كيفية النجاح في العمل عن بُعد (الجزء الأول)

ينطوي العمل من المنزل على كثير من الفوائد؛ لذلك تتزايد أعداد العاملين عن بُعد عاماً بعد عام، فتقدِّم نصف الشركات العالمية تقريباً خيار العمل من المنزل، ويُقدِّر العديد من الموظفين المرونة والراحة التي يوفرها العمل عن بُعد.



لكنَّ التكيُّف مع العمل من المنزل في حال كنت معتاداً الوجود في بيئة مكتبية ليس دائماً أمراً سهلاً، ومع الشعور بالانفصال عن زملاء العمل يعاني بعض الأشخاص للحفاظ على مستوى إنتاجيتهم المعتاد والتواصل بكفاءة مع شركتهم.

إذا كنت تتساءل عن كيفية التكيُّف مع العمل من المنزل، ستساعدك هذه النصائح عن العمل عن بُعد على أن تكون ناجحاً ومنتجاً في حين تتعلم كيفية العمل من المنزل؛ إذ سنناقش في الجزء الأول من المقال كيفية الانتقال من العمل المكتبي إلى العمل من المنزل، إضافة إلى بعض النصائح للحفاظ على الإنتاجية في أثناء العمل من المنزل.

فوائد العمل من المنزل:

بالطبع توجد للعمل عن بُعد امتيازات عديدة، فيما يأتي بعض أهم فوائد العمل من المنزل:

1. الحصول على برنامج حياة مرن:

أحد أهم فوائد العمل عن بُعد هي زيادة مرونة برنامج حياتك، سواء كنت تريد مقابلة صديق في ساعة الغداء، أم تحتاج إلى التنزُّه في الحيِّ لتصفية ذهنك، أم ترغب في ممارسة بعض التمرينات في أثناء تجوالك، في معظم الحالات أنت حر للقيام بذلك.

تروق مرونة العمل من المنزل للأشخاص الذين لديهم أطفال أو حيوانات أليفة على وجه الخصوص؛ فهم موجودون بالفعل في حال حدوث ما يستدعي وجودهم.

2. توفير المال:

يمكن للعمل من المنزل أن يوفر لك كثيراً من المال، فكِّر فيما تتحمل من نفقات صغيرة يومياً عند الذهاب إلى المكتب، والوقود لسيارتك، ووسائل النقل العام، ومواقف السيارات، ورسوم العبور، والغداء، والقهوة وغيرها، كلها تضيف تكلفة كبيرة، وترتفع التكلفة أكثر بإضافة ما يحتاج أطفالك من ملابس للذهاب إلى الحضانة وتكلفة ملابس عملك.

في الواقع يشير موقع أبحاث العمل عن بُعد (Telework Research Network) إلى أنَّ الفرد العامل عن بُعد يمكنه توفير ما بين 2,000 دولار و7,000 دولار سنوياً من خلال العمل من المنزل، يعدُّ هذا مبلغاً كبيراً، وهو السبب في أنَّ التكاليف التي يوفرها العمل عن بُعد واحدة من أكبر عوامل استقطاب الناس إليه.

3. إنتاجية أعلى:

يمكنك في حال العمل عن بُعد إنشاء بيئة عمل مثالية؛ إذ تستطيع في المنزل التحكم بدرجة حرارة الغرفة والضجيج والإضاءة، ولن تضطر إلى معاملة العوامل التي تشتت انتباهك عند العمل في مكتب، وتُحدث حرية اتخاذ هذه الخيارات الصغيرة فرقاً كبيراً في جودة العمل الذي يمكنك إنجازه وكميته.

ربَّما قد تزيد إنتاجيتك عمَّا كنت تنجزه في أثناء العمل المكتبي سابقاً، يمكن أن تساعدك فترات الوقت الإضافية في يومك على إنجاز المهام المنزلية أيضاً، 10 دقائق للغسيل أو 15 دقيقة لإزالة الأعشاب الضارة تُحدث فرقاً في قائمة مهامك وتمنح عقلك الاستراحة التي يحتاجها.

كيفية الانتقال إلى العمل من المنزل:

قد يكون التكيف مع العمل من المنزل أمراً صعباً إن كنت معتاداً الحضور في المكتب، إليك فيما يأتي بعض النصائح للعمل عن بُعد ويمكن أن تساعدك في هذا الانتقال:

شاهد بالفيديو: كيف تعمل عن بعد في منزلك؟

1. اتَّبِع روتيناً يومياً:

يعد الالتزام بروتين يومي خطوة أساسية للنجاح في أثناء العمل من المنزل؛ إذ يساعدك وجود روتين ثابت على زيادة إنتاجيتك والشعور بالاستقرار.

تختلف تفاصيل الروتين تبعاً لما يناسب كل شخص، فيمكنك اختيار ممارسة التمرينات الرياضية في الساعة السابعة من كل صباح، وتحديد موعد لمجموعة مهام بين التاسعة والثانية عشر، ثمَّ تناول الغداء مع عائلتك، قد يجد شخص آخر أنَّه أكثر إنتاجية باتباع تقنية بومودورو (Pomodoro technique) وأخذ فترات راحة متكررة، فلا يهم ما هي تفاصيل روتينك اليومي، الهام هو أنَّك تتبع واحداً.

2. تأنَّق:

حريتك في ارتداء ملابس النوم طوال اليوم لا تعني بالضرورة أنَّ عليك فعل ذلك، قد يبدو ارتداء ملابس رسمية لمجرد الجلوس على أريكتك مضيعة للوقت، ولكن في الواقع ارتداء ملابس العمل يمنحك المزاج المناسب للإنتاجية؛ إذ ربما ترتبط في ذهنك الملابس المنزلية بالاسترخاء على الأريكة، في حين ترتبط ملابس العمل غير الرسمية بالاجتماعات والتحقق من المهام.

إنَّ ارتداء الجينز وقميص جميل - وليس قميصاً منزلياً - يعد أكثر فائدة من البقاء في الملابس التي كنت ترتديها في أثناء النوم نفسها، إضافة إلى ذلك فإنَّ الاستعداد في الصباح كما تفعل عادةً، يضمن استعدادك للمشاركة في مكالمات الفيديو أو عقد اجتماع طارئ في أي لحظة.

إقرأ أيضاً: 10 طرق لجعل العمل من المنزل أكثر إيجابية وإنتاجية

3. جهِّز مكان عمل مخصص:

سيساعدك تخصيص مكان محدد للعمل كل يوم على أن تكون أكثر إنتاجية، ويوفر لك قدراً من الخصوصية بالتوضيح لشريكك أو أطفالك أو زميلك في الغرفة بأنَّك غير متاح عندما تعمل، وعندما تنتهي من العمل في نهاية اليوم يمكنك مغادرة الغرفة وإغلاق الباب تاركاً ضغوطات العمل في المكتب.

كيف يمكنك إعداد المساحة المثالية؟ ابحث عن مكتب وكرسي مريح، ثمَّ وفِّر المساحة الكافية لكل ما تحتاج إليه سواء أكان ذلك طابعة أم سماعات رأس أم جهاز حماية من التيار المتغير، إضافة إلى بعض الأشياء الثانوية التي تريدها أيضاً كصورة عائلية أو شمعة معطرة أو كرة إزالة التوتر، فيمكن أن يساعدك ذلك في تجهيز منطقة عملية وممتعة تتطلع للذهاب إليها كل صباح.

4. التزم بساعات العمل المعتادة:

قد تميل إلى النوم حتى ساعة متأخرة من النهار والبدء بالعمل في وقت الغداء، أو تأجيل مهامك حتى وقت متأخر من الليل، ومع ذلك من الهام قدر الإمكان مواصلة العمل تبعاً لساعات العمل المعتادة حتى في المنزل، يساعد ذلك على إيجاد التوازن بين الالتزام بروتينك وبين التواصل مع المشرفين وزملاء العمل والعملاء.

يضمن الالتزام بساعات العمل التقليدية ما بين التاسعة صباحاً والخامسة عصراً أيضاً التوازن بين عملك وحياتك كما يجب، ففي المساء أغلق جهاز الكمبيوتر الخاص بك ولا تنظر إلى رسائل البريد الإلكتروني أو أي رسائل متعلقة بالعمل حتى صباح اليوم التالي؛ ذ يساعدك هذا على الاسترخاء والتخلص من التوتر.

5. خذ فترات استراحة:

أظهرت الدراسات أنَّ أخذ فترات استراحة يمكن أن يحسن إنتاجيتك وقدرتك على التركيز، كما يساعدك على الشعور بمزيد من التحفيز عند العودة إلى مهمة صعبة أيضاً؛ لذا حاول أخذ استراحة لمدة عشر دقائق كل ساعتين.

استثمر فترات الراحة الخاصة بك من خلال القيام بما يأتي:

  • النشاط البدني: قم بنزهة حول المبنى أو قم بجلسة يوغا سريعة في غرفة المعيشة.
  • التواصل مع أشخاص آخرين: أجرِ مكالمة هاتفية مع صديق لك أو العب لعبة مع أطفالك.
  • إنجاز بعض المهام غير المتعلِّقة بالعمل: نظف المنزل بالمكنسة الكهربائية أو أعد وجبة العشاء.

الفكرة ببساطة هي إعطاء عقلك وجسدك بضع دقائق للاسترخاء.

نصائح للحفاظ على الإنتاجية في أثناء العمل من المنزل:

تعد الإنتاجية مصدر قلق كبيراً للعديد من العاملين عن بُعد الذين غالباً ما يفتقدون الخبرة التعاونية للموظفين داخل المكتب.

إليك بعض النصائح للحفاظ على الإنتاجية في أثناء العمل من المنزل:

شاهد بالفيديو: الطريقة الصحيحة لإبقاء فريق العمل عن بعد على قدر عال من المسؤولية

1. استخدم قاعدة "اللمس مرة واحدة":

تعد هذه النصيحة نصيحة إنتاجية فعالة للعمل من المنزل، تعمل القاعدة على النحو الآتي: بمجرد أن تلمس شيئاً ما لأول مرة سواء فتح رسالة بريد إلكتروني، أم بدء مهمة جديدة، فإنَّ عليك إكماله حينها.

