عزز إنتاجيتك عبر إنجاز مهمة واحدة ذات مغزى كل يوم

إنَّ مجرَّد وجودك في مكتبك والعمل مدة ثماني ساعات يومياً، لا يعني بالضرورة إنجاز العمل الذي تقوم به؛ ومع ذلك، من المؤكَّد أنَّ هناك سبباً منطقياً يفسِّر اعتماد المعيار القائم على العمل من الـ 9 وحتى الساعة 5 كمعيار ذهبي للعمل، أليس كذلك؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المُدوِّن "أيتكين تانك" (Aytekin Tank)، والذي يُحدِّثنا فيه عن الطرائق التي يمكن من خلالها أن نصبح أشخاصاً منتجين بشكل فعَّال.

ذلك ليس صحيحاً تماماً؛ حيثُ اتضح أنَّ العمل مدة ثماني ساعات يومياً هو ببساطة نتيجة إصلاح أُجرِي في القرن الثامن عشر، وكان الهدف منه تقليل عدد ساعات العمل المرهقة، والتي كانت تتراوح بين 10 إلى 16 ساعة، وبمجرَّد أن أصبح هذا هو معيار العمل المقبول (منذ حوالي 100 عام من طرح هذا المفهوم)، واصلنا العمل به ولم نغيره منذ ذلك الحين.

منذ ذلك الوقت، نحن نعلم أنَّ العامل العادي لا يعمل بإنتاجية سوى ساعتين و53 دقيقة في اليوم، لكن في الحقيقة، مقدار العمل الذي ننجزه لا يتعلق بالوقت الذي نستغرقه على الإطلاق؛ حيث يرى خبير الإنتاجية "تياغو فورت" (Tiago Fort) أنَّ إنجاز مهمة واحدة هادفة كل يوم - مهما كانت صغيرة - يجعلك من بين الـ 10% الأعلى إنتاجية.

حان الوقت للتخلُّص من هذه الفكرة القديمة القائلة بأنَّ العمل ساعات طويلة يعني إنجاز الأشياء، لكن كيف تنجز هذا العمل؟ إليك النصائح التالية لمساعدتك في ذلك:

1. اهتم بما تفعله:

بصفتك رائد أعمال، يجب أن يكون هذا الأمر بديهياً بالنسبة إليك، ولكن عندما يتعلق الأمر ببدء مشروع تجاري، فمن المفيد أن تركز على فكرة من شأنها أن تزودك بالنشاط؛ ممَّا يمنحك الطاقة اللازمة لانتهاز كل يوم ومواجهة كل عقبة بحماسة.

الحقيقة هي أنَّ الأشخاص الذين يجدون مغزى في عملهم يعملون بشكل أفضل؛ حيث وجد استطلاع أجرته "مجلة هارفارد بيزنس ريفيو" (Harvard Business Review) على 2000 شخص، أنَّ الموظفين الذين يجدون مغزى في العمل الذي يقومون به يتمتعون بكثير من الرضا الوظيفي، والذي من المعروف أنَّه مرتبط بزيادة الإنتاجية.

كما اتضح أنَّه يمكنك تحديد سعر مقابل العمل الهادف الذي تنجزه، وهو بناءً على الرضا الوظيفي الحالي عن نسب الإنتاجية؛ حيث تُقدِّر "هارفارد بيزنس ريفيو" أنَّ العمل ذا الأهمية العالية يضيف مبلغاً إضافياً قدره 9078 دولاراً لكل عامل سنوياً، وقد يكون من السهل أن تضلَّ الطريق في خضم عبء العمل اليومي المتمثل في بناء شركة ناشئة.

ولكن كما قال الكاتب الأذكى والأفضل على الإطلاق "تشارلز دوهيغز" (Charles Duhiggs): إنَّ تذكير أنفسنا كيف أنَّ العمل الصغير يشكل جزءاً من هدف أكبر، يجعل من السهل ربط جهودنا الصغيرة بتطلعات أكثر جدوى.

شاهد بالفديو: 9 تقنيات لزيادة الإنتاجية الشخصية

2. استخدم تقنية بومودورو:

تسبق تقنية "بومودورو" (Pomodoro) جميع حلول تعزيز الإنتاجية القائمة على استخدام الأدوات الذكية ببضعة عقود من الزمن، ولكنَّها لا تزال تنجح بفاعلية.

طوَّر الطالب الجامعي الإيطالي "فرانشيسكو سيريلو" (Francesco Cirillo) تقنية "بومودورو" في أواخر الثمانينيات، وكانت هذه التقنية نتاج كفاح "سيريلو" للتركيز على مهامه؛ حيث قرر الالتزام مدة 10 دقائق فقط بالدراسة بتركيز، وحدد الوقت باستخدام مؤقت المطبخ (والذي يُسمَّى "بومودورو" (Pomodoro) في اللغة الإيطالية)؛ ونتيجة لهذا، وُلِدَت تقنية "بومودورو".

تُعَدُّ فرضية تقنية "بومودورو" بسيطة، فقسِّم يوم عملك إلى فترات زمنية مدتها 25 دقيقة تفصل بينها استراحات مدتها خمس دقائق، مع القيام باستراحة أطول كل أربع بومودوروس.

