كيف يخبر نقص صفاء ذهنك عن حالتك الصحية؟

ربما مرت في حياتك لحظات شعرت فيها بعجزك عن التفكير بوضوح أو حتى بالتعب أو عدم التركيز بعد نهاية يوم طويل أو بعد نشاط عقلي مكثف، وكأنَّ عقلك يبدو غير قادرٍ على التفكير. يُسمي الكثيرون هذا السديم من الغموض الذي يَلُفُّ العقل باسم: ضبابية الدماغ.



وأكثر أعراض ضبابية الدماغ شيوعاً هي:

  • عدم القدرة على التركيز.
  • ضعف الذاكرة.
  • صعوبة تعلُّم أشياء جديدة.
  • الشعور بالتذبذب أو التشوش.
  • أحلام اليقظة.
  • صعوبة إيجاد الكلمة الصحيحة.
  • استخدام كلمةٍ مكان كلمة.
  • الصداع.
  • القلق.

تنقسم ضبابية الدماغ إلى نوعين رئيسين: إما أنَّه مرتبطٌ بأسلوب الحياة أو أنَّه أثر جانبي لحالة طبية أو دواء مُستخدم، كما تتعلق هذه الأسباب إلى حد بعيد باختلال التغذية والكيمياء الحيوية التي تؤثر في الدماغ والجهاز العصبي المركزي في الجسم، والتي يمكن تصحيحها بسهولة مع تغييرات قليلة في نمط الحياة.

كيف نمنع ضبابية الدماغ؟

1. التغذية السليمة:

تسمح الكربوهيدرات المكررة مثل السكر وشراب الذرة عالي الفركتوز لمستويات السكر في الدم أن ترتفع بسرعة قبل أن تنخفض انخفاضاً شديداً وحادَّاً؛ وذلك لأنَّ دماغك يستخدم غلوكوز الدم كمصدر رئيس للطاقة، وتضع الكربوهيدرات دماغك في حالٍ من التقلب المستمر؛ فأنت أولاً تحصل على جرعة كبيرة من الغلوكوز، ثم تنخفض هذه النسبة بشكل حاد، مما يؤدي إلى ضبابية الدماغ وتقلبات المزاج والانزعاج والتعب والارتباك العقلي وضعف محاكمة الأمور وسوء حالات اتخاذ القرارات.

وكذلك الأمر بالنسبة إلى الحميات الغذائية المنخفضة الدهون التي تُدمِّر العقل، ذلك أنَّ دماغك يتألف من نسبة دهون تصل إلى 60% من وزنه الجاف، وتُظهِر الأبحاث أنَّ الوجبات الغذائية منخفضة الدسم تعد كارثة بالنسبة لأدمغتنا، فوفقاً للدكتور داتيس خرازيان (Dr. Datis Kharrazian) وهو خبير بارز في التطبيقات غير الدوائية للأمراض المزمنة ومؤلف كتاب "لماذا لا يعمل دماغي" (Why Isn’t My Brain Working): عندما لا تأكل حاجتك من الدهون الغذائية، يبدأ الدماغ حرفياً في "هضم نفسه" للحصول على المواد الخام التي يحتاجها لتركيب المواد الكيميائية.

ولتفادي ضبابية الدماغ عليك تناول الأطعمة الغنية بالدهون المفيدة مثل الأسماك والمكسرات والبذور والأفوكادو، وكذلك الأغذية الغنية بفيتامين (E) ومضادات الأكسدة مثل توت العليق؛ وذلك لأنَّها مسؤولة عن العجائب في ديمومة الصحة الذهنية على الأمدَين الطويل والقصير.

إقرأ أيضاً: التّغذية الصحيّة.. والأمراض النّاجمة عن سوء التغذية

2. شرب كميات كافية من الماء:

تصل نسبة الماء في جسمك إلى أكثر من 70%، وتعتمد كل وظيفة في الجسم على الماء بما في ذلك أنشطة الدماغ والجهاز العصبي؛ حيث يعطي الماءُ الدماغَ الطاقة الكهربائية لجميع الوظائف العقلية والإدراكية.

ووفقاً للدكتور كورين ألين (Dr. Corinne Allen) وهو مؤسس معهد التعلم المتقدم والتنمية (Advanced Learning and Development Institute) فإنَّ خلايا الدماغ تحتاج إلى ضعف الطاقة التي تحتاجها الخلايا الأخرى في الجسم، والمياه هي أكثر الطرائق فاعلية وكفاءة لتوفير هذه الطاقة.

وكذلك يحتاج الدماغ إلى الماء لإنتاج الهرمونات والناقلات العصبية؛ حيث إنَّ انتقال الإشارات العصبية يتطلب نصف طاقة الدماغ، وعندما تكون احتياطات دماغك من المياه مملوءة بالكامل، تتسارع عملية معالجة المعلومات ويعلو التركيز والإبداع وتصبح الأمور واضحة وجلية.

شاهد بالفيديو: 10 أسباب تجعلُنا نشرب الماء بكثرة

3. ممارسة التمرينات الرياضية بشكل كافٍ:

لا تعد التمرينات البدنية هامة لصحة جسدك فحسب؛ بل وتساعد دماغك على البقاء متيقظاً، حيث إنَّ الدماغ لا يختلف عن بقية العضلات؛ لذا عليك تدريبه لضمان مرونته وقوته.

ووفقاً لدراسة أجرتها إدارة علوم التدريب في جامعة جورجيا، فإنَّ ممارسة التمرينات ولو لفترة وجيزة -لمدة 20 دقيقة- تُيسِّر معالجة المعلومات ووظائف الذاكرة. كما تُحفِّز التمرينات الرياضية مرونة الدماغ عن طريق حثِّ نمو روابط جديدة بين الخلايا في مجموعةٍ واسعة من المواضع الهامة في قشرة الدماغ.

أظهرت الأبحاث الأخيرة التي أجرتها جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلس (UCLA) أنَّ ممارسة التمرينات تزيد عوامل النمو في الدماغ مما يجعل من السهل على الدماغ أن يخلق روابط عصبية جديدة.

ومن الفوائد الهامة الأخرى للتمرينات الرياضية والحركة البدنية أنَّها تزيد من تدفق الأوكسجين والدم إلى الدماغ، وبما أنَّ استهلاك الدماغ من الأوكسجين يبلغ حوالي ثلاثة أضعاف استهلاك العضلات فيعد الأوكسجين ضرورياً لوظائف الدماغ وشفائه، كما وتعتمد وظيفة الدماغ المثلى على تدفق صحي للدم.

إقرأ أيضاً: 6 فوائد صحيّة تمنحها الرياضة للعقل

4. الراحة والحد من الضغوطات:

يعد النوم ضرورياً لعمل الدماغ بشكل سليم والوضوح العقلي، ويحتاجه الدماغ من أجل التعافي وأخذ نقاهة من العمل الدائم، وعندما يتقطع النوم بانتظام أو تحصل على بضع ساعات فقط من الراحة فمن المرجح أن تعاني من ضبابية الدماغ في الصباح وطوال النهار؛ وذلك لأنَّه في أثناء نومك يتدفق السائل الدماغي لتنظيف دماغك وتطهيره من أنقاض التعب، وكذلك لترسيخ الذكريات حتى تتمكن من استعادة ما تعلمته في اليوم السابق.

يُؤثِّر الإجهاد تأثيراً سلبيَّاً شديداً على الجسم بعدة طرائق، بما في ذلك التسبب في إرهاق الدماغ الذي يفسح المجال لحصول ضبابية الدماغ. ويُربَط الإرهاق عادةً بالإنتاجية والنجاح ونَيل محبة الآخرين، ولكن هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة؛ ذلك لأنَّ بقاءك في هذه الحالة لمدة طويلة يُفضي إلى القلق والاكتئاب وسوء اتخاذ القرار والأرق وحتى فقدان الذاكرة؛ حيث يؤدي الضغط إلى إفراز هرمون الكورتيزول بكثرة مما يُحرِّر فائضاً من جزيئات الأوكسجين غير المرتبطة، والتي تتسبب في تلف أغشية الدماغ؛ وبالتالي فقدان وظيفتها الطبيعية وموتها.

تبدأ صحة الدماغ وتنتهي بنمط حياة صحي؛ لذا فإنَّ تناول الطعام الصحي وشرب كميات كافية من المياه وممارسة التمرينات الرياضية والحصول على قسط كافٍ من النوم وتقليل الضغوطات هي مفاتيح ضمان صحة الدماغ على الأمد البعيد وتجنب ضبابية الدماغ.

 

المصدر




مقالات مرتبطة