أولًا: تعريف مفهوم التخصّص الجامعي
هو فرع من المعرفة، ويشمل الخبرة، والأشخاص، والمشاريع، والمجتمعات، والتحدّيات، والدراسات، والتحقيق، ومجالات البحث التي ترتبط بقوة بهذا الفرع. على سبيل المثال، يُشار إلى فروع العلوم عادة بإسم التخصّصات العلمية، مثل الفيزياء و الرياضيات وعلوم الكمبيوتر، وعادة ما يُشار إلى الأفراد المعنيين بالتخصصات الأكاديمية باسم الخبراء أو الإختصاصيين. في حين يشار للبعض الآخر الذين درسوا الفنون الليبرالية أو نظرية النظم بدلاً من التركيز في تخصّص أكاديمي معين، على أنهم غير اختصاصيين.
وفي تعريف أدق للتخصص الجامعي فيُمكن القول بأنّه كل ما يقع عليهِ اختيار الطالب عندما يصل إلى مرحلة الدراسة الجامعيّة، وعادةً ما يكون هذا الاختيار مدروسًا بشكلٍ جيد ودقيق من قبل الطالب والأهل، وذلك لكي يكون مناسبًا لميولهِ وقدراتهِ الذاتيّة، وطموحاتهِ المستقبليّة، وذلك لأنّ هذا التخصص هو الذي سيُحدّد مسار حياتهِ العلميّة والعمليّة.
ثانيًا: نصائح مهمة لاختيار التخصّص الجامعي المناسب
1- الحوار مع النفس والذات:
وهي من الخطوات المهمة التي على الطالب أن يقوم بها بينه وبين نفسهِ وقبل أن يطلب أي مساعدة أو استشارة من الآخرين، وتقوم هذهِ الخطوة عن طريق توجيهِ بعض الأسئلة للنفس مثل كيف ترى نفسك بعد مرور عشر سنوات؟ ماهي الأمور التي يجب أن تقوم بها في حياتك؟ ماهي الأمور التي لا تحب أن تمارسها في الحياة؟ وذلك لأنّ داخل كل إنسان أفكار مسبقة وانطباعات عامة عن نمط الحياة التي يرغب بأن يعيشها في المستقبل، والأمور التي تشدّ انتباهه.
كما وعليك أن تفكّر بنقطةٍ في غاية الأهميّة، وهي أنّ التخصّص الذي ستختاره سيُلازمك وسيكون بمثابة الشريك لك طوال الحياة.
2- حدّد المهارات التي تتميّز بها:
من الضروري أن تُسلّط الضوء على كل المهارات التي تمتلكها والتي تتميّز بها، وأن تحاول استثمارها وتطويرها عن طريق التخصص الجامعي، وذلك لأنّك ستكون أكثر تميزًا وتألقًا ونجاحًا عن غيرك، وتذكّر بأنّ سوق العمل في عصرنا الحالي يبحث بشكلٍ خاص عن الإنسان المتميّز والأفضل، فمثلًا إذا كنت تمتلك موهبة الرسم، يُمكنك أن تختص في مجال الهندسة المعمارية أو الهندسة المدنية، أو في مجال تصميم الأزياء، وكليات الرسم والفنون.
إمّا إذا كنت متميزًا وموهوبًا في مجال الحسابات، فعليك أن تختص لدراسة المحاسبة، وعلوم الرياضيات.
أمّا في حال كنت بارعًا بعلوم الحاسوب ومجالاتهِ المتعددة، فننصحك بأن تدرس في أي مجال يخص تكنولوجيا المعلومات.
3- استشارة أصحاب الخبرة:
في حال كنتَ تشعر بالضياع وعدم القدرة على اتّخاذ القرار المناسب ننصحك بأن تستشير أصحاب الخبرة من المُقرّبين أو من أفراد العائلة والأساتذة الذين اشرفوا على دراستك خلال المرحلة الثانوية والإعداديّة، أو أي شخص تثق بهِ بشكلٍ مطلق، وذلك لكي تستفيد من تجاربهم في الحياة، وتوسيع دائرة معارفك، كما ويُمكنك استشارة المرشدين الأكاديميين، الذين يتواجدون في الجامعات، وتقوم مهمتهم الأساسيّة على مساعدة الطلاب وإرشاداهم لتحديد الاختصاصات الجامعيّة التي يرغبون بها.
4- التفريق بين الهواية والمهنة:
وهي من المشاكل الأساسيّة التي تواجه الطالب كثيرًا في هذه المرحلة المهمة والدقيقة من حياتهِ، حيث أنّه لا يستطيع أن يُفرّق جيدًا بين استخدام مجال التخصص كهواية أو مهنة في الحاضر والمستقبل.
كأن يحب الطالب مثلًا اللغة الإنكليزيّة ويتقنها بشكلٍ جيد، في الوقت الذي لا يرغبُ فيهِ بدراسة الأدب الإنكليزي أو الروايات الإنكليزيّة، بل يُفضل دراسة أي تخصص يُمكن من خلالهِ أن يستخدم مهارته في تحدّث الإنكليزيّة، كدراسة السياحة، التاريخ، والمحاسبة.
