فقر الدم عند المرأة الحامل: الأسباب والأعراض وسبل العلاج

قد تصاب المرأة الحامل بفقر الدم في أثناء الحمل؛ ويعني ذلك عدم احتواء الدم على عدد كافٍ من كريات الدم الحمراء السليمة لإيصال الأوكسجين الضروري إلى أعضاء الجسم وإلى الجنين.



قد يقوم الجسم خلال الحمل بإنتاج كميات إضافية من الدم لدعم نمو الجنين داخل الرحم، وفي حال عدم تناول ما يكفي من الحديد وغيره من العناصر الغذائية، لن يتمكن الجسم من إنتاج الكميات المطلوبة من كريات الدم الحمراء لتأمين الدم الإضافي خلال فترة الحمل.

تجدر الإشارة إلى أنَّه من الطبيعي وجود فقر دم خفيف خلال الحمل، إلا أنَّ المرأة قد تعاني من درجة أشد لفقر الدم؛ وذلك بسبب انخفاض مستويات الحديد أو الفيتامينات أو نتيجة لأسباب أخرى.

من علامات فقر الدم على الشعور بالتعب والضعف طوال الوقت، وفي حال عدم علاج الدرجة الشديدة منه، قد تزداد خطورة الإصابة بمضاعفات خطرة، كالولادة المبكرة؛ أي ولادة الطفل قبل إتمام 37 أسبوعاً حملياً؛ إذ يُسمى الطفل عندها بالخديج.

أنواع فقر الدم خلال فترة الحمل:

قد تتطوَّر عدة أنماط لفقر الدم خلال الحمل، وتتضمَّن:

  1. فقر الدم الناجم عن عوز الحديد.
  2. فقر الدم الناجم عن عوز الفولات، وهو الفيتامين B9
  3. فقر الدم الناجم عن عوز الفيتامين B12

يحدث فقر الدم الناجم عن عوز الحديد عند عدم تناول كميات كافية من الحديد؛ الأمر الذي يؤدي إلى نقص مخزون الحديد في الجسم، ومن ثمَّ عدم قدرة الجسم على إنتاج كميات كافية من الهيموغلوبين - البروتين الغني بالحديد الموجود داخل الكرية الحمراء، والمسؤول عن حمل الأوكسجين بالارتباط به انطلاقاً من الرئتين نحو باقي أعضاء الجسم - ومن ثمَّ لا يتمكن الدم من إيصال ما يكفي من الأوكسجين لسدِّ حاجة الأنسجة في الجسم؛ إذ يُعَدُّ عوز الحديد السبب الأشيع لفقر الدم الذي يحدث خلال الحمل.

أمَّا بالنسبة إلى فقر الدم الناجم عن عوز حمض الفوليك، فالفولات هي الفيتامين الموجود طبيعياً في أنواع معيَّنة من الأطعمة مثل الخضار الورقية الخضراء، وهو ينتمي إلى مجموعة الفيتامينات B ويُدعى بالفيتامين B9؛ إذ يستخدم الجسم الفولات في إنتاج خلايا جديدة، ومن ضمنها كريات الدم الحمراء السليمة.

تزداد حاجة المرأة الحامل إلى الفولات في أثناء الحمل، لكنَّها أحياناً لا تحصل على ما يكفيها منها عن طريق الغذاء الذي تتناوله، ومن ثمَّ لا يتمكن الجسم من إنتاج عدد كافٍ من كريات الدم الحمراء الطبيعية لنقل الأوكسجين إلى الأنسجة؛ لذلك، صُنِّعت المتممات الغذائية الحاوية على الفولات، التي تُدعى حمض الفوليك.

يمكن أن يؤدي نقص الفولات على نحو مباشر إلى حدوث بعض أنواع التشوهات الخلقية؛ مثل شذوذات الأنبوب العصبي أو ما يُعرَف بالسنسنة المشقوقة - عيب خلقي ينجم عن انغلاق غير تام للأنبوب العصبي مع بقاء بعض الفقرات مفتوحةً وغير ملتحمة؛ وهذا يؤدي إلى بروز جزء من الحبل الشوكي من خلالها؛ إذ يمكن إغلاقها جراحياً بعد الولادة، لكن لا يمكن علاج الأذية العصبية الناجمة عنها - وانخفاض وزن الطفل عند الولادة.

وبالنسبة إلى فقر الدم الناجم عن عوز الفيتامين B12، يحتاج الجسم البشري إلى الفيتامين B12 لتشكيل كريات دم حمراء سليمة؛ لذا عندما لا تحصل المرأة الحامل على كفايتها من الفيتامين B12 من خلال الأغذية التي تتناولها، فإنَّ جسمها لا يتمكن من إنتاج ما يكفي من الكريات الحمراء السليمة.

تزداد خطورة الإصابة بنقص الفيتامين B12 لدى النساء اللواتي لا يتناولن اللحوم والدجاج ومنتجات الألبان والبيض في نظامهن الغذائي؛ وهذا قد يساهم في حدوث التشوهات الخلقية لدى الطفل كشذوذات الأنبوب العصبي، كما قد يؤدي عوز الفيتامين B12 إلى إصابة المرأة بالمخاض الباكر؛ أي إصابة الأم بتقلصات رحمية فعَّالة باكرة بين الأسبوع 24 والأسبوع 37 من الحمل، وهي حالة تستدعي القبول في المستشفى لإيقاف المخاض وتجنُّب حدوث الولادة الباكرة.

تجدر الإشارة أيضاً إلى أنَّ النزف وفقدان الدم خلال عملية الولادة وفي الفترة التي تليها، يمكن أن يسبِّب الإصابة بفقر الدم.

عوامل الخطورة للإصابة بفقر الدم خلال الحمل:

إنَّ جميع النساء الحوامل معرَّضات لخطر الإصابة بفقر الدم؛ وذلك بسبب حاجتهنَّ إلى كميات من الحديد وحمض الفوليك أكثر من الإنسان البالغ العادي، إلا أنَّ خطورة الإصابة بفقر الدم الحملي تزداد في الحالات الآتية:

  1. الحمل التوأمي؛ أي الحمل بأكثر من جنين واحد.
  2. الحمل لمرتين متتاليتين خلال فترات متقاربة.
  3. الإقياء المتعدِّد بسبب الغثيان الصباحي؛ وهو حالة من عدم الارتياح تصيب النساء الحوامل في الساعات الأولى من الصباح، وغالباً ما تنتهي عند معظمهن في الأسبوع 12 من الحمل.
  4. الحمل في سن المراهقة.
  5. عدم تناول الأغذية الحاوية على الحديد بكميات كافية.
  6. إصابة المرأة بفقر الدم قبل حدوث الحمل.

شاهد: أضرار ارتداء الملابس الضيقة خلال الحمل

أعراض فقر الدم خلال الحمل:

تشمل الأعراض الأكثر شيوعاً لفقر الدم خلال الحمل:

  1. شحوب الجلد والشفاه والأظافر.
  2. الشعور بالتعب أو الضعف والإرهاق.
  3. الدوخة أو الدوار.
  4. ضيق التنفس.
  5. تسرُّع ضربات القلب.
  6. مشكلات في التركيز.

قد لا تظهر لدى المرأة الحامل أعراض واضحة في المراحل الباكرة من فقر الدم، كما تُعَدُّ كثيرٌ من أعراض فقر الدم السابقة مظاهر تحدث خلال الحمل الطبيعي من دون الإصابة بفقر الدم؛ لذلك، ينبغي القيام بفحوصات دموية روتينية للتحقق من الإصابة بفقر الدم عند زيارة الطبيب ما قبل الولادة.

مخاطر فقر الدم خلال الحمل:

عند الإصابة بالدرجة الشديدة من فقر الدم الناجم عن عوز الحديد خلال الحمل أو عند تركه دون علاج، تزداد خطورة حدوث الآتي:

  1. الطفل الخديج أو نقص في وزن الطفل المولود.
  2. الحاجة إلى نقل الدم؛ وذلك في حال خسارة كمية هائلة من الدم في أثناء عملية الولادة.
  3. إصابة الأم باكتئاب ما بعد الولادة.
  4. ولادة طفل مصاب بفقر الدم.
  5. إصابة الطفل بتأخر النمو في المراحل المتقدمة من حياته.

يمكن لعوز الفولات غير المُعالج أن يزيد خطورة الإصابة بالآتي:

  1. الطفل الخديج أو نقص في وزن الطفل المولود.
  2. ولادة طفل مصاب بتشوه خلقي خطير في العمود الفقري أو الدماغ؛ أي عيوب في الأنبوب العصبي.

كما يمكن لنقص الفيتامين B12 غير المُعالج أن يزيد أيضاً من خطر ولادة طفل مصاب بعيوب في الأنبوب العصبي.

الاختبارات اللازمة للكشف عن فقر الدم:

يطلب الطبيب خلال الزيارة الأولى للمرأة الحامل قبل الولادة إجراء اختبار دموي للتحقق من إصابتها بفقر الدم؛ إذ تتضمَّن الفحوصات الدموية عادةً:

  1. اختبار الهيموغلوبين، الذي يقيس كمية الهيموغلوبين داخل مجموع الكريات الحمراء في الجسم.
  2. اختبار الهيماتوكريت، الذي يقيس النسبة المئوية لكريات الدم الحمراء في عيِّنة مأخوذة من الدم.

في حال انخفاض مستويات الهيموغلوبين أو الهيماتوكريت لديكِ عن المستوى الطبيعي، فربَّما أنتِ تعانين من فقر الدم الناجم عن عوز الحديد؛ لذا قد يطلب الطبيب حينها إجراء مزيد من الفحوصات الدموية لكِ لتحديد إصابتك بنقص الحديد أو غيره من أسباب فقر الدم.

حتى في حال عدم إصابتكِ بفقر الدم في بداية حملك، فإنَّ الطبيب سيقوم على الأرجح بطلب فحوصات دموية إضافية لتحرِّي فقر الدم خلال الثلث الثاني أو الثالث من الحمل.

شاهد أيضاً: 8 أطعمة ممنوعة خلال فترة الحمل

علاج فقر الدم:

يجب عليكِ عند ثبوت إصابتك بفقر الدم خلال الحمل، البدء بتناول المكملات الغذائية الحاوية على الحديد وحمض الفوليك، بالإضافة إلى فيتاميناتك الحملية الأخرى، وكذلك قد يطلب منكِ الطبيب إضافة مزيد من المواد الغذائية الغنية بالحديد والفولات إلى نظامك الغذائي اليومي، وإعادة إجراء الاختبار الدموي بعد فترة زمنية معيَّنة للتحقق من تحسن مستويات الهيموغلوبين والهيماتوكريت لديكِ، أو تناول متمِّم غذائي للفيتامين B12 لعلاج عوز الفيتامين B12.

قد يوصي طبيبكِ بإضافة مزيد من المنتجات الحيوانية إلى نظامك الغذائي، كاللحوم والبيض ومنتجات الألبان، وقد يحيلكِ طبيب التوليد إلى استشارة مختص بأمراض الدم ليتابع حالتك خلال الحمل ويساعد طبيبكِ في علاج فقر الدم.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح للحفاظ على الجنين في المراحل الأولى من الحمل

الوقاية من فقر الدم:

للوقاية من الإصابة بفقر الدم خلال الحمل، تأكَّدي من أخذ كفايتكِ من الحديد، وتناول وجبات غذائية متوازنة العناصر، وإدخال مزيد من الأطعمة الغنية بالحديد إلى نظامك الغذائي، واحرصي على تناول ثلاث حصص يومية على الأقل من الأطعمة الغنية بالحديد، ومن أمثلتها:

  1. اللحوم الحمراء الخالية من الدهون، والدجاج والسمك.
  2. الخضراوات الورقية الخضراء الداكنة، ومنها السبانخ والقرنبيط الأخضر والكرنب.
  3. الحبوب الغذائية المُعزَّزة بالحديد.
  4. الفاصولياء والعدس والتوفو؛ وهو نوع من الجُبن النباتي المُصنَّع من حليب الصويا، وقد تُستخدم في صناعته البازلاء والجوز.
  5. المكسَّرات والبذور.
  6. البيض.

كما يمكن للأغذية الحاوية على نسب عالية من الفيتامين C أن تساعد على زيادة امتصاص الجسم للحديد، ومن ثمَّ ارتفاع نسبة الحديد فيه، ومنها:

  1. الحمضيات والعصائر.
  2. الفراولة.
  3. الكيوي.
  4. الطماطم.
  5. الفلفل الحلو أو الفليفلة.

احرصي على تناول هذه الأطعمة مع الأغذية الغنية بالحديد في نفس الوقت، مثلاً، يمكنك شرب كأس من عصير البرتقال وتناول الحبوب المُدعَّمة بالحديد كوجبة إفطار، وكذلك عليكِ الإكثار من تناول الأطعمة الغنية بالفولات لمنع الإصابة بنقص الفولات، ومن هذه الأطعمة:

  1. الخضراوات الورقية الخضراء.
  2. الحمضيات والعصائر.
  3. الفاصولياء المُجفَّفة.
  4. الخبز والحبوب المُدعَّمة بحمض الفوليك.
إقرأ أيضاً: أفضل 15 نوعاً من الأطعمة الغنية بالكالسيوم

في الختام:

ينبغي الالتزام بتعليمات الطبيب المتعلقة بتناول الفيتامينات الحملية الحاوية على كمية كافية من الحديد وحمض الفوليك، وتجدر الإشارة إلى أنَّه ينبغي للنساء النباتيات أو اللواتي يتَّبعن النباتية الصرفة، استشارة الطبيب فيما يتعلق بتناول متمِّم غذائي للفيتامين B12 خلال فترة الحمل والإرضاع.

المصدر




مقالات مرتبطة