ما هو الحزم ولماذا هو هام؟

هل وجدت نفسك يوماً تستسلم لرغبات واحتياجات الآخرين أو توافق على أنشطة تسلب انتباهك عما هو أكثر أهمية بالنسبة إليك؟ إذا كان هذا الأمر صحيحاً، فربما تواجه صعوبة في أن تكون حازماً.



سنشرح في هذا المقال ماذا يعني أن تكون حازماً وسنناقش أهمية جعل هذا الأمر أولوية في حياتك، وسنسلط الضوء على عدد من السيناريوهات الواقعية التي قد تصادفك ونحدد الاستجابات المحتملة للحصول على أفضل النتائج، كما سنقدم بعض النصائح العملية لاستخدامها ضمن روتينك اليومي بحيث تساعدك على تحسين مهارات التواصل وتعزيز الثقة بالنفس.

ماذا يعني الحزم؟

هو القدرة على نقل رغباتك واحتياجاتك نقلاً واضحاً ومباشراً، وهو القدرة على التعبير بشدة عن مشاعر الفرد ووجهات نظره ومعتقداته وخياراته باحترام، حتى لو كانت تُخالِف أو تُعارِض ما يريده الطرف الآخر.

والشخص الحازم هو الذي يشعر بالراحة والثقة عندما يعبِّر عن موقفه، حتى عندما يعني ذلك رفض أمرٍ ما أو إحباط صديق أو زميل.

فهم أساليب التواصل الثلاثة:

فكر في الطريقة التي تتواصل بها مع الآخرين، هل تتواصل من أجل نفسك، وتسعى جاهداً للحرص على تلبية رغباتك واحتياجاتك بأي وسيلة ممكنة؟ أم أنَّك توافق على رغبات وأولويات الآخرين وتضعها فوق رغباتك وأولوياتك؟

إذا كنت تسعى للتواصل من أجل نفسك فحسب فذلك يعد أسلوباً عدوانياً؛ حيث يركز الأشخاص ذوو الأسلوب العدواني على احتياجاتهم الخاصة فقط، ويفعلون المستحيل للحصول على ما يريدون.

ويمكن أن يلجؤوا إلى أساليب التنمر أو ممارسة الترهيب أو جعل الآخرين يشعرون بالذنب أو يستخدمون أسلوب التلاعب أو المطالبة باتخاذ بعض الإجراءات لصالحهم.

أما إذا كنت تسعى للتواصل من أجل الآخرين فذلك يعد أسلوباً سلبياً؛ حيث يُفضِّل الأشخاص ذوو الأسلوب السلبي الآخرين على أنفسهم؛ فهم غير قادرين على رفض أي خدمة تُطلَب منهم أبداً، حتى لو كان هذا الأمر يسبب لهم إزعاجاً كبيراً؛ لقد تخلُّوا عن رغباتهم واهتماماتهم مؤقتاً للاستجابة لأي شخص يطلب مساعدتهم.

يوجد أسلوب ثالث للتواصل، وهو أن تكون حازماً (اعتداد بالنفس أو تأكيد الذات)؛ إذ يعرف الأشخاص الحازمون ما يريدونه ويبقون مخلصين لأولوياتهم ومصالحهم الذاتية، وفي نفس الوقت، يراعون ويحترمون الأشخاص من حولهم؛ فهم يعبرون عن رغباتهم دون فرض ذلك على الآخرين؛ حيث يمكنهم رفض أي طلب للمساعدة دون الشعور بالذنب ويمكنهم أن يقولوا "لا" دون التسبب في أي نزاع.

إقرأ أيضاً: مهارات التواصل وطرق تطويرها وتنميتها

تحديد أسلوبك:

لمساعدتك على تحديد أسلوب التواصل الخاص بك، نقدم لك ثلاثة سيناريوهات واقعية للتعامل مع فكرة الحزم؛ فهذه الأمثلة من المحتمل أنَّك واجهتها في الماضي ومن المحتمل أن تواجهها في المستقبل.

عندما يتغير أسلوب التواصل الخاص بك بحسب الموقف الاجتماعي أو الحالة أو الأشخاص المعنيين، فببساطة يمكنك بذل قصارى جهدك لتقديم رد الفعل الحقيقي والصادق الذي من الممكن أن تتصرفه في الموقف الذي يواجهك.

السيناريو الأول:

أنت تنتظر عطلة نهاية الأسبوع هذه بفارغ الصبر منذ أسابيع، وذلك للذهاب إلى حفلة الشواء؛ حيث سيأتي الأصدقاء والعائلة من خارج المدينة ولا يمكنك الانتظار لرؤيتهم خلال ساعات، وبالكاد يمكنك السيطرة على حماسك، وفجأة تتلقى طلباً غير متوقع، لقد أخطأ زميلك في مشروع هام وأتى إليكَ طالباً مساعدتك لحل هذه المشكلة.

لن تكون التعديلات المطلوبة سهلة الحل، ومن المحتمل أن يستغرق الأمر معظم عطلة نهاية الأسبوع؛ فكيف سيكون رد فعلك؟

  • إما أن توافق على مساعدة زميلك، مما يعني ضرورة إخبار الأصدقاء والعائلة بإلغاء حفلة الشواء.
  • أو أن ترفض مساعدة زميلك وتصفه بأنَّه غبي وغير كُفء، ثم تغلق الباب في في وجهه وتذهب إلى الحفلة.
  • أو أن تخبر زميلك أنَّ لديك خطط عائلية هامة في نهاية الأسبوع ولن تتمكن من تقديم المساعدة.

السيناريو الثاني:

على فرض أنَّك عضو في منظمة معينة، وتريد المساعدة في إحداث تغيير في منطقتك، لذلك تتبرع بالوقت والموارد عند توافرها، ثم طلب منك أحد مسؤولي المنظمة للتو أن تتولى دور رئيس اللجنة، لكنَّ وقتك محدود بالفعل، وهذا الأمر يعني مسؤولية إضافية وبأنَّه يجب عليك منح المزيد من الوقت للمنظمة، وبالتالي لن تمتلك الوقت الكافي لقضائه مع عائلتك.

كيف سيكون رد فعلك؟

  • إما أن تخبره: "حسناً، أعتقد أنَّه يمكنني فعل ذلك".
  • أو أن تقول له: "أنا أقدم بالفعل ما يكفي لهذه المنظمة والآن تريد مني أن أقدم المزيد من أجلك؟".
  • أو: "شكراً لك، تبدو هذه فرصة رائعة وأنا سعيد بذلك، ولكنَّ وقتي محدود لذلك أنا مضطر لأن أرفض طلبك هذا".
إقرأ أيضاً: فن القدرة على قول لا

السيناريو الثالث:

سيأتي المتحدث الذي تحبه إلى منطقتك لإقامة ندوة، ولطالما أردت مقابلته شخصياً وهو يتحدث في حدث مباشر، لقد استمعت إلى عدد كبير من تسجيلاته على الإنترنت، وأخيراً، سنحت لك الفرصة رؤيته والجلوس بين الجمهور والمشاركة في تلك التجربة، وعندما تُخبِر زوجتك بهذا الخبر السار، لا تتحمس مثلك، وتخبرك بأنَّها لا تريد الذهاب إلى تلك الندوة.

كيف سيكون رد فعلك؟

  • إما أن تقول لها: "أنتِ على صواب، أعتقد أنَّه ليس أمراً هاماً، من الغباء الذهاب إلى تلك الندوة".
  • أو أن تخبرها: "إذا كنتِ تحبيني بالفعل، فستذهبين معي".
  • أو: "إذا لست مهتمة بهذه الندوة فلا بأس بذلك، وليس عليك الذهاب، فكرت بأنَّه يجب عليَّ أن أعرض عليك فكرة مرافقتي، ومع ذلك، ما زلت أفضل حضور تلك الندوة؛ وذلك لأنَّها هامة بالنسبة إليَّ".

هل تمكنت من تحديد أسلوب التواصل الخاص بك؟ هل يمكنك اختيار ثلاثة أنماط متميزة؟ في كل من الأمثلة السابقة، كان الخيار الأول هو الأسلوب السلبي، والخيار الثاني هو الأسلوب العدواني، والخيار الثالث هو الأسلوب الحازم.

لماذا يعد الحزم أمراً هاماً؟

أن تكون حازماً يعني أن تُقدِّر رغباتك واحتياجاتك ومشاعرك وآرائك ومعتقداتك وخياراتك، وأن تعترف بأهميتها وتقرر بوعي جعل هذه الأمور أولوية بالنسبة إليك.

يُقدِّر الأشخاص الحازمون وقتهم وطاقتهم، كما أنَّهم يمتلكون مستويات أعلى من الثقة وتقدير الذات، يمكن أن يساعد الحزم على تخفيف الارتباك وتقليل الشعور بالقلق وتقليل النزاعات في أثناء التفاعل مع الآخرين؛ وذلك لأنَّك ستُعبِّر عن رغباتك واهتماماتك بوضوح وبصورة مباشرة.

5 نصائح تتعلق بالحزم:

إذا كنت تكافح من أجل أن تكون شخصاً حازماً، نقدم لك فيما يلي 5 نصائح لمساعدتك.

1. ضع حدوداً واضحة:

النصيحة الأولى لتكون أكثر حزماً هي تعلُّم طريقة وضع حدود واضحة.

يمكن أن يشمل ذلك وضع حدود زمنية للاجتماعات والأنشطة، أو عدم الرد على هاتفك بعد ساعات طويلة من العمل، أو إيقاف تشغيل جهازك المحمول، أو عدم استقبال الرسائل لتجنب التشتيت، أو الرفض دون الشعور بأنَّك مُلزَمٌ بتقديم سبب لقيامك بذلك.

2. تعلَّم أن ترفض:

يمكن أن تفيد هذه النصيحة الأشخاص الذين يوافقون على طلبات المساعدة قبل التفكير بعناية فيما يُطلب منهم.

إذا وجدت نفسك توافق على كل شيء من أجل إرضاء الآخرين، يمكنك استخدام بعض الردود بحيث تساعدك على الرفض، فمثلاً يمكنك أن تقول: "دعني أتحقق من جدول أعمالي أولاً وسأخبرك فيما إذا كنت قادراً على مساعدتك"، أو أن تقول ببساطة: "أنا آسف، لكنَّني غير قادر على المساعدة"، وتوقف عند هذا الحد، وتذكر أنت لست ملزماً بإعطاء تفسير لرفضك.

إقرأ أيضاً: 6 طرق تُمكنك من قول 'لا' لطلبات الآخرين

3. اعرف قيمتك:

يعد كل من وقتك واهتمامك أمرَين ثمينَين، لهذا السبب توقف عن منحهما للجميع ولكل من يطلب منك المساعدة.

إذا كنت لا تُقدِّر وقتك، فلا تتوقع من الآخرين أن يقدروه، يمكن أن تساعد مخاطبة النفس باستخدام مزيجٍ من العبارات الإيجابية والمُشجِّعة في تعزيز الثقة بالنفس وتحسين تقدير الذات وزيادة الشعور بالقيمة الذاتية.

شاهد بالفديو: 12 عبارة لتنمية التفكير الإيجابي داخلك

4. حافظ على هدوئك:

غالباً ما يكون من الصعب التفكير أو التواصل مع الآخرين بوضوح وفاعلية في الأوقات التي تشعر فيها بالتوتر أو القلق.

يمكن أن تساعدك ممارسة التنفس العميق أو أساليب الاسترخاء على إعادة تركيز عقلك والتخفيف من المشاعر السلبية غير المرغوب فيها، كما يمكن أن تساعدك في تحسين القدرة الإدراكية وبالتالي ستكون في حالة نفسية أفضل مما يساعدك على تقديم الرد المناسب.

5. اتخذ خطوات صغيرة:

طبق الحزم كل يوم، ابدأ بخطوات صغيرة إذا لزم الأمر، ابحث عن القليل من الفرص مع القيام ببعض التغييرات اليومية لتتمكن من اتخاذ قرارات حازمة.

قد يعني ذلك أخذ زمام المبادرة لاتخاذ قرار بشأن عشاء الليلة، أو اختيار النشاط أو الفيلم لقضاء ليلة ممتعة مع العائلة، أو قضاء يوم عطلة والذهاب إلى منتجع صحي، أو عدم الرد على المكالمات الواردة، أو رفض شيء لا يهمك.

إقرأ أيضاً: 9 خطوات لتكون حازماً في اتخاذ القرارات

أفكار أخيرة:

فكر في رغباتك واحتياجاتك ومشاعرك وآرائك ومعتقداتك وخياراتك، وحدد أهمية هذه الأمور بالنسبة إليك؛ حيث يجب أن تكون من أولوياتك؛ لذا اتخذ القرار الواعي للبدء في ذلك.

حدد أهمية وقتك وطاقتك واهتماماتك، سيساعدك هذا المقال على النظر بعمق في داخلك لتقييم قيمتك الذاتية، كن صادقاً مع نظرتك لنفسك؛ فإذا كانت نتائجك غير مُرضية، فاتبع نهجاً فعالاً من خلال إجراء التعديلات اللازمة؛ استخدم النصائح الموضحة أعلاه لجعل اهتماماتك أولوية في حياتك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة