1- التأمل يُعَدُّ مفيداً في كل شيء:
فوائد التأمل معروفةٌ منذ وقتٍ طويل، إذ إنَّه يصنع مستوىً عالياً من الراحة الذهنية يمنح الأم والطفل شعوراً قوياً بالهدوء في أثناء فترة الحمل والولادة. وحينما تمارسينه بشكلٍ يومي تنشأ لديك مساحة من الشعور بالسكينة الداخلية والثقة بالنفس، وهذا يجعلكِ تتعلمين ويجعل جنينك يتعلم تجنُّب التعامل بشكلٍ سلبيٍّ مع الظروف العصيبة. ويُعَدُّ التأمل الطريقة الأسلم والأكثر فعالية لتخفيف الضغط والقلق دون اللجوء إلى الأدوية وبالتالي تَعَافي الجهاز المناعي لدى كلٍّ من الأم وطفلها وتقويته.
وفي الأسبوع الثاني والثلاثين من الحمل تنقل المشيمة الهرمونات من دم الأم إلى البيئة التي تشكل الجنين، ويعتمد الجنين على الأم في ضمان سلامة تلك البيئة من خلال مَدِّها بالهرمونات. يقلل التأمل إفراز هرمونَي الكورتيزول والأدرينالين اللذين يسببان الشعور بالضغط ويرسل إشاراتٍ إلى الجنين مفادها أنَّه في وضعٍ آمنٍ ومَحمي. تُعَدُّ هذه العملية بالغة الأهمية لأنَّها تجعل الطفل يشعر إمَّا بالهدوء وإمَّا بالقلق. تؤدي ممارسة التأمل أيضاً إلى إفراز هرمون المتعة، الإندروفين، الذي يساعد في تهيئة المرأة للوالدة بفضل تأثيره المخفف للألم، هذا التأثير يتعزز مع مرور الوقت لذلك كلما بدأْتِ ممارسة التأمل في مراحل الحمل المبكرة، ارتفعَتْ مستويات الإندورفين لديكِ بشكل أكبر حينما يحين موعد الولادة.
يخفِّض التأمل مستويات ضغط الدم ومعدل ضربات القلب وهذا يقلل خطر الإصابة بـ "ما قبل تسمم الحمل" (preeclampsia)، وانفصال المشيمة المبكر (placental abruption)، والإجهاض التلقائي (miscarriage)، والولادة المبكرة ويعزز علاقاتكِ مع الأشخاص العزيزين على قلبكِ. ويزيد التأمل أيضاً إفراز حليب الثدي الذي يُعَدُّ مهماً لنمو الطفل في أولى مراحل حياته، حيث يساعده في النوم بشكلٍ جيد، ويجنِّبه الإصابة بالمغص وسرعة الاهتياج، ويُجنِّبه التعرُّض للتحسس والأمراض، ويعزز قدرته على تحمل الشعور بعدم الارتياح، ويطور مهاراته في تهدئة نفسه وحده.
2- تهيئة العقل:
قال "لويس باستور" في إحدى المرات: "الحظ يُفَضّل العقل المُسْتَعِدّ". الأفكار لا تظهر فجأةً بل هي نِتاج الاستعداد، فاسعي إلى اكتساب مزيدٍ من الثقافة بحيث تتمكنين من اتخاذ القرار المناسب حينما يحين موعد اتخاذ القرارات. على كل المُراجِعات أن يحضروا مع أزواجهنَّ دوراتٍ في الولادة والإرضاع حتى يعرفوا الأمور التي يُتوقَّع منهم أن يفعلوها، إذ كلما كنتِ أكثر اطلاعاً ازددْتِ قوةً وشعوراً بالاسترخاء في أثناء الولادة، فالخوف من المجهول يسبب الألم، والألم يثير مزيداً من الخوف، والخوف يؤدي إلى الشعور بالألم في أثناء المخاض. اطرحي الكثير من الأسئلة في أثناء المواعيد التي تسبق الولادة، واختاري طبيباً يمنحكِ رعايةً تنمُّ عن تعاطفه واهتمامه الخاص ويجمعك به رابطٌ قويٌّ من الثقة، وعوضاً عن تركيز الاهتمام على "الولادة المثالية" اجمعي معلوماتٍ حول مختلف نتائج الولادة واختاري كيف تريدين التعامل مع مختلف الاحتمالات.
