قوة التفكر: 10 استراتيجيات لتطبيق قوة التفكر في حياتك

هناك وقت مخصَّص للعمل وآخر للعب وثالث للتفكُّر، ويعرَّف التفكُّر بأنَّه التفكير العميق أو فعل النظر بشكل مدروس في شيء ما لفترة طويلة.



وعلى عكس ممارسات اليقظة الذهنية أو التأمل، فإنَّك لا تنفصل عن نفسك عندما تتفكُّر، حيث إنَّك تنخرط في التفكير سواء أكان من خلال الكلمات أم الأفكار، بينما التفكُّر هو فعل التفكير في تجربةٍ ما بدل معايشتها أو استيعابها، وما يميِّز البشر عن الحيوانات بشكل أساسي هو القدرة على التفكُّر، فمن خلالها نتعلم عن أنفسنا وحياتنا وحالتنا أيضاً.

ووفقاً لمجلة "علم النفس اليوم" (Psychology Today) والتي ذكرَت في إحدى مقالاتها: "لقد عُرِفَت قيمة التفكُّر بوصفها وسيلةً لتعزيز العافية والحكمة لمدة طويلة، بدءاً من الفيلسوف اليوناني "أفلاطون" إلى أجداد علم النفس الحديث "ويليام جيمس" (William James) و"ويلهِلم وندت" (Wilhelm Wundt)".

ويتمنى أولئك الذين يُصَنَّفون من الناس الذين يحبون الإنجاز؛ أي الطموحين والمنظَّمين بشكل حازم، والذين يتحملون فوق طاقتهم، ويحبون مساعدة الناس والمهووسين بإدارة الوقت، لو أدركوا فائدة التوقف والتفكُّر في أنفسهم أو حياتهم أو حتى عملهم؛ لأنَّ تفكيرهم ينصبُّ على فكرة أنَّهم يضيعون وقتهم إذا لم يحرزوا تقدُّماً؛ ولذا فقد تفيد بعض هذه النقاط التي سنذكرها في هذا المقال.

الفوائد الرئيسة الثلاث التي تتحقق من التفكُّر:

1. معرفة نفسك:

لا يملك معظم الناس الوعي الذاتي الكافي، فهُم مشغولون للغاية، بينما يفضِّل آخرون تشتيت انتباههم بدلاً من استثمار الوقت في التفكُّر.

وهناك الكثير لتتعلمه عن نفسك حين تأخذ بضع دقائق يومياً للتفكُّر في يومك والخيارات التي اتخذتَها؛ بل يمكِنها أن تساعدك على مواجهة مخاوفك أو إعادة تعريف حياتك، وعندما تعرف نفسك أكثر، تستطيع وضع خطط أفضل والتي تستثمر فيها نقاط قوَّتك وتتجنب نقاط ضعفك؛ وبالتالي تعزز حياتك.

2. التعلُّم من ماضيك:

إذا نظرتَ إلى أكبر الأخطاء التي ارتكبتَها في حياتك، فستجد أنَّها متشابهة بشكل مدهش؛ لذا يسمح لك التفكُّر بأن تلاحظ الأنماط السلبية في حياتك؛ مثلاً ربما كنتَ تصرف أموالك بينما لا تستطيع تكلُّف نفقات معيشتك، أو تتورط مع أحد، أو ربما تتخذ قرارات سيئة للابتعاد عن التوتر، وإذا ما أخذتَ الوقت اللازم لمراجعة هذه الأخطاء، فربما تكررهم مستقبلاً، وبذلك يكون التفكُّر في الماضي هو ما يساعدك على تحديد ما هو نافع لك واستخدامه لمصلحتك.

إقرأ أيضاً: 9 خطوات تساعدك على التعلم من أخطاء الماضي

3. اتخاذ إجراءات ذكية ومدروسة:

عندما تتخذ منحىً عملياً في الحياة، فقد تظن أنَّ التفكير ما هو إلا مضيعة للوقت، إلا أنَّه من المفيد أن تقضي بعض الوقت في التفكير ووضع الاستراتيجيات والتفكير فيما تريد إنجازه لنفسك في الواقع.

وحتى لو كانت لديك فكرة عن وجهتك، عليك التفكير باستمرار لتضمن بقاءك على طريق النجاح وعندها ستتجلى البهجة والسلام بشكل أكبر في حياتك.

الأداة الأساسية للتغيير:

يمكِن أن يكون التفكُّر مجزياً للغاية، حيث يمكِنك استخدام خبراتك ومعرفتك لاكتشاف مسارات أكثر فاعلية في الحياة؛ لأنَّك ستكتشف نفسك وتواجه التحديات، وبذلك تصبح نسخةً أقوى من نفسك، كما يمكِن أن يكون التفكُّر أداةً فعَّالةً للتغيير، حيث تستطيع الاختيار لتحصل على نتائج مختلفة في حياتك، وكل ما يتطلبه الأمر هو التفكير الموجَّه لتصفية ذهنك والاسترخاء وإيجاد السلام والفرح الذي تتوق إليهما.

10 استراتيجيات لتطبيق قوة التفكُّر في حياتك:

1. منح الأولوية للتفكُّر:

إذا كنتَ من الأشخاص الطموحين، فعلى الأغلب أنَّك شخص مشغول، ولن تجد وقتاً للتفكُّر باستمرار إذا لم تجعله أولويةً لديك؛ لذا حدِّد بعض الوقت للتفكُّر، وعندها ستتعلم الكثير عندما تأخذ الوقت الكافي لتعيد النظر في حياتك.

إقرأ أيضاً: التفكر الذاتي: 5 طرق للتأمل والعيش بسعادة

2. تخطيط الوقت والهدف:

إنَّك تملك على الأرجح وقتاً محدَّداً لتناول الوجبات والنوم ومشاهدة التلفاز؛ لذا فمن المهم اختيار وقت محدَّد أيضاً للتفكُّر؛ لأنَّك إذا لم تخصِّص وقتاً له في جدولك اليومي، فلن تفعله من تلقاء نفسك.

قبل أن تبدأ، ضع خطةً لكيفية استثمار وقت التفكُّر الخاص بك، وإلا ستجد نفسك تحدِّق في النافذة، وتعيش أحلام اليقظة.

3. التحقق من يومك:

اسأل نفسك: "ما هي الأشياء التي سارت على ما يرام في هذا اليوم؟ وما الذي جلب السعادة إليَّ؟ وما هي الأشياء التي أشعر بالامتنان لها؟ وما الذي لم يجرِ وفق الخطة؟ وكيف يمكِنني أن أتقبل ذلك برحابة صدر؟ وكيف أستثمر ما تعلمتُه اليوم للمضي قدماً؟ وما هي الإجراءات المحدَّدة التي أرغب في اتخاذها؟ وكيف أجلب مزيداً من السعادة إلى حياتي؟

4. مواجهة التحديات:

اسأل نفسك: "ما هي التحديات التي أواجهها في حياتي؟ وهل أنظر إليها على أنَّها مشكلات أم فرص؟ وكيف أستطيع تغيير تفكيري لأرى المشكلات بكونها فرصاً للتعلم؟ وما الذي قادني إلى هذه النقطة؟ وما هي تأثيرات هذه التحديات في حياتي؟

5. التفكير في كيفية المضي قدماً:

اسأل نفسك: ما هي الخطوات الممكنة التي يمكِن اتخاذها لمواجهة التحديات في حياتي؟ وماذا يمكِنني أن أفعل الآن؟ وكيف يمكِنني المضي قدماً بنظرة تفاؤلية؟ لذا فبدلاً من أن تصرف انتباهك عن تحدياتك، انظر إليها على أنَّها فرص، ثمَّ يمكِن أن تختار التعامل معها بنظرة تفاؤلية ومنطلَق جديد.

6. البحث عن الأجوبة:

ربما تكون في تشتُّت بسبب شعورك بعدم الأمان في علاقاتك أو قد تكون لديك مشكلات من الطفولة لم تعالجها بعد، فمثلاً يمكِن أن تستثمر وقت التفكُّر لمعرفة سبب إنفاقك الكثير من المال، وعندما تركز انتباهك على سؤال محدَّد، فعلى الأرجح أنَّ احتمال إيجادك للأجوبة سيزداد.

7. استخدام عبارات التشجيع:

اكتب قائمةً من عبارات التشجيع التي تؤكد ما تريد تحقيقه وما تريد أن تصبح عليه في حياتك، واكتبها باستخدام الزمن الحاضر؛ لأنَّه من المهم التركيز على الأشياء التي تحدث الآن والتي ستؤدي إلى نجاحك في المستقبل، وتأكد من استخدام ضمير المتكلم في كل بنود القائمة، كأن تكتب: أنا ماهر في وظيفتي.

قد تدور بعض الكلمات في رأسك مثل: "لكنَّك أخفقتَ في فعل هذا الأمر اليوم" أو "لم تنجز شيئاً قبل بضعة أيام"؛ ولذا عليك إلغاء هذه الأفكار السلبية فور مراودتها لك، وقد تستغرق بعض الوقت لاعتياد التفكير الإيجابي، لكنَّه سيكون وقتاً مثمراً.

إنَّ تكرار عبارات التشجيع بصوت عالٍ يُعيد برمجة عقلك بأفكار إيجابية.

8. الاسترخاء:

يمكِنك أن تخصص بضع دقائق لأخذ استراحة إذا كنتَ دائم الانشغال؛ لأنَّه من الهام أن تريح عقلك وجسدك بشكل يومي، وليس هناك من معالج أفضل من الراحة لبعض الوقت.

شاهد بالفيديو: 6 طرق لتصفية ذهنك

9. الكتابة والتفكير:

أولاً، عليك شراء مفكرة وتدوين يومياتك فيها، حيث يمكِنك البدء بذكر الأحداث الإيجابية التي مرَّت معك في هذا اليوم وبعدها توجيه سؤال لنفسك دون أن تجيب عنه؛ بل تأمله وفكِّر فيه بعمق، واكتب الإجابة في اليوم التالي في يومياتك.

10. التخيل الإبداعي:

تُعَدُّ من أمتع الطرائق للتعبير عن الذات، حيث يمكِنك البدء بتخصيص صندوق لكتابة آمالك وأحلامك أو صنع لوحة رؤىً ووضع الصور والكلمات التي تمثلك في ذاك الصندوق أو إلصاقها على اللوحة، وكلما تضمَّنَت تفاصيل أكثر كان ذلك أفضل، وليس هناك من حدود لتلك التخيلات.

في الختام:

لا تتمحور الحياة حول الذهاب إلى العمل ومشاهدة التلفاز وقضاء الوقت مع الأسرة وملاحقة أهدافك فحسب، فعندما تمارس التفكُّر العميق، قد تعيش حياةً ملؤها السلام وتستمر في التطور كل يوم، وقد تندهش من الفرق الذي تُحدِثه 15 دقيقةً من التفكير كل يوم.

تستطيع اختيار وقت التفكُّر متى شئت، ويمكِنك التفكير في طفولتك أو في معنى الحياة أو ربما التفكُّر في السنة الماضية والتخطيط للمستقبل، بل وتستطيع تعزيز قدرتك على التركيز، وهذا وقتك الخاص؛ لذا استثمِره كيفما شئت.

يُعَدُّ التفكُّر أداةً مفيدةً يمكِنك ممارستها والتعلم من خلالها مجاناً؛ إذ تخيَّل أن تكون قادراً على التأثير في نقاط قوَّتك وتقليل نقاط ضعفك وتجنب تكرار أخطائك.

إنَّ جلسةً من التفكُّر كل يوم تساعدك على أن تصبح أفضل نسخة من نفسك، ومع مرور الوقت يمكِن للتفكُّر أن يمكِّنك من تحقيق السلام والبهجة التي تستحقها، فلتتفكَّر.

المصدر




مقالات مرتبطة