ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون "إيفان تارفر" (Evan Tarver)، ويُحدِّثنا فيه عن مشاعر القلق وعن أهمية وضع الاقتباسات في موضع التنفيذ.
إنَّ "توني" لا يطلب منا الابتعاد عن الاقتباسات نهائياً؛ إنَّه ينوِّه فقط إلى أنَّ الأقوال التي لا تُقرَن بالأفعال لا معنى لها؛ لذا إذا كنت تحب الاقتباسات بقدر ما أحبها أنا، فيمكنك أن تُسلي نفسك بها؛ لأنَّها تلهمك العمل.
إذاً، كيف يمكننا التوفيق بين هذا وبين الاقتباس الأول الذي يقول إنَّ القلق يعيش في المستقبل؟ صحيحٌ أنَّه ذَكَر الاكتئاب أيضاً، لكن بالنسبة إليَّ، القلق هو المشاعر السلبية التي تدور في حياتي، إنَّها "معاناتي" كما يطلق عليها "توني"، وماذا عنك؟ أنا أعتقد أنَّك إذا كنت تعيش في القرن الواحد والعشرين تحديداً - وأنت كذلك - فإنَّ القلق يسيطر على حياتك أيضاً.
لكن لا تقلق، فنحن جميعنا نعاني من نفس الأشياء، يمكنك إلقاء اللوم على الأشياء الأساسية الراسخة في دماغك، ففي الواقع، إنَّ الشعور بالقلق هو رد فعل غريزي ترعرعنا عليه نحن البشر طوال آلاف السنين؛ إذ بدا الأمر كأنَّه آلية دفاع جيدة عندما كنا صيادين، قلقين بشأن الحيوانات المفترسة الموجودة خارج كهوفنا.
لكن الآن، عندما يكون أكثر شيء مقلق في حياتنا هو رئيسنا المتعجرف أو سداد القرض الطلابي الخاص بنا، فإنَّ القلق الشديد الذي نشعر به ليس ضرورياً، مع أنَّنا نشعر به على أية حال، ومع ذلك، إذا كان الهدف من الحياة هو إنهاء كل المعاناة، كما يقول "توني"، ومن ذلك معاناتك الخاصة، فكيف يمكننا وضع هذا الاقتباس بالحسبان واستخدامه بفاعلية لتقليل مقدار القلق والتوتر لدينا، وزيادة سعادتنا واطمئناننا؟
ما هو القلق؟
وفقاً لقاموس "ويبستر" (Webster)، القلق هو الشعور بالاضطراب أو العصبية أو الضجر، وعادةً ما يتعلق الأمر بحدث وشيك أو شيء له نتيجة غير مؤكدة.
لذا، من المنطقي أن يولَد القلق من العيش في المستقبل، أليس كذلك؟ إنَّه شعور يتجلى تجلياً أساسياً بسبب طبيعة المستقبل ذاتها؛ إنَّه غير معروف، ومن المستحيل التنبؤ به، وعندما يوجد حرفياً عدد لا يُحصى من الاحتمالات، فمن الطبيعي أن نشعر بالقلق حيال النتيجة النهائية، ونحن كائنات تحب التخطيط، ومهما حاولنا، لا يمكننا التخطيط لمستقبلنا تخطيطاً مضموناً.
حسناً، إنَّ كل شيء على ما يرام، لكن كيف يساعدنا ذلك على التغلب على القلق وإنهاء المعاناة؟ ما الذي يجعلك تشعر بالقلق والاضطراب؟ هل هو شريك حياتك، أو ربما افتقارك إلى شريك حياة؟ وهل يمكن أن تكون مشكلات الدخل المنخفض الخاصة بك، أو ربما قد تكون صاحب دخل مرتفع وأنت قلق بشأن فقدان ثروتك؟ وماذا عن علاقاتك الشخصية مع الأصدقاء والعائلة؟
كل هذه الأشياء تسبب التوتر لأنَّك تريدها أن تنتهي بطريقةٍ ما، ومع ذلك، لا يمكنك أبداً معرفة ما الذي سيحدث إلى أن يحدث؛ هذا هو القلق؛ فهو الرغبة في حدوث شيء ما، وعدم معرفة ما إذا كان سيحدث على وجه اليقين.
شاهد: 9 خطوات تساعدك على السيطرة على القلق
إنهاء المعاناة:
تتمثل الخطوة الأولى لإنهاء قلقك؛ أي إنهاء معاناتك الشخصية، في تحديد سبب قلقك، وهذه هي أكبر مشكلة يواجهها معظم الناس؛ ففي بعض الأحيان، يراودنا شعور سلبي، ولكنَّنا لا نأخذ الوقت الكافي للتعمق في السبب الجذري له، وبعد ذلك، كما يقول المثل، ينتهي بنا الأمر بمحاولة تجميل تلك المشاعر عوضاً عن اجتثاثها من جذورها؛ لذا، إنَّ الطريقة الأولى التي تضع بها الاقتباس المذكور آنفاً موضع التنفيذ هي تحديد السبب الجذري لقلقك، وبعد تحديده بدقة، سيكون لديك القدرة على فعل شيء حيال ذلك.
لقد تذكرتُ اقتباس الكاتب "رايان هوليداي" (Ryan Holiday)، الذي يقول: "وجِّه تركيزك على الحاضر، وليس على الوحوش التي قد تواجهها أو لا تواجهها في المستقبل"؛ بالطبع، هذا اقتباس آخر يجب اتِّباعه، ولكنَّه يلخِّص حديثنا الحالي تلخيصاً جيداً.
إنَّ الشيء الأكثر رعباً في الحياة هو الوحوش المجهولة؛ إذ إنَّ هذه الوحوش البغيضة المصنوعة من نسج خيالنا، عندما تكون غير معروفة، يمكن أن تكون أي شيء حرفياً، وعقلنا ينطلق جامحاً، مفترضاً أسوأ السيناريوهات.
لكن إذا حددنا وحشنا الفريد، فإنَّه يصبح معروفاً بالنسبة إلينا، ويصبح أقل رُعباً على الفور، ومن ثمَّ يمكننا تقليل إجهادنا، وبعد ذلك، بوصفه إجراءً ثانياً، لا تركز على سبب قلقك، فأنا أعلم أنَّ هذا يبدو غير منطقي، خاصةً عندما تحدَّثنا للتو عن تجميل المشكلة واجتثاثها من جذورها، ولكنَّ سبب قلقك هو تفكيرك المستمر فيما يتعلق بباعث القلق.
على سبيل المثال، إذا كنت قلقاً بشأن علاوة قد تحصل عليها ومن الممكن ألا تحصل عليها، فإنَّ الترديد المستمر لكلمة "ماذا لو" في عقلك هو السبب في قلقك، لكن لماذا تفكِّر في الأمر؟ إنَّ التفكير المستمر في المجهول يؤدي إلى نتائج غير سارَّة، ولن يجعلك تقترب أكثر من تلك العلاوة التي ترغب فيها.
لذا، بدلاً من ذلك، ركز على الحاضر، فما هي الإجراءات التي يمكنك اتخاذها اليوم التي ستدفعك في اتجاه تلك العلاوة؟ هذا ما يجب أن تضعه في ذهنك، وهذا ما سيجعلك تحصل على هذه العلاوة التي تطمح لها؛ ركز فقط على ما يمكنك التحكم به.
والإجراء الثالث هو الشكر؛ فماذا لو لم تحصل على هذه العلاوة؟ لديك وظيفة جيدة، في مدينة جيدة، ومحاط بأصدقاء وعائلة محبين من حولك، وأشخاصٌ كهؤلاء نسبتهم في العالم 1%؛ لذا ابتهج وكن سعيداً.
الخلاصة:
تذكَّر دائماً أن تضع الاقتباسات في موضع التنفيذ، فعندما تشعر بالقلق أو الاكتئاب، تذكَّر أنَّ هذا الشيء يحدث لأنَّك تعيش في المستقبل أو الماضي، على التوالي، وليس في الحاضر أبداً.
أضف تعليقاً