أو أن يُحب الطالب الرسم ويبرع فيهِ، في الوقت الذي لا يرغب فيهِ بدراسة الرسم أو كليّة الفنون، وأن يُفضل دراسة أي مجال آخر قد يُنمّي عنده هذهِ الموهبة عن طريق استخدامها كدراسة هندسة الديكور أو تصميم الأزياء.
5- عدم الانسياق وراء المُسمّيات:
وهي من أكبر المشاكل التي يُعاني منها الطالب والتي يتسبّب بها الأهل في أغلب الأحيان، وذلك لرغبتهم بأن يكون ابنهم طبيبًا مثلًا أومهندسًا، أو محاميًا، وهذا ما يتسبّب في إصابة الطالب بالتوتر والقلق، وفي كثيرٍ من الأحيان الفشل في تحقيق النجاح والتألق في هذهِ الإختصاصات، لهذا على الطالب في هذهِ المرحلة أن يتصرّف كما يُمليه عليهِ عقله وأن يختار الاختصاص الذي يُلبّي رغبته الخاصة بعيدًا عن ضغط العائلة والمجتمع، وتذكر بأنّك في حال كنت محاسبًا ناجحًا أومدرسًا مبدعًا في مهنتك، أفضل بكثير من أن تكون طبيبًا أو مهندسًا فاشلًا.
6- البحث عن الجانب التطبيقي:
إنّ أغلب الإختصاصات المطروحة في الجامعات عادةً ما تُركّز على الجانب النظري وتهمل الجانب العملي، لهذا فإنّ كل الطلاب يتخرجون وهو يفتقدون المهارة العمليّة الضروريّة للدخول في سوق العمل بقوة ونجاح، وهذا ما يدفعهم للتسجيل في العديد من الدورات التي تساعدهم في الحصول على وظائف مهمة، لهذا وقبل أن تختار تخصصك الجامعي عليك أن تبحث عن الإختصاصات التي تهتم بالنواحي العمليّة وذلك لكي تتخرج من الجامعة وأنت تمتلكُ خبرة كافية لممارسة المهنة بشكلٍ مباشر.
7- التأكدّ من أنّ الاختصاص معترف بهِ:
وهي من المشاكل المنتشرة في البلدان العربيّة بشكلٍ خاص، حيث أصبحت هناك العديد من الجامعات الخاصة التي تُستغل بشكلٍ تجاري فقط، دون الاهتمام بأمور الطالب ومستقبله المهني، لهذا وقبل أن تختار أي تخصص عليك أن تتأكد فيما إذا كان معترفًا عليهِ من قبل وزراة التربية والتعليم العالي في بلدك، ومعتمد عليهِ أيضًا من هيئة الاعتماد والجودة.
اقرأ أيضاً: التعلّم عن بعد: تعريفه، أهميته، أفضل الجامعات التي تعتمده
8- لا تبحث وراء الوظائف فقط:
يُخطِئ العديد من الطلاب عندما يُفكّرون بأنّ سوق العمل يعتمد على الوظائف فقط، في حين أنّ عصرنا الحالي بدأ يفتقر للوظائف، ويعتمد بشكلٍ كبير على ما يُسمى العمل الخاص أو العمل الحر الذي يجني المزيد من الأرباح التي تفوق الدخل الوظيفي الثابت، لهذا عليك أن تفكّر مليًا حيال هذا الموضوع، وأن تبحث وراء التخصص الجامعي الذي يسمح لك باستغلالهِ لإنشاء مشروعك الخاص والعمل على توسيعهِ وانتشارهِ.
9- البحث عن جودة البيئة الأكاديميّة:
عليك أن تضع الجودة الأكاديميّة كمعيار أساسي عند اختيارك للتخصّص الجامعي أو الجامعة التي تود الدراسة بها، فالبيئة المحيطة تلعب دورًا أساسيًا في نجاح الطالب وقدرتهِ على الصمود والعطاء طوال سنوات الدراسة الجامعيّة، لهذا ننصحك بأن تزور الجامعة التي تود التسجيل بها، وزيارة قاعاتها وساحاتها، ومدى نظافة مرافقها، والاطلاع على الخدمات الأكاديمية التي تقدمها.
كما وعليك أن تطّلع على المناهج التي توفرها هذهِ الجامعة لطلابها، وفميا إذا كانت تهتم بالخرجيين وتوفر لهم فرص عمل وتدريب عملي مهم.
10- التأني في اتّخاذ القرار النهائي:
عليك ألّا تستعجل في اتّخاذ القرار النهائي، وأن تأخذ كامل وقتك في التفكير والبحث والاطلاع على كافة الخيارات المتاحة، وذلك لأنّ هذا القرار يُعتبر قرارًا مصيريًا يحتاج للتأني وعدم السرعة، وذلك لكي لا تندم عليهِ في المستقبل.
11- اختبار الذكاء:
قبل أن تختر التخصّص الجامعي عليك أن تجري اختبارًا عامًا لنقاط القوة العقلية والذكاء لديك، حيث أنّ هناك بعض الطلاب الذين يتميزون بذكاءٍ حاد بالمجال العلمي والمواد التي تتطلب الفهم العميق، وهناك بعض الطلاب يتميزون بذكاء فني وينجحون في توظيفهِ بمجال الأدب والفنون المختلفة، وبعضهم الآخر يتمتع بذكاء خارق في القدرة على الحفظ وأرشفة المعلومات في الدماغ والذين يبرعون في مجال المواد النظريّة كدراسة التاريخ مثلًا أو علوم الفلسفة.
12- وضع طبيعة الشخص في عين الاعتبار:
تلعب طبيعة الإنسان دورًا أساسيًا في نجاحهِ العلمي والمهني، لهذا عليك أن تضع طبيعتك الشخصيّة في عين الاعتبار عند اختيارك للتخصص الجامعي الذي ستنجح فيهِ مستقبلًا، وذلك لأنّها ستؤثر حتمًا على مهنتك وأداءك في العمل، فإذا كنت مثلًا شخصًا مزاجيًا وعصبيًا، فلا يُمكنك إطلاقًا أن تتخصص في مجال الطب والجراحة التي تحتاجُ غإلى مزاج هادئ وأعصاب مسترخيّة، كما وتحتاج إلى أبعد حدود الصبر، أمّا إذا كنت شخصًا انطوائيًا ولا تحب العلاقات الاجتماعيّة فلن تنجح على الإطلاق في دراسة مهنة المحاماة أو الاختصاص في مجال التسويق والمبيعات.
ويجب أن ننوّه إلى نقطة مهمة جدًا وهي أنّ هناك بعض الأسس الأخرى التي تتحكّم في عمليّة اختيار الطالب للاختصاص الجامعي المناسب له، مثل:
- الدرجة العلميّة التي حصل عليها في الثانوية العامة.
- القدرة الماليّة، حيثُ أنّ هناك بعض الإختصاصات التي تتطلب مبالغ مالية كبيرة قد لا تستطيع الأسرة تسديدها.
- القدرات العقليّة والذهنيّة للطالب.
- القرب أو البعد المكاني من الجامعة.
ثانيًا: أهمية اختيار الطالب لتخصّصهِ الجامعي بنفسه
- القدرة على الإبداع والتفوق في المجال التخصّصي الذي يختاره الطالب، وبالتالي تحقيق الفائدة الشخصيّة له وللمجتمع الذي يعيش فيهِ، ليُساهم في تقدّمهِ والارتقاء به.
- رغبة الطالب الكبيرة في تطوير مجال اختصاصهِ وإكمال الدراسات العليا للحصول على درجة الدكتوراه.
- الحصول على علامات عاليّة ومعدلاتٍ مرتفعة.
- الشعور بمتعةٍ خاصة وكبيرة خلال سنوات الدراسة الجامعيّة.
- رغبة الطالب في حضور كل المحاضرات الجامعيّة وعدم التغيّب عنها على الإطلاق.
ثالثًأ: المشاكل والمعوقات التي تواجه الطالب أثناء اختيار التخصص الجامعي
- ضعف الإرشاد والتوجيه المدرسي واالمجتمعي والأسري، وغياب التوجيه المهني في التعليم.
- إجبار الأهل أولادهم على اختيار تخصّص جامعي يُعجبهم ويرغبون فيهِ، وليس المهم هو رغبة الطالب نفسه، وتوافق قدراتهِ مع التخصّص الذي يتعلّمه.
- عدم فهم الطالب جيدًا للدور الذي يُمكن أن يقوم به في المواقف الحياتيّة والوظيفيّة المختلفة، ونظرته القاصرة نحو التخصّصات الجامعيّة الملائمة والمتناسبة مع رغباتهِ وميوله الثقافيّة والفكريّة.
- ضعف الاتّصال بين المدرسة وأولياء الأمور والتعرّف على مشاكل أبنائهم وتربيتهم بشكلٍ صحيح.
- التنافس الشديد بين الجامعات والمعاهد المقدمة لخدمات التعليم الجامعي العالي، وعدم وجود تنسيق واضح بينهم.
- عدم قناعة الطالب في اختيار التخصص الذي يُلائم ميوله ورغباته العلميّة.
- خوف الطالب من الفشل في الجامعة، وعدم قدرتهِ على تحقيق النجاح الدراسي.
- ارتفاع تكاليف الجامعات والدراسة الجامعية، وعدم قدرة الطالب على دفع الرسوم المستحقة.
وفي النهاية نتمنى أن تستفيد من كل النصائح والإرشادات المهمة التي ستُساعدك على اختيار التخصص الجامعي المناسب لك للنجاح في الحياة المهنية.
المصادر:
أضف تعليقاً