ما هي الغاية من الحياة؟ وكيف تعثر على وجهتك فيها؟

يتساءل معظم الناس، في مرحلة ما عن معنى الحياة، ويحدث ذلك غالباً بالنسبة إلى بعضهم عندما يفشلون في حياتهم ويتراجعون إلى الحضيض، وبالنسبة إلى آخرين عندما يحققون النجاح ومع ذلك ينتابهم دائماً شعور بعدم الرضى.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن شخصٍ يُدعى "ميك" (Mick)، والذي يعشق النمو والحياة وتطوير الذات، ويخبرنا فيه عن تجربته في البحث عن معنى الحياة.

مررت أنا نفسي بهذه التجربة وتساءلتُ ما هو الهدف من الحياة أيضاً؟ وما هي الغاية من حياة الإنسان؟ وما هي أسرار الناس السعداء والقانعين، والتي لا يعرفها مَن يشعر بالعجز والإحباط؟

منحَتني الإجابات عن هذه الأسئلة إحساساً بالمعنى والفرح في حياتي، ويمكن أن تساعدك أنت أيضاً على إيجاد غايتك في الحياة.

ستجد في هذا المقال إجابة عن السؤال "ما هي الغاية من الحياة؟" وسأطرح عليك أيضاً 4 أسئلة بسيطة لمساعدتك على العثور على هدفك في الحياة.

ما هي الغاية من الحياة؟

الحياة قصيرةٌ جداً، أقصر من غمضة عين إذا ما قيست بعمر الكون؛ حيث لا شيء تفعله أو تبتكره أو تبنيه يعني شيئاً على الأمد الطويل، إذاً ما هو مغزى الحياة؟

الجواب البسيط عن سؤال مغزى الحياة؛ وهو أن تعيشها؛ إذ إنَّ الحياة هي عبارة عن التجارب التي تعيشها وتستمتع بها على هذه الأرض، وعلى الرغم من أنَّه يمكنك فعل ذلك بطرائق مختلفة، إلَّا أنَّ هناك عنصرين هامين للاستمتاع بالحياة وهما: النمو والرضى.

السعي إلى النمو:

تكمن قوة الحياة بالسعي إلى النمو؛ حيث يمكنك أن تلحظ هذا الأمر في أشكال الحياة جميعها: من النباتات إلى الحيوانات إلى البشر؛ إذ إنَّنا في الحياة، إما أن ننمو ونتطور أو نموت.

تُظهر الأبحاث أنَّ أولئك الذين يسعون إلى نموٍّ ثابتٍ، يتمتعون برفاهيةٍ أكبر مقارنة بمن لا يفعلون ذلك، ولسوء الحظ؛ فالحقيقة هي أنَّ معظم الناس يكتفون بما حققوه في حياتهم، ويتوقفون عن السعي إلى إنجاز المزيد خشية خسارة ما لديهم.

يقول العالم "ألبرت أينشتاين" (Albert Einstein): "يموت الإنسان بمجرد التوقف عن التعلُّم والتطور".

إنَّ أحدَ أهم الأشياء التي ينبغي أن نتذكرها دائماً في حياتنا هو أنَّ: مغزى الحياة يكمن في الاستمتاع بالطريق، وليس بالنتائج، فإذا كنتَ تعيش حياتك فقط من أجل نتائج يمكنك تحقيقها، فسوف تشعر بالإحباط واليأس، والأمر نفسه سيحدث إذا اكتفيت بالنتائج التي حققتَها آنفاً.

لا يتعلق النجاح الشخصي أبداً بالوصول إلى وجهة معينة؛ بل بالرحلة التي تقضيها وتمر بها وصولاً إلى تلك الوجهة؛ إذاً، إنَّ النمو الثابت هو الإجابة عن الشق الأول من السؤال: "ما هي الغاية من الحياة؟".

شاهد بالفديو: كيف تحدد أهدافك في الحياة؟

السعي إلى الرضى:

يسعى معظم الناس جاهدين إلى تحقيق السعادة، ولكنَّ المشكلة هي أنَّه لن يشعر أحدٌ بالسعادة المطلقة طوال الوقت، فالحياة متعِبة في بعض الأحيان، وستعاني الكثير من الإحباط، عندما يكون هاجسك الوحيد هو تحقيق السعادة.

بدلاً من السعي إلى السعادة، اسعَ إلى نَيل الرضى؛ حيث تستمر الأمور السيئة بالحدوث حتى عند شعورك بالرضى، ولكنَّ الفارق هو أنَّ الشعور بالرضى والحزن في الوقت نفسه أمرٌ ممكن.

ولكي تشعر بالرضى عن حياتك أكثر، حاول أن تكون شخصاً صالحاً وأن تعيش في تناغمٍ ووئامٍ مع الطبيعة، وحاول أيضاً أن تتحلى ببعض المزايا كاللطف والصدق، والتي بدورها تمنحك شعوراً بالرضى والاكتفاء؛ إذ إنَّه غالباً ما ينسى الناس أنَّ هذه المزايا الجميلة يمكن أن تمنح الكثير من الرضى الشخصي لحياتهم.

حاول أيضاً التخلي عن الأنانية، ومارس بدلاً من ذلك شيئاً من نكران الذات؛ حيث إنَّك ستعاني إذا كنت تفعل كل شيءٍ من أجل سعادتك فقط، فالمفارقة في النجاح الشخصي هي أنَّ المشاركة مع الآخرين عنصر أساسي لتحقيق الشعور بالرضى، وستدرك في النهاية بهذه الطريقة أنَّك تُعطي لنفسك قيمةً عالية وتترك أثراً جميلاً في العالم، فالنمو والرضى هما الإجابة الواضحة والصريحة عن معنى الحياة.

إقرأ أيضاً: كيف تعثر على معنى الحياة؟

إليك فيما يلي أربعة أسئلة تساعدك على إيجاد معنى في حياتك:

يمكنك اختبار عنصري النمو والرضى في أي مجال من مجالات الحياة، ويمكن للجميع العثور على المعنى من الحياة، على الرغم من أنَّ ذلك قد يختلف من شخصٍ إلى آخر؛ أي بعبارةٍ أخرى، لكل شخصٍ طريقته الخاصة في البحث العميق عن غايته.

ولكن إليك هذه النصيحة قبل الشروع في هذه الرحلة: إيجاد الهدف يزيد من السعادة، ولكنَّ البحث اللامتناهي عنها طوال الوقت قد يفعل العكس؛ أي بعبارةٍ أخرى، لا تكافح كثيراً لدرجة المعاناة للعثور على هدفك في الحياة، واستمتع بدلاً من ذلك في الطريق للوصول إليه، وبدلاً من ذلك، حاول اكتشاف الأجوبة المثالية المناسبة لك عن هذه الأسئلة، ولكن دون عناء كبير أو جهد، فلديك وقتٌ طويل لمعرفة ذلك.

1. ما هي المشكلة التي تسبب لك الإحباط أكثر من غيرها في العالم؟

ما هو الشيء الذي يجعلك تشعر بالضيق الشديد؟ هل هو تغير المناخ؟ أو هل هو الفقر وعدم المساواة في الثروة؟ أو هل هو الاهتمام بالتعليم؟ أم أنَّ الصحة والمعدل المتزايد للبدانة هو أكثر ما يقلقك ويحبطك؟

بمعنى آخر: إذا كان في إمكانك حل إحدى هذه المشكلات، فما هي المشكلة التي ستختارها؟ تساعدك الإجابة عن هذا السؤال على تحديد المجال الذي يمكنك إيجاد المعنى والهدف من خلاله.

2. ماذا كنت ستفعل لو أنَّ المال ليست له أهمية؟

إذا كنت بحاجة إلى وظيفة والحصول على أجر ولكنَّ جميع الوظائف ستدفع المبلغ نفسه، فماذا كنت ستفعل؟ نمارس في كثيرٍ من الأحيان مهنةً أو عملاً لأنَّنا نريد مواكبة ومجاراة طبقة اجتماعية أو مادية معينة، ولكن عندما تقارن نفسك بجيرانك، ستكون عبداً لحياةٍ لا تناسبك ولا ترضيك، وبدلاً من ذلك، اجعل سعادتك أولوية، وابحث عن الشيء الذي يحقق لك المتعة والسعادة، وستجد بذلك أيضاً أنَّه من السهل جداً تحقيق النجاح.

إقرأ أيضاً: 10 أسباب تجعل اتباع شغفك أكثر أهمية من المال

3. ماذا ستفعل لتترك أثراً جميلاً في العالم؟

كتب المؤلف العظيم "ستيفن ريتشارد كوفي" (Stephen R. Covey) كتاب التنمية الشخصية الكلاسيكية: العادات السبع للناس الأكثر فاعلية (the 7 Habits of Highly Effective People)؛ وإحدى هذه العادات هي أن تتخيل الطريقة التي سيظهر بها عملك قبل أن تبدأ به.

لنفترض أنَّك ستتمكن من حضور جنازتك، ما الذي تحب أن تسمعه من أقرب الناس إليك؟ وكيف ستبدأ عيش حياتك إذا عرفت أنَّه لديك سنة واحدة فقط لتعيشها؟ تعطي الإجابات عن هذه الأسئلة رؤىً كبيرة لفهم كيف يجب أن تعيش حياتك بالطريقة الأكثر معنى.

4. ما هو الشيء الذي يمدحك الآخرون بشأنه؟

على الرغم من أنَّه لا ينبغي أن تدع رأي الآخرين يؤثر فيك كثيراً، إلَّا أنَّ المديح الذي تتلقاه يمكن أن يمنحك فكرةً عمَّا تجيده في الحالة الطبيعية، فعندما تعرف نقاط قوَّتك وطاقتك، يمكنك استخدام ذلك لاكتساب المزيد من القيمة؛ إذ إنَّها واحدة من المكونات السرية للنجاح الشخصي، ويمكن أن تشعر بالكثير من الرضى عندما تفعل الأشياء التي هي ضمن نقاط قوَّتك.

البحث عن النور في ظلمة الحياة:

يطرح كثيرٌ من الناس سؤال "ما هو الهدف من الحياة؟" خلال الفترات المظلمة من حياتهم، ولكن يمكن أن تكون أحلك اللحظات هي الدافع الذي يمكن أن تستمد منه المعنى الأكبر.

أفضل قصة لتوضيح ذلك هي قصة "فيكتور فرانكل" (Viktor Frankl)؛ حيث كان "فرانكل" أسيراً خلال الحرب العالمية الثانية، وانفصل عن زوجته وأطفاله - الذين لن يراهم مرة أخرى - وسُخِّر للعمل في معسكرات اعتقال مختلفة، ولكن بدلاً من استسلامه لليأس وزهده في الحياة، وجد معنى في معاناته، فلم يقتصر الأمر على بقائه على قيد الحياة فحسب؛ بل منحه ذلك أيضاً مزيداً من الحرية أكثر من آسريه.

نصائح إضافية لشعورٍ أكبر بالرضى:

يجد بعض الأشخاص هدفهم في الحياة على الفور، في حين أنَّ بعضهم الآخر يستغرق وقتاً أطول لإدراك ذلك، وإذا كنتَ مثلي، فإنَّك تنتمي إلى الفئة الثانية من الناس، ولكنَّ هذا لا يعني أنَّك ستعاني شعوراً باليأس وعدم الرضى إلى حين إيجاد هدفك، وإليك 5 نصائح يمكن أن تساعدك على الشعور بالرضى والتحسن:

1. كن ممتنَّاً:

يُعَدُّ الامتنان قوة خاصة يمكنك استخدامها كلَّما شعرت بالإحباط، وعندما لا تسير أمورك على ما يرام، فكِّر قليلاً وكن ممتناً وفخوراً بما لديك.

ما هي الأشياء التي تحظى بالتقدير حالياً في حياتك؟ تتملكك أدق التفاصيل وتشغل تفكيرك غالباً عندما تشعر بالإحباط؛ لذلك عندما تمنح نفسك بعض الوقت للنظر إلى الحياة من زاويةٍ أوسع وتقدير ما لديك، سيميل الإحباط إلى التلاشي.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح لتحقيق الامتنان في حياتك

2. توقَّف عن مقارنة نفسك مع الآخرين:

نعرف جميعاً أشخاصاً قد يتخذون قرارات فقط لإرضاء وإقناع الآخرين، وليس لأنَّ هذا القرار يمنحهم السعادة.

نقارن نحن البشر أنفسنا بالفطرة مع بعضنا بعضاً، ومع ذلك، تسبب هذه المقارنة الكثير من عدم الرضى والتعاسة في حياة الناس، وبدلاً من ذلك، ركِّز في أحلامك ورغباتك وقوَّتك وتفردك، فأنت تعلم بالفعل أنَّ الجميع مختلفون؛ لذلك لا تقارن نفسك بشخصٍ آخر، فقد يمنعك ذلك من الاستمتاع بحياتك بشكل أفضل.

3. اتبع حدسك:

أنصِت إلى حدسك بدلاً من أن تستمع للآخرين؛ حيث سيتطلب منك هذا الأمر بعض الشجاعة، فهو القرار الصائب الذي سيمنحك الشعور بالرضى عن نفسك، وستلاحظ بعض الأشياء عندما تبدأ اتِّخاذ القرارات بناءً على ما يخبرك به قلبك.

أولاً، تحمُّل المسؤولية عن حياتك؛ يعني أنَّك ستفقد الثقة بنفسك، وثانياً، سيثنيك الناس عن فعل أي شيء يخيفهم على الرغم من أنَّ لديهم في كثير من الأحيان النوايا الحسنة، ولكن قد تتملكك نصيحتهم؛ لذلك اتبع إحساسك الداخلي دائماً.

قد تفشل بالتأكيد وتجد صعوبةً في خوض رحلتك، وقد تواجه الشك والتعليقات واللوم من أشخاصٍ آخرين حولك؛ كأن تسمع عبارة مثل "لقد حذرتُك"، ولكن أليس هذا مجرد انعكاس لانعدام الاستقرار لدى هؤلاء الناس؟

يعاني كل شخص ناجح من التردد والشك، ولكن إذا اخترتَ البقاء في منطقة الراحة الخاصة بك وتركتَ آراء الآخرين تؤثر في طريقة عيشك، فما الهدف من الحياة إذاً؟

تابع أحلامك دائماً واهتم ببناء مستقبلك الذي تريده حتى لو فشلت؛ حيث سيمنحك ذلك شعوراً بالرضى ويدفعك إلى تحقيق النجاح، بدلاً من عدم المحاولة دائماً والتردد في اتخاذ أي إجراء بدافع الخوف، والذي يُعَدُّ هو الفشل النهائي بحد ذاته، وتذكَّر دائماً: أنَّ المتعة والرضى والسعادة تكمن في رحلتك نحو الهدف.

4. كن أنانياً ومعطاءً في الوقت نفسه:

لا بأس في أن ترغب في أشياء جميلة لنفسك وتسعى إلى أحلامك ورغباتك، وفي بعض الأحيان، عليك فقط أن تضع سعادتك أولاً، ومع ذلك، إذا كنت تريد أن تشعر بالرضى، فلا يجب أن تتضمن حياتك احتياجات أنانية فقط؛ حيث إنَّ جزءاً كبيراً من الشعور بالرضى هو المشاركة في إرضاء الآخرين؛ لذا اسأل نفسك دائماً هذا السؤال: ما هو الأثر الذي تريد تركه في هذا العالم؟

يمكنك أن تبدأ بأفعالٍ صغيرة، كأن تتعامل بلطف مع الجميع، وتبتسم أكثر للغرباء في الشارع.

5. امنح نفسك بعض الخصوصية:

في بعض الأحيان، تكون أفضل طريقة لقضاء الوقت هي أن تكون بمفردك، فاذهب في نزهة طويلة في الطبيعة، أو استمتع بعطلة نهاية الأسبوع بمفردك في مكانٍ بعيد، أو ابحث عن مكان تبقى فيه بمفردك دون أي شيء آخر سوى دفتر يومياتك وأفكارك؛ حيث لن يساعدك هذا على العثور على أكثر ما تهتم به فحسب؛ بل يمكنه أيضاً تحقيق الوضوح في كل مجال من مجالات حياتك؛ لذا، إذا كنتَ لا تزال تتساءل عن الهدف من الحياة بعد قراءة هذا المقال، فأنا أشجعك على قضاء بعض الوقت بمفردك للعثور على الإجابة الصحيحة لك.

في الختام:

لقد أعطيتُك في هذا المقال بعض الأفكار حول رؤيتي عن الهدف من الحياة؛ باختصار، الهدف من الحياة هو أن نعيشها، ولكي أعيش بشكلٍ جيد، أدركتُ أنَّ هناك عنصرين هامين: النمو المستمر والرضى؛ حيث يتعلق النمو بتحدي نفسك والتخلي عن منطقة راحتك دائماً، أما الرضى هو العثور على شيء تهتم وتستمتع به؛ شيء يملؤك بالعاطفة والهدف والفرح، وإذا كنت لم تجد الهدف من حياتك حتى الآن، فلا تقلق.

المصدر




مقالات مرتبطة