كيف تتعافى من الاحتراق الوظيفي؟

لا يستطيع ذهنك وجسمك التعامل مع الإنهاك في العمل والإحباط لفترة طويلة، فإذا كنتَ تواجه باستمرار مستوياتٍ عالية من التوتر دون اتخاذ خطوات للسيطرة عليه أو الحد منه، فإنَّ الاحتراق الوظيفي سينال منك عاطفياً وجسدياً، وقد تشعر أنَّه ليس لديك الحافز القوي لأنَّك ترى أنَّ أيَّ شيء تفعله ليس له جدوى.



قد لا تلاحظ أعراض الاحتراق الوظيفي على الفور لأنَّه يحدث تدريجياً، ولكن بمجرد أن يسيطر عليك، يمكن أن يؤثر في قدرتك على الأداء في جميع جوانب حياتك.

انتبِه إلى هذه العلامات:

تتضمن العلامات الرئيسة للاحتراق الوظيفي ما يلي:

  • النسيان وصعوبة التركيز.
  • قلة الفخر بعملك.
  • إغفال نفسك وأهدافك.
  • صعوبة الحفاظ على علاقاتك أو التواصل مع أحبائك.
  • الإحباط والغضب من زملاء العمل.
  • تشنج عضلي غير مبرر وآلام وإرهاق وأرق.

تشير التقديرات إلى ما بين 4-7% من العاملين قد يعانون الاحتراق الوظيفي، كما أنَّ معدلات الذين يعانونه من العاملين في مجالات معيَّنة مثل الرعاية الصحية أعلى بكثير.

يمكن أن يكون للاحتراق الوظيفي تأثير على الأمد البعيد؛ حيث يتسبب بالتالي:

  • يؤثر سلباً في أداء العمل.
  • يحرمك الاستمتاع بالهوايات والوقت مع العائلة، أو الاسترخاء خارج العمل
  • يزيد نسبة المشكلات الصحية، بما فيها أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري من النوع الثاني والاكتئاب والانتحار.

يُعَدُّ اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الاحتراق الوظيفي أمراً ضرورياً كيلا يتفاقم، ويمكن أن تأخذك الخطوات العشر التالية إلى طريق التعافي:

1. إيجاد المسبب:

من الصعب إجراء تغييرات عندما لا تعرف بالضبط ما الذي يجب تغييره، ولكن يمكن أن يساعدك استكشاف العوامل المساهمة أو مصادر التوتر في حياتك.

غالباً ما يتعلق الاحتراق الوظيفي بالمثيرات الوظيفية والمهنية مثل ضغوط العمل المتزايدة، ولكن قد تواجه أيضاً الاحتراق الوظيفي عند:

  • وجود جدول أعمال صارم.
  • خوض مشكلات في العلاقات دون إيجاد حل.
  • واجب رعاية أحد أحبائك ممن يعانون مرضاً خطيراً أو مزمناً.

إنَّ محاولة القيام بالكثير بمفردك تخلق أيضاً بيئةً مثالية تؤجج الاحتراق الوظيفي.

توضح "باري سوسكايند" (Barrie Sueskind)، وهي معالجة نفسية في "لوس أنجلوس": "في النهاية تتحمل أحمالاً كبيرة تكسرك، وحينئذٍ يحدث الاحتراق الوظيفي".

لنفترض أنَّك أب يعمل بدوام كامل، وتحاول أخذ دروس عبر الإنترنت، والخروج مع الأصدقاء والأحباء في الوقت نفسه، تستطيع التحكم بكل عامل من هذه العوامل إن كان منفرداً عن الآخر، لكن يمكن لاجتماعها أن يربكك بسهولة إذا لم تتخذ خطوات للحصول على الدعم.

2. تحديد التغييرات الفورية التي يمكنك إجراؤها:

قد تتعرف إلى بعض الطرائق لتخفيف العبء على الفور، تقول "سوسكايند": "يميل الذين لديهم الكثير من الطموح للنجاح في حياتهم المهنية إلى القيام بكل شيء"، وهذا يمكن أن يأتي بنتائج عكسية عندما ينتهي بك الأمر دون طاقة لفعل أيِّ شيء؛ لذا بدلاً من ذلك، حاول قبول أنَّ القيام بكل ذلك ليس بالأمر الواقعي، واطلب من مشرفك أن يعفيك من أحد المشاريع أو أن يضيف شخصاً آخر إلى فريقك.

هل أنت غارق في العمل والالتزامات الشخصية ولكنَّك لا تستطيع رفض طلبات أحبائك؟ تقول "سوسكايند": "غالباً ما يتحمل الذين لديهم ميول لإرضاء الناس الكثير لتجنُّب خذل أيِّ شخص".

إن لم تجد في اليوم وقتاً لفعل الأشياء التي عليك فعلها، فإنَّ إضافة المزيد من المهام لن يؤدي إلا إلى المزيد من الإحباط والضغط؛ لذا قيِّم التزاماتك الحالية وفكِّر في إلغاء أو إعادة جدولة بعضها، فقد تفاجئك الراحة الفورية التي يمنحك هذا إياها.

3. التحدث إلى الناس الذين تثق بهم:

إذا كنتَ غير متأكد من كيفية البدء بتحديد أسباب الاحتراق الوظيفي والبحث عن طرائق لتخفيف التوتر، فلا تقلق؛ حيث يمكن أن يصبح الاحتراق الوظيفي مرهقاً لدرجة أنَّ تحديد كيفية معالجته مرهق بحد ذاته، ومن الصعب أيضاً تحديد الحلول المحتملة عندما تشعر أنَّك مستنزف كلياً.

يمكن أن تساعدك الاستعانة بشخصٍ محبوب موثوق به على الشعور بالدعم وتقليل الوحدة، كما يمكن للأصدقاء وأفراد الأسرة والشركاء مساعدتك على تبادل الأفكار حول الحلول الممكنة، فهم قريبون بما يكفي من حياتك لمعرفة ما يناسبك، فضلاً عن أنَّهم يمتلكون مجالاً كافياً للنظر في الموقف ببعض الوضوح.

يجب أن تمتلك بعض الشجاعة للإفصاح عما يعتمل داخلك للأشخاص، خاصةً عندما تشعر بالقلق من أنَّهم سيرونك عاجزاً أو كسولاً، لكنَّ الصراع مع الاحتراق الوظيفي وحده يمكن أن يجعل التغلب عليه أكثر صعوبةً، ومَن يعلم، ربما يكون أحباؤك قد عانوا من الاحتراق الوظيفي ويمكن أن يكون لديهم بعض الخبرة المفيدة لمشاركتها.

شاهد بالفديو: 12 نصيحة للحفاظ على الصحة النفسية

4. دراسة خياراتك:

لسوء الحظ، لا تكون معالجة الاحتراق الوظيفي أمراً سهلاً دائماً، لكنَّ هذا لا يعني بالضرورة أنَّه سيحبطك إلى الأبد، فقد لا ترى طريقاً سهلاً للتعافي، ولكنَّ القليل من الاستكشاف قد يكشف لك عن بعض الحلول.

ربما يستمر رئيسك في العمل في تكديس العمل، على الرغم من طلبك مساعدة زملائك لك في العمل أو الوقت لإنهاء المشاريع الحالية أولاً، فهنا قد يكون الوقت قد حان لبدء البحث عن وظيفة جديدة تحترم قدراتك.

إذا شعرتَ بالاحتراق الوظيفي بسبب صعوبات في العلاقة، فيمكن للمستشار أن يقدِّم لك الدعم في أثناء إلقاء نظرة فاحصة على علاقتك وما إذا كانت تخدم مصالحك المثلى.

باختصار، عندما تقدِّم كل ما لديك ولا يزال هذا غير كافٍ، فليس هناك الكثير الذي يمكنك القيام به إلى جانب المضي قدماً من أجل مصلحتك، وفي بعض الأحيان، يمكن أن تجدد لك مجرد معرفة وجود طرائق أخرى الأمل وتساعدك على تذكُّر أنَّ لديك القدرة على إجراء التغييرات، حتى لو لم تحدث هذه التغييرات على الفور.

5. إعادة استلام زمام السيطرة:

يمكن أن يجعلك الاحتراق الوظيفي تشعر بالعجز، فتشعر كما لو أنَّ حياتك تتسارع ولا يمكنك مواكبتها، وإذا ساهمَت العوامل الخارجية في الاحتراق الوظيفي، فقد تلوم هذه الظروف وتجد صعوبةً في رؤية ما يمكنك فعله لتغيير الموقف، وربما لم تتحكم بما حدث ليوصلك إلى هذه النقطة، ولكن لديك القدرة على استعادة السيطرة للبدء؛ لذا جرِّب هذه النصائح:

  • حدِّد أولوياتك: توجد بعض الأشياء فقط التي يجب عليك إنجازها، ولكن يمكن لغيرها أن ينتظر حتى يكون لديك المزيد من الوقت والطاقة، فحدِّد المهام الأقل أهميةً ونَحِّها جانباً.
  • فوِّض المهام: لا يمكنك أن تفعل كل شيء بنفسك، لذلك إذا كانت هناك مهام أكثر مما يمكنك التعامل معها وتحتاج إلى اهتمام فوري، فأرسِلها إلى شخص تثق به.
  • لا تأخذ عملك إلى المنزل: جزء من التعافي من الاحتراق الوظيفي هو تعلُّم إعطاء الأولوية للتوازن بين العمل والحياة الشخصية، فبعد مغادرة العمل، ركِّز على الاسترخاء وإعادة شحن طاقتك لليوم التالي.
  • لا تهمل احتياجاتك: تحدَّث إلى الآخرين المعنيين وأخبِرهم بما يحدث، واشرح لهم أنَّك بحاجة إلى بعض الدعم من أجل الاعتناء بصحتك وإدارة عبء عملك بشكل منتج والسيطرة وإعادة شحن طاقتك.
إقرأ أيضاً: كيف تستعيد زمام الأمور حينما تفقد السيطرة على حياتك؟

6. وضع الحدود:

يمكن أن يساعدك وضع قيود للوقت الذي تمنحه للآخرين على السيطرة على التوتر في أثناء التعافي من الاحتراق الوظيفي، توضح "سوسكايند" أنَّ "قبول الكثير من الالتزامات يمكن أن يتسبب في إرباكك"؛ لذا قبل موافقتك على مساعدة شخص ما أو قبول دعوة، عليك أن:

  • تتوقف لبرهة.
  • تخصص بعض الوقت لدراسة كل ما هو مطلوب منك إذا وافقتَ على تقديم المساعدة.
  • تسأل نفسك ما إذا كان لديك الوقت والطاقة الكافيَين.
  • تفكر فيما إذا كان القيام بذلك يمنحك قيمةً.

يتضمن جزء من وضع الحدود أيضاً الرفض؛ حيث تؤكد "سوسكايند" قائلةً: "أنت لستَ كسولاً أو أنانياً أو لئيماً لرفض طلب أحدهم حفاظاً على وقتك الثمين، فأن تكون انتقائياً بشأن قبول الالتزامات هو المفتاح لرعاية صحتك الذهنية، والوفاء بالالتزامات الهامة حقاً، والوقاية بصورة استباقية من الاحتراق الوظيفي".

7. العطف على الذات:

قد يؤدي الوصول إلى مرحلة الاحتراق الوظيفي إلى الشعور بالفشل وفقدان الهدف أو الغاية من الحياة، فقد تشعر كما لو أنَّك عاجز عن فعل أيِّ شيء بشكل صحيح أو أنَّك لن تحقق أهدافك أبداً.

عندما تصل إلى هذه المرحلة، تخيَّل أنَّ صديقك يمرُّ بالموقف نفسه، ماذا ستقول له؟ سوف تتعاطف معه على الأرجح وتعامله بلطفٍ بدلاً من إخباره بأنَّه أخفق إخفاقاً ذريعاً، وينطبق الأمر نفسه عليك؛ لذا امنح نفسك الحب والدعم نفسه، وذكِّر نفسك أنَّك لستَ مضطراً إلى أن تكون مثالياً، وأنَّه لا بأس في أن تحتاج إلى استراحة.

لذلك ربما لا يمكنك إكمال ثلاثة مشاريع في وقت واحد، ولا أحد أيضاً قادر على فعل ذلك، ولن تخرَّ السماء لو لم تتفوق في الدراسة طالما أنَّك حصلتَ على درجة جيدة، وفي النهاية، كل ما يمكنك فعله هو أفضل ما لديك مع استخدام القوة التي لديك، لكنَّك ستجد أنَّه من السهل استخدام قوتك هذه قبل أن تنفذ.

إقرأ أيضاً: 4 نصائح لعيش حياة إيجابية عبر ممارسة العطف الذاتي

8. الاهتمام باحتياجاتك:

إنَّ تولِّي مسؤولية صحتك الجسدية والعاطفية هو مفتاح التعافي من الاحتراق الوظيفي؛ حيث يتطلب الوصول إلى نقطة الاحتراق الوظيفي أن تأخذ إجازةً على الفور، وشطب برنامج مهامك، وتكريس أيامك للراحة والاسترخاء، لكنَّ معظم الناس ببساطة لا يستطيعون فعل ذلك.

إن كنتَ رب أسرة يجب عليه تأمين لقمة عيشهم، فقد يبدو الاستسلام مستحيلاً حتى يتوفر لديك احتمالات أخرى، وإذا كنتَ ترعى فرداً مريضاً من العائلة ليس له أقارب آخرين، فقد لا يكون لديك أيُّ شخص آخر تلجأ إليه للحصول على الدعم.

يمكن أن تسهل ممارسة الرعاية الذاتية الجيدة استعادة الطاقة في أثناء تجربة استراتيجيات أخرى لإعادة الضبط؛ لذا جرِّب هذه النصائح:

  • خصص وقتاً كافياً للنوم المريح.
  • اقضِ وقتاً مع أحبائك، لكن لا تُبالغ، فالوقت الخاص بك هام أيضاً.
  • حاول القيام ببعض النشاط البدني يومياً.
  • تناول وجباتٍ مغذية وحافِظ على شرب الماء.
  • جرِّب التأمل أو اليوغا أو ممارسات اليقظة الذهنية الأخرى لتحسين الاسترخاء.

9. تذكُّر ما يجعلك سعيداً:

يمكن للاحتراق الوظيفي الشديد أن يستنزفك ويجعل من الصعب تذكُّر ما كنتَ تستمتع به، فربما تكون قد فقدتَ شغفك بوظيفة كنتَ تحبها ذات يوم وتشعر بالغضب والاستياء عندما تذهب إلى العمل يومياً، أو ربما لم تَعُد تهتم بهواياتك المفضلة، أو توقفتَ عن التحدث إلى الأصدقاء لافتقارك إلى الطاقة اللازمة للمحادثة، أو قد تشعر أيضاً بالانزعاج الدائم وتنفجر غاضباً على شريكك أو عائلتك دون قصد.

للتغلب على هذه المشاعر، ضع قائمةً بالأشياء التي تجلب لك السعادة، كالمشي لمسافات طويلة مع أفضل صديق لك، أو التنزه مع طفلك في الحديقة أو قراءة كتاب، وخصص وقتاً لممارسة هذه النشاطات أسبوعياً، واستمِر في هذه العادة حتى بعد أن تشعر أنَّك عدتَ إلى سابق عهدك.

10. استشارة المعالج النفسي:

ليست مواجهة الاحتراق الوظيفي بالأمر السهل، لا سيَّما عندما يكون له تأثير سلبي في علاقاتك الشخصية ونوعية حياتك، كما يمكن للمعالج النفسي أن يقدِّم إرشاداتٍ احترافية من خلال مساعدتك على تحديد الأسباب واستكشاف طرائق المواجهة الممكنة والتغلب على أي تحديات حياتية تؤجج الاحتراق الوظيفي.

يمكن أن يثير الاحتراق الوظيفي الشعور بالعجز ويمكن أن يؤدي أيضاً دوراً في الشعور بالاكتئاب، لذلك من الواجب التحدث مع المعالج النفسي إذا كنتَ تشعر باليأس أو كنتَ معتكر المزاج أو تنتابك هواجس إيذاء نفسك أو الآخرين.

يمكن أن تكون إعادة ضبط نفسك بعد الاحتراق الوظيفي عمليةً طويلة، ولكن عندما تقرر معالجتها، تكون قد اتخذتَ بالفعل الخطوة الأولى.

المصدر




مقالات مرتبطة