ما هي فوائد القيلولة؟

أدركَت بعض الشركات والمنظمات الشهيرة مثل "جوجل" (Google) و"نايكي" (Nike) و"وكالة ناسا" (NASA) أهمية القيلولة في زيادة الإنتاجية، ولهذا قرَّرَت الاستثمار في توفير حجرات للنوم لزيادة إنتاجية موظفيها وتحويل بعض القاعات إلى غرف لنوم الموظفين.



يقول الطبيب "راج داسغوبتا" (Raj Dasgupta) الاختصاصي بأمراض الرئة وعلاج مشكلات النوم في جامعة "جنوب كاليفورنيا" (Southern California): "الفكرة القائلة بأنَّ القيلولة هي فقط للصغار في مرحلة ما قبل المدرسة هي غير صحيحة؛ ففي الواقع، تُوفِّر القيلولة عدداً كبيراً من الفوائد الصحية التي تساعد على تخفيف التوتر وزيادة اليقظة".

لكن كيف ستضيف القيلولة إلى روتينك اليومي؟ تابع قراءة المقال لمعرفة ذلك.

إقرأ أيضاً: ماذا يوجد داخل شركة جوجل؟

فوائد القيلولة:

تسمح القيلولة الجيدة للدماغ باستعادة قوَّته للقيام بوظائفه بشكلٍ أفضل، وتقوية الذاكرة، وتخليص الجسم من السموم التي تتراكم على مدار اليوم، كما تعطي دفعةً من الطاقة، ويقول المدير الطبي وحامل شهادة الدكتوراه في تقويم العظام "كاميلو أي رويز" (Camilo A. Ruiz) في مركز "تشويس فيزيشنز سليب" (Choice Physicians Sleep) في "جنوب فلوريدا" (South Florida): "نحتاج إلى أخذ قيلولة خلال اليوم، ويزداد هذا الشعور تدريجياً حتى يتغلب علينا النعاس؛ حيث إنَّ الفكرة من القيلولة هي الاستجابة لرغبتنا في النوم على أمل القيام بأداء عالي المستوى".

ويضيف الطبيب "داسغوبتا": "أنَّه في حال كونك من المحرومين من النوم فإنَّ الأبحاث تشير إلى أهمية القيلولة في زيادة اليقظة وأداء العمل بكفاءة والقدرة على التعلم، ووجدَت أبحاث أخرى أنَّ غفوة صغيرة يمكن أن تساعد على تعزيز الوظائف المناعية".

مَن يحتاج إلى القيلولة؟

لا يحتاج الجميع إلى القيلولة؛ إذ لا ينبغي للأشخاص الذين يعانون من الأرق أخذ قيلولة خلال فترات النهار، ويوضح الطبيب "مايكل بروس" (Michael Breus) الحاصل على دكتوراه في تخصص علاج مشكلات النوم في "مانهاتن بيتش" (Manhattan Beach)، في كاليفورنيا (California): "إذا كنتَ تشعر بالأرق ليلاً، فسوف ينتهي بك الأمر بالنوم في أثناء النهار وستشعر بعدم الحاجة إلى النوم ليلاً؛ مما قد يؤدي إلى تفاقم حالتك"، ويضيف الطبيب "داسغوبتا" قائلاً: "إذا كنتَ تحصل على قدرٍ كافٍ من النوم وتعمل جيداً خلال النهار، فمن المرجح أنَّك لا تحتاج إلى قيلولة".

ولكن تكمن المشكلة في أنَّ أكثر من ثلث الأمريكيين لا يحصلون على الكمية الموصى بها من النوم لمدة سبع ساعات في الليلة؛ لذا فهم لا يستغرقون في النوم جيداً كما يعتقدون، ويقول المدير الطبي "رويز": "هناك العديد من الناس الذين يعتقدون أنَّهم ينامون بشكلٍ جيد ولكن إذا أجريتَ دراسةً على نومهم، فسوف تلاحظ أنَّهم يعانون من مشكلات خفية في أنماط نومهم، وإذا لاحظتَ تضاؤل إنتاجيتك، وبطئاً في معالجة المعلومات كما كنتَ تفعل في أول يومك، أو كنتَ شارداً أغلب الوقت أو تشعر بتشويش لا يمكنك التغلب عليه، فبالتأكيد يمكنك الاستفادة من القيلولة".

شاهد بالفديو: 6 معلومات قد لاتعرفها عن النوم

كيف تشبه القيلولة تأثير القهوة؟

يشرح المدير الطبي "رويز" (Ruiz): "على الرغم من وجود الكثير من المنشطات كالقهوة مثلاً، فلا منشط أفضل من النوم لتجديد النشاط، فالنوم هو المنشط الحقيقي لكلٍّ من الدماغ والجسم"، ووفقاً لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC): يساعد النوم على تعويض ساعات الحرمان من النوم التي يمكن أن تسهم في تدهور الأمراض المزمنة واضطرابات المزاج وانخفاض الطاقة والإنتاجية، فكما يقول "رويز": "نحن ننام للراحة والتعافي"، وتُعَدُّ القهوة والمنشطات الأخرى منبهاً قصير الأمد، على عكس أخذ قيلولة حقيقية، والتي يمكن أن توفِّر لك ساعتين أو ثلاث ساعات إضافية من اليقظة والحيوية أكثر مما يمكنك الحصول عليه من القهوة".

