كيف تُنشِئ قائمة بالأمور التي تمتلك شغفاً نحوها لتطوير حياتك

أظهرت الأبحاث أنَّ تحديد الأهداف بناءً على اهتماماتنا يُسهِم بشكلٍ كبيرٍ في عيشنا حياة سعيدة، بيدَ أنَّ تحديد الأهداف قد يكون عملاً مملاً إن قمنا به وفقاً لقواعد صارمة. أنت وبكل تأكيد، قادر على تحديد شيء ترغب في أن تملكه أو تنجزه، ثم تعمل وفقاً لخطة عملٍ محددة من أجل الوصول إلى هدفك المنشود. لكن متى كانت آخر مرة ألقيت فيها نظرة على محتوى الأهداف التي قد وضعتها لنفسك؟ وهل تؤجج تلك الأهداف حماستك حين تنظر إليها؟ أم لعلَّك حدّدتَ هذه الأهداف لأنَّها تبدو جيدة ومنطقية استناداً إلى نصيحة أحدهم؟ في حال كان الأمر كذلك، يجب عليك إذاً أن تلقيَ نظرةً أخرى، لكن من منظورٍ آخر هذه المرة. فالمنطق والجودة لا يكفيان وحدهما من أجل وضع الأهداف، وإنَّما يجب أن يُصاحبهما الشَّغف بما تضعه لنفسك من أهداف. لذا تابع معنا قراءة سطور هذه المقالة، لكي تعلم تفاصيل أكثر عن ذلك.



"كثيراً ما يخلط الناس بين أهدافهم المرحلية وهدفهم النهائي، وهو ما يتسبّب في شعورهم بحالةٍ من الفراغ والضياع حين يُحقّقون حلمهم". -إليسا روميو، مؤلفة كتاب "Meet Your Soul".

وضع قائمة "شغف":

طالما أنَّ الحياة عبارةٌ عن روح، ينبغي إذاً أن يكون لأهدافك روحٌ أيضاً. قائمة "الشَّغف" هي أكثر من مجرد قائمة أماني أو قائمة بالأشياء التي ترغب في القيام بها، وإنَّما هي طريقة لتوضيح ما الذي يُحرِّكُ روحك من أجل المضي قدماً في هذه الحياة.

ومع ذلك، قد نجد كثيراً من الناس يقفون على طرفي نقيضٍ من هذا الأمر، فهم إمَّا يقومون بذلك بدافع المتعة فقط (متعة لحظية)، أو من خلال الالتزام بقواعد صارمة ومملة ومبتذلة لتحقيق أهدافٍ وضعها غيرهم، والتي تكون غالباً لا صلة لها بإحساسهم الخاص بالسَّعادة.

لذا اسأل نفسك: ما هي الأهداف التي وضعتها لنفسي، سواءً بشكلٍ رسمي أم غيرِ رسمي؟ وكم من تلك الأهداف تتطابق أو تدور في فلك الأهداف التالية:

لا يوجد عيبٌ في أيٍّ من هذه الأهداف؛ ومع ذلك، ألا تجد معي أنَّها أهداف سطحية قليلاً؟ فهل من المنطقي أن تكون كل غايتك وهدفك في هذه الحياة هي الحصول على شهادةٍ أو ترقية، أو شراءُ منزل؟

كما أنَّ وضع قائمة مرجعية بالأشياء التي "يجب" القيام بها في سنٍّ أو مرحلة معينة من حياتك، يمكن أن يضرَّ في كثير من الأحيان أكثر ممَّا ينفع. فالشعور بأنَّك تتخلف عن هدفٍ قد وضعته لنفسك ضمن نطاقٍ زمني معين، هو مجرَّد زيفٍ تتسبب به لنفسك.

يمكنك تغيير طريقة عيشك الآن من خلال تحديد أولوياتك وهدفك، بالإضافة إلى تحقيق أهداف شبيهة بالتي ذكرناها أعلاه. بيت القصيد هنا هو أن يتردد صدى الأهداف التي تحددها على مستوى عميق من ذاتك؛ أي أن تضع أهدافاً تكون شغوفاً لها.

