فضل البر بالوالدين:
1- بر الوالدين من أفضل وأحب الأعمال إلى الله تعالى:
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله أيُّ العمل أفضل؟ قال: "الصلاة على ميقاتها"، قُلت: ثم أيّ؟ قال: "ثم بِرّ الوالدين"، قلتُ: ثم أيّ؟ قال: "الجِهاد في سبيل الله" فسكتُّ عن رسول الله صلىى الله عليه وسلم، ولو استزدته لأزادني).
2- قد أوصانا الله عزَّ وجلّ ببِرِّ الوالدين:
إنَّ الله سُبحانه وتعالى قَرَن الدعوة إلى توحيده ببِرِّ الوالدين والإحسان إليهما.
قال الله عزَّ وجلّ في كتابه الكريم: (واعبدوا الله ولا تُشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً). [سورة النساء: الآية: 36].
3- إنّ برّ الوالدين يُطيل العمر ويُزيد الرزق:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أحبَّ أن يُمَدَّ في عُمرِهِ، وأن يُزداد في رزقهِ، فليبَرَّ والديه، وليصلَ رَحِمهُ).
إقرأ أيضاً: جلب البركة والرزق : نصائح وأحاديث وأدعية
4- الوالد أوسط أبواب الجنة ومن أسباب رضا الله عزَّ وجل:
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنَّ رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام قال: (رضى الرَّبِ في رِضا الوالد، وسَخطُ الرَّبِ في سَخَطِ الوالد).
5- بِرّ الوالدين صِفةٌ من صفات الأنبياء رِضوان الله عليهم:
قال الله سُبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (قال إني عبدُ الله آتاني الكتابَ وجعلني نبياً* وجعلني مُباركاً أين ما كُنتُ وأوصاني بالصَّلاةِ والزَّكَاةِ ما دُمتُ حياً* وبَراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً* والسلام عليَّ يوم ولدتُ ويومَ أموت ويوم أُبعثُ حياً* ذلك عيسى ابن مريم قولَ الحق الذي فيه يمترون). [سورة مريم، الآيات: من 30 إلى 34].
6- بِرّ الوالدين أو الأقرب لهُما سببٌ من أسباب قَبول التوبة وغِفران الذنوب:
عن ابن عُمر قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ، فقال: يا رسول الله إني أذنبتُ ذنباً كبيراً، فهل لي من توبةً؟ فقال لهُ رسولُ الله صلىى الله عليه وسلم: "ألك والدان"، قال: لا، قال: "فلك خالةُ"، قال: نعم، قال: "فبِرَّها إذاً".
إقرأ أيضاً: 20 دعاء للوالدين
7- إنَّ البَّار بوالديه والساعي عليهما هو في سبيل الله:
فعن كعب بن عُجرة، قال: (مرَّ على النبيّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ، فرأى أصحاب رسول الله صلىى الله عليه وسلَّم من جِلدهِ ونشاطهِ، فقالوا: يا رسول الله، لو كان هذا في سبيلِ الله؟ فقال رسول الله صلىى الله عليه وسلم: "إن كان خَرجَ يسعى على ولده صغاراً فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على نفسهِ يُعِفُها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج رياءً ومُفاخرةً فهو في سبيل الشيطان").
8- دعوات الوالد لابنه البَّار مُستجابة:
فعن أبي هُريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثُ دعواتٍ يُستجابُ لهُنَّ، لا شكَّ فيهنَّ: دعوة المظلوم، ودعوة المُسافر، ودعوةُ الوالد لولده".
9- بِرُّ الوالدين سبب من أسباب تفريج الكروب:
عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلىى الله عليهِ وسلم قال: "بينما ثلاثةُ نفرٍ يتمشَّونَ أخذهم المطرُ، فأووا إلى غارٍ في جبلٍ، فانحطَّت على فم غارهم صخرةٌ من الجبل، فانطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعضٍ: انظروا أعمالاً عملتمُوها صالحةً لله، فادعوا الله تعالى بها، لعل الله يفرجها عنكم، فقال أحدهم: اللهُمَّ إنَّهُ كان لي والدانِ شيخانِ كبيرانِ، وامرأتي، ولي صبيةٌ صِغارٌ أرعى عليهم، فإذا أرحتُ عليهم، حَلبتُ، فبدأت بوالديَّ، فسقيتهُما قبل بَنيَّ، وأنَّهُ نأى بي ذات يومٍ الشَّجرُ، فلم آتِ حتى أمسيتُ، فوجدتُهما قد ناما، فحلبتُ كما كنت أحلبُ، فجئت بالحِلابِ، فقمت عند رؤسهما أكره أن أوقظهُما من نومهما، وأكرهُ أن أسقي الصبية قبلهُما، والصبية يتضاغون عند قدمي، فلم يزل ذلك دأبي ودأبُهم حتى طلع الفجرُ، فإن كنت تعلمُ أني فعلتُ ذل ابتغاء وجهك، فافرج لنا منها فُرجةً، نرى منها السَّماء، ففرج الله منها فُرجةً، فرأوا منها السماء".