3- الاسترخاء:
الاسترخاء هو أفضل هديةٍ يمكنك أن تقدميها لطفلك. ركزي الاهتمام على الحصول على فرصة التمتع بالصحة العاطفية ولا تكتفي بمنح اهتمامكِ للتفاصيل الخارجية المرتبطة بتنظيم فترة الحمل، بل اهتمي أيضاً بالاستعداد النفسي لهذه الفترة، وحاولي ألَّا تجعلي يومكِ مكتظاً بالمواعيد وخصصي لنفسكِ بعض الوقت. ترى معظم النساء أنَّ الفترة الأخيرة من الحمل هي أكثر الفترات إرهاقاً وإثارةٍ للشعور بعدم الارتياح، ويجب عليكِ أن تراعي حالة الضعف التي تعانين منها خلال تلك الفترة، فخذي غفوةً قصيرة خلال فترة بعد الظهر، وغيري عاداتكِ في ممارسة التمارين الرياضية، وخصصي وقتاً للاسترخاء والتواصل مع نفسك، وزوجكِ، وطفلك. ستتيح لك الأوقات الهادئة التركيز، وشرب الماء، وأخذ قسطٍ من الراحة، وهذا سيقلل خطر التقلصات التي تسبق الولادة، ويعتني بالتورمات، ويساعدك في الدخول إلى فترة الولادة وأنت مفعمةٌ بالطاقة، ويرسل إشارات الشعور بالأمان والهدوء إلى الطفل عند استعداده لدخول العالم.
4- عدم الالتزام بالخطط:
لقد أجريْتُ آلاف عمليات الولادة إلَّا أنَّ كل قصةٍ من قصص الحمل والولادة تُعَدُّ مميزةً وخاصة، لذلك قد يؤدي وضع خطةٍ مكتوبة للتعامل مع فترة الولادة إلى ظهور توقعات غير واقعية، لأنَّ الحقيقة تقول إنَّنا لا نستطيع وضع خطةٍ تنظم عملية الولادة، فنحن لا نستطيع التحكم بتوقيتها، أو بحجم الألم الذي تستطيع الأم تحمله، أو بطول المخاض، أو بحجم رأس الجنين ووجهته، أو بالتقلصات، أو بمدى تحمل الطفل للمخاض. ما يمكننا التحكم به هو طريقة التعامل مع الأحداث غير المتوقعة ومع المشاعر التي تنتابنا تجاه ما يحصل. على الأم أن تضع "قائمة أُمنياتٍ" تتضمن الأمور التي تتمنى أن تُراعى في أثناء فترة الحمل. الخطة هي نفسها دائماً: ولادة طفل سليم بأأمن طريقة ممكنة.
5- التدرُّب:
لن يتحمَّل أحدٌ الجري مسافة 26.2 ميلاً دون أن يُكرِّس شهوراً لإجراء تدريبات صارمة، وكذلك في أثناء فترة الحمل تُعَدُّ اللياقة عاملاً مهماً جداً إذ تساعد التمارين الرياضية في تخفيف آلام الظهر، وتقي من الإصابة بالسكري، وتعزز مستويات الطاقة، وتقلل الضغط، وتحسِّن المزاج، وتزيد قوة العضلات، وصلابتها وقدرتها على التحمل، وتزيد جودة النوم، وتساعد في التأقلم مع المتطلبات الجسدية للولادة. حينما كانت إحدى السيدات "لوسيندا" في فترة المخاض كانت تُشَبِّه كل تقلصٍ تحس به بتمرينٍ رياضي وقد بذلَتْ أقصى طاقاتها الذهنية والبدنية في أثناء معاناتها من التقلصات. وكانت الفترة الزمنية التي تفصل التقلصات بعضها عن الآخر بمنزلة متنفَّسٍ لاستعادة الطاقة الذهنية، والتقاط الأنفاس، والحصول على قسطٍ من الراحة على المستوَيْن الذهني والجسدي، والحصول على فرصة لاستعادة القوة والبدء مرةً أخرى. وقد كان زوجها وأكبر مناصريها "آندي" إلى جانبها يقدم لها الحب، والدعم، والتشجيع وهذا أدى دوراً أساسياً في نجاح ولادتها.
6- تقبُّل الألم:
الألم لا يعني فقط عدم شعور الجسد بالارتياح بل هو تجربةٌ يخوضها العقل أيضاً وترقُّب الألم يؤدي إلى الشعور بألمٍ ذهنيٍّ لا داعي له. في المقابل يتيح التصرف بشكلٍ عقلانيٍّ في أثناء الولادة التعامل مع المخاض بوصفه إحساساً جسدياً حادَّاً يظهر ويشتد ثمَّ يزول. سيمنحكِ استخدام التأمل للحفاظ على التركيز في أثناء الولادة قوةً ذهنيةً وبدنية لتحقيق نتيجةٍ ناجحة، والقبول بفكرة أنَّ الألم المادي الذي يُحِسُّ جسدكِ به هو رحلةٌ مقدسةٌ وخارقة يمكن أن يغير شكل الولادة. نشجع المُراجِعات على البقاء في المنزل أطول فترةٍ ممكنة لأنَّ المخاض يمكن أن يمتد ساعاتٍ، وأفضل مكانٍ للسيطرة على الألم هو الأجواء المريحة والمألوفة. وتذكري أنَّ طلب الحصول على مسكِّناتٍ للألم لا يُعَدُّ إخفاقاً، والاضطرار إلى إجراء عملية قيصرية حتى لو لم يكن مخططاً لذلك ليس مبرراً للشعور بالندم إذا كانت النتيجة النهائية طفلاً صحيحاً بين ذراعيكِ. ولا داعي للقلق من التخدير الموضعي فكوني مرنةً.
