كيف يؤثر العمل المكتبي على الدماغ؟

أثَّرت بيئة المكتب الحديثة كثيراً في طريقة عيشنا وعملنا؛ فمع كثرة الوظائف الثابتة، علينا فهم آثار الجلوس لفترات طويلة في صحتنا العقلية والجسدية، فالوظائف المكتبية لها تأثير عميق في صحة دماغنا؛ لأنَّها تتطلَّب ساعات طويلة من الجلوس، فقد يؤدي التعرض المستمر للشاشات، ونمط الحياة الخامل، إلى مجموعة من مشكلات الصحة الجسدية والعقلية، مثل الاكتئاب، والقلق، وقلَّة الانتباه، وحتى تدهور الوظيفة الإدراكية.



يهدف هذا المقال إلى معرفة تأثيرات الوظائف المكتبية في صحة الدماغ، وتسليط الضوء على الأعراض الأكثر شيوعاً، والحلول المحتملة للتخفيف من تأثير نمط الحياة الثابت.

كيف يؤثر العمل المكتبي في الدماغ؟

يؤثر العمل المكتبي في الدماغ من خلال ما يأتي:

  • قلة النشاط البدني؛ وهذا يؤدي إلى انخفاض تدفق الدم إلى الدماغ، وتقليل الوظيفة الإدراكية.
  • يؤدي البقاء أمام الشاشة لوقت طويل إلى إجهاد العين، والصداع، وانخفاض مدى الانتباه.
  • تؤدي المهام المتكررة إلى الملل والرتابة، وتؤدي إلى نقص الحافز، وتقليل الإبداع.
  • يؤدي الجلوس لساعات طويلة إلى الشعور بعدم الراحة الجسدية، وآلام الظهر والضعف، بسبب وضعيات الجلوس غير الصحية، ممَّا يؤثر في وظائف المخ.
  • قلة التعرض للضوء الطبيعي تتسبَّب في اضطراب إيقاعات الساعة البيولوجية وأنماط النوم، وذلك يؤثر في الحالة المزاجية والصحة العقلية.
  • تؤدي العزلة الاجتماعية إلى زيادة التوتر وانخفاض الصحة العقلية.
  • التعرض لمستويات عالية من الضوء الصناعي يؤثر في إفراز الميلاتونين، ويعطِّل أنماط النوم.
  • زيادة التوتر والضغط؛ ممَّا يؤدي إلى القلق والاكتئاب والإرهاق.
  • قلة النشاط البدني تؤدي إلى انخفاض صحة القلب والأوعية الدموية، والتي ارتبطت بانخفاض الوظيفة الإدراكية.
  • يؤدي استخدام الأجهزة الإلكترونية في المساء إلى اضطراب أنماط النوم، ممَّا يؤثر في الصحة العقلية والجسدية.
  • ضعف التصميم المريح للمساحات المكتبية؛ ممَّا يؤدي إلى آلام الرقبة والظهر؛ وذلك يؤثر في التركيز والإنتاجية.
  • محدودية فرص التحفيز الذهني والتحدي الفكري الذي يؤدي إلى التدهور المعرفي.
  • فترات راحة غير كافية، وعدم ممارسة النشاط البدني في أثناء يوم العمل؛ ممَّا يؤدي إلى انخفاض اليقظة وزيادة التعب.
  • تعدد المهام المستمر، والحمل الزائد للمعلومات، ممَّا يؤدي إلى الحمل المعرفي الزائد وانخفاض الإنتاجية.
  • تدني جودة الهواء في المساحات المكتبية، ممَّا يؤدي إلى انخفاض وظائف الرئة، وتقليل إمداد الدماغ بالأوكسجين.