القيلولة المثالية:

وجدَت دراسةٌ قامت بها وكالة "ناسا" في عام 1995 أنَّ الوقت الأمثل للقيلولة هو 26 دقيقة؛ مما يحسِّن اليقظة بنسبة 54% والأداء بنسبة 34%، ومع ذلك يميل الخبراء إلى الاتفاق على أنَّ أخذ القيلولة في أي مكان لمدة تتراوح من 20 إلى 30 دقيقة يكفي لجني الفوائد دون الشعور بالتشويش عند الاستيقاظ، ولا تنسَ أن تضع منبهاً حتى لا تتجاوز تلك المدة.

إليك السبب في أهمية طول القيلولة:

يحدث النوم على شكل دورات، وتبدأ الدورة العادية بمراحل أخف من النوم تسمى "مرحلة نوم حركة العين غير السريعة" (NREM) وتتحول في نهاية المطاف إلى مرحلة أعمق بكثير من النوم تسمى "مرحلة نوم حركة العين السريعة" (REM).

تتكرر هذه الدورة في أثناء النوم، وتستمر كل دورة حوالي 90 دقيقة، فنوم حركة العين السريعة العميق (REM) أمرٌ بالغ الأهمية للصحة العامة والسلامة، كما يعمل على استعادة الطاقة وزيادة إمداد الدم إلى العضلات وتعزيز نمو وإصلاح الأنسجة والعظام في الجسم؛ حيث يعيد الجسم إصلاح نفسه عندما تغفو، ومع ذلك يتجنبها بعضهم للاستمرار في العمل؛ وذلك لأنَّ الاستيقاظ وسط مرحلة نوم حركة العين السريعة العميق (REM) يعرِّضك للخمول؛ حيث تستيقظ مشوش الذهن وغير مدرك لما يجري من حولك، ومع ذلك عند أخذ القيلولة لمدة 20 دقيقة فقط، ستستيقظ على الأرجح في مرحلة النوم الخفيف، ومن ثمَّ ستشعر بالانتعاش والحيوية.

إقرأ أيضاً: 10 عادات سلبية تمنعنا من النوم بعمق

طرائق أخرى لتعزيز كفاءة القيلولة:

1. توفير بيئة مثالية للقيلولة:

كما يلاحظ الطبيب "داسغوبتا" (Dasgupta) فإنَّ غرفةً مظلمةً وباردة وهادئة هي المكان الأمثل للقيلولة، وإذا لم تتمكن من التحكم بكمية الضوء أو درجة الحرارة أو الضوضاء بنفسك، فاقترحَ الطبيب "داسغوبتا" ارتداء قناع النوم، وخلع الملابس الإضافية مثل البلوزات، وتشغيل تطبيق التخلص من الضوضاء الذي يوفر أصواتٍ طبيعية بدلاً من الأصوات الخارجية المزعجة، كما يمكنك إيقاف تشغيل هاتفك لبضع دقائق أو يمكنك استخدام الطريقة القديمة وضع لافتة "عدم الإزعاج" على باب غرفة نومك.

2. اختيار الوقت المناسب:

يوضح "بريوس" (Breus) أنَّه بين الساعة (1- 3) بعد الظهر تنخفض درجة حرارة الجسم وترتفع فيه مستويات هرمون النوم "الميلاتونين"؛ مما يجعلك تشعر بالنعاس، وهذا هو السبب في أنَّ هذا هو الوقت الأنسب لأخذ القيلولة.

على الرغم من أنَّ أغلب الناس لا يرغبون بأخذ قيلولة بعد الساعة الرابعة - لأنَّ ذلك يؤثر سلباً في القدرة على النوم جيداً في أثناء الليل - لكن إذا كنتَ من محبي السهر، فإنَّ قيلولة سريعة بين الساعة 5-6 ستمنحك الطاقة في بداية المساء.

كما يشير المدير الطبي "رويز" (Ruiz) إلى أنَّ أخذ القيلولة قبل ساعة أو ساعتين من حدثٍ هام مثل إلقاء خطاب أمام الجمهور أو أداء مهمة صعبة في العمل، يمكن أن يعزز اليقظة والمشاركة المعرفية.

إقرأ أيضاً: 6 فوائد صحيّة عظيمة للقيلولة خلال النّهار

3. تناول الكافيين:

يوضح "داسغوبتا" (Dasgupta): أنَّ فكرة احتساء القهوة قبل أخذ القيلولة قد تبدو غير منطقية، ولكن ما دام الكافيين يستغرق حوالي 20 إلى 30 دقيقة ليبدأ تأثيره، فإنَّ أخذ جرعة من المنشطات قبل القيلولة سيسمح لك بالاستيقاظ بنشاط في الوقت المناسب.

4. جعْل القيلولة روتيناً يومياً إذا كنتَ تعمل في نظام الورديات:

إذا كنتَ طبيباً أو ممرضاً أو رجل إطفاء أو كنتَ تعمل في وظيفة أخرى تتطلب العمل خارج أوقات العمل المعتادة التي تبدأ في التاسعة صباحاً وتنتهي في الخامسة مساءً، فمن المحتمل أن يكون نومك متقطعاً، فيمكنك الاستفادة من أوقات الراحة بين الورديات لأخذ قيلولة؛ مما سيجعل نومك أكثر انتظاماً.

يقول الطبيب "داسغوبتا": "إذا كنتَ محروماً من النوم باستمرار، فإنَّ أخذ قيلولة في مواعيد محددة يومياً سيجعل جسمك يعتاد على هذه المواعيد"، فأخذ القيلولة يومياً بين 1:20 و1:40 بعد الظهر على سبيل المثال، يساعد جسمك على تجديد الطاقة البدنية والذهنية.

المصدر




مقالات مرتبطة