7- ضبط المشهد:
تُعَدُّ الأجواء المظلمة والهادئة أجواءً مثاليةً في المخاض بالنسبة إلى معظم النساء لذا اطلبي من الممرضة أو من زوجكِ أن تخفف أو أن يخفف من شدة الإضاءة، وأن تقلل أو يقلل من الضجيج. الأشياء البسيطة هي التي تُحْدِثُ الفرق كالوسادة المفضلة، أو زوج الجوارب المفضل، أو الرائحة المفضلة حيث يُعَدُّ العلاج بالروائح، لا سيما رائحة اللافيندر، ذو تأثيرٍ مهدِّئٍ جدَّاً في أثناء المخاض، ويمكن أيضاً للأغراض الشخصية الموجودة في المنزل كالصور، أو التذكارات، أو الشموع، أن تجلب معها الحب عند إحضارها إلى غرفة العمليات، وتُعَدُّ الموسيقا مفيدةً دائماً حتى لو كنتِ ستُجْرين عمليةً قيصرية. هذه العملية هي عيد ميلاد فاستمتعي وكوني شاهدةً على معجزة الولادة.
8- لا فائدة من الانتظار:
شَعَرَتْ إحدى المراجِعات مرةً بالإحباط لأنَّ الرحم لم يتوسع إلَّا بمقدار 3 سنتيمتر بعد ساعاتٍ من المخاض، فسألها الطبيب بنبرةٍ مَرِحة ما إذا كان لديها موعدٌ آخر في مكانٍ ما! وطلب منها أن تتوقف عن النظر إلى الساعة وقال لها أنَّ رحلةً طويلةً تنتظرها. ركزي اهتمامكِ على اللحظة التي تعيشينها وأنت تلدين طفلكِ، خذي نفساً عميقاً ولا تفكري في الوقت أو المواعيد النهائية. حينما يتسع الرحم لدى النساء المُقبِلات على الولادة اتساعاً كاملاً (10 سنتيمتر) يُطلب منهنّ أن يسترخين عدة ساعات وألَّا يضغطن على أنفسهن، إذ إنَّ الجاذبية، والوقت، والتقلصات ستتكفل بإخراج الطفل إلى قناة الولادة ريثما يشعرن بضغطاتٍ حادة ورغبةٍ في دفع الطفل إلى الخارج، إذ كلما بذلْتِ جهداً أقل في الضغط كان شعورك بالإرهاق أقل وكانت الانتفاخات أقل حدة والألم أخف.
9- إظهار الدعم للزوجة:
تُعَدُّ مشاهدة الطفل في أثناء الولادة واحدةً من أروع اللحظات في الحياة، والزوج الذي يُقَدّم الدّعم لزوجته يمكنه أن يكون أفضل مصدرٍ للاسترخاء والهدوء بالنسبة إليها، لذلك نشجع الأزواج على المشاركة بشكلٍ كاملٍ في رحلة الولادة من خلال حضور المواعيد التي تسبق الولادة، ودروس الولادة والإرضاع، وطرح الأسئلة، وممارسة أدوارهم بشكلٍ فعال. إنَّ التواصل مع الزوجة والطفل في هذا الوقت سيكون له تأثيرٌ سحري وكلما كانت علاقتك معهما أقوى قبل الولادة كانت مشاركتك أكثر إيجابية.
10- النظر إلى الموقف نظرةً عامة:
الهدف الأهم في عملية الولادة هو أن يكون الطفل سليماً فلا تنسي هذا الهدف أو تتجاهلي أهميته. ثقي بتوجيهات الطبيب والممرضات حينما تتغير الظروف، وكوني فخورةً جداً بأنَّك أصبحتِ أمَّاً سواءً استمرت الولادة ساعتيْن أو أربعاً وعشرين ساعة، وسواءً كانت عملية الولادة قيصريةً، أو أُجريَت بتخديرٍ موضعي، أو دون أيَّة أدوية.
أضف تعليقاً