كيف تتخلص من وحدتك عندما تكون وحيداً؟

ستمرُّ حتماً لحظات تجد فيها نفسك تقضي الوقت بمفردك، مهما كان الأشخاص الذين تعرفهم كثيرين، فهنالك العديد من الأنواع المختلفة من الوحدة، ولكن عندما يكون السبب هو العزلة، يمكن أن يكون الأمر موحِشاً بشكل لا يصدق؛ فالخط الفاصل بين الجلوس وحيداً والشعور بالوحدة يمكن أن يتلاشى بسرعة مفاجئة.



لا أحد يريد أن يكون بمفرده طوال الوقت، فقد أظهرت الدراسات أنَّ البشر كائنات اجتماعية بطبيعتها، ومن ثم فنحن بحاجة إلى التفاعل مع الآخرين من أجل حياةٍ سليمةٍ.

ومع ذلك، فقد وجَدَت الدراسات أيضاً أنَّ هناك فوائد لقضاء الوقت بمفردك، حتى لو كنت أكثر شخص اجتماعي في العالم، لا يجب أن يكون قضاء بعض الوقت بمفردك أمراً يدعو للبؤس؛ إذ إنَّه يمكن أن يؤدي في الواقع إلى النمو والتفكير اللَّذَين نحن بأمس الحاجة إليهما، لكن إن لم تكن متأكداً من كيفية تحقيق أقصى استفادة من وقتك بمفردك، فأنت لست الوحيد في هذا.

فيما يلي سنشرح الطرائق التي يمكنك من خلالها الاستفادة من العزلة وسنكشف علامات الخطر المرتبطة بقضاء الكثير من الوقت وحدك.

إيجابيات العزلة:

بصرف النظر عن شخصيتك أو عملك، فيمكن أن تكون العزلة مفيدة، ويمكنك تحقيق أقصى استفادة من الجلوس وحيداً وتجنُّب الشعور بالوحدة؛ من خلال تقدير مزايا قضاء الوقت وحيداً، والتي تشمل:

1. الحصول على وقتٍ للتفكير في الذات:

يبدو أنَّ هناك دائماً شيء يجب إنجازه، فما بين حياتك المهنية، وحياتك الشخصية، والنشاطات العادية التي هي مجرد جزء من الحياة اليومية، فإنَّ إيجاد الوقت للتراجع والتفكير في الأشياء الهامة حقاً، قد يبدو مستحيلاً.

إنَّ التأمُّل الذاتي ليس شيئاً يستمتع به الجميع أو يتطلعون إليه بالضرورة، ومع هذا، فالتفكير في حياتك، دون أن تتأثر في أفكار أو آراء أي شخص آخر، هو أمر هام، خاصة إذا كنت ترغب في إجراء بعض التغييرات أو الوصول إلى أهداف جديدة.

سيساعدك التفكير النقدي في حياتك على تحديد ما يناسبك وما لا يناسبك، لكنَّ من الصعب إجراء تغيير عندما تكون مشغولاً باستمرار، عندما تأخذ نفساً، وتدرك أنَّك كنت تشعر بالتعب مؤخراً أو أنَّك لم تتمكن من متابعة الأشياء التي تحبها، فقد تجد نفسك مضطرَّاً إلى اتِّخاذ إجراء ما، سواء كنت شخصاً يستمتع بهذه العملية أم لا، فهناك قيمة هائلة يمكن العثور عليها من خلال التفكير الذاتي، وليس هناك وقت أفضل للقيام بذلك من أن تكون بمفردك.

2. استكشاف الهوايات:

يجعلك العمل وعدم الحصول على وقتٍ للمرح متعباً، ويؤدي إلى الإرهاق، نتمنى جميعاً أن يكون لدينا المزيد من الوقت لممارسة هواياتنا الشخصية، ولكنَّ تخصيص وقت تقضيه بمفردك، هو أحد أفضل الطرائق لضمان ممارسة تلك النشاطات فعليَّاً، مهما كانت تلك النشاطات، على الرغم من وجود بعض النشاطات التي من الأفضل القيام بها بصحبة الآخرين، إلا أنَّ هناك العديد من الهوايات التي ستستمتع بها أكثر عندما تكون بمفردك.

على سبيل المثال، إذا كنت تحبُّ مشاهدة أفلام مُعيَّنة لا يستمتع بها الآخرون، فربما لن ترغب في أن يجلسوا إلى جانبك ويشاهدوها معك، أو أن يخبروك باستمرار عن ملَلِهم من مشاهدة ذاك الفيلم، وإذا كنت ترغب في تجربة هواية جديدة، فقد تُفضِّل القيام بذلك بمفردك، دون وجود الآخرين ليحكموا عليك، سواء كنت تحب القراءة، أم الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية، أم الاسترخاء ومشاهدة التلفاز، فإنَّ القيام بما تحبه أمر مُرضٍ، ومن الهام المشاركة في الهوايات التي تهتم بها حقاً، حتى لو كنت وحدك.

شاهد بالفديو: كيف تتخلص من الشعور بالوحدة؟

3. تعزيز الصحة:

يؤثر الانعزال تأثيراً إيجابيَّاً في صحتك بصرف النظر عن الطريقة التي تقضي بها وقتك بمفردك، فوفقاً لدراسة أُجريت عام 2006، فإنَّ المراهقين الذين قضوا بعض الوقت وحدهم بملء إرادتهم، شهدوا تحسناً في حالتهم العاطفية، وبالنسبة إلى المراهقين، يمكن أن يكون هذا هاماً بشكل خاص؛ وذلك لأنَّ التنظيم العاطفي قد يكون صعباً في بعض الأحيان بسبب قسوة سن البلوغ والفوضى اليومية في حياة المراهقين.

ولكن بصرف النظر عن عمرك، يمكنك أيضاً الاستفادة من بعض الوقت الذي تقضيه بمفردك؛ من خلال الابتعاد عن المُحفِّزات الخارجية، يمكنك إفراغ عقلك من الأفكار السلبية وتهدئة حواسك؛ لذا إنَّ قضاء قليلاً من الوقت مع نفسك يستحق العناء من أجل صحتك العاطفية.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح لتحسين الصحة النفسية والعاطفية

سلبيات العزلة:

مثلما توجد مزايا للعزلة، فإنَّ لها أيضاً بعض العيوب، يمكن أن تشمل سلبيات العزلة ما يلي:

1. الشعور بالوحشة:

أحد أكثر عيوب العزلة وضوحاً وشيوعاً هو أنَّ البقاء بمفردك كثيراً، أو لفترات طويلة من الوقت، يمكن أن يجعلك تشعر بالانفصال عن الآخرين والعالم من حولك؛ لذا لن يكون الانعزال مفيداً على الدوام للأشخاص الميالين إلى العزلة عندما يشعرون بالقلق والتوتر، ففي بعض الأحيان، ربما لا ينبغي لنا أن نُثقِل كاهل الآخرين بـ "مشكلاتنا".

لكن منطقياً، يجب أن يكون العطاء متبادلاً في كل علاقة، سيُسعَد أصدقاؤُنا المقربون وعائلاتنا بالتحدث إلينا، وإذا لم يتمكنوا، فمن المحتمل أن يتمكنوا من التواصل معنا في وقت لاحق، وبدلاً من قضاء الكثير من الوقت في العزلة، فلا بدَّ أنَّ هناك حالات يحتاج فيها المرء إلى اللجوء إلى أصدقائه وعائلته بدلاً من الجلوس بمفرده.

في أغلب الأحيان، يُحسِّن قضاء الوقت مع الأحباء المزاج، خاصة إن كنت تشعر بالإحباط في البداية، وحتى لو لم ترغب سابقاً في أن تكون مع أي شخص، فلن تندم أبداً على قرارك بالتواصل مع الآخرين.

إقرأ أيضاً: الخوف من الوحدة وطرق علاجه

2. الإفراط في التفكير:

على الرغم من وجود اختلاف بالتأكيد بين العزلة والشعور بالوحدة، إلا أنَّ الكثير من العزلة يمكن أن يؤدي إلى الإفراط في التفكير، إنَّ التفكير في الذات بحد ذاته ليس شيئاً سيئاً، كما ذكرنا، ولكن عندما تقضي غالبية وقتك بمفردك، فمن غير المُستغرَب أن تتشتت أفكارك، وبالنسبة إلى مَن هُم عرضة للقلق، قد يؤدي هذا إلى دوامة من الأفكار المُجهِدة.

هذا يمكن أن يؤدي ببعضنا إلى تجنُّب إمضاء الوقت بمفردهم تماماً، حتى الأشخاص الذين لا يشعرون بالكثير من القلق، قد يبدؤون التفكير في أتفه جوانب حياتهم، إذا قضوا الكثير من الوقت وحدهم؛ لذا إنَّ تحليل كل جانب من جوانب حياتك ليس مفيداً، ولكن قد يكون من الصعب التوقف عن التفكير بمجرد أن تبدأ، خاصةً عندما تكون وحيداً.

في الختام:

معرفة كيفية الاستمتاع بالعزلة ليس بالأمرِ السهل دائماً، لكنَّه ممكن، فتدريجياً، يمكنك أن تتعلَّم الاستمتاع بالبقاء وحدك بين الفينة والأخرى، ويمكنك الاستفادة من كل الأشياء الجيدة التي يقدمها لك قضاء بعض الوقت بهدوءٍ وحدك.

المصدر




مقالات مرتبطة