ما هي أهداف تربية الأطفال؟

إنَّ تحديد أهداف تربية الأطفال ليس هاماً للعام الجديد فقط، فهذه الأهداف هي ما تريد تحقيقه في طريقة تربيتك، والتي تبقيك على المسار الصحيح وتدفعك لأن تركز على الأشياء الهامة التي ستقربك من أطفالك؛ حيث يمكن أن يغيِّر اختيار الأهداف الصحيحة حياتك.



هناك أهداف تربية طويلة وقصيرة الأمد، ويمكن أن تكون ظاهرةً أو مخفية بسهولة، وقد يكون وضع الأهداف أمراً صعباً؛ ذلك لأنَّنا قد نعتقد أنَّ لدينا هدفاً واحداً، ولكنَّ أفعالنا تتبع هدفاً آخر مخفياً.

وبالإضافة إلى ذلك، عندما يكون التركيز على المتاعب اليومية، فمن السهل إغفال الأهداف طويلة الأمد، وغالباً ما يعطي الآباء المثقلون بالمسؤوليات اليومية الأولوية للأهداف قصيرة الأمد بدلاً من الأهداف طويلة الأمد؛ حيث يُعَدُّ اختيار الأهداف الصحيحة أمراً هاماً؛ وذلك لأنَّ الأهداف قصيرة الأمد يمكن أن تعرقل الأهداف طويلة الأمد إذا لم تكن متناغمةً.

مثال على الأهداف المخفية:

فيما يلي مثال لهدف خفي قصير الأمد يعوق هدف تربية الأطفال على الأمد الطويل، فغالباً ما يضع الآباء هدفاً قصير الأمد يتمثل في "عدم الصراخ"، وعلى الرغم من محاولتهم الالتزام به، إلا أنَّهم ينهارون ويصرخون على أطفالهم بعد بضعة أسابيع، ونظراً لأنَّ أطفالهم الصغار لا يستمعون، فإنَّهم يشعرون أنَّه لا يوجد خيار آخر.

يعرف الوالدان ما يريدون؛ يريدون التوقف عن الصراخ؛ وذلك لأنَّهم يريدون إقامة علاقات أفضل مع أطفالهم، ولكن عاجلاً أم آجلاً، سيكتشفون أنَّ عدم الصراخ لا يُجدي نفعاً، وأطفالهم الصغار لا يستمعون لهم، ولكي يستجيبوا لهم، يجب على الوالدين الصراخ، إذاً ما الخطأ الذي حدث؟

لا ينجح عدم الصراخ كهدف في تربية الأبناء؛ وذلك لأنَّه ليس الهدف الحقيقي، فالهدف الأبوي الخفي الذي لا يدركه الوالدان بوعي هو رغبتهم في أن يكون أطفالهم مطيعين، فإنَّ جعل أطفالهم يمتثلون لرغبات الوالدين هو الهدف الخفي ولكنَّه الأهم هنا؛ حيث إنَّه يعوق الهدف طويل الأمد لتطوير علاقات جيدة.

يرغب معظم الآباء في تربية أطفال أصحاء وسعيدين وناجحين، ويريدون إقامة عأهدافلاقات وثيقة مع أطفالهم والاستمتاع بقضاء الوقت معاً، لكنَّ هذه الرغبة غالباً ما تُنسَى عندما يركز الآباء على جعل أطفالهم يستمعون لهم؛ حيث إنَّهم ينسون علاقاتهم بينما يسعون إلى الامتثال على الأمد القصير.

فعندما تمتلئ التفاعلات بالأوامر والطلبات والتذمر والعقاب يومياً، تتدهور العلاقات بين الوالدين والطفل، ولا يستمع الأطفال للأشخاص الذين لا يشعرون بالارتباط بهم، ومن ثمَّ ينزعج الآباء ويبدؤون بالصراخ مرةً أخرى؛ مما يؤدي إلى المزيد من الإضرار بالعلاقات، وفي حين أنَّه من الجيد أن يكون لديك أهداف محددة قصيرة الأمد وملموسة، إلا أنَّها تمنعنا من رؤية الصورة الكبيرة وما نريده حقاً على الأمد الطويل.

شاهد بالفديو: 15 نصيحة للآباء في تربية الأبناء

3 أنواع من أهداف تربية الأطفال:

لقد وجدَت الدراسات أنَّ الأهداف لها تأثير مباشر في سلوك الوالدين والنتائج؛ لذا حدَّد الباحثون ثلاثة أنواع من أهداف تربية الأطفال:

  • أهداف تتعلق بالوالدين.
  • أهداف تتعلق بالطفل.
  • أهداف تتعلق بالعلاقة.

الأهداف التي تتعلق بالوالدين:

تركز الأهداف التي تتعلق بالوالدين على احتياجاتهم، مثل الطاعة والامتثال، وغالباً ما يكون الوالدان اللذان لديهما أهداف تتعلق بهما قلقين بشأن التحكم، فعلى الأمد القصير، يريدون إنهاء أو تغيير سلوك معيَّن لتلبية احتياجاتهم الخاصة، ويريدون طفلاً مطيعاً ومحترماً يستمع ويفعل الأشياء التي يريدونها.

يميل هؤلاء الآباء إلى استخدام القوة في التأديب، مثل العقاب أو التهديد بالعقاب، وعادة ما ينتج عن التفاعلات بين الوالدين والأطفال مشاعر سلبية، فيعتقد الوالدان أنَّ سوء السلوك ناتج عن موقف الأطفال أو نواياهم السيئة.

الأهداف التي تتعلق بالطفل:

الآباء والأمهات الذين لديهم أهداف تتعلق بالطفل يعلِّمون الأطفال دروساً أو قيماً عائلية، مثل التعاطف مع الآخرين أو إظهار السلوك الاجتماعي الإيجابي.

يميل هؤلاء الآباء إلى أن يكونوا أكثر تعاطفاً، فإنَّهم يهتمون بمشاعر أطفالهم ورغباتهم، ويريدون أن يكونوا آباءً أفضل وأن يفهموا طفلهم الصغير ويغرسوا فيه القيم ويعلِّموه القواعد الاجتماعية النافعة له مستقبلاً.

وفي المواقف الصعبة، يكون الوالدان أكثر هدوءاً؛ حيث يستخدمون الانضباط الإيجابي مثل الاستقراء والمنطق، فتُشرَح الأسباب وتُناقَش، وتُقدَّم الخيارات للطفل، وغالباً ما يكون هؤلاء الآباء حنونين ومرنين ومتقبلين، فعندما يظهر سوء السلوك، فإنَّهم ينسبونه إلى الموقف أو البيئة بدلاً من صفة أو نية الطفل الفطرية.

الأهداف التي تتعلق بالعلاقات:

تركز الأهداف التي تتعلق بالعلاقات على تعزيز العلاقات الوثيقة والصلات المتناغمة بين أفراد الأسرة، فالآباء والأمهات الذين لديهم أهداف تتمحور حول العلاقة يتسمون بالاستجابة والتعاطف؛ حيث يريدون تفاعلات إيجابية عند تربية الأطفال، فهؤلاء يتعاملون مع الطفل منذ سن مبكرة، ويقدِّرون المشاعر الإيجابية وسلامة الأطفال، وعلى الأمد الطويل، يريدون بناء الحب والثقة والروابط العائلية الوثيقة والمحافظة عليها.

يستخدم هؤلاء الآباء استراتيجيات تعاونية وتفاوضية للوصول إلى حلول عادلة، كما أنَّهم حنونون ومتقبِّلون ويقدِّرون الثقة والوئام الأسري.

إقرأ أيضاً: دور المنزل في تربية الطفل

أي نوع من هذه الأهداف هو أفضل؟

لا يمكن الحكم على نوع أهداف تربية الأطفال بالجودة أو الرداءة، ولكنَّ السلوك المستوحى منها يمكن أن يؤدي إلى اختلافات في أسلوب التربية؛ حيث تؤدي الأهداف التي تتمحور حول الوالدين إلى سلوكات استبدادية، بينما تؤدي الأهداف التي تتمحور حول الطفل وتركز على العلاقات إلى سلوكات موثوقة.

أسلوب التربية المستبدة يؤدي إلى نتائج أسوأ من أسلوب التربية الموثوق، ولذلك يوصي الخبراء وعلماء النفس حول العالم بالتربية الموثوقة كأفضل أسلوب للتربية، ولذلك قد تؤدي الأهداف التي تتمحور حول الطفل والمتمحورة حول العلاقات إلى تحسين جودة التربية.

كيف نحدد أهدافنا في تربية الأطفال؟

تحديد الأهداف هو وسيلة لمساعدتنا على تحديد أكثر الأشياء أهميةً بالنسبة إلينا والسلوكات التي ستساعدنا على تحقيق تلك النتائج، ففي حين أنَّ معظمنا لديه أهداف طويلة الأمد تتمحور حول أطفالنا وعلاقاتنا، فنادراً ما يعكس السلوك أو الرغبات قصيرة الأمد ذلك.

ولهذا السبب من الهام أن نكون واضحين بشأن ما نريد تحقيقه على الأمد الطويل؛ حيث يجب أن تتوافق أهدافنا قصيرة الأمد مع الأهداف طويلة الأمد حتى تعمل جيداً مع بعضها، فنحن الآباء لدينا الكثير من التوقعات من أطفالنا، ونريد تربيتهم ليكونوا أصحاء وسعيدين ولطيفين ومسؤولين ومتعاطفين ومتعلمين تعليماً عالياً وناجحين مالياً وقريبين منا.

ولكن في الوقت نفسه وفي أثناء تربيتهم، يرغب بعض الأهل أيضاً في تحقيق أهدافهم التي تركز على الوالدين؛ حيث إنَّهم يريدون أن يكون أطفالهم مطيعين ومحترمين ومتوافقين مع الأوامر، ويستمعون دون اعتراض ويتسمون بحسن التصرف ويعملون بجد ويفعلون كل ما نريدهم أن يفعلوه؛ حيث يعتقد الوالدان أنَّ هذا سيوفر مساراً سلساً لأطفالهم لتحقيق النجاح، وهو نادراً ما يثبت ذلك.

نتيجةً لمحاولة تحقيق هذه الأهداف قصيرة الأمد، غالباً ما ينتهي الأمر بالأهل إلى الإضرار بفرصهم في تحقيق الأهداف طويلة الأمد، وهذا لا يعني أنَّه لا يمكنك الحصول على كل شيء، ولكنَّ الانضباط التقليدي للسلطة الحازمة المستخدَم لتحقيق الأهداف التي تتمحور حول الوالدين معيب ونادراً ما يعمل على النحو المنشود.

إقرأ أيضاً: النجاح في تربية الطفل: 6 طرق فعّالة لتنمية ذكاء الطفل في سنٍ مبكر

أفضل أهداف تربية الأطفال:

احرص على وضع أهداف تتمحور حول العلاقة وتقوي علاقتك مع طفلك؛ ذلك لأنَّ وجود علاقة صحية وثيقة بين الوالدين والطفل هو أساس كل شيء نريده من الأطفال عندما يكبرون، فحب الوالدين قوي، وعلى الرغم من أنَّ فاعليته لا تظهر مباشرة مثل المكافأة أو العقوبة، لكنَّ نتائجه أفضل على الأمد الطويل.

فيما يلي بعض الأمثلة على الأهداف الجيدة للآباء:

  • تطوير الاحترام المتبادل.
  • السماح بالتواصل المفتوح والتغذية الراجعة من الطرفين.
  • قضاء المزيد من الوقت في الرعاية الذاتية.
  • العناية بصحة طفلك العقلية.
  • بناء الثقة حتى لا يخاف طفلك من عرض مشكلاته عليك.
  • دعم وتعزيز الاستقلال.
  • تنمية مهارات التفكير النقدي.
  • دراسة المزيد عن تنمية الطفل.
  • إيجاد طرائق لتحسين مهارات التربية.
  • استخدام التعزيز الإيجابي.
  • تحويل الموقف الصعب إلى فرصة للتعلم.
  • تعزيز المرونة وتحمُّل الضيق.
  • قراءة الكتب معاً.

المصدر




مقالات مرتبطة