تعمل هذه التقنية على مستويين: امنح نفسك 25 دقيقة فقط لتنفيذ أقصى حد ممكن من المهمة يجعلك أقل عرضة لإضاعة الوقت بالطريقة نفسها التي قد تضيع فيها وقتك إذا كنتَ تعلم أنَّ لديك وقت فراغ طوال اليوم، وعلاوة على ذلك، فإنَّ أخذ فترات راحة بشكل مستمر يؤدي إلى التخلص من الشعور بالإنهاك الذي ينتاب المرء بعد أن يقضي وقتاً طويلاً أمام شاشة الكمبيوتر، وإذا شعرتَ بهذه المشاعر في أغلب الأحيان، فسوف يؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى الإرهاق طويل الأمد.

إقرأ أيضاً: كيفية إتقان التأطير الزمني لزيادة الإنتاجية

3. عندما تكون في عملك، ركِّز عليه؛ وعدا عن ذلك، ابتعد عنه:

وجدت بيانات من تطبيق الإنتاجية "ديسك تايم" (DeskTime) أنَّه على غرار تقنية "بومودورو"، يعمل أكثر من 10% من المستخدمين المنتجين مدة 52 دقيقة، ثمَّ يأخذون استراحة مدة 17 دقيقة، لكنَّ النتيجة الحقيقية من البحث هي ما أطلقوا عليه اسم نظرية التَّفاني بنسبة 100% (100% dedication theory)، إلى جانب قوة أخذ فترات راحة بفاعلية.

مبدأ نظرية التَّفاني بنسبة 100% بسيط: خلال تلك الدقائق الـ 52 من العمل بتركيز، انطلق بالكامل وأعطِ كل شيء تقوم به تركيزك كاملاً، ثم عندما تكمل 52 دقيقة، يحين وقت الراحة، لكن هذا لا يعني الرد على رسائل البريد الإلكتروني أو القيام ببعض مهام العمل الأخرى الأقل أهمية؛ بل إنَّه يعني الابتعاد عن العمل تماماً وإعطاء عقلك وقتاً لإعادة التركيز.

في كثير من الأحيان، قد تشعر أنَّ أخذ قسط من الراحة هو مضيعة للوقت، لكنَّ العكس هو الصحيح، فالعمل مدة ثماني ساعات متواصلة ليس أمراً يضرُّ بجسدك فحسب؛ بل يقلل بشكل كبير من إنتاجيتك ويضرُّ بمدى انتباهك؛ لذا، اخرج في نزهة، أو تحدَّث مع زميل، أو تناول أيَّ شيء، وعندما تعود إلى العمل، ستكون أكثر تركيزاً في القيام بمهمة جديدة.

إقرأ أيضاً: 5 وسائل مساعدة للحفاظ على تركيزك في العمل

4. حدد وقت الذَّروة الخاص بك:

ليس لدى الجميع القدرة والرغبة في النهوض من السرير في الساعة الرابعة والنصف صباحاً والاستعداد لبدء يومهم؛ إذ يُعَدُّ إدراك الوقت الذي تعمل فيه بشكل أفضل (ساعات الذروة) إحدى أكثر الطرائق فاعلية لزيادة إنتاجيتك، فلقد اكتشفتُ الوقت الذي أعمل فيه بإنتاجية أعلى بعد الكثير من التجارب، لكنَّ معرفتي بالوقت الذي أعمل فيه بشكل أفضل والاستفادة من ذلك الوقت، هو ما سمح لي بتنمية عملي في شركة "جوت فورم" (JotForm) وتحويلها إلى الشركة التي هي عليه اليوم.

تقترح خبيرة الإنتاجية "باربرا غرين" (Barbara Green) أنَّه إذا كنتَ لا تعرف ساعات الذروة الخاصة بك، فحاول تتبُّع وقت بدء المهمة وانتهائها، وكما تشرح قائلة: "إذا كنتَ قادراً على الحفاظ على تركيزك مدة تتراوح بين 60 إلى 90 دقيقة، فقد حدَّدتَ الوقت الذي تكون فيه إنتاجيتك عالية"؛ لذا، استمر في القيام بذلك عدة أيام، وابحث عن الأنماط التي تظهر.

وفي السياق نفسه، يمكنك أيضاً تتبُّع الأوقات التي تكون فيها غير نشط للغاية، مثل عندما تجد نفسك تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي بدلاً من العمل، وتُعَدُّ تطبيقات مثل "ريسكيو تايم" (RescueTime) رائعة للقيام بذلك، وتُضيف "غرين": "إذا كان الناس مدمنين على وسائل التواصل الاجتماعي أو البريد الإلكتروني كوسيلة لعدم التركيز، فإنَّ هذا يظهر بوضوح تام".

تمت صياغة مصطلح "العمل بذكاء وليس بجهد أكبر" في الثلاثينيات من القرن الماضي، ولكنَّه لم يكن أكثر قابلية للتطبيق ممَّا هو عليه اليوم؛ إذ مع تزايد عدد الأشخاص الذين يعملون عن بُعد، فقد حان الوقت الآن لتبنِّي فلسفة تركِّز على ما تنجزه كل يوم، وليس مقدار الوقت الذي تقضيه في عملك.

المصدر




مقالات مرتبطة