كيف تعزز القيم الأخلاقية في سلوك طفلك؟

عندما تتحلى بالقيم الأخلاقية، فإنَّك تنشر النور في العالم؛ فالقيم الأخلاقية نجم يضيء طريق الإنسان ولغة تتحدث بها النفوس الطيبة تبني لك جسراً بين الأرض والسماء، وتوجيهات روحية تسير بالإنسان نحو الخير والصلاح والتقوى، والمكان الأول الذي يبدأ فيه بناء هذه القيم هو الأسرة؛ أسرة يقودها أبوان صالحان.



يتعلم الطفل في البيت والمدرسة القيم ويتمثلها في سلوكه، ويمارس الفضيلة وينأى بنفسه عن الرذيلة، فإذا كنت تسعى إلى تربية أطفالك على أسس قوية من الأخلاق والقيم الحسنة وتتساءل كيف يمكنك توجيه أبنائك نحو اعتماد سلوك أخلاقي صحيح في عالم مليء بالتحديات والمغريات، هنا ستجد الإجابة.

متى تبدأ التربية الأخلاقية للأبناء؟

القيم الأخلاقية هي المبادئ والمعايير التي تحدد ما هو صحيح وما هو خاطئ في التصرفات والسلوكات البشرية، وإنَّها القواعد الأساسية التي توجه تصرفات الأفراد وتحدد ما إذا كان سلوكهم يُعَدُّ أخلاقياً أم لا، والقيم الأخلاقية هي أساس بناء المجتمع وتشكيل العلاقات الإنسانية.

تحدد القيم الأخلاقية قواعد الخير والشر في المجتمع بالاستناد إلى الموروثات الثقافية والأعراف الاجتماعية والمعتقدات السائدة في كل مجتمع؛ لذا فإنَّها تختلف من ثقافة لأخرى ومن شخص لآخر، لكن توجد بعض القيم الأساسية التي تُعَدُّ شائعة وشبه عالمية.

من بين هذه القيم الأساسية: الصدق، والنزاهة، والعدالة، والاحترام، والتسامح، والرحمة، والصداقة، والشهامة، والانضباط، والشجاعة، والعمل الجاد، والسلام، والعطف، والاعتدال، والأمانة، والمساواة، وغيرها.

تبدأ التربية الأخلاقية للطفل في مراحل مبكرة جداً من حياته؛ إذ يبدأ الوالدان بتعليم الطفل القيم الأخلاقية في سن مبكرة، وذلك بمجرد أن يبدأ الطفل بفهم والتفاعل مع العالم من حوله، يمكن للوالدين بدء تمهيد القيم الأخلاقية عبر الرعاية والحب وتقديم الأمان للطفل، ومع تقدُّم الطفل في العمر، يمكن للوالدين بدء تعليم القيم الأخلاقية بشكل أكثر تفصيلاً، فيمكن توضيح القيم مثل الصدق والنزاهة والاحترام بطرائق تناسب عمر الطفل.

أساليب بناء القيم الأخلاقية في سلوك طفلك:

القيم الأخلاقية هي مجموعة المبادئ التي تحكم سلوك الفرد وعلاقاته مع الآخرين. وهي مهمة لتكوين شخصية قوية وبناء مجتمع صحي ومنها:

1. أسلوب القدوة:

يجب على الأهل أن يكونوا نموذجاً حياً وملموساً للقيم والأخلاق التي يرغبون في تعليمها لأطفالهم، فقد يتعلم الأطفال عن طريق مشاهدة وتقليد سلوك واهتمامات والديهم، فإذا أردت تعليم طفلك الصدق، يجب عليك أن تلتزم بالوعود التي تقطعها وإذا أردت تعليمهم التعاون، فاعمل على دفعه للمشاركة معك في المشاريع المنزلية مثل مساعدتك على تنظيف حديقة المنزل أو حتى تقديم بعض الخدمات للجيران.

2. أسلوب القصص:

عندما تحكي للأطفال قصصاً تحمل في طياتها قيماً أخلاقية، تقدِّم لهم فرصة لفهم هذه القيم وكيفية تطبيقها في حياتهم اليومية، فقد تكون القصص قوة تعليمية كبيرة؛ إذ يستطيع الأطفال تمثيل الشخصيات والمواقف والتفاعل مع الأحداث بطريقة تعلِّمهم من خلال التجربة.