نادراً ما تكون الأحلام التي تبدو جيدة على الورق أو في سيرتك الذاتية، أهدافاً ترضيك حقاً في نهاية العمر. فالأحلام التي تخدم روحك، هي تلك التي تسلط الضوء على حقيقة من أنت عليه حقَّاً. فإذا لم تُصْغِ إلى عواطفك ورغبات قلبك، فكيف ستَقدِرُ إذاً على عيش حياة هادفة؟

إليك بعض الأسئلة التي يجب أن تطرحها على نفسك إن كنت راغباً في معرفة ما يجب عليك وضعه في تلك القائمة:

1. ما هو شغفك في هذه الحياة؟

أول ما عليك فعله هو أن تسأل نفسك: "ما هو الأمر الذي يُثيرُ حماستي؟" إن كنت مبدعاً وكان بمقدورك سرد عدة أمورٍ أنت شغوفٌ بها، فاكتبها من فورك. لكن إن كنت مثل كثيرٍ من الناس الذين يعيشون حالة من الضياع إزاء شغفهم، فإليك بعض الأمثلة التي قد قد تعطيك فكرةً واضحة عن ذلك:

  • مساعدة الآخرين.
  • الاهتمام بصحتك.
  • تعزيز علاقاتك.
  • تربية أطفال أصحاءَ ولطفاء.

فكّر في الأمور التي تصرف عليها وقتك، وفي الشعور الذي يصاحب القيام بذلك. فإذا كنت تقضي كل وقت فراغك في اجتماعات أولياء الأمور، وكنت ممن يأخذون أطفالهم في نشاطات لا صَفيَّة، فمن المحتمل أن تكون متحمساً للمشاركة في مناسباتٍ تضمن وجود جيلٍ مستقبلي صحيٍّ وذكي، والذي سوف يساهم مساهمةً إيجابيةً في بناء مجتمعه.

لذا يمكنك تدوين ذلك تحت عنوان: "كن أباً صالحاً (أو أُمّاً صالحة)". بيد أنَّ الشعور بالغاية والمعنى الذي سوف ينتج عن شغفك هذا، هو ما سيصل بك بعيداً في هدفك. فكر بما ستقوم به في أوقاتك الخاصة. هل تحلم مثلاً في القيام بنزهة في الجبال أو ركوب الأمواج، لكنَّك تجد نفسك مقيداً في كرسي مكتبك لمدة 60 ساعة عملٍ في الأسبوع؟ قد يكون وجودك في الطبيعة أو تحسين مهاراتك في أمرٍ معين من المشاعر التي لم تختبرها بعد.

حاول ألا تفرض هذا الأمر فرضاً، وراقب بدلاً من ذلك ما يثيرك بعين الصبر والتركيز. واستمع إلى نشرات البودكاست التي ترفع من معنوياتك، وشاهد الأفلام الوثائقية أو المقابلات الملهمة مع الأشخاص الذين تعجب بهم. واكتب خواطرك ويومياتك كلما أمكنك هذا، لأنَّ التَّعرّف على نفسك بشكل أفضل هو عنصر حاسم في عيش حياة واعية.

إقرأ أيضاً: 8 أشياء يجب أن تقوم بها حتى تعيش شغف الحياة

2. ما هو هدفك في هذه الحياة؟

هل شعرتَ يوماً بأنَّك تخوض في هذه الحياة بلا هدفٍ واضح؟ تقترح المؤلفة إليسا روميو في كتابها "Meet Your Soul: A Powerful Guide to Connect to Your Most Sacred Self"، أن تُحدّد الغرض والغاية من حياتك بالطريقة الآتية:

  1. حدّد لنفسك هدفاً من أجل معرفة غرضك وغايتك في هذه الحياة. مارس التأمل، وجهز نفسك من أجل القيام ببعض الأعمال على أرض الواقع.
  2. اكتب عبارة: "من أنا؟" في القسم العلوي من إحدى الأوراق.
  3. أجب عن هذا السؤال بأول شيء يتبادر إلى ذهنك من دون تردد. وحاول ألا تُعيد صياغة ما دونته أو تَحكم عليه. واستمر في الكتابة إلى أن تفرغ من ذلك تماماً.
  4. استعرض ما كتبت، وحدّد الأفكار الرئيسة التي تدور في فلك ما قمت بتدوينه.
  5. أنشئ قائمة من "إجراءات الروح - Soul actions"، واختر بندين أو أربعة بنود منها. فيما يلي بعض الأمثلة على الإجراءات الروحية (أو الأفعال التي تعكس رغبة الروح):
    • التقدير.
    • الإيمان.
    • تبنِّي قضية ما.
    • الكوتشينغ.
    • الإبداع.
    • التصميم.
    • الاستكشاف.
    • تعليم الآخرين.
    • التحسين.
    • القيادة.
    • التخطيط.
    • تقديم الخدمات.
    • التَّعلم.
    • تطوير الذات.
    • الكتابة.
  6. أنشئ قائمة من "قيم الروح - Soul values"، واختر ثلاثة أو ستة بنود يكون لها صدى عميق في نفسك. وهنا بعض أكثرها شيوعاً:
    • عقلية الوفرة.
    • تقبل الآخرين.
    • روح المغامرة.
    • الحس الجمالي.
    • روح التعاطف والرَّأفة.
    • التواصل مع الذات والآخرين.
    • روح الإبداع.
    • روح الإخلاص.
    • الاستقلالية.
    • الامتنان.
    • السَّعادة.
    • روح النَّزاهة.
    • اللطف.
    • الحب.
    • روح الشَّراكة.
    • القوة.
    • الحكمة.

