أهمية الأسرة في المجتمع:
يٌعرّف علم الاجتماع الأسرة بأنها الخلية الأساسية في المجتمع وأهم جماعاته، وتتكون الأسرة من أفراد تربط بينهم صلة القرابة والرحم، فيما يلي سنتعرّف على أهمية الأسرة في المجتمع:
- الحفاظ على استمرارية البشرية: تتجلّى أهمية الأسرة أنّها تحافظ على استمرارية النسل والنسب فيحدّ هذا من احتمالية فناء المجتمع واندثاره، فقد ساعد تكوين الأسر على استمرار البشرية منذ بدء الخليقة إلى يومنا هذا.
- الحد من الاضطرابات النفسية: في الحقيقة تساعد الأسرة على تلبية احتياجات الفرد في الزواج وتكوين أسرة، وهذا ما يسهم في الحد من الإصابة بالاضطرابات النفسية التي تصيب البعض عند العكوف عن الزواج.
- العيش براحة وسلام: الحياة الأسرية الناجحة تضمن العيش براحة وسلام لتصبح الأسرة المأوى والملجأ الذي يهرب إليه الفرد من صعوبات الحياة، وهذا ما يساعد على نشر السكينة والهناء بين كل أفراد المجتمع.
- النمو الطبيعي لأفراد المجتمع: الطلاق والمشاكل الأسرية تؤثر على بناء شخصية الفرد ما يجعله يرتكب سلوكيات شاذة وعدوانية، في حين أنّ النمو في ظلّ أسرة مترابطة يُسهِم في بناء شخصية متكاملة وسليمة.
- قيادة نهضة المجتمع: تساهم الأسرة في النشاط الاجتماعي في كل جوانبه المادية والروحية والعقائدية والاقتصادية، وهذا ما يساعد على قيادة نهضة المجتمع وتحقيق التنمية على الصعيد المحلي والقومي والوطني.
الخلافات الزوجية وتأثيرها على الأسرة:
لا تخلو الحياة الزوجية من بعض الخلافات أو المشكلات، لكن عندما تصبح الخلافات جزء من الروتين اليومي الخاص بالزوجين هنا تتحول حياة الأسرة لجحيم لا يطاق وتبدأ بالتفكك والضياع، فيما يلي سنستعرض تأثير الخلافات الزوجية على الأسرة.
- التعرّض لنوبات قلق وتوتر: العيش وسط بيئة جدلية محاطة بالمشاكل بين الأبوين له تأثيره السلبي على حياة الأبناء، وخاصةً الأطفال، فتكثر حالات التعرض للقلق والتوتر ويزداد احتمال تعرضهم للاضطرابات النفسية عند الكبر، كما أنّ الخلافات الزوجية لها أثرها الخطير على نفسية كل من الرجل والمرأة.
- تراجع التحصيل العلمي والمهني: المشاكل بين الأبوين تجعل الأطفال بحالة تشتّت دائم فيفقدون القدرة على التركيز والانتباه ما يتسبب في انخفاض درجات اختباراتهم المدرسية، كما أنّ الخلافات الزوجية تؤثر على الحياة المهنية لكل من الرجل والمرأة حيث تتراجع قدرتهم على العمل بطريقة إبداعية ما يعرضهم للطرد.
- القيام بتصرّفات شاذة وغير مقبولة: يقول الخبراء أنّ الأطفال الذين يعيشون في بيئة أسرية مضطربة أهم أكثر ميلًا للعدوانية والعنف، وخلال المراهقة قد يتعاطون المخدرات والمشروبات الكحولية، كما أنّ الخلافات الزوجية تدفع الزوجين للقيام بتصرفات مرفوضة اجتماعيًا كالضرب، وتوجيه الشتائم، والاعتداء المعنوي، والخيانة.
- الحرمان من العيش باستقرار: أسوأ ما يمكن أن تسببه الخلافات الأسرية أنها تحرم الطفل من أن يترعرع في بيئة تضمن له الأمان والراحة والاستقرار، كما أنّ هذه الخلافات الزوجية تحرم الرجل والمرأة من عيش حياتهم بالطريقة التي يحبونها فلا ينعمون بطعم السعادة وراحة البال.
الأسباب التي تقف وراء الخلافات الزوجية:
تحدث الخلافات الزوجية نتيجة مصادر الضغوط المختلفة التي تحصل في الحياة اليومية، فيما يلي سنتعرف على الأسباب التي تقف وراء هذه الخلافات.
1- اختلاف الطباع:
يعتبر اختلاف الطباع أحد أكبر المسبّبات للخلافات الزوجية، حيث لا يشترك الزوجين بأي اهتمام، أو نقطة، أو فكرة، وهذا ما يجعلهما كالأقطاب المتنافرة فتكثر على أثرها المشاكل، لكن بقبول الآخر كما هو وباحترام شخصيته وتقديم الحب له دون أي شروط يمكن أن تتخطى هذا الخلاف بسلام، وإعادة العلاقة الزوجية لبرّ الأمان.
2- قلّة الموارد المالية:
الانتكاسات المالية التي تصيب الأسر تلعب دورًا جوهريًا في حدوث الخلافات الزوجية، فعدم القدرة على تأمين حاجات الأسرة، والفقر والحرمان تجعل الزوجين بحالة توتر كبيرة ما يتسبب في تصاعد وتيرة الخلافات، لكن يمكن للزوجين علاج هذه المشكلة بالبحث عن عمل آخر براتب أعلى، وبوضع خطط مالية، وبالادّخار.
3- تدخّل الأهل في حياة الزوجين:
يعتبر تدخل أهل الزوج أو الزوجة في الحياة الأسرية من أكثر الأسباب شيوعًا للخلافات الزوجية، وفي كثير من الأحيان يقود هذا التدخل إلى وقوع الطلاق، ولحل هذه المشكلة يجب على الزوجين عدم إفشاء أسرارهم وخلافاتهم، والحرص على حل أي مشكلة فيما بينهم، بذلك ستنتهي كل الخلافات وسيسود السلام داخل الأسرة.
4- قلّة الاهتمام:
عندما يهمل الزوجين مشاعر بعضهما البعض وينشغل الطرفين بملذات الحياة ويتجنبون تلبية رغبات بعضهما ويتجاهلون الاحتفال بالمناسبات وبأعياد الميلاد تبدأ الخلافات في النشوب، فالاهتمام هو من أساسيات الحب، لذلك لا بد من أن تهتم بشريك حياتك حتى تتوطّد مشاعر الحب والمودة بينكم ويعود السلام لحياتكم الأسرية.
5- عدم التوافق الجنسي:
لا يخفى على أحد بأنّ العلاقة الجنسية وإشباع الرغبات الفطرية والغريزية لدى الرجال والنساء أمر في غاية الأهمية، ولذلك يعتبر عدم التوافق الجنسي أحد أبرز أسباب الخلافات الزوجية، لكن ولحسن الحظ لهذه المشكلة حلول بسيطة هي إخبار الشريك بحاجاتك الجنسية والحرص في المقابل على تلبية حاجاته، ومنحه الكثير من الحب والحنان.
6- التهرّب من المسؤولية:
يصعب على بعض المتزوجين تحمّل المسؤولية فيتهرّب كل طرف من واجباته الأسرية ما يؤدي إلى وقوع المشاكل والخلافات، ولكي تتجنب كل هذا عليك منذ البداية أن تحدّد ما هو دورك اتجاه أسرتك، وكيف ستقف إلى جانب شريك حياتك حتى تكونان أسرة متماسكة متحابة، بذلك فقط ستنعم بحياة زوجية وأسرية سعيدة.
7- عدم الرغبة في الإنجاب:
يرفض بعض الأزواج إنجاب الأطفال في بداية حياتهم الزوجية ما يتسبب في نشوب خلافات كبيرة مع شريك الحياة، وفي حال لم يتم معالجة الأمر قد يصل الخلاف إلى وقوع الطلاق، ومن أجل ذلك يجب أن يتفق الطرفين على هذا الأمر قبل الزواج أو تأجيل الأمر لحين تستقر الأوضاع المالية بشكل أفضل.
اقرأ أيضاً: 3 أسئلة اطرحها على نفسك قبل قرار إنجاب الأطفال
8- الغيرة الجنونية:
ترمز الغيرة إلى المحبة والعشق، لكن الغيرة الجنونية التي تصل إلى درجة الشك بالطرف الأخرى والتنصّت على محادثاته واتصالاته واللحاق به من مكان إلى آخر هي غيرة مرضية تزيد من حدة الخلافات بين الأزواج، ومن أجل ذلك يجب أن تظهر لشريكك مشاعر الحب والاحترام والإخلاص حتى يدوم زواجكما إلى الأبد.
اقرأ أيضاً: 5 نصائح مهمة للتعامل مع غيرة الزوج الشديدة
الطلاق:
يعرّف الطلاق بأنه انفصال الزوجين عن بعضهما بطريقة منبثقة من الدين الذي يدينان به، ويتبع ذلك مجموعة من الإجراءات الرسمية والقانونية ويحدث الطلاق باتفاق الطرفين وموافقتهما، ويعتبر الطلاق من المشاكل الشائكة جدًا وله تداعياته السلبية على الأسرة والمتجمع ككل.
اقرأ أيضاً: الطلاق: أسبابه، أنواعه، وآثاره على المجتمع
أسباب الطلاق:
- الخيانة الزوجية.