نمط الحياة المستقر الذي يؤدي إلى انخفاض صحة القلب والأوعية الدموية، والذي رُبِطَ بانخفاض الوظيفة الإدراكية:

تتطلَّب الوظائف المكتبية غالباً فترات طويلة من الجلوس، وهذا يؤدي إلى نمط حياة مستقر، وقد يؤدي أيضاً إلى انخفاض صحة القلب والأوعية الدموية، وهو ما يرتبط بانخفاض الوظيفة الإدراكية؛ إذ يساعد النشاط البدني المنتظم على تحسين صحة القلب، والأوعية الدموية، وزيادة تدفق الدم إلى الدماغ، وتحسين الوظيفة الإدراكية والأداء، ولمكافحة هذه الآثار، يجب الانخراط في نشاط بدني منتظم، وأخذ فترات راحة للحركة والتمدد، وإنشاء توازن صحي بين العمل والحياة يتضمَّن النشاط البدني المنتظم.

إقرأ أيضاً: كيف تتجنّب أضرار الجلوس لوقت طويل في العمل؟

وقت الشاشة المطوَّل الذي يؤدي إلى إجهاد العين والصداع وانخفاض جودة الانتباه:

قد يؤدي قضاء ساعات طويلة في التحديق في الشاشات إلى إجهاد العين والصداع وانخفاض جودة الانتباه؛ وذلك لأنَّ الضوء الأزرق المنبعث من الأجهزة الإلكترونية يمكنه أن يتداخل مع إيقاع الساعة البيولوجية لدينا، ممَّا يؤدي إلى اضطرابات النوم والإرهاق، وللتخفيف من هذه التأثيرات، يُوصى بأخذ فترات راحة منتظمة، واستخدام مرشحات الضوء الأزرق، والحفاظ على وضعية جيدة في أثناء العمل.

المهام المتكررة تسبِّب الملل والرتابة ونقص الحافز وقلة الإبداع:

قد تؤدي المهام المتكررة إلى الملل والرتابة، ممَّا يقلِّل من الحافز والإبداع، ولمكافحة هذه الآثار، يجب أخذ فترات راحة، والانخراط في النشاطات التي تتحدى العقل وتوفِّر التحفيز الفكري.

الجلوس لساعات طويلة يؤدي إلى عدم الراحة الجسدية، وآلام الظهر، وضعف الوضعية، ممَّا يؤثر سلباً في وظائف المخ:

يؤدي الجلوس لفترات طويلة إلى عدم الراحة الجسدية، وآلام الظهر، وضعف الوضعية، ممَّا قد يؤثر في وظائف المخ؛ وذلك لأنَّ الوضعية السيئة يمكنها أن تقلِّل من تدفق الدم، وإمداد الدماغ بالأوكسجين، فيؤدي ذلك إلى انخفاض الأداء الإدراكي، وقد تساعد فترات الراحة والتمدد والتمرينات المنتظمة على تخفيف هذه التأثيرات.

شاهد بالفيديو: كيف تتغلب على التعب خلال ساعات العمل؟

قلة التعرض للضوء الطبيعي تسبِّب اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية وأنماط النوم، ممَّا يؤثر سلباً في الحالة المزاجية والصحة العقلية:

قلة التعرض للضوء الطبيعي يمكنها تعطيل إيقاعات الساعة البيولوجية وأنماط النوم، ممَّا يؤدي إلى اضطرابات المزاج، وانخفاض الصحة العقلية، ولمكافحة هذه التأثيرات، يُوصى بالتعرض للضوء الطبيعي في أثناء النهار، والحد من التعرض للشاشات قبل النوم.

تؤدي العزلة الاجتماعية إلى زيادة التوتر وانخفاض الرفاهية العقلية:

تتطلَّب الوظائف المكتبية غالباً العمل في عزلة، ممَّا قد يؤدي إلى زيادة مستويات التوتر وانخفاض الرفاهية العقلية؛ وذلك لأنَّ التفاعل والعلاقات الاجتماعية هامَّة لصحتنا ورفاهيتنا، وللتخفيف من هذه الآثار، يجب الانخراط في نشاطات اجتماعية منتظمة، والتواصل مع الآخرين، داخل وخارج العمل.

زيادة التوتر والضغط ممَّا يؤدي إلى القلق والاكتئاب والإرهاق:

تكون الوظائف المكتبية غالباً مرهقة ومتطلبة، ممَّا يؤدي إلى زيادة مستويات القلق والاكتئاب والإرهاق، وللتخفيف من هذه الآثار، يجب اعتماد تقنيات إدارة الإجهاد، مثل التأمل الذهني، والتمرينات البدنية، وإعطاء الأولوية للرعاية الذاتية.

