ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "فانيسا فان إدواردز" (Vanessa Van Edwards)، وتُخبرنا فيه عن ضرورة أن يخطئ المرء في بعض الأحيان وكيفية التغلُّب على الرغبة في أن نكون مُحقين دائماً.
6. أنا مُحِقٌ بالتأكيد:
يتعين علينا أحياناً اتخاذ خيارات سريعة؛ لذلك نعتمد اعتماداً كبيراً على انطباعنا الأول، وحدسنا لاتخاذ القرارات الصحيحة، وفي أثناء تصفُّح كتاب "أن أكون مخطئاً: مغامرات على هامش الخطأ" للكاتبة "كاثرين شولتز" (Kathryn Schulz) أعجبني هذا الاقتباس في الصفحة الثالثة منه: "تمر أحداث كثيرة خلال حياتنا نفترض فيها أنَّنا محقون تماماً طوال الوقت، وفي كل شيء؛ إذ يبدو أنَّ هذا الثبات على موقفنا هو افتراض لا شعوري بأنَّنا على علمٍ بكل شيء".
كان هذا الاقتباس قوياً بالنسبة إلي، ولا أبالغ حين أقول: "تنتج غالبية حالات فشل العلاقات من حقيقة أنَّ الجميع يظن أنَّه مُحِق".
يحذِّر الدكتور "ستيفن ستوسني" (Dr. Steven Stosny) الأزواج من إصرار كل طرف بأنَّه هو المُحِق في كل شيء، فهو يفترض أنَّ المعدل المرتفع للطلاق يرتبط ارتباطاً مباشراً بالمنافسة على السيطرة والمحاولة المستمرة لكل منهما لإثبات أنَّه مُحِق، والحاجة الملحة إلى أن نكون على صواب بينما نلوم الآخر ونخطئه في الوقت نفسه، ويذهب إلى أبعد من ذلك ليقول إنَّ المشاعر التي ترتفع فيها نسبة الأدرينالين، مثل الغضب، تجعلنا نشعر بأنَّنا "مُحقون أكثر" بسبب تأثيرات الأمفيتامين، فوفقاً للدكتور "ستوسني": "يخلق تأثير الأمفيتامين إحساساً مؤقتاً بالثقة واليقين، بينما يضعف التركيز الذهني، ويزيل معظم المتغيرات من الحسبان".
إقرأ أيضاً: كيف تحول أخطاءك إلى فرص ثمينة للنجاح؟
7. لا يمكن الحفاظ على العلاقة حينما تكون صاحب رأيٍ مستقلاً:
الموز هو فاكهة الكون السحرية، إنَّها ليست لذيذة فحسب؛ لكنَّها أيضاً غنية بالفيتامينات والمعادن وقشرتها مناسبة لتحملها معك أينما ذهبت، كما أنَّها صفراء، وهو لون الشمس والسعادة؛ لكنَّ زوجي يكرهه ويظن أنَّه يجب أن يختفي من هذه الأرض.
نحن نتشاجر دائماً بسبب الموز؛ لكنَّ الحقيقة هي أنَّ كلينا مُحِق، فله ما يبرره تماماً في رأيه عن الموز، فهي ليست حقيقة؛ بل فكرة، فليست كل الأخطاء متساوية.
8. أنا دائماً مُخطِئ:
الخطأ كلمة كبيرة، إنَّه يعني أنَّ الإجابة يجب أن تكون أبيض أو أسود، صحيحة أو خاطئة، لكن عادة ما يكون للخطأ أوجه وأسباب متنوعة؛ ففي علاقاتك من الهام جداً أن تفهم ما تستطيع وما لا تستطيع مناقشته، وهذا اقتراحي: ماذا لو كان الخطأ عبارة عن طيف يمتد بين الرأي والاعتقاد والحقيقة؟
لا تستطيع أن تكون مخطئاً في الرأي؛ فالذوق والمشاعر والآراء هي تصورات من التجارب التي نعايشها؛ لذا توقف عن الجدال في هذه التجارب، فلن تحصِّل أي شيء سوى الإحساس بالإحباط، وما بين الحقيقة والرأي يكمن الاعتقاد، فتذكَّر أنَّ المعتقدات هي مزيج من الحقائق التي تستطيع التأكد منها والمشاعر المتصورة، وفكِّر في أكثر ثلاثة أمور تتجادل بشأنها مع شريكك أو والديك أو صديقك.
