إن كانت إجابتك "نعم"، فهذا المقال مناسب لك؛ ذلك لأنَّه يسلط الضوء على أربع استراتيجيات هدفها التركيز على أهدافك أكثر والابتعاد عن مصادر التشتيت:
1. جزِّء أهدافك:
تملؤنا أهدافنا حماسة؛ فنفكر في أشياء عظيمة، ونجهز عقولنا لفعلها، ونلتزم بكل ما يتطلبه الأمر لتحقيقها.
يتطلب أي هدف حقيقي وعملي النمو والتطور لتحقيقه، ويستغرق ذلك وقتاً وجهداً؛ وهنا تكمن المشكلة، فقد يكون تحقيق هذه الأهداف مضنياً، ويجبرنا دوماً على مغادرة منطقة راحتنا. يعدُّ ما سبق السبب الرئيس في قتل الأحلام الكبيرة والدوافع العظيمة لدى معظم الناس؛ إذ نضع جميعنا أهدافاً نبدأ السعي إليها بحماسة وشغف منقطعي النظير؛ لكن لا نلبث أن نشعر بالإحباط عندما نواجه أولى العقبات، فننسحب ونستغني عن أحلامنا.
في الحقيقة، نحن كائنات محدودة النظر فيما يخص الأهداف، ونعاني كثيراً لنحافظ على تركيزنا ونتجنب عوامل التشتيت؛ ويكمن الحل هنا بتجزئة الأهداف إلى أهداف أصغر.
خذ متسابقي السيارات كمثال؛ فهم يركزون على الوصول إلى النقطة التالية في السباق، ولا يقلقون بشأن خط النهاية؛ والسباق هنا عبارة عن بضع جولات فقط، فما بالك بالأهداف العملية؟ عليك ألَّا تركز على خط النهاية، بل على الخطوة التالية من الهدف؛ حيث ستضمن بهذا أنَّك لن تحيد عن الطريق، وأنَّك لا زلت على المسار الصحيح. إن كنت تكابد في التركيز على أهدافك، فجزِّئها إلى أهداف أصغر؛
وتستطيع تحقيق ذلك باتباع إحدى هاتين الخطوتين:
تقسيم الأهداف إلى مهمات أصغر:
يمكنك تقسيم الهدف الإجمالي إلى مجموعة من المهمات، ثم التركيز على إنجاز مَهمَّة تلو الأخرى؛ فعلى سبيل المثال: يتضمن نشر كتاب خطوات عديدة من ضمنها: عرض/ تخطيط قصة، ووضع الخطوط العامة، والكتابة، والتصميم، والتحرير، والتسويق.
ستصاب بالإحباط إن قررت كتابة كتاب دون مراعاة هذه المهمات الفردية؛ لكن إن جزأت هذه العملية، فستمسي أكثر قدرة على تنفيذها والتركيز على هدفك وتجنب مصادر التشتيت.
تقسيم الوقت:
تعتمد الطريقة الثانية لتجزئة الأهداف على الوقت الذي يستغرقه إنجاز مهمات معينة، حيث توجد في استراتيجية تحديد الأهداف الذكية (SMART goal setting) معايير لوضع الأهداف يسهل تذكرها باستخدام الاختصار (SMART).
إذا كنت تتساءل عمَّ تعنيه الأهداف الذكية (SMART)، فيُسعدنا أن نقول لك أنَّها أهداف:
- محددة (specific).
- قابلة للقياس (Measurable).
- قابلة للتحقيق (Achievable).
- هامة لك شخصياً (Relevant).
- مقيدة زمنياً (Time-Bound).
يجب أن تكون الأهداف محددة بفترة زمنية؛ لذا بمجرد تقسيم أهدافك، جدولها زمنياً؛ إذ تحتاج إلى جدولة مهماتك كي تُبقِي على المساءلة الذاتية؛ فمن شأن الجدولة أن تجعلك على قدر من المساءلة، وتساعدك على تجنب مصادر التشتيت والتركيز على الهدف.
شاهد بالفيديو: 20 مثالاً على الأهداف الشخصية الذكية لتحسين حياتك
2. حسِّن بيئتك:
عندما يتعلق الأمر بالتركيز على أهدافك وتجنب مصادر التشتيت، فلا شيء أهم من البيئة التي تعمل فيها.
نزدهر جميعنا في بيئات معينة مثالية لكلٍّ منَّا، حيث نستطيع الانغلاق على أنفسنا وإنجاز ما علينا من مهمات؛ وبالمقابل، نجد أنَّ بيئات أخرى بمثابة منبع للتشتت والمماطلة.
تتكون بيئتك من:
- الناس.
- الأماكن.
- الأشياء.
عندما تقرر تحسين بيئتك، يجب عليك أن تأخذ بالحسبان هذه العناصر الثلاثة؛ فمثلاً: لا جدوى من تغيير المكان إن كنت بصحبة أناس يلهونك، وأيضاً لا جدوى من تغيير الأشياء في مكان ما إن كان هذا المكان هو ما يمنعك من التركيز.
يتركز تحسين البيئة على الوعي الشخصي؛ فإن لم تكن على دراية فيما إذا كانت عناصر البيئات تلائم أم تعيق تركيزك على أهدافك، فلن تتمكن من إجراء التغييرات اللازمة؛ لذا قبل أن تشرع في العمل على هدفك، فكر ملياً في كل عنصر وحدده؛ فعلى سبيل المثال: هل عليك تفادي أشخاص معينين، أم أماكن محددة، أم أشياء معينة؟
3. اجعل أهدافك ممتعة:
يمكن للحياة أن تكون قاسية، وأن تحمل في طياتها ما يكفي من التوتر؛ لذا لا تعقدها أكثر.
يجد الكثيرون منَّا أنَّ تحقيق الأهداف الكبيرة أمر مجهد ومُضيِّع للوقت، خصوصاً عندما يعانون للحفاظ على تركيزهم ويقفون عاجزين أمام تحقيق أهدافهم؛ لذا كي تحافظ على تركيزك وتتجنب مصادر التشتيت في أثناء السعي إلى تحقيق أهدافك، عليك جعلها أكثر متعة وإثارة؛ فلمَ تتكبد العناء لتحقيق هدفك إن لم يكن ممتعاً أو مشوقاً؟
لنعد إلى النقطة السابقة التي تتعلق بعدم الاكتراث بالوقت والجهد الذي نبذله لتحقيق الهدف مهما كان "خط النهاية" بعيداً، فأحياناً ينقلب ما نجده ممتعاً ومشوقاً في البداية إلى عكس ذلك بسرعة؛ لذا قبل أن تخطط لتحقيق أي هدف، تأكد أنَّك متحمس وشغوف به، وإلَّا ستضيع الخطوات السابقة التي ذكرناها سدى؛ وحالما تضمن أنَّ هذا الهدف هو ما يحمِّسك، انطلق باحثاً عن وسائل تجعل السعي وراءه ممتعاً.
ربَّما تسعى إلى تحقيق هدف مشترك مع صديقك أو أي شريك مساءلة آخر، لكن تأكد أن سعيك سيؤتي ثماره في ظل بيئة ممتعة وملهمة فقط، أو من خلال تطبيق الاستراتيجية الأخيرة التالية للحفاظ على التركيز وتجنب الإلهاء.
4. كافئ نفسك:
إن كنت تقرأ هذا المقال، فأنت صاحب إنجازات عالية بالفطرة، أو تسعى إلى ذلك؛ لكن تكمن المشكلة في أنَّ أصحاب الإنجازات العالية يغفلون عن الاحتفال بانتصاراتهم.
غالباً ما يتمتع أصحاب الإنجازات العالية بعقلية "الانتقال إلى التالي" التي قد تنعكس سلباً أو إيجاباً عليك؛ حيث تتمثل الناحية الإيجابية في البقاء متعطشاً ومدفوعاً إلى الوصول إلى المستوى التالي وتحقيق المزيد؛ أمَّا الناحية السلبية، فهي أنَّك عندما لا تحتفِ بانتصاراتك وأهدافك المرحلية التي تحققها، ستجد نفسك تهيم في حلقة مفرغة من عدم الاكتفاء.
لعلَّ هذا هو السبب الذي يجعلنا نرى أمثلة لا حصر لها من الأثرياء أو أصحاب الإنجازات الكبيرة الذين لا يشعرون بالاكتفاء أو الرضا عن حياتهم؛ فعلى مستوى أعمق، ستبدأ تدريب دماغك على عدم الاحتفاء بإنجازاتك.
أمَّا من الناحية الجسدية؛ فعندما نفعل شيئاً رائعاً أو مثيراً في الحياة، تطلق أجسادنا مادة الدوبامين الكيميائية المسؤولة عن الشعور بالمتعة، وستتوقف أجسادنا عن هذه الاستجابة بمرور الوقت وتكرار عملية إطلاق الدوبامين دون أن نسمح لأنفسنا بالحصول على المتعة؛ أي باختصار: إنَّك تدرب جسمك على عدم الشعور بالنشوة والمتعة الناتجين عن الإنجاز إن حرمت نفسك دوماً من الاحتفاء به.
إنَّ الاحتفاء بالإنجازات استراتيجية بسيطة جداً للحفاظ على التركيز وتجنب مصادر التشتيت، وأنت من يقرر نوعية المكافآت التي تمنحها لنفسك؛ فبغض النظر عن حجم هذه الأهداف، عليك تبنِّي هذه العادة في إطار عملية السعي إلى تحقيقها.
الخلاصة:
يجب أن تكون عملية تحديد الأهداف والسعي وراءها مشوقة بالنسبة إليك، ممَّا يعني أنَّك تنمو وتتطور وتحسِّن حياتك بطريقة أو بأخرى؛ ولكن إذا لم تكن حذراً، فقد تجد نفسك ضحية لعوامل التشتيت وفقدان التركيز على أهدافك.
عسى أن تساعدك الاستراتيجيات السابقة في التركيز على الأهداف والابتعاد عن مصادر الإلهاء كي تحقق الأحلام التي تسعى إليها.
أضف تعليقاً