حين تختار ثلاثة أو ستة من هذه القائمة، سيكون قد تكوَّن لديك الآن قائمتين اثنتين: قائمة "قيم الروح" وقائمة "إجراءات الروح". إدمج عناصر هذين القائمتين كي تحصل على ما تسميه إليسا روميو "مهمة الرُّوح - Soul Mission". إليك مثالٌ على هذا: تتمثل "مهمة روحي" في التَّعلم وتطوير الذات من ثم نقل هذه المعرفة المكتسبة (تعليم الآخرين) وتقديم الخدمات إليهم من أجل الوصول إلى التواصل مع الذات والآخرين.

إقرأ أيضاً: 9 نصائح ذهبيّة لتطوير الذات وتنميتها

3. كيف تحول قائمة أهدافك وقائمة شغفك إلى مجموعة أهداف قابلة للتنفيذ؟

الآن وبعد أن دوّنت بعض الأمور، فقد آن أوان تحويل هذه القوائم إلى خطوات عملية. لذا نقدم إليك هذه الطريقة المستوحاة من نظرية لوك في تحديد الأهداف، من أجل مساعدتك في القيام بذلك:

  1. كُن واضحاً بشأن ما تريد القيام به: إذا وجدت بأنَّ الطبيعة تمثل شغفاً بالنسبة إليك، فاعلم بالضبط كيف تسقط ذلك على حياتك العملية. فتدوين هدف تحت مسمى "انسجم مع الطبيعة" ليس أمراً واضحاً أو محدداً بما يكفي لإحداث تغيير إيجابي في حياتك، بيد أنَّ "القيام بنزهتين طويلتين عبر الغابة كل أسبوع" يعدُّ هدفاً محدداً وقابلاً للقياس.
  2. اختر أهدافاً تُمثِّلُ تحدياً تستطيع القيام به: قد يطمح بعض الناس أحياناً إلى تحقيق أهدافٍ أعلى من إمكاناتهم بدافع الإثارة لا غير، ويفشلون في فهم العوامل المنطقية والواقعية اللازمة من أجل تحقيق حلمهم. فإذا كانت اللياقة البدنية هي شغفك وتريد المشاركة في سباق ماراثون، فاحرص على منح نفسك وقتاً كافياً بُغيةَ التَّدريب على ذلك.
  3. قيِّم مستوى التزامك بتحقيق الأهداف الموضوعة: بمجرد أن تتأكد من أنَّك قد وضعت لنفسك أهدافاً تستمتع بها، ألزم نفسك بتحقيقها. أخبر صديقاً تثق به عن أهدافك، أو أخبر زوجتك، وطالبهما بتقديم الدعم وامنحهما حقَّ مساءَلتك. وأعد ترتيب جدول مهامك وروتينك اليومي من أجل متابعة وتنفيذ ما تريد القيام به.
  4. كُن منفتحاً بشأن التَّغذية الرَّاجعة: جند فريق دعم وطالبهم بتقديم التغذية الراجعة. وسواءً أكنت تُنشئ منظمة غير ربحية تُعنى بالشباب المعرضين للخطر، أم تكتب روايتك الأولى؛ فستحتاج إلى تغذيةٍ راجعة وتوجيهاتٍ ممَّن تثق بهم.
  5. قسّم أهدافك إلى مهام قابلة للإنجاز: قد تكون بعض الأهداف عبارة عن عادات (مثل طهي وجبة من خلال الاستعانة بوصفة جديدة كل أسبوع)، وقد تكون بعض الأهداف عبارةً عن مراحل حياتية هامة (مثل الانتقال إلى باريس والتسجيل في مدرسة للطبخ). سوف يتطلب الأمر منك في كلتا الحالتين تقسيم هدفك الكبير إلى أجزاء أصغر كيلا يطغى عليك الأمر. تابع إنجاز تلك المهام الصغير بخطىً ثابتة، كي تصل إلى غايتك النهائية.

إن أخافك اكتشاف ما يسعد روحك حقاً، فتهانينا: أنت بشر! إذ إنَّ أفضل الأهداف هي تلك التي تخرجك من منطقة راحتك؛ لأنَّهم يستوجبون التعلم والتغيير. لذا كن شجاعاً، وخاطر بعض الشيء، واستمع إلى نداء روحك. وابدأ العمل فوراً. فحلمك وغايتك هما العمل الأكثر إثارة في حياتك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة