تُعدُّ خاصية التأطير الزمني واحدةً من أبسط استراتيجيات إدارة الوقت وأكثرها فاعليةً، وستتعلم في هذا المقال كيفية تطبيق هذه التقنية في حياتك العادية.
ما هو التأطير الزمني؟
التأطير الزمني مفهوم بسيط للغاية، حيث تمنح نفسك قدراً معيَّناً من الوقت لمهمة معيَّنة، ويتناقض هذا مع طريقة العمل العادية؛ أي الاستمرار في تنفيذ المهمة حتى إنجازها، وتستطيع تطبيق مفهوم التأطير الزمني باستخدام إمَّا التقويم من خلال تخصيص مدة زمنية محدَّدة لكل مهمة مُدرَجة على تقويم العمل، وإمَّا ساعة مؤقت لتحديد الموعد النهائي للإطار الزمني.
الطريقة الأكثر فاعليةً للقيام بذلك هي الجمع بين الاثنين؛ أي تخصيص فترات للعمل وفترات للاستراحة على جدول العمل، ثمَّ تدوين المهام التي يجب عليك إنجازها في كل فترة، ثمَّ تدوين مهام كل يوم، وعندما تقوم بذلك، احرِص على ألا تقضي أكثر من 3-4 ساعات في المهام التي تحتاج إلى تركيزٍ شديد لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة، وفي أحسن الأحوال يجب ألا يتجاوز المجموع ست ساعات؛ لأنَّك لن تكون قادراً على التركيز لفترة أطول من ذلك.
دعونا نلقي نظرةً كيف يمكِن لخاصية التأطير الزمني أن تُعزِّز إنتاجيتك.
كيف يمكِن للتأطير الزمني أن يزيد من إنتاجيتك؟
صحيح أنَّ التأطير الزمني تقنية بسيطة لإدارة الوقت، إلا أنَّها تنطوي على إمكانات هائلة لزيادة إنتاجيتك، وسيكون التأثير كبيراً خاصة إذا كان لم يسبق لك مراقبة الوقت اللازم لإنجاز مهام معيَّنة.
1. استخدام قانون "باركنسون" (Parkinson):
ينص قانون "باركنسون" (Parkinson) على أنَّ العمل يتضخم لكي يملأ الوقت المتاح لإنجازه؛ مما يعني أنَّك تقضي في إنجاز مهمة ما الوقت الذي خصصتَه لها مهما كان، فهل سبق أن أنجزتَ مهمَّةً في وقتٍ قصير وتساءلتَ كيف فعلتَ ذلك؟ وهل سبق لك أن قضيتَ يوماً دون تخطيط فانقضت ساعاته بلمح البصر؟ قد يحتاج إنجاز مهمة ما في الحالة الطبيعية إلى ساعة، لكن إذا خصصتَ يوماً كاملاً لإنجازها فإنَّك ستحتاج إلى اليوم كله لإنجازها على الأرجح، أليس هذا صحيحاً؟
مع التأطير الزمني، يمكِنك الاستفادة من يومك، فامنح نفسك موعداً نهائياً لإنجاز المهمة، حتى لو لم تستطع تحديد الوقت الصحيح لإنجازها، فسيكون لديك مقياس جيد للمدة الفعلية التي تحتاج إليها، وإن ضبطتَ المؤقت وعملتَ دون انقطاع خلال ذلك الوقت، فمن المحتمل أن تنهي المهمة حال توقُّف المؤقت.
2. الحفاظ على التركيز:
من الضروري استخدام ساعة مؤقت عند اتباع تقنية التأطير الزمني، وصحيح أنَّ تقسيم جدول العمل إلى فترات زمنية يمنحك لمحةً عامة جيدة، إلا أنَّه لن يساعدك بالضرورة في إحراز مزيد من الإنجازات في وقت أقل. ومع ذلك، فإنَّ لضبط المؤقت وإعطاء كل إطار زمني موعداً نهائياً فائدة عظيمة، كما يساعدك تقسيم الوقت باستخدام المؤقت في الحفاظ على تركيزك. فأسهل طريقة للبدء هي استخدام فترات زمنية قصيرة، والبدء بـ 25 دقيقة باستخدام تقنية "بومودورو" (Pomodoro).
اختر إطاراً زمنيَّاً قصيراً، ثمَّ اعمل دون انقطاع طوال هذه الفترة الزمنية، فلا تُعدُّ الخمس وعشرون دقيقة شيئاً يُذكر، وحتى إذا شعرتَ برغبة قوية في ممارسة نشاط يشتت الانتباه، فما عليك سوى الانتظار حتى نهاية هذا الإطار الزمني القصير. حتى الفترات الزمنية القصيرة ستساعدك على مواصلة التركيز، وسيُذهلك مقدار ما يمكِنك إنجازه في 25 دقيقة إذا لم تسمح لأي شيءٍ أن يشتت انتباهك.
شاهد بالفديو: كيف تطور مقدرتك على التركيز
3. جعلُ مقدار الوقت الذي لديك مرئياً:
يجعل التأطير الزمني مقدار الوقت الذي لديك كل يوم مرئياً، وفي هذه الحالة يكون تقسيم العمل إلى فترات زمنية مفيداً، فإذا خصصتَ فتراتٍ للاستراحة والعمل، فسترى أنَّ لديك عدداً معيَّناً من ساعات العمل كل يوم، ويفيدك هذا على وجه الخصوص إذا كنتَ تميل إلى وضعِ الكثير من المهام في قائمة المهام لأنَّك لا تعرف حقاً المدة التي تحتاج إليها لتنفيذ مهمة معيَّنة.
4. التحكم في وقتك:
الفائدة الأخيرة للتأطير الزمني هي أنَّك أنت من يتحكم في وقتك؛ إذ بدلاً من الاكتفاء بالاستمرار في تنفيذ أيَّة مهمة حتى نهايتها، تقرر مسبقاً مقدار الوقت الذي ستخصصه لها.
أنت تتحكم بالكامل في مقدار الوقت الذي تريد أن تقضيه على مهمة معيَّنة، مما يعني أنَّك المسؤول عن عملك وحياتك، وليس العكس، وبدلاً من جهلك بما سيحدث في اليوم، ستكون أنت من يصنع أحداثه.
7 نصائح لإتقان التأطير الزمني من أجل زيادة الإنتاجية:
الآن بعد أن فهمتَ فوائد التأطير الزمني، إليك سبع نصائح ستساعدك على إتقان التأطير الزمني لزيادة الإنتاجية.
1. قسِّم جدول عملك:
يُعدُّ تقسيم جدول العمل أمراً ضرورياً لتطبيق التأطير الزمني، كما ذكرنا سابقاً؛ مما يتيح لك تأطير وقتك تأطيراً فعليَّاً، إضافة إلى ذلك، ستجعل مقدار الوقت المتاح لك كل يوم أكثر وضوحاً. وللقيام بذلك، استخدِم تقويم "غوغل" (Google Calendar)، أو تطبيق تقويم آخر يمكِنك تحميله على مختلف الأجهزة. وبعد ذلك، خصص فتراتٍ للاستراحة وفترات للعطلة، حيث سيعطي هذا عملك حدوداً تتناسب مع مهامك.
بمجرد أن تفعل ذلك، خصص فترةً واحدةً على الأقل للمهام التي تتطلب تركيزاً عالياً، ويجب أن تمتد هذه الفترة ساعة واحدة على الأقل أو أكثر إن أمكنك، كي يتاح لك أداء المهام التي تتطلب الكثير من التركيز. بعد ذلك، خصِّص فترات عدَّة للمهام التي تتطلب تركيزاً منخفضاً، كالمهام الواجب عليك إنجازها ولكنَّها لا تطورك في عملك أو مهنتك، وأكثر المهام التي تتطلب تركيزاً منخفضاً شيوعاً هي تفقُّد رسائل البريد الإلكتروني ومهام الإدارة والرد عليها.
2. أضِف مهامك إلى جدول أعمالك:
الخطوة التالية هي إضافة مهامك إلى جدول أعمالك، حيث يمنحك هذا لمحةً عامة تبيِّن لك ما يجب القيام به في يوم محدَّد، إضافة إلى كونها طريقة رائعة لتخزين هذه المعلومات مسبقاً. لذلك، إذا كنتَ تفكر في مهمة عليك إنجازها في يوم محدد، أضِفها إلى جدول عملك في اليوم المحدد، ومِن الفوائد الأخرى لتقسيم جدول العمل إلى فترات زمنية إمكانية اتباع التقسيم نفسه في أوقات عدَّة؛ لهذا ثبِّت على جدول أعمالك الفترات التي تُمارس فيها النشاطات نفسها بشكلٍ دائم، ثمَّ خصِّص للأنشطة الأخرى فتراتٍ زمنيةً محدَّدة.
3. حدِّد مقدار الوقت الذي تتطلبه المهمة:
هذه نصيحة هامة للغاية، فحدِّد مقدار الوقت الذي تحتاجه حقاً لإنهاء مهمة ما، ففي البداية، ستعتمد على التخمين، وما عليك سوى تحديد مهمة ما، ثمَّ معرفة المدة التي استغرقتَها حقاً، وبعد أن تكرر الأمر لمرات عدَّة، ستعرف مقدار الوقت الذي ستستغرقه حقاً لإنجاز هذه المهمة.
على سبيل المثال، يستغرق كتابة مقال اثنين "بومودورو" (Pomodoro)، أو 50 دقيقة، وإعدادها "بومودورو* (Pomodoro) واحداً أو 25 دقيقة، ويستغرق تحريرها بين "بومودورو" (Pomodoro) وأحد أو اثنين، وبمجرد أن تعرف مقدار الوقت الذي تحتاجه لمهمة ما، حاوِل دائماً إنقاص الوقت قليلاً، على سبيل المثال: لنفترض أنَّ تحليل جدول "إكسل" (Excel) يستغرق ساعتين ونصف، فبمجرد أن تعرف ذلك، اضبط عداد الوقت لمدة ساعتين و 20 دقيقة في المرة القادمة، واستمر بإنقاص الوقت المخصص لها قليلاً حتى تصل لأقصر فترة زمنية يمكِنك إنجاز المهمة فيها، وستزيد إنتاجيتك بصورة ملحوظة باستخدام هذه الوظيفة الإضافية للتأطير الزمني.
شاهد بالفديو: 18 نصيحة لاستثمار الوقت بفاعلية
4. اضبط المؤقت دائماً:
يجب أن تستخدم مؤقتاً لتتبُّع الوقت الذي تحتاجه حقاً لمهمة قبل الموعد النهائي بغضِّ النظر عن المهمة التي تعمل عليها، ومن المحتمل أن تستغرق وقتاً أطول إذا لم تستخدم مؤقتاً؛ وذلك ببساطة لأنَّك لا تدرك مدى السرعة التي يمر بها الوقت، إضافة إلى ذلك، يصبح تشتيت الانتباه وارداً أكثر إذا لم تسمع دقات الساعة تشير إلى مقدار الوقت المتبقِّي لك حتى انتهاء الفترة الزمنية.
5. لا تسمح بأيِّ انقطاع:
كما ذكرنا سابقاً، لا تسمح بأيَّة مصادر تشتيت أو مقاطعات في أثناء تقسيم الوقت. ولزيادة إنتاجيتك، يجب أن تحدد أقساماً على التقويم كي تعمل بتركيز، وهذا لن يجدي ما لم تتخلص من عوامل التشتيت جميعها؛ لذا أغلِق صندوق البريد الإلكتروني الخاص بك، وأطفِئ الإشعارات جميعها، واجعل هاتفك في وضع الصامت، وضعه في غرفة مختلفة في أثناء عملك، وستلاحظ الفرق الكبير في إنتاجيتك.
6. ابدأ مع تقنية "بومودورو" (Pomodoro):
أفضل طريقة للبدء في التأطير الزمني هي استخدام تقنية "بومودورو" (Pomodoro)، وهذه تقنية بسيطة للغاية، حيث تعمل لمدة 25 دقيقة، ثمَّ تأخذ استراحةً لمدة 5 دقائق، وقد لا تبدو مدة 25 دقيقة طويلة جداً، ولكن إذا كنتَ تعمل دون انقطاع، فستتمكن من إنجاز الكثير.
بالإضافة إلى ذلك، يُعدُّ هذا الكم من الوقت ممتازاً للتقدم حتى لو رغبتَ في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو تصفح الإنترنت، كما يُعَدُّ تحمُّل 25 دقيقة عمل أسهل من تحمُّل 8 ساعات عمل متواصلة يومياً؛ لهذا السبب من الأفضل البدء بهذه التقنية، فاحرِص على أخذِ استراحة من العمل بين فترات "بومودورو" (Pomodoro)، واسمح لنفسك باستراحة أطول بعد حوالي 4 من فترات "بومودورو" (Pomodoro)، وبعد أن تنتهي من العمل المتواصل لمدة 25 دقيقة على التوالي، يمكِنك تمديد زمن المؤقت إن منحتَ نفسك وقتاً أطول لمهمة ما.
7. استعِن بصديق مساءلة:
النصيحة الأخيرة لزيادة الإنتاجية مع التأطير الزمني هي الحصول على رفيق للمساءلة؛ فالتأطير الزمني، وتقسيم التقويم، وتقنية "بومودورو" (Pomodoro) وسائل رائعة لزيادة إنتاجيتك، لكن يساعدك صديق المساءلة في التأكد من العمل الجاد وتنفيذ ما عاهدت نفسك عليه، فتعاوَن مع شخصٍ يحاسبك إذا لم تلتزم بالتأطير الزمني.
الخلاصة:
التأطير الزمني أسلوب بسيط للغاية لإدارة الوقت من شأنه أن يزيد إنتاجيتك بصورة مذهلة، وأفضل طريقة لاستخدامه هي تقسيم جدول أعمالك، ثمَّ إضافة المهام الخاصة بك إلى أقسام العمل للحصول على نظرة عامة جيدة لما يجب القيام به في أيِّ يوم.
حدِّد المدة التي تتطلبها كل مهمة، وبمجرد أن تصبح جاهزاً لبدء العمل في مهمة ما، اضبط المؤقت، واستخدِم تقنية "بومودورو" (Pomodoro)، وحدِّد كم "بومودورو" (Pomodoro) تحتاج لهذه المهمة، أو اضبط المؤقِّت على المدة الزمنية المحددة التي حددتَها مسبقاً، ولا تسمح بأيَّة انقطاعات خلال التأطير الزمني الخاص بك، وإذا التزمتَ بذلك، فسوف تنجز مهامك أسرع من ذي قبل.
أضف تعليقاً