطوير المصباح الكهربائي يحتاجُ لألفِ خطوة. موقفٌ كهذا هو الحدّ الفاصل بين النّجاح والفشل. توماس إديسون ليس الشخص الوحيد، "جو رولينغ" الروائيّة الشّهيرة وصاحبة سلسلة "هاري بوتر" قُبلت سلسلتها بعدَ أن تمّ رفضها من قبل 12 دار نشر، ومع ذلك فإنّها فقط دفعت ضريبة الشُّهرة.
"أوبرا وينفري" مقدّمة البرامج الشّهيرة خسرت وظيفتها كمذيعة أخبار في "بالتيمور" لتُصبح عاطفيّة للغاية في قصصِها وتجذب ملايين المشاهدين لبرنامجها، فالجودة أصبحت علامة مُميّزة لها.
"هنري فورد" خسر ثروته مرّتين قبل أن يبتكر نموذجاً عمليّاً للسيارة، والقائمة تطول وتطول. لذا، ماهي الأشياء التي تفصل بين الناس الذين يسمحون للفشل بأن يعيقهُم، وأولئك الذين يستخدمونه لصالحهِم؟
هذه الأشياء بعضُها يعود لما تفعلهُ، والباقي يعود لما تعتقده. هُنالك خمسة أعمال عليك القيام بها تتيح لك النجاح في المُستقبل وتسمحُ للآخرين بالنّظر إليك بشكل إيجابي على الرّغم من فشلك سابقاً:
1. اكسر حاجز الأخبار السيّئة عنك
إذا ارتكبتَ خطأ ما، لاتتمنّى أن لايلاحظ ذلك أحد، لأنّ ذلك شيء لا مفرّ منه، وعندما يكتشف أحد آخر اخفاقَك، سيتحول الفشل الواحد إلى اثنين.
2. قدّم تفسيراً، ولا تقدّم مُبرّرات
وقوعك في الأخطاء يمكن له بكل تأكيد أن يُعزز صورتك، فهو يُظهر ثقتك بنفسك، لكن كُن متأكداً من التمسُّك بالحقيقة. كأن تقول "فقدتُ هذا الأمر لأنّني تأخّرت عن الموعد النهائي" إنّهُ سبب. أمّا أن تقول "لقد فقدت هذا الأمر لأن أحد ما من عائلتي كان مريضاً طوال الإسبوع، لذا فاتني الموعد النهائي" فهذا عُذر.
3. ليكُن لديك خطّة للإصلاح
أن يكون لديك أخطاء أمر عادي للغاية، لكن الأمر يجب أن لاينتهي هُنا، فبدلاً من الوقوف جانباً، بانتظار شخص آخر لينقذ الموقف الذي وضعت نفسك فيه، قدّم حلولك الخاصّة. ومن الأفضل لك أن تخبر مديرك عن الخطوات الأمثل التي قمت بها مُسبقاً لتعيد كلّ شيء إلى مساره الصّحيح.
4. ليكُن لديك خطّة لمنع الفشل
بالإضافة إلى خطط الإصلاح، يجبُ أن تملك الخطط التي تمنعُك من الوقوع في نفس الخطأ مستقبلاً. هذه الطريقة الأمثل التي تُطمئن النّاس بأن الأشياء الجيّدة تأتي من الفشل.
5. اعتبر فشلك استراحة مُحارب، واصعد على حصانك من جديد
من المُهمّ للغاية ألا تدع الفشل يجعلُك خجولاً، هذه العقلية ستجعلُك تمتصّ الصدمة عند كل هفوة تتعرض لها. خُذ وقتك في تعلُّم الدّروس من فشلك، وحالما تنتهي من ذلك، ارجع للوراء قليلاً وحاول من جديد، فالانتظار سيُطيل الشعور السيّء داخلك، ويزيدُ من الفرص التي ستجعلك تفقد أعصابك.
إن استخدام الفشل لصالحك يتطلّب المرونة والقوّة الذهنيّة التي تعد من ميّزات الذّكاء العاطفي. فعندما تفشل، هناك ثلاثة تصرُّفات تريد الحفاظ عليها:
وجهة النّظر:
هي العامل الأهم في التعامل مع الفشل، فالأشخاص الذين يتمتّعون بمهارة الانتعاش والعودة بعد الفشل هُم الأكثر لوماً لأنفسهم بأنّ الفشل حدث نتيجة شيء ما قاموا به بشكل خاطئ، أو بسبب عدم مراقبتهم لأفعالهِم، بدلاً من الاهتمام بالحالة الذي يكونون عليها. أما الأشخاص الذين يتعاملون مع الفشل من خلال لوم أنفسهم، كونهُم كسولين، أو قليلو الخبرة، هذا يعني أنّهم لايملكون السّيطرة على الحالة التي هم عليها.
التفاؤُل:
هي صفة أُخرى مميّزة للأشخاص الذين يعودون إلى المسار الصّحيح بعد الفشل، ففي دراسة بريطانيّة لـِ 576 من رجال الأعمال وجدت أنّ هناك احتمالية أكبر لنجاح الأشخاص الذين يتفاءلون بالنّجاح، فالناجحون يجدون أنّ الفشل هو حجر الأثاث للنّجاح في نهاية المطاف بسبب الدّروس التي يتعلّمونها منهُ.
الإصرار:
التفاؤل هو الشّعور بالإيجابية، أمّا الإصرار هو ممارستك للإيجابية. الإصرار هو التفاؤُل ولكن بشكل عملي. فالفاشلون يقولون "هذا يكفي" ويقررون التوقف والعودة لمنازلهِم، أما الأشخاص الذين يتمتّعون بالإصرار، يتخلّصون من تلك الاخفاقات ويتابعون طريقهُم.
6. اجمع أسباب النّجاح كلّها معاً
الفشل ناتج عن وجهة نظرك الشخصيّة، فما يعتبره البعض هزيمةً ساحقة ونكراء، يراهُ آخرون مجرّد انتكاسة. الجميل في الأمر أنّك تستطيع تغيير نظرتك للفشل، بحيث تستخدمه فيما يُفيدك.
وأنت عزيزي القارئ، كيف تتعامل مع الفشل؟ أرجوا أن تُشاركني آراءك في التعليقات، لكي أتعلّم منك، ولكي نجمع أكبر عدد من الطُّرق الفعّالة للتعامل مع الفشل.
أضف تعليقاً