- العنف ضد المرأة.
- إدمان العمل وخاصة عند الرجال.
- إفشاء أسرار الحياة الزوجية.
- الجفاء العاطفي وفقدان الحب والاهتمام.
- عدم الإنجاب.
- الفقر وقلّة الموارد المالية.
- انعدام الالتزام بالعلاقة الزوجية.
- البرود الجنسي.
- سوء التفاهم واختلاف الطباع.
- زواج المصلحة.
- سن اليأس.
- إدمان أحد الطرفين على الكحول أو المخدرات.
أضرار الطلاق على المجتمع:
- تنمية مشاعر الحقد والكراهية بين الزوجين ونقلها إلى أطفالهم ما يتسبّب في تفكّك الأسرة وزيادة الأحقاد في المجتمع.
- تعرّض الأطفال لأزمات نفسية خطيرة قد تدفعهم إلى الإقدام على تصرّفات خاطئة كالانتحار وإنهاء الحياة.
- يزيد الطلاق من حالات الانحراف وتزعزع الأمن في المجتمع، فيندفع الطفل أو المراهق للعدوانية والشذوذ الجنسي.
- يتسبّب الطلاق في تشرّد الأطفال وضعف صلتهم مع أبويهم، ما يقلل من شعور الانتماء للأسرة الواحدة.
- يؤثر الطلاق على بناء شخصية الفرد، وهذا ما يعيق تقدم المجتمع وازدهاره فتكثر حالات القتل والجرائم وما إلى ذلك.
انتشار الطلاق في البلدان العربية:
تعتبر ظاهرة الطلاق في العالم العربي من أكثر الظواهر الاجتماعية انتشارًا، فيما يلي سنستعرض آخر النسب التي كشفت عنها الإحصاءات:
- الأردن: عدد حالات الطلاق تمثل 2.6 في الألف من نسبة السكان، أي 60 حالة طلاق يوميًا.
- الكويت: 2.2 من كل ألف مواطن أي 62.7% نسبة حالات الطلاق من إجمالي حالات الزواج.
- مصر: 1.9 من كل ألف مواطن بما يعادل حالة طلاق كل 4 دقائق، كما أنّ 40% من حالات الزواج تنتهي في غضون 5 سنوات.
- لبنان: 1.6 من كل ألف مواطن، ووقعت 8580 حالة طلاق عام 2017.
- الجزائر: 1.5 من كل ألف مواطن، ووقعت 68 ألف حالة طلاق عام 2017.
حكم الطلاق في الديانات السماوية:
لم تُشجّع الديانات السماوية الطلاق، ولم تجعله أمر يمكن الحصول عليه بسهولة انطلاقًا من أهمية الحفاظ على وحدة الأسرة والمجتمع فمثلًا:
الديانة اليهودية جعلت من موضوع الطلاق قضية عقائدية معقدة والحاخامية صاحبة "السيادة" المطلقة هي من لها الحق فقط بمنح الطلاق، ويتم الموافقة على الطلاق في حالات مُحدّدة كالإصابة بالعيوب الخلقية، الزنا، الشك المرضي، الخيانة وغيرها، ولا يعتبر الطلاق نافذًا إلا عندما يصدر الحاخام وثيقة الطلاق عندها تستطيع المطلقة الزواج، أما إذا لم تحصل عليها فلا يحق لها بالزواج.
أما الديانة المسيحية فلا يجوز الطلاق فيها إلا في حالة الزنى استنادًا لما ورد في إنجيل متى الأصحاح الخامس الآية رقم 31-32 "وقيل من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق وأما أنا فأقول لكم إن من طلق امرأته إلا لعلّة الزنى يجعلها تزني ومن يتزوج مطلقة فإنه يزني" لكن مع بداية القرن العشرين سمحت الدول ذات الغالبية الكاثوليكية في تشريع الطلاق قانونيًا.
وفي الدين الإسلامي يُعتبر الطلاق أبغض الحلال استنادًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (إِنَّ أبغضَ الحَلال إلى اللهِ الطَّلاق) (لعن الله كل ذواق، مطلاق) لم يشجع الإسلام على الطلاق إطلاقًا، وسمح به في حالة الضرورة كالعجز عن إقامة المصالح بينهما لتباين الأخلاق أو تنافر الطباع، أو لفساد الدين وغيرها، كما أنه وضع بعض الأحكام التي تسهل عودة الزوجين المطلقين لبعضهما.
كلما كانت الأسرة متماسة كلما كان المتجمع متماسك، لذا احرص عزيزي على توفير بيئة مريحة لعائلتك، واعمل جاهدًا على حل خلافاتك الزوجية حتى تعيش أنت وكل أفراد عائلتك بحب وسلام.
المصادر:
أضف تعليقاً