3. أسلوب المناقشات اليومية:

يمكن للأهل استخدام أسلوب المناقشات اليومية بوصفه أداة فعالة لتعليم الأطفال القيم الأخلاقية، فهذا الأسلوب يسمح بتوجيه الأطفال نحو فهم القيم وتطبيقها في حياتهم اليومية بشكل مناسب ومستدام، لذلك ابدؤوا بتحديد الموضوعات أو القيم التي ترغبون في تعليمها لأطفالكم، وابحثوا عن الفرص في الحياة اليومية لمناقشة هذه الموضوعات.

على سبيل المثال، يمكن مناقشة موضوع الصدق في أثناء لعبة أو قصة ترويها العائلة، فاجلسوا مع أطفالكم واستمعوا لآرائهم وأفكارهم، واستخدموا أمثلة وسيناريوهات حقيقية تُظهِر كيفية تطبيق القيم في الحياة اليومية، على سبيل المثال، إذا كان الطفل يشهد موقفاً قد يكون صريحاً بدلاً من الكذب، فقدِّموا له مثالاً عن أهمية الصدق.

شاهد بالفديو: 5 أشياء لن ينساها طفلك عنك أبداً

4. أسلوب تحديد قواعد أسرية في المنزل:

عندما تقوم الأسرة بتحديد قواعد وقوانين للمنزل، فإنَّها توجه سلوك الأطفال وتعلِّمهم ما هو مقبول وما هو غير مقبول من الناحية الأخلاقية، على سبيل المثال، تساعد قاعدة تعزيز الاحترام وعدم التنمر على تعليم الطفل قيم الاحترام والعدالة، كما أنَّ القواعد تعلِّم الالتزام، فعندما يتم تحديد قواعد أسرية، يجب على الأطفال الالتزام بها، وهذا يعلِّمهم المسؤولية والالتزام بالقوانين والقيم الاجتماعية والأخلاقية.

5. أسلوب الوعظ والإرشاد:

قد يساهم استخدام أسلوب الوعظ والإرشاد في بناء القيم الأخلاقية للأطفال، لكن يجب أن يتم التعامل مع هذا الأسلوب بحذر وبشكل متوازن حتى لا يشعر الأطفال بالضغط أو الاستسلام للتعليم بالقوة، لذلك تحدَّثوا بلطف واحترام وتجنبوا استخدام لغة قاسية أو معاتبة.

إقرأ أيضاً: نصائح هامة ترفع من ثقة طفلك بنفسه

6. أسلوب التعويد:

يعني التعويد تكرار السلوك أو التصرف الذي نرغب في تعليمه للأطفال حتى يصبح جزءاً من عاداتهم وتصرفاتهم اليومية، فابدؤوا بتحديد القيم الأخلاقية التي ترغبون في تعليمها لأطفالكم، واعملوا على توفير الفرص المناسبة لتجربتها، على سبيل المثال، إذا كنتم ترغبون في تعليم العطاء والمشاركة، فشجِّعوهم على مساعدة الآخرين أو المشاركة في الأعمال الخيرية، وقد تحتاجون إلى تذكير الأطفال بالقيم وتكرار التوجيهات بانتظام حتى يعتادوا عليها.

7. أسلوب الترغيب:

يتضمن هذا الأسلوب تحفيز الأطفال على اتخاذ السلوك الصحيح وتبنِّي القيم الإيجابية عبر تقديم مكافآت ومحفزات لهم، فمثلاً يمكنكم منح مكافأة أو جائزة عندما يقوم الطفل بعمل يعكس القيمة المستهدفة.

8. أسلوب التحذير:

يمكن للأسرة استخدام أسلوب التحذير بوصفه جزءاً من عملية بناء القيم الأخلاقية للطفل، لكن يجب أن يتم ذلك بحذر وبشكل متوازن حتى لا تكون له آثار سلبية في الطفل، كما يجب تجنب التحذير المبالغ فيه أو الصرامة الزائدة، فعندما تصدر تحذيراً، كن واضحاً في شرح السلوك الذي يجب تجنبه والأسباب وراء ذلك، واستخدم لغة مناسبة لعمر الطفل.

شاهد بالفديو: 6 خطوات أساسية لتربية الأطفال على المسؤولية

9. أسلوب الملاحظة الواعية:

يُقصَد بها مراقبة الوالدين لسلوك الطفل داخل المنزل وخارجه والسؤال بشكل مستمر عن حاله وعن أصدقائه؛ إذ تساعد هذه العملية الأسرة على فهم احتياجات الطفل وتصرفاته والتفاعل معها بشكل أفضل.