حدِّد موقفك من كل جدال، ولاحظ ما إذا كان أقرب إلى الرأي أو الحقيقة؟ ثم حدِّد موقف شريكك منه؛ إذ تستطيع هذه الفكرة أن تغير طريقة النقاش جذرياً، إليك مثالاً عن صديقَين لي:
تزوجتْ صديقتي "تريسي" (Tracy) زوجها "دوغ" (Doug) منذ عامين، وكل ليلة إثنين تنشأ بينهما مشكلة كبيرة بسبب مباريات كرة القدم؛ إذ تكره "تريسي" الذهاب إلى مشاهدة المباراة في منزل أصدقاء "دوغ"، وإليك كيف يحدث هذا الجدال عادةً:
- تريسي: "لا أريد الذهاب معك، أكره الذهاب إلى منزل أصدقائك؛ فأصواتكم مرتفعة، والطعام سيئ وأنت تشرب منبهات كثيرة".
- دوغ: "إنَّها المرة الوحيدة التي أرى فيها أصدقائي خلال الأسبوع، إنَّه أيضاً أفضل جزء من أيام الإثنين، كما أنَّها مجرد 3 ساعات، وليست بالمدة الطويلة".
يحدث هذا الجدال كل أسبوع، وعندما أخبراني عن هذا، عرفت بالضبط ما هي المشكلة: لقد كانا يتجادلان على الحقائق والمعتقدات والآراء كلها مجتمعة في مشكلة واحدة، لكن لِمَ لا ننظر إلى الأمر من منظور مختلف؟
الحقيقة: توجد مباراة كرة قدم كل ليلة إثنين.
شاهد بالفيديو: 7 خطوات تساعدك على التعلم من أخطاء الماضي
الآراء:
- لا أريد الذهاب
- أكره الذهاب إلى منزل أصدقائك.
- إنَّه أفضل جزء من أيام الإثنين.
المعتقدات:
- الطعام سيئ.
- شرب منبهات كثيرة.
- إنَّها المرة الوحيدة التي أستطيع فيها رؤية أصدقائي خلال الأسبوع.
الحقائق غير قابلة للتفاوض؛ إذ لا يستطيع "تريسي" ولا "دوغ" تغيير اللعبة، وتصعب مناقشة الآراء، لكن يمكن تغييرها بالمعتقدات، وإليك كيف يتم ذلك:
الطعام سيئ لك، وأكره الذهاب إلى منزل أصدقائك:
إذا ظنت "تريسي" أنَّ الطعام سيئ، فإنَّها لن تستطيع أن تأكل أي شيء؛ لذا تكره الذهاب إلى منزل أصدقاء "دوغ"؛ لذا بدلاً من الجدال على اللعبة، من الأفضل مناقشة خيارات الطعام، على سبيل المثال يستطيع "دوغ" أن يقترح ما يأتي:
- تناول وجبة سريعة قبل الذهاب إلى منزل الأصدقاء.
- إحضار الوجبات الخفيفة التي تحبها "تريسي" معها.
- استضافة الأصدقاء في المرة القادمة حتى تستطيع إعداد الطعام الذي تستمتع بتناوله.
تشرب منبهات كثيرة؛ لذا لا أريد الذهاب معك:
إذا ظنت "تريسي" أنَّ زوجها يكثر من شرب المنبهات، فيجب أن تكون هذه هي القضية المطروحة للنقاش، وليس اللعبة؛ إذ تستطيع أن تسأل:
- هل تستطيع أن تكتفي بفنجانين من القهوة فقط؟
- هل تستطيع تناول القهوة قبل أن تتوجه إلى المنزل؟
- هل نستطيع تجربة قضاء بعض السهرات دون تناول المنبهات؟
إنَّها المرة الوحيدة التي أستطيع فيها رؤية أصدقائي خلال الأسبوع، إنَّه أفضل جزء من أيام الإثنين:
إذا شعر "دوغ" بأنَّ هذه هي فرصته الوحيدة لرؤية أصدقائه خلال الأسبوع، فيجب تغيير هذه النقطة، فإذا علم أنَّه سيرى أصدقاءه مرة أخرى، تصبح اللعبة أقل أهمية، فمثلاً:
- دعونا نلتقي كل ليلة جمعة مع المجموعة بأكملها، حتى زوجاتنا؛ لذلك سيكون لدى "تريسي" شخص ما للتحدث معه.
- لِمَ لا نلتقي ليلة الثلاثاء لممارسة لعبة ما؟
- دعونا نجتمع ونقيم حفل شواء في عطلة نهاية الأسبوع.
لقد كان هذا مثالاً طويلاً؛ لكنَّني آمل أن توضح فكرة "كونك مخطئاً" عبر تقسيمه إلى ما هو خاطئ بالفعل وما هو قابل للتفاوض، تدرَّب على ذلك بإحدى جدالاتك المتكررة مع صديق أو والد أو شريك من خلال اتباع الخطوات الآتية:
الجدالات المتكررة:
- الحقيقة.
- آراؤك.
- آراء الشريك.
- معتقداتك.
- معتقدات الشريك.
ثم إجراء المفاوضات بعد ذلك.
شاهد بالفيديو: كيف تعترف بأخطائك؟
9. الخطأ مبرر:
لقد تحدَّثنا عن الخطأ بوصفه أمراً ضاراً، وهذا بعيد كل البعد عن الحقيقة؛ فالقدرة على ارتكاب الخطأ هي مهارة، والخطأ هو طريق التقدم، كما تقول شولتز: "الخطأ وليس الصواب هو ما يعلمنا مَن نحن".
إذ إنَّنا نتعلَّم كثيراً عن أنفسنا عندما نخطئ، ونتعلَّم كثيراً عن سلوكنا عندما نرتكب خطأ ما، وكثيراً عن الآخرين عندما يكونون مخطئين، وإليك بعض الأسئلة التي يجب التفكير فيها:
- هل تتقن ارتكاب الأخطاء؟
- ماذا تعلَّمت من أخطائك؟
- كيف تعامِل صديقاً أو شريكاً مع ارتكاب الخطأ؟ وماذا تعلَّمت منه؟
بعبارة أخرى، إذا استعددنا لتقبُّل أخطائنا والتحقق منها، فإنَّنا نستكشف أنفسنا؛ فأن تكون مُخطِئاً هو أيضاً رحلة صعبة وأحياناً محفوفة بالمخاطر؛ لكنَّها رحلة جميلة في الوقت نفسه.
يقول شولتز: "أن تُخطئ يعني أن تُضِلَّ الطريق؛ لكنَّ ذلك يساعدك على اكتشاف العالم، وأنت تائه في أفكارك؛ فالحق أكثر إرضاءً؛ لكنَّه في النهاية ثابت".
10. أن تتقن ارتكاب الأخطاء:
أحد أجزاء الكتاب التي وجدتها مثيرة للاهتمام - في الجزء القصير الذي قرأته منه - هو عندما أخبرت "شولتز" الناس أنَّها كتبت كتاباً عن ارتكاب الأخطاء، ليتهافت عليها الناس قائلين: "يجب إجراء مقابلة معي، فأنا أخطئ طوال الوقت"، لكن لم يستطيعوا إعطاءها مثالاً واحداً عن أخطائهم تلك، لكن لماذا؟
تسمي "شولتز" هذه الحالة بِـ "الخطأ في التصنيف"؛ أي إنَّنا لا نتذكر الأشياء التي ارتكبنا خطأ فيها:
- الأفكار البديلة: بمجرد أن نكتشف أنَّنا مخطئون بشأن شيء ما، فإنَّنا عادةً ما نستبدل الفكرة أو السلوك ذلك بفكرة أو سلوك آخر نحسبه صحيحاً، وبعبارة أخرى إدراك أنَّنا مُخطئون بشأن معتقد ما ينطوي دائماً على تبديل اعتقادنا بآخر في الوقت نفسه، ليصبح على الفور الفكرة الصحيحة الجديدة.
- هذا جعلني أفكر في معتقداتي القديمة، ووجدت في هذا التمرين رحلة ذهنية جميلة.
إقرأ أيضاً: كيف تعترف بأخطائك؟
11. الطريقة الصحيحة لتكون مُخطِئاً:
سأستخدم النقطة الأخيرة هذه لتلخيص أفضل الطرائق لارتكاب الأخطاء:
- أن تكون على حق أمر جيد؛ لكنَّه أمرٌ ممل.
- الخطأ هو الأفضل، فهو يعني النمو والتعلُّم والمغامرة.
- البحث عن نقاط ضعفك العاطفية.
- تستطيع أن تكون مخطئاً أو المحافظة على علاقتك.
- تذكَّر أنَّ الآراء لا يمكن أن تكون خاطئة.
- معرفة الفرق بين الحقيقة والرأي والاعتقاد.
- ستكون لديك دائماً أمور آمنت بها في الماضي.
- سوف تتغير أفكارك؛ لذا كن منفتحاً على هذا التغيير.
أضف تعليقاً