ما هو تأثير شجار الأهل على الأطفال؟

حدوث شجار بين الوالدين أمر شائع، فالناس تختلف فيما بينهم والأهل أيضاً، وهذه هي حقيقة الحياة؛ إذ سوف يتشاجرون حول الكثير من الأشياء بدءاً من الأشياء الصغيرة مثل القناة التلفزيونية التي يجب مشاهدتها، إلى الأشياء الهامة مثل ما إذا كان ينبغي أن يُنجِبوا طفلاً آخر.



يمكن أن تكون المخاطر كبيرة ويمكن أن ينفعل الوالدان، وليست كل مشاجرات الوالدين مروعة، ويمكن تجنبها؛ ولكنَّ الطريقة التي يتعامل بها الكبار مع هذه النزاعات أمام أطفالهم، يمكن أن يكون لها تأثيرات مختلفة على الأطفال.

كيف يؤثر الشجار بين الوالدين في الطفل؟

في الحياة الواقعية، يُعَدُّ الصراع جزءاً طبيعياً من أي علاقة، فعندما نعيش مع أطفال، ستُثار هذه النزاعات أحياناً أمام أطفالك، وقد تتساءلون: هل شجار الوالدين أمام الأطفال يؤذيهم بأي شكل من الأشكال؟

فمن المزعِج والمرهِق دائماً مشاهدة الآباء يتجادلون، لكن لحسن الحظ لن يكون لجميع أنواع النزاعات تأثيرات ضارة على الأطفال على الأمد الطويل؛ حيث يعتمد ذلك على ما إذا كان شجارُ البالغين سيؤذي الأطفال الصغار على تكرار تلك الحوادث وشدتها وظروفها وطريقة حلها، وتُظهِرُ الأبحاث أنَّ النزاعات بين الوالدين التي يمكن أن تُحدِثَ تأثيرات سلبية كبيرة في الأطفال لها الخصائص التالية:

1. أن تكون النزاعات بين الوالدين متكررة:

من المجهد دائماً أن يرى أي شخص، شخصين يصرخان على بعضهما بعضاً ولكنَّ الأمر مقلق أكثر بالنسبة إلى الأطفال الصغار؛ حيث يمكن للوالدين الغاضبين اللَّذَين يتشاجران دائماً أن يُوتِّراً الأطفال الصغار، فعندما يكون الطفل متوتراً، يرتفع مستوى هرمون الإجهاد الكورتيزول، فإذا كانت الخلافات تَحدُثُ فقط من حين لآخر، فإنَّ مستوى الهرمون لدى الطفل يعود إلى طبيعته بعد فترة وجيزة من الحادثة، ومع ذلك، فإنَّ النزاعات المستمرة، تخلقُ تقلبات متكررة في مستويات الكورتيزول وتُعطِّل أنماط الكورتيزول مُسبِّبَة مشكلات صحية جسدية مثل انكماش الدماغ واضطراب النوم وضعف جهاز المناعة.

حيث ترتبط النزاعات المتكررة أيضاً بالمشكلات السلوكية المتزايدة مثل العدوان والتحدي واضطرابات السلوك لدى الأطفال مثل اضطراب العناد الشارد (oppositional defiant disorder)، وسوف تتدهور أيضاً علاقات الأطفال مع الوالدين نتيجة لذلك.

إنَّ الأطفال الذين يعانون من الشجار الأبوي المنتظم، هم أيضاً أكثر تفاعلاً، فعند مواجهة الصراع لاحقاً، تكون ردود أفعالهم أكثر حدَّة؛ حيث إنَّ هؤلاء الأطفال أكثر عرضة لمشكلات القلق والانسحاب، وتزيدُ المشاجرات المتكررة أيضاً من عدوانية الطفل مع الأشقاء والأقران في المدرسة.

2. أن تكون النزاعات بين الوالدين شديدة ومدمرة:

عندما يتشاجر الأهل بحدة أمام أطفالهم، يلتقط الطفل التوتر والعواطف السلبية والتهديد، فعندما يتعرَّض لأساليب مدمرة، مثل العدوان اللفظي أو العنف الجسدي أو التهديدات الغريبة، يميل سلوكه العدواني أيضاً إلى الزيادة، ومن المرجَّح أن تحدث المشكلات العاطفية وقضايا الصحة العقلية، مثل تدني احترام الذات والاكتئاب والغضب وإيذاء النفس عند هؤلاء الأطفال.

3. المشكلات المرتبطة بالأطفال:

يعتمد تأثير الجدال أمام الطفل أيضاً على كيفية تفسير الطفل للنزاع الأبوي، ففي حال كان النزاع يتعلق بالطفل، فقد يَشعرُ بالخزي والقلق بشأن إقحامِه في الشجار، والشِّجار بهذا الشكل يزعج الطفل، ويُهدِّدهُ أيضاً، فتميلُ موضوعات الصراع من هذا النوع أيضاً إلى إثارة مستوى أعلى من العدوانية.

شاهد بالفديو: 12 طريقة لتعزيز التواصل الأسري

4. حل الشجار حلَّاً سيئاً:

يمكن أن يكون للنزاعاتِ الأسرية التي يتم حلها حلَّاً سيِّئاً تأثير سلبي في العلاقات الزوجية والعلاقة بين الوالدين والطفل وعمل الأسرة، فعندما لا يكون سبب الشجار وجيهاً أو حينما يحتوي على لوم الوالدَين أو لوم الطفل، يمكن أن يكون الضرر العاطفي للأطفال أكبر؛ حيث تُظهِرُ دراسة أنَّ بعض الأطفال - وخاصة الصبيان - قد يلومون أنفسهم على الصراع.