10. أسلوب التحكيم العقلي:

ابدأ بشرح القيم الأخلاقية الهامة للأسرة، مثل الصداقة والاحترام، وتحدَّث عن أهمية هذه القيم في حياة الأفراد والمجتمع، ومن ثم قدِّم للأطفال سيناريوهات ومواقف خيالية تتعلق بالقيم الأخلاقية، واطلب منهم التفكير في الخيارات المتاحة وتقييمها، وشجع على اتخاذ القرارات الأخلاقية الإيجابية، وقدِّم تقديراً للأطفال عندما يتخذون قرارات جيدة من الناحية الأخلاقية، فعندما يخطئ الطفل في اتخاذ قرار أخلاقي، تحدَّث معه بلطف عن أثر تصرفه وكيف يمكن تصحيح الأمور بشكل أفضل في المستقبل.

كيف تعزز من القيم الأخلاقية في سلوك طفلك؟

يشبه بناء القيم بناء البيت، فقد يحتاج إلى وقت وجهد، وإذا تم بناؤها بشكل جيد، فإنَّها ستبقى قوية إلى الأبد، وفيما يأتي بعض النصائح من أجل تعزيز القيم الأخلاقية في سلوك طفلك:

  1. تحدَّثوا بصدق مع أطفالكم وشجعوهم على التحدث بصدق أيضاً.
  2. شاركوا مع أطفالكم في النشاطات التطوعية والخدمة المجتمعية.
  3. تابعوا وراقبوا ما يتعلمه أطفالكم من وسائل الإعلام والتكنولوجيا.
  4. أبعدوا أطفالكم عن مشاهدة أفلام ومسلسلات العنف التي تحرِّض على الأنانية.
  5. تفهَّموا حاجات طفلكم وأظهروا الاهتمام اللازم بمشاعره.
  6. شجعوا أطفالكم على حل الخلافات التي تعترضهم سواء مع إخوانهم أم أقرانهم واتخاذ القرارات الصائبة.
  7. علِّموا أطفالكم التفكير في عواقب سلوكهم وأفعالهم.
  8. علِّموا أطفالكم كيفية التعامل مع الصراعات بشكل بنَّاء ودون أن تنتهي بالعنف.
  9. شجعوا فضول أطفالكم وساعدوهم على البحث عن إجابات لأسئلتهم.
  10. شجعوا أطفالكم على المشاركة في مشاريع جماعية وتحقيق الأهداف مع الآخرين.
  11. استخدموا التحفيز والمكافآت لتعزيز السلوك الإيجابي وتحفيز الأطفال على اتباع القيم الأخلاقية.
  12. شجعوا أطفالكم على تقديم المساعدة.
  13. علموا أطفالكم ثقافة الاعتذار.
  14. ساعدوا أطفالكم على بناء علاقات اجتماعية طيبة.
  15. شجعوا أطفالكم على المسامحة والتجاوز عن بعض أخطاء الآخرين.
  16. ساعدوا أطفالكم على السيطرة على انفعالاتهم.
  17. شجعوا أطفالكم على حضور المناسبات الاجتماعية والدينية.
  18. تعاونوا واشتركوا مع الآخرين في الأفراح والأحزان.
  19. أثنوا على سلوكات الطفل الجيدة ونددوا بالسيئة منها.
  20. ازرعوا مراقبة الله في نفس أطفالكم.
إقرأ أيضاً: 6 نصائح هامة لتربية الطفل على نحو صحيح

في الختام:

تعزيز القيم الأخلاقية في سلوك الطفل هو تحدٍ كبير للأسرة؛ إذ تكمن أهمية هذا الموضوع في بناء أسس قوية للتصرفات والمبادئ الأخلاقية التي ستشكل شخصية الطفل في المستقبل، فمن خلال الاهتمام بالقيم مثل الصدق، والاحترام، والعدالة، يمكن للأهل أن يساهموا في تطوير أجيال قادرة على اتخاذ القرارات الصحيحة والعيش في مجتمع متنوع ومتسامح.

تتطلب تنمية القيم الأخلاقية صبراً وتفاعلاً مستمرَّين مع أطفالنا، فيجب علينا أن نكون أمثلة حية للقيم التي نريد تعليمها، وننشئ الفرص للحوار مع أطفالنا وتوجيههم برفق وحب، من خلال التفاهم والاهتمام بمشاعرهم ومن خلال توجيههم نحو القيم الإيجابية، وكل ذلك يمثل الأساس لبناء علاقة قائمة على الثقة والمحبة، وباستمرارية الجهود والتوجيه الإيجابي، يمكن للأسرة تحقيق تحسين مستدام في القيم الأخلاقية لدى الأطفال، وبذلك يكونون مستعدين لمواجهة التحديات والمواقف الأخلاقية بثقة ونزاهة.




مقالات مرتبطة