إقرأ أيضاً: عقوق الوالدين جريمة تعاقب عليها شريعة السماء
طرق البر بالوالدين:
- تقديم الطاعة للأب والأم في مُختلف الأمور ما عدا الشُرك بالله.
- تلبية كل احتياجاتهم وعدم رفض أوامرهم.
- تقديم الرعاية لهم عندما يتقدمون بالعمر.
- إدخال السرور إلى قلوبهم وتجنب ذكر أي شيء يزعجهم.
- الدعاء لهم في الدُنيا، والتصدق على أرواحهم بعد الوفاة.
إقرأ أيضاً: مظاهر تكريم الله والدين الإسلامي للإنسان
آيات بر الوالدين:
1- قال الله تعالى: (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحساناً وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حُسناً وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلاً منكم وأنتم معرضون). [سورة البقرة، الآية: 83].
2- قال الله تعالى: (واعبدوا الله ولا تُشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القُربى واليتامى والمساكين والجار ذي القُربى والجارِ الجُنُبِ والصاحب بالجنبِ وابن السبيلِ وما ملكت أيمانُكم إنَّ الله لا يُحبُّ من كان مُختالاً فخوراً). [سورة النساء، الآية:36].
3- قال الله تعالى: (وقضى ربُّكَ ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إمَّا يبلغن عندك الكِبَرُ أحدهُما أو كلاهُما فلا تقُل لهما أوفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً* واخفض لهما جناح الذُلِّ من الرَّحمةِ وقُل رب ارحمهُما كما ربَّياني صغيراً* ربُّكُم أعلم بما في نُفُوسكم إن تكونوا صالحين فإنَّهُ كان للأوَّابين غفوراً). [سورة الإسراء، الآيات: 23، 24، 25].
4- قال الله تعالى: (ووصَّينا الإنسان بوالديه حُسناً). [سورة العنكبوت، الآية: 8].
5- قال الله تعالى: (ووصَّينا الإنسان بوالديه حَملته أمهُ وهناً على وهنٍ وفِصالُهُ في عامين أَنِ اشكُر لي ولوالديك إليَّ المَصير). [سورة لقمان، الآية: 14].
إقرأ أيضاً: تعريف الاحسان في الإسلام وأنواعه
أحاديث عن بر الوالدين:
- عن أبي بكر رضي الله عنه أنَّ رسول الله صل الله عليه وسلم قال: (اثنان يُعجِّلهُما الله في الدُنيا: البغي وعقوق الوالدين).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ الذنوب يؤخرُ الله تعالى ما شاء منها إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين).
- عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: (جاء رجلٌ إلى رسول الله صل الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحقُ الناس بِحُسنِ صحابتي؟ قال: "أمك"، قال: ثم من، قال: "ثم أمك"، قال: ثم من؟ قال: "ثم أمك"، قال: ثم من؟ قال: "ثم أبوك".
- عن مُعاوية بن جاهمة السُّلميّ قال: أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: (يا رسول الله، إني كنتُ أردتُ الجهادَ معك أبتغي بذلك وجهَ الله والدارَ الآخرة، قال: "ويحكَ أحَيَّةٌ أمك؟"، قلت: نعم، قال: "ارجع فبرَّها"، ثم أتيته من الجانب الآخر، فقلت: يا رسول الله، إني كنتُ أردتُ الجهادَ معك أبتغي بذلك وجهَ الله والدارَ الآخرة، قال: "ويحكَ أحَيَّةٌ أمك؟"، قلت: نعم، يا رسول الله، قال: "ارجع فبرَّها"، ثم أتيته من أمامه، فقلت: يا رسول الله، إني كنتُ أردتُ الجهادَ معك أبتغي بذلك وجهَ الله والدارَ الآخرة، قال: "ويحكَ أحَيَّةٌ أمك؟"، قلت: نعم، يا رسول الله، قال: "ويحَك، الزم رجلها، فثَّم الجَنَّةُ").
استشهاد عن بر الوالدين:
كثيرا ما ترشدنا قصص الأنبياء عليهم السلام إلى عمل الخير والمعروف ولنا في أعمالهم أسوة حسنة، أما مقام الوالدين فقد كان في مكان عال دائما عندهم، وقد ضربوا لنا نماذج عظيمة في البر والإحسان للوالدين، نستشهد هنا في بعض أعمالهم والأحاديث المروية عن بعض الصحابة:
سيدنا ابراهيم:
يقول الله تعالى في سورة مريم: ((واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا، إذا قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا، يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا، يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا)).
الآية الكريمة في إشفاق سيدنا ابراهيم على أبيه وخوفه عليه من العذاب، رغبة منه في رده الى الطريق الصحيح وعبادة الله.
سيدنا اسماعيل:
كل البر نجده في فعل سيدنا اسماعيل حين أخبره أبوه: ((يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك)) فيجيب الولد الصالح المطيع لأبيه: ((افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين))، سورة الصافات. إنه أعظم بر معروف في التاريخ، الطاعة والصبر لأمر أبيه وربه.
سيدنا عيسى:
يشهد النبي عيسى عليه السلام وهو في المهد لأمه بالبر والإحسان والتبجيل، يقول الله تعالى في سورة مريم: ((وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا)).
حديث عبد الله بن العباس:
يقول عبد الله بن العباس "كن مع الوالدين كالعبد المذنب الذليل للسيد الفظ الغليظ". وقد جاءنا عن وهب بن منبه قال: بلغنا أن الله تعالى قال لنبيه عزير عليه السلام : "بر والديك، فإن من بر والديه رضيت، وإذا رضيت باركت، وإذا باركت بلغت الرابع من النسل. وسئل الحسن عن الوالد والوالدة فقال : حق الوالد أعظم، وبر الوالدة ألزم".
عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: ( وبالوالدين إحسانا ) قال: "لا تنفض ثوبك فيصيبها الغبار". وقال عطاء بن أبي رباح في قول الله تعالى: ( ولا تنهرهما ) قال : "لا تنفض يدك عليهما وقل لهما قولاً كريماً". وقال عون بن عبدالله : "النظر إلى الوالدين عبادة". قلت : "فكيف البُر بهما".
أقوال بعض الصحابة:
من الأقوال المأثورة عن بعض الصحابة: "ترك الدعاء للوالدين يضيق العيش على الولد". وقال كعب : "إن الله ليعجل هلاك العبد إذا كان عاقاً لوالديه ليعجل له العذاب، وإن الله ليزيد في عمر العبد إذا كان باراً ليزيد براً وخيراً". وقال أبو بكر بن أبي مريم قرأت في التوراة : من يضرب أباه يقتل. وكان محمد بن المنكدر يضع خده على الأرض، ثم يقول لأمه : ضعي قدمك على خدي.
ما هي أهمية بر الوالدين في الإسلام؟
يرى الإسلام أنَّ بر الوالدين من أهم القيم الأخلاقية التي يُفترض على المسلمين الالتزام بها دائماً، وتأتي أهمية بر الوالدين من الجوانب الآتية:
1. بناء مجتمع قوي:
بر الإنسان بوالديه يساعد على المحافظة على الترابط ضمن الأسرة الواحدة، ولأنَّ الأسرة هي اللبنة الأساسية للمجتمع فبر الوالدين يبني مجتمعاً قوياً.
2. السمعة الطيبة:
بر الوالدين دائماً يعود بالخير على الإنسان فيعلِّي شأنه في المجتمع ويساهم بنشر سمعته الطيبة والعطرة في كل مكان، فيحظى باحترام وتقدير جميع المحيطين به.
3. النجاح في كل عمل:
بر الوالدين من العبادات المثمرة في الدنيا والآخرة والتي بفضلها تفتح الأبواب المغلقة وتسير الأمور والأعمال بأفضل شكل، وتجعل البار بوالديه يهتدي دائماً إلى القرار الصائب فتبعده عن الوقوع في الأخطاء أو المعاصي والذنوب فتجنبه غضب الله وتكسبه رضاه ومغفرته.
4. الراحة النفسية:
يرتبط بر الوالدين بالشعور براحة البال؛ لأنَّ الإنسان يفرح عندما يشعر بأنَّ والديه راضيان عنه، كما أنَّ دعاء الوالدين هو أجمل هدية تبعث الراحة في النفس، ويعد رضى الوالدين من مسببات دخول الجنة، ومعرفة هذا الأمر تبعث الاطمئنان في القلب.
في الختام:
لا تنسَ عزيزي أن تحرِصَ على طاعة والديك، وتجنُبِ غضبهم، وذلك حرصاً على ألا تُغضب الله سُبحانه وتعالى وسعياً لكسب مَرضاتِه، فهم من أمر بالإحسان إليهم وطاعتهم وبرهم وتقدم حبهم على حب أبنائك.
أضف تعليقاً