إذا لم تتمكن من إنجاز المهمة بالكامل في تلك اللحظة فلا بأس بذلك، ولكن حدد الخطوة الفعالة التالية التي يمكنك اتخاذها لمواصلة إحراز تقدم في المهمة، هذه القاعدة مفيدة؛ لأنَّها تساعدك على التركيز، إذا كنت تتنقَّل من مهمة إلى أخرى طوال اليوم فلن يكون ذهنك صافياً تماماً للتركيز على مهمتك الحالية، تعمل هذه القاعدة على التخلص من هذه المشكلة وتضمن أنَّك ستكون شديد التركيز.

2. تجنَّب تعدد المهام:

قد تجد تعدد المهام خياراً مغرياً، ويصبح أكثر إغراءً عندما تعمل من المنزل، قد تشعر بالإنتاجية عند المشاركة في مكالمة جماعية، وطي الغسيل، والبدء بالتخطيط لمشروعك التالي في ذهنك في الوقت نفسه.

لكن في الحقيقة الأمر عكس ذلك تماماً، تعدد المهام يقلل من إنتاجيتك بنسبة تصل إلى 40%، وتشير الأبحاث إلى أنَّ الاستمرار بتعدد المهام يؤثر سلباً في عقلك، كما يُضِرُّ حُكماً بجودة عملك؛ لذا مهما كان الأمر صعباً أجبر نفسك على التركيز في مهمة واحدة تلو الأخرى، والأرجح أنَّك ستنهي كلَّ مهمة بسرعة أكبر، ويمكنك بعد ذلك الانتقال إلى مهام أخرى.

3. قلِّل من الملهيات:

ينطوي العمل عن بُعد على مجموعة فريدة من عوامل التشتيت والإلهاء المحتملة، سواء أكان طفلك يناديك، أم يرن ساعي البريد جرس الباب، أم وردتك رسالة نصية على هاتفك، فمن السهل جداً الاستسلام لهذه المقاطعات بدلاً من التركيز على المهمة التي تقوم بها.

قلل من هذه الملهيات بتفعيل الوضع الصامت على هاتفك، واقتناء سماعات عازلة للصوت، وإبقاء أطفالك أو حيواناتك الأليفة مشغولين بلعبة ما، كما يلعب تخصيص مساحة للعمل دوراً فعالاً في حل هذه المشكلة أيضاً.

وضِّح لعائلتك أو زملائك في الغرفة أنَّك ما دمت تعمل فأنت بحاجة إلى التركيز على العمل، ويمكنك التحدث معهم عند الانتهاء.

4. حدد وقتك الأكثر إنتاجية:

في أي وقت من اليوم تقدِّم أفضل أداء في العمل؟ يمكن أن يساعدك اكتشاف ذلك على العمل بكفاءة أكبر، إذا كان لديك أطفال فقد تجد أنَّك أكثر تركيزاً في أثناء قيلولتهم بعد الظهيرة.

إذا لم تكن متأكداً متى تكون أكثر إنتاجية، فتتبع عملك على مدى أسبوعين ودوِّن ذلك على كتيِّب يومياً، لاحظ كم من المهام تنجز كل صباح وبعد الظهر، ومدى سهولة أو صعوبة العمل في أثناء ذلك، يمكن أن يساعدك ذلك على تحديد أنماط أدائك وتحديد وقتك الأكثر إنتاجية في اليوم.

نصيحة: إذا وجدت نفسك في وقت ما مركزاً لمدة 60 إلى 90 دقيقة متواصلة فهذا هو وقتك الأكثر إنتاجية في اليوم.

إقرأ أيضاً: 5 مواقع وتطبيقات رائعة تساعدك على زيادة الإنتاجية

5. ابدأ بالمهمة الأصعب أولاً:

قد تميل إلى تأجيل أصعب جزء من عملك حتى نهاية اليوم أو لآخر موعد ممكن، لكن لا تفعل ذلك، فعلى هذا النحو لن تفعل شيئاً سوى المماطلة وعندما تنجز المهمة أخيراً لن تعكس أفضل ما يمكنك تقديمه، علاوة على ذلك إن انتهيت من أصعب مهمة أولاً فستشعر بمزيد من الثقة في قدراتك، وبالمقارنة ستبدو مهامك الأخرى غاية في السهولة.

في الختام:

لقد ناقشنا في هذا الجزء من المقال كيفية الانتقال إلى العمل من المنزل، كما سلطنا الضوء على بعض النصائح المتعلقة بالحفاظ على الإنتاجية في أثناء العمل من المنزل، وسنطرح في الجزء الثاني والأخير بعض النصائح المتعلقة بالتواصل بكفاءة وتحديد الأهداف والاعتناء بالصحة العقلية في أثناء العمل من المنزل، إضافة إلى بعض الأدوات التي تساعدك في ذلك.




مقالات مرتبطة