كيف تُقلِّل التأثيرات السلبية على الأطفال؟

غالباً ما يكون الصراع بين الوالدين مصدراً لانتشار مشاعر التوتر داخل الأسرة ومشكلات التكيُّف لدى الأطفال، فبينما يختلف الناس فيما بينهم، لا يجب أن يؤدي هذا الخلاف إلى إيذاء الأطفال، ولا يجب أن يتأثَّر الأطفال في الخلاف الزوجي.

ويمكن أن تساعد هذه النصائح على تقليل التأثير في صحة طفلك العقلية:

1. تجنَّب النزاعات المُدمِّرة:

لا يتعين علينا تجنُّب كل الخلافات أمام الأطفال، ولا يمكننا ذلك، فقد وجدت دراسة حديثة أنَّه في الواقع، يمكن أن يكون الصراع الزوجي مفيداً للتنمية إذا كان هذا الصراع بنَّاءً.

حيث تشمل سلوكات الصراع المدمرة الغضب الذي لا يقتصر التعبير عنه على الكلمات أو صمت الوالدين في أثناء التعامل مع أطفالهما، أو انسحاب الوالدين؛ إذ هذه التكتيكات الصامتة قد تزعج الأطفال بقدر كبير، وأفضل شيء يمكنك فعله عند حدوث مشاجرات علنية هو تجنُّب استخدام استراتيجيات مدمرة.

2. اختلف مع شريكك باحترام:

ليست كل الخلافات سيئة إذا اختلفنا باحترام، فلنفترض أنَّ طفلين يتشاجران، كيف تريدهما أن يَحُلَّا هذا الخلاف؟ حينما يحتدم النقاش مع شريكك في المرة القادمة، تصرَّف مثلما تريد أن يتصرف هذان الطفلان.

يتعلَّمُ الأطفال من سلوكاتنا، فالحوارات العدائية بين الآباء، نموذج غير واعٍ للسلوك العدواني؛ حيث يُعلِّمون الأطفال أنَّ العدوانية هي "طريقة الكبار" لحل النزاعات، ومن ثم، فإنَّ الحفاظ على الاحترام المتبادل بين أفراد الأسرة، سيُعلِّم الأطفال مهارات حل النزاعات بطريقة مناسبة، فإنَّ الحفاظ على جدال محترم بين الوالدين سيمنع أيضاً مستويات الصراع من التصعيد.

إقرأ أيضاً: الخلافات الزوجية وتأثيرها على الأسرة والمجتمع

3. قلِّص موضوعات الخلاف:

ليست كل موضوعات الجدل مزعجة للأطفال على حد سواء، فوفقاً للبحث، فإنَّ الخلافات حول الشؤون المالية والقضايا الاقتصادية وإدارة الوقت وتحديد الأهداف لا تؤثر في مشاعر الطفل، ولكنَّ الخلافات حول تربية الأطفال تؤثر في مشاعرهم؛ أي يجب الحد من أنواع النزاعات؛ بحيث لا تتم مناقشة الموضوعات ذات الصلة بالأطفال أو الموضوعات الصعبة، إلا خلف الأبواب المُغلقة.

4. استخدِم سلوكات النزاع البنَّاءَة:

رُبِطَت سلوكات الصراع البنَّاءَة بالنتائج الإيجابية لدى الأطفال؛ من خلال تحسين أمن الطفل والعواطف الإيجابية والنوم والإنجاز الأكاديمي والمهارات الاجتماعية ومهارات حل المشكلات وحل النزاعات والتعامل مع الإجهاد والنتائج المتعلقة بالصحة.

تشمل سلوكات الصراع البناءة:

  • التواصل عاطفياً، بدلاً من استخدام العدوان.
  • التحلي بالاحترام حتى عندما لا تتفق مع شريكك بالرأي.
  • تقديم نقد بنَّاء بدلاً من مشاعر الخزي أو اللوم.
  • استخدام حل المشكلات للتوصُّل إلى حل، حتى الحل الجزئي يمكن أن يساعد إذا كان بنَّاءً.
  • شرح الموقف لطفلك وعدم لومه على النزاع.
إقرأ أيضاً: 5 عبارات عليك أن تتجنب الحديث عنها مع زوجتك

5. ابحث عن علاج عائلي:

يمكن أن تخلق التحديات - التي لم تُحَلُّ - للأسر بيئات عائلية محفوفة بالمخاطر ومشكلات خطيرة للأطفال، وبالنسبة إلى العائلات المفككة التي تعاني من مستويات عالية من الصراع، يَصعُبُ على الآباء حل الموقف بأنفسهم، ويمكن للمساعدة المهنية، مثل العلاج الأسري، أن تكون واحدة من أفضل الطرائق لإعادة حياتك إلى المسار الصحيح.

حيث يمكن أن يساعدك المعالج المحترف على إيجاد طريقة أفضل للتعامل مع مواقف الصراع الشديدة وتجنُّب الضيق العاطفي، ويمكنهم أيضاً مساعدة الأسرة بأكملها على تطوير علاقات صحية واستراتيجيات إدارة الغضب ومهارات تنظيم المشاعر.

المصدر




مقالات مرتبطة