وعلى الرغم من أنَّنا نمارس جميعاً "اجترار الأفكار" بين الفينة والأخرى إلَّا أنَّ بعض الناس يمارسونه بشكلٍ متكرّر، والأشخاص الذين يفعلون هذا مُعرّضون بشدةٍ لخطر الإصابة بأمراض الاكتئاب، واضطراب الشهية، ومشاكل عقليةٍ أخرى.
إليك 9 استراتيجيات توصي الطبيبة "نولين" ويوصي آخرون باتباعها لمواجهة الانشغال بالتفكير الزائد:
1- إدراك أنَّ اجترار الأفكار مختلفٌ عن حل المشكلات أو التخطيط:
إنَّ حلّ المشكلات والتخطيط استراتيجيتان فعالتان لمواجهة المشكلات، في حين أنَّ اجترار الأفكار يعني إعادة التفكير في المواقف، وتحليلها، وإعادة تخيّلها دون إعداد خطة عمل أو التفكير في الحل. وفي بعض الأحيان قد يكون الاعتراف بممارسة اجترار الأفكار خطوةً مفيدة للحدّ من هذا التصرف وإيجاد بديلٍ له.
2- تشتيت الانتباه:
لأنَّ اجترار الأفكار يؤثر في الإنسان تأثيراً قوياً يقترح الطبيب "إدوارد سيلباي" اختيار أنشطةٍ مثيرة جداً للاهتمام وإيجابية تبعد اهتمامك عن التفكير الزائد، كالتمارين الشاقة، أو الاستحمام بالماء الساخن، أو حلّ الكلمات المتقاطعة، أو الإمساك بمكعبٍ من الثلج (وهو اقتراحٌ يقدمه أخصائيو "العلاج السلوكي)، أو مشاهدة الأفلام المسلية، أو اللعب، أو أي نوعٍ آخر من الأنشطة الصحيّة التي ترى أنَّها مفيدة.
اقرأ أيضاً: كيف تقضي يوماً ممتعاً؟
3- التوقّف عن قَمْع الأفكار:
قد يبدو هذا غير منطقي لكنَّ بعض الأخصائيين يقولون أنَّ الجهود المبذولة لقمع أفكار معينة يمكن أن يكون لها تأثيرٌ عكسي، إذ حينما تتعامل مع الأفكار بأسلوبٍ بعيدٍ عن النقد (فتقنع نفسك أنَّه من المثير أنَّ عقلك يكرر أمراً ما عوضاً عن الشعور بالإحباط لأنَّك غير قادرٍ على التوقف عن ذلك) ربما يُقلل تكرارها ويجعلها أقل إلحاحاً. فإذا كنت تفكر في التدخين دائماً على سبيل المثال ولا تستطيع التفكير في أي شيءٍ آخر غيره قد يكون من الأفضل عوضاً عن ذلك أن تسمح لنفسك بالتفكير فيه لأنَّ هذا قد يجعلك تنساه قليلاً أو ربما يجنِّبك الشعور بالحزن على الأقل.
4- مقاومة النزوع إلى المثالية من خلال تقنيات العلاج المعرفي السلوكي:
أَتُحاكم التصرّفات التي تقوم بها في موقفٍ ما محاكمةً غير واقعية من خلال موازنتها بالتصرّفات التي تعتقد أنَّ المرء سيقوم بها في مثل هذا الموقف في الوضع المثالي؟ أتبالغ في تركيز الاهتمام على أي أخطاء بسيطة أو جوانب سلبية وتهمل في الوقت نفسه الجوانب الإيجابية؟ من الاستراتيجيات المفيدة لك إذن التفكير فيما كنت ستقوله لصديقٍ يشعر بما تشعر.
5- تخصيص وقت لاجترار الأفكار كل يوم:
توصي الطبيبة "هوكسما" بتخصيص وقتٍ (30 دقيقة مثلاً) لاجترار الأفكار، إذ يشبه هذا تمريناً طوّره الطبيب "توماس بوركوفيتش" لعلاج القلق، قد يبدو هذا غريباً لكن القصد من ذلك هو أنَّك في حال بدأت اجترار الأفكار أو ممارسة القلق في أي وقتٍ آخر من اليوم من السهل أن تتوقف عن ذلك إذا خاطبت نفسك قائلاً: "لستُ مضطراً إلى التفكير في ذلك الآن سأؤجل الأمر إلى الوقت الذي خصصته لذلك". ومن خلال تجربتي أقول إنَّ الناس حينما يُحدّدون وقتاً لممارسة اجترار الأفكار وتركيز الاهتمام على ذلك يجدون في أغلب الأحيان أنَّهم لا يستطيعون الاستمرار حتى انتهاء الوقت أو يعثرون على بعض الحلول في النهاية. يُعَدُّ هذا مغايراً لاجترار الأفكار الذي يمارسه الناس عادةً والذي يتضمن تقليب الأفكار بطريقةٍ سطحية خلال اليوم في أثناء أداء مهام أخرى.
6- محاولة التعامل مع الأفكار بطريقة مختلفة من خلال التأمّل أو الصلاة:
أجرت الطبيبة "هوكسما" مقابلاتٍ مع مجموعةٍ من الأشخاص وذكَرَت أنَّ بعض الأشخاص حوَّلوا مخاوفهم إلى طاقة من خلال اجترار الأفكار حيث يبدو أنَّ هذا يساعدهم في تقبّل المواقف والتعامل معها بأريحية، ووجد بعض العملاء الذين عملَتْ معهم أنَّ الصلاة تُعَدُّ مفيدةً، أمَّا بالنسبة إلى الأشخاص الذين يبحثون عن المزيد من الاستراتيجيات الصحية توصي الطبيبة بتجريب تمارين التأمل.
اقرأ أيضاً: فوائد الصلاة الصحية والنفسية
7- كتابة الأفكار عوضاً عن السماح لها أن تشغل عقلك:
أهم أمرٌ هو أن تشعر أنَّ الكتابة تؤدي إلى الشعور بالقوة والراحة وألَّا تكون طريقةً لممارسة المزيد من اجترار الأفكار، فإذا شعرت أنَّ الكتابة تزيد الأمور سوءً من الأفضل أن تجرّب بعض الاستراتيجيات الأخرى.
8- الحديث مع شخصٍ ما عن المشكلة من أجل الحصول على وجهة نظر جديدة:
احذر فقط من أن تمارسا اجترار الأفكار معاً (كالتوسع في مناقشة المشاكل والحديث عنها، والتنبؤ بالمشاكل، وتركيز الاهتمام على المشاعر السلبية) لأنَّ هذا يمكن أن يزيد المشكلة سوءاً.
9- التحلّي بالمشاعر الإيجابية:
قد يبدو أنَّ القيام بهذا يُعَدُّ صعباً بشكلٍ خاص حينما يكون الشخص عالقاً في دوامة اجترار الأفكار، لكن إذا كنت تستطيع العثور على طريقةٍ للإحساس ببعض المشاعر الإيجابية (كقراءة بعض المواد المسلية أو مشاهدتها أو الاستماع إلى أغانٍ تحث على التفاؤل)، ولو فترةً وجيزة، قد يساعدك هذا في التعامل مع المشكلة بأسلوبٍ مختلف أو بطريقةٍ أكثر مَرَحاً.
اقرأ أيضاً: 7 طرق لتبنّي التفكير الإيجابي كمنهج حياة
آمل أن تجد هذه النصائح مفيدةٍ للتقليل من الانشغال الزائد بالتفكير، لكن إذا كنت تشعر أنَّك مقيد أو أنَّ اجترار الأفكار يقودك إلى حزنٍ أو عجزٍ شديدين في حياتك (كتأثُّر علاقاتك، أو عملك، أو دراستك بشكلٍ سلبي) اطلب العون رجاءً من خبير صحةٍ عقلية. وقد تستمر الأفكار والذكريات أيضاً بالعودة إلى عقل الشخص بسبب حدثٍ صادمٍ عاشه وهذا قد يكون مختلفاً تماماً عن اجترار الأفكار، فإذا كان هذا هو ما تعاني منه يجب عليك أن تبحث عن مساعدة شخصٍ مختصٍّ بعلاج الصدمات تحديداً.
أضف تعليقاً