ضعف التصميم المريح للمساحات المكتبية ممَّا يؤدي إلى آلام الرقبة والظهر؛ وذلك يؤثر سلباً في التركيز:

قد يؤدي التصميم غير المريح والسيئ للمساحات المكتبية إلى آلام الرقبة والظهر، ممَّا قد يؤثر سلباً في التركيز؛ وذلك لأنَّ عدم الراحة والألم قد يصرف الانتباه عن العمل، ويقلِّل من الأداء المعرفي، وللتخفيف من هذه التأثيرات، يجب أن تكون لديك مساحة عمل مصمَّمة تصميماً صحيحاً، مثل وجود كرسي مريح، وموضع مناسب لشاشة الكمبيوتر، ولوحة المفاتيح.

فترات الراحة غير الكافية والنشاط البدني في أثناء يوم العمل، ممَّا يؤدي إلى انخفاض اليقظة وزيادة التعب:

عدم أخذ فترات راحة منتظمة وممارسة النشاط البدني في أثناء يوم العمل يمكنه أن يؤدي إلى انخفاض اليقظة وزيادة التعب؛ وذلك لأنَّ الحركة والفواصل قد تزيد من تدفُّق الدم وإمداد الدماغ بالأوكسجين، ممَّا يحسِّن الوظيفة الإدراكية والأداء.

تعدد المهام المستمر والحمل الزائد للمعلومات، ممَّا يؤدي إلى الحمل الزائد المعرفي وانخفاض الإنتاجية:

تتطلَّب الوظائف المكتبية غالباً تعدُّد المهام المستمر، ومعالجة كميات كبيرة من المعلومات، ممَّا قد يؤدي إلى الحمل المعرفي الزائد وانخفاض الإنتاجية، ولمكافحة هذه الآثار، يجب تحديد أولويات المهام، وأخذ فترات راحة منتظمة، والحد من كمية المعلومات التي تُعالج مرة واحدة.

ضعف جودة الهواء في المساحات المكتبية، ممَّا يؤدي إلى انخفاض وظائف الرئة، وتقليل إمداد الدماغ بالأوكسجين:

قد تؤدي جودة الهواء الرديئة في المساحات المكتبية إلى انخفاض وظائف الرئة، وتقليل إمداد الدماغ بالأوكسجين، ممَّا يؤثر سلباً في الوظيفة الإدراكية والأداء، وللتخفيف من هذه الآثار، يجب الحفاظ على جودة الهواء في مساحة العمل، على سبيل المثال من خلال التنظيف والتهوية المنتظمين.

شاهد بالفيديو: 8 خطوات لترتيب غرفة مكتبك بشكل أنيق

مزايا الوظائف المكتبية:

تشير الوظائف المكتبية إلى أي مهنة تتضمَّن العمل في بيئة مكتبية تقليدية، وهي جزء هام من الاقتصاد؛ إذ تساهم في نمو وتطوير الأعمال، وكما لها من سيئات ومخاطر على الصحة، لها أيضاً مزايا ومنافع؛ كالأمان الوظيفي، والنمو المهني، والتوازن بين العمل والحياة الشخصية، وبيئة العمل التعاونية، والتكنولوجيا والابتكار.

1. الأمان الوظيفي:

من المزايا الرئيسة للوظائف المكتبية هو الأمن الوظيفي؛ إذ توفر الوظائف المكتبية دخلاً، ومزايا ثابتة، وتوظيفاً ثابتاً؛ مثل التأمين الصحي، فهي أكثر أماناً من غيرها من الوظائف في قطاعات أخرى، ويمكن للموظفين التخطيط لمستقبلهم بيقين وراحة، وهذه الميزة هامَّة، خاصة خلال الأوقات الاقتصادية الصعبة، عندما يكون فقدان الوظيفة أمراً شائعاً.

2. النمو المهني:

توفِّر الوظائف المكتبية فرصاً عديدة للنمو المهني، وتوفِّر فرصاً للتقدم وتعلُّم مهارات جديدة والتواصل، وتقدِّم معظم الشركات برامج تدريبية لموظفيها لمساعدتهم على اكتساب مهارات ومعارف جديدة، فمن خلال هذا التطوير المهني، يمكن للموظفين تحسين أداء عملهم والتقدم في حياتهم المهنية، وتعدُّ الشبكات جانباً هامَّاً آخر من جوانب النمو المهني؛ لأنَّها تتيح للموظفين إجراء اتصالات جديدة، وإيجاد فرص عمل جديدة، واكتساب نظرة ثاقبة قيمة في الصناعة.

إقرأ أيضاً: 17 نصيحة لتخفيف مخاطر الأعمال المكتبية الطويلة

3. توازن الحياة الشخصية مع العمل:

توفِّر الوظائف المكتبية أيضاً جدولاً زمنياً يمكن التنبؤ به، وساعات عمل محددة، ممَّا يساهم في تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة الشخصية، مقارنة بالوظائف في القطاعات الأخرى، تميل الوظائف المكتبية إلى الحصول على ساعات عمل أكثر اتساقاً، ممَّا يسهِّل التخطيط للالتزامات الأخرى؛ مثل الأسرة والهوايات، قد يؤدي التوازن الجيد بين العمل والحياة الشخصية إلى زيادة الرضى الوظيفي، وتحسين الصحة العقلية، والرفاهية العامة.

4. بيئة العمل التعاونية:

توفِّر الوظائف المكتبية بيئة عمل تعاونية ربما تكون مفيدة جداً للموظفين؛ إذ يعدُّ التعاون والعمل الجماعي أمراً حاسماً لإكمال المهام بأسلوب فعَّال، وقد تؤدي ثقافة العمل الداعمة إلى تجربة عمل أكثر إمتاعاً، وتوفِّر الوظائف المكتبية فرصاً للإرشاد؛ إذ يمكن للموظفين الأكثر خبرة توجيه ودعم الموظفين الجدد، ممَّا يؤدي إلى تحسين جودة العمل وزيادة الرضى الوظيفي.

5. التكنولوجيا والابتكار:

توفِّر الوظائف المكتبية الوصول إلى التكنولوجيا الحديثة، وهو أمر حاسم للبقاء في المنافسة ذات الصلة؛ إذ تستثمر معظم المكاتب التكنولوجيا، وتزوِّد الموظفين بالأدوات اللازمة لتنفيذ عملهم بفاعلية، وتسمح هذه التقنية بالابتكار والإنتاجية، ممَّا قد يؤدي إلى زيادة الأرباح ونمو الأعمال، ويعدُّ التكيُّف مع التقنيات المتغيرة مهارة هامَّة للموظفين، وتوفر الوظائف المكتبية فرصاً للموظفين للتعلم والتكيف.

تقدِّم الوظائف المكتبية مزايا عديدة تساهم في زيادة الأمان الوظيفي، والنمو المهني، والتوازن بين العمل والحياة الشخصية، والوصول إلى التكنولوجيا والابتكار.

في الختام:

قد يكون للوظائف المكتبية تأثيرات كبيرة في صحة الدماغ، سواء كانت إيجابية، أم سلبية، في حين أنَّ الوظائف المكتبية قد توفر الاستقرار والأمن المالي وبيئة العمل الداعمة، فإنَّها قد تؤدي أيضاً إلى نمط حياة مستقر، وعزلة اجتماعية، والتعرض للضوء الاصطناعي ونوعية الهواء الرديئة، ممَّا قد يؤثر سلباً في صحة الدماغ، وللتخفيف من هذه الآثار السلبية، يجب إعطاء الأولوية للنشاط البدني، والانخراط في التحفيز الذهني، والحفاظ على جودة الهواء الجيدة، وتأسيس عادات صحية في العمل والمنزل، من خلال الانتباه لتأثيرات الوظائف المكتبية في صحة الدماغ، يمكن للأفراد اتخاذ خطوات للحفاظ على توازن صحي ومنتج بين العمل والحياة الشخصية، وتحسين رفاهيتهم.




